الأرق عند الأطفال: أعراضه، وأسبابه، وأهم طرق علاجه

النوم في أثناء الليل حاجة طبيعية وضرورية لجسم الإنسان، سواءً للكبار أم للصغار، فكل جهاز من أجهزة أجسامنا يحتاج إلى النوم العميق؛ إذ في أثنائه تتم إعادة ضبط الجهاز المناعي، والهضمي، وشحن الجسم والدماغ، وبناء العضلات والعظام، فضلاً عن إفراز هرمونات النمو؛ لذا فإنَّ عدم الحصول على أقساط كافية من النوم، يؤدي إلى مشكلات صحية بكل تأكيد، وخاصةً عند الأطفال لأنَّهم في مرحلة النمو؛ لذلك من المهم أن نعرف ما الأسباب التي تؤدي إلى الأرق واضطرابات النوم عندهم، وما طرائق العلاج الصحية، لتجنيب الطفل كثيراً من الآثار والنتائج السلبية مستقبلاً.



ما هو الأرق عند الأطفال؟

خلال النوم نمرُّ بعدة مراحل تبدأ من النوم الخفيف؛ حيث يبقى الشخص خلالها شاعراً ومُدركاً بكل ما يجري حوله، تليها المرحلة التي تتباطأ فيها معدلات ضربات القلب وموجات الدماغ، وهذه المرحلة هي مرحلة الاستعداد للمرحلة الأخيرة؛ أي مرحلة النوم العميق، وفيها تحدث الأحلام ويُصبح الشخص غير مُدرك لكل ما يجري من حوله، ويرتبط الأرق بنقص في هذه المرحلة، فلا يتم الوصول إليها، أو يتم الاستيقاظ مباشرةً عند بلوغها، ومن ثمَّ لا يأخذ الشخص كفايته من النوم.

لا يختلف الأرق عند الأطفال بتعريفه عن الأرق عند الكبار، فهو يعني حدوث اضطرابات في أثناء النوم، إضافةً إلى الاستيقاظ المبكر، والنوم في أثناء النهار، ويتم تصنيف الأرق حسب الفترة الزمنية التي يظهر ويتكرر خلالها، فمثلاً الأرق الناتج عن الاكتئاب قد يستمر شهوراً.

يُعاني 27% من الأطفال من الأرق، أو أنَّهم ينامون أقل من المفروض، وفقاً إلى ما تُشير إليه الدراسات، فما ذلك إذاً؟

أسباب الأرق:

يمكن أن يُقسم الأرق إلى أرق أساسي؛ أي أنَّه يكون هو المشكلة بحد ذاتها، أو قد يكون أرقاً ثانوياً؛ أي أنَّه أحد أعراض مرض ما، وسنقوم بعرض أهم الأسباب التي تؤدي إلى الأرق، سواءً كان أساسياً أم ثانوياً:

  1. الإجهاد أو التعب النفسي: يُعدُّ هذا السبب من أهم أسباب الأرق عند الأطفال والمراهقين؛ إذ إنَّ الأطفال كائنات حساسة جداً، والأمور التي تبدو عادية بالنسبة إلينا قد تكون أسباباً في شعورهم بالظلم والقلق والخوف والاضطهاد والضغط النفسي.
    الضغط الذي يتعرض له الطفل في المدرسة، والإزعاجات التي يُسببها له أصدقاؤه، والخوف من أشياء غير موجودة إلا في خيال الطفل، أو حتى الخوف من شخص ما اخترعه الأهل لتخويف الطفل عندما يُسيئ التصرف، إضافةً إلى المشكلات العائلية والمشاجرات الدائمة بين الوالدين، جميعها أسباب تؤدي إلى حالة من التوتر الدائم التي تسبب الأرق ومشكلات في النوم؛ ولذلك على الأهل بناء علاقة ثقة مع أطفالهم، ليتمكَّنوا من حمياتهم من أي خطر نفسي قد يتعرضون له.
  2. عادات النوم السيئة: النوم الجيد مرتبط بعادات وسلوكات وظروف بيولوجية محددة، فعلى الجسم أن يتجهَّز ويتهيَّأ للنوم، وهذا يتطلب عادات سلوكية معيَّنة على طفلك القيام بها قبل نومه، ولابدَّ أيضاً من القيام بتمرينات تُساعد وتُعوِّد الطفل على النوم وحده.
  3. الاضطرابات النفسية والأمراض الجسدية: في هذه الحالة سيكون الأرق من النوع الثانوي؛ أي أنَّه أحد أعراض مرضٍ نفسيٍّ أو مشكلة ما كالاكتئاب مثلاً، أو مرضٍ جسديٍّ مثل تقلصات العضلات، أو توقف التنفس في أثناء النوم، أو الربو، أو الإنفلونزا؛ حيث إنَّ اضطرابات التنفس قد تُبقي الأطفال مستيقظين طوال الليل مدة قد تصل إلى أسابيع. وفي بعض الحالات يكون الأرق إشارةً إلى وجود مرض خطير، كالسكري أو أمراض الغدة الدرقية؛ وهذا يعني أنَّه يجب إجراء فحص دوري للأطفال الذين يعانون من الأرق، للتأكد من صحتهم البدنية.
    كما يُعدُّ الأرق أيضاً أحد أعراض الاضطرابات السلوكية عند الأطفال، مثل نقص الانتباه أو فرط النشاط، وقد تؤدي الأدوية التي يتناولها الأطفال إلى آثار جانبية من بينها الأرق واضطرابات الأكل، وفي هذه الحالة يجب استشارة الطبيب لتغيير نوع الدواء.
  4. تناول الكافيين بكثرة: إنَّ مشروبات الطاقة والمشروبات الغازية التي تحوي نسباً مرتفعة من الكافيين، تمنع الأطفال من النوم جيداً في الليل، وتسبب الأرق لهم.
  5. عدم توافر الظروف والبيئة المناسبة للنوم: يعاني بعض الأطفال من النوم الخفيف جداً، وهذا ما يؤدي إلى استيقاظهم بسرعة لأقل حركة أو صوت أو ضجة تحدث في المنزل.
  6. الخوف الليلي: يكون حل الأرق الناتج عن هذا السبب من خلال محادثة الطفل، لمعرفة سبب خوفه وحلِّ إشكاليته، أو تعليم الطفل وتدريبه على تحمُّل مصاعب اليوم وضغوطاته، وبخلاف الكوابيس، الطفل الذي يعاني من الخوف الليلي يصعُب إيقاظه؛ إذ إنَّه يجلس على حافة السرير ويبكي بعنف، وعندما يستيقظ تبدو على وجهه مظاهر ذهول واستغراب، ولا يتذكر ما حدث.

معاناة الطفل من الخوف الليلي، لا تعني أنَّه مُصاب بمرض نفسي أو عقلي، وإنَّما هو نتاج طبيعي للتفكير والخوف، أو لفقدان أحد الأشخاص المقربين منه، فضلاً عن أنَّ للعوامل الوراثية دوراً في هذا القلق أيضاً.

إقرأ أيضاً: أكثر الأسباب شيوعاً للإصابة بالأرق

أعراض الأرق:

نتيجةً للأرق الذي يعاني منه الطفل، ستظهر مجموعة من النتائج والأعراض عليه، ومنها:

  • عدم القدرة على التركيز في المدرسة، أو على القيام بالواجبات والمهام التي تُطلب منه؛ الأمر الذي يُسبب مشكلات دراسية.
  • استيقاظ الطفل في الصباح الباكر جداً أو فجراً، وعدم قدرته على العودة للنوم مرة أخرى.
  • مشكلات في الذاكرة، وضعف في القدرة على الإنجاز، ومشكلات في التركيز والانتباه، إضافةً إلى ارتكاب الأخطاء ارتكاباً مُتكرراً وغير مُبرر.
  • الطفل الذي يعاني من الأرق سيصبح عصبياً وعدوانياً، مُتعَباً ومُرهَقاً دائماً.

عند ظهور الأعراض السابقة، يجب مراجعة الطبيب المختص، فكل هذه الأعراض - كما ذكرنا آنفاً - قد تكون إشارات إلى وجود أمراض لدى الطفل، كفقر الدم أو اضطرابات المناعة.

طرق معالجة الأرق:

تتعدد وتتنوع الطرائق التي تساعد على علاج الطفل من الأرق، وبالطبع، طرائق العلاج مرتبطة من الأساس بالأسباب، فمعرفة الأسباب هي الخطوة الأولى لاختيار العلاج المناسب، وسنعرض عليكم فيما يلي أهم الإجراءات والطرائق التي يُمكن للأهل اتباعها، سواءً العلاجات الطبيعية أم المتعلقة بالرعاية المنزلية، ووصولاً إلى العلاج الطبي:

  • تدريب الطفل على عادات نوم صحية، واتباع روتين محدد للنوم وعدم تغييره، وهذا ما يساعد على ضبط الساعة البيولوجية في جسم الطفل.
  • وضع بعض النباتات التي تُصدر روائح تُريح الأعصاب، وتُساعد على الاسترخاء، بجانب سرير الطفل، مثل: البابونج، الليمون، زهور اللافندر وغيرها، وهنا يجب الانتباه إلى عدم وضعها كل الليل، وإخراجها عندما ينام الطفل.
  • يُوصى بتقديم كوب من الحليب الدافئ إلى الطفل، كونه يُعدُّ مهدِّئاً للأعصاب ومساعداً على النوم، ويمكن استبداله بكوب من البابونج غير المُحلَّى، فهو مُحفز على النوم، فضلاً عن أنَّ كوباً من النعناع قد يكون مفيداً، لقدرته على تخفيف المغص.
  • تحضير عشاء خفيف سهل الهضم للطفل، والابتعاد عن استخدام السكريات؛ وذلك لأنَّها تزيد من طاقته وتُهيج نشاطه، فلا يجب تناول الشوكولا مثلاً قبل النوم.
  • التركيز على تناول الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم، كالموز واللوز والخضروات الورقية؛ وذلك لأنَّ نقص المغنيسيوم يمنع الدماغ من الاسترخاء.
  • الحرص على عدم قيام الطفل بمجهود عضلي أو اللعب قبل النوم مباشرةً؛ لأنَّ هذا من شأنه أن يزيد من نشاطه وتهيُّجه.
  • حصول الطفل على حمام دافئ قبل النوم يساعد على الاسترخاء ويُخفف الأرق.
  • تستطيع الأم مساعدة طفلها من خلال بناء علاقة جيدة، ومرتبطة بالنوم، بين الطفل وألعابه؛ حيث إنَّ وجود هذه اللعبة على سريره سيشعره بالأمان ويُساعده على النوم، ولكن على الأم الانتباه حتى لا تزيد هذه العلاقة عن حدِّها، وتقع في مشكلة جديدة.
  • تجهيز جو ملائم للنوم: من المهم جعل مرحلة التحضر للنوم، مرحلة ممتعة ولطيفة للطفل، فهذا يساعده على الهدوء ويُخفف القلق الذي يشعر به؛ حيث يمكن للطفل أن يبدأ بتنظيف أسنانه، وأخذ حمام دافئ، وارتداء ملابس النوم، وبعدها يحكي له أحد الوالدين قصة قبل النوم، ثم تُخفَّف الأنوار أو تُطفأ؛ وذلك لأنَّه في الظلام، يفرز الدماغ مواد محفزة ومشجعة على النوم، أمَّا في حالة الضوء، فإنَّ الدماغ يفرز مواد منشطة، ممَّا يمنع النوم.
  • يحتاج بعض الأطفال إلى استخدام الأدوية، في حالات الأرق الطويلة والمستمرة، والتي لم تنجح معها العلاجات والطرائق السابقة، ولكنَّ استخدام هذه الأدوية لا يكون عشوائياً؛ بل يجب عرض الطفل على الطبيب المختص لمعرفة السبب الرئيس للأرق، ومن ثمَّ وصف الدواء المناسب والفعَّال.
إقرأ أيضاً: أطعمة تساعد على نوم الطفل وأخرى تمنعه

حاجة الطفل اليومية من النوم حسب العمر:

  • الأطفال من أسبوع إلى أربعة أسابيع يحتاجون من 15 إلى 18 ساعة.
  • الأطفال من شهر إلى أربعة أشهر يحتاجون من 14 إلى 15 ساعة.
  • الأطفال من أربعة أشهر إلى سنة يحتاجون أيضاً من 14 إلى 15 ساعة، لكنَّهم لا يتَّبعون نمطاً محدداً للنوم؛ بل يصبح نومهم أقرب إلى نوم البالغين.
  • من سنة إلى ثلاث سنوات يحتاجون من 11 إلى 14 ساعة.
  • الأطفال من ثلاث سنوات إلى ست سنوات يحتاجون من 11 إلى 12 ساعة.
  • الأطفال من ست سنوات إلى اثنتي عشرة سنة يحتاجون من 9 إلى 12 ساعة.

في الختام:

حاجة الطفل إلى النوم حاجة أساسية، ومن الممكن القول: إنَّ نمو الطفل نمواً صحيحاً وسليماً، مرتبط على نحو ما بحصوله على ساعات كافية من النوم يومياً؛ لذا فإنَّ الأرق عند الأطفال ليس مشكلة عادية أو بسيطة؛ بل هي مشكلة لها آثار سيئة، وخاصةً إذا ما بدأ من سنٍّ مبكرة؛ وذلك لأنَّ الأرق سيؤدي إلى نتائج خطرة على صحة الطفل البدنية والنفسية والعقلية، فضلاً عن آثاره السيئة في سلوكات وتصرفات الطفل.

ثم إنَّه قد يكون أيضاً - كما ذكرنا آنفاً - إشارةً إلى معاناة الطفل من مرض ما؛ لذا يجب عدم إهمال أو تجاهُل هذه الحالة، ولا بدَّ من مراجعة الطبيب المختص لأخذ الإجراءات اللازمة، ولكن يجب التفريق بين الأرق وصعوبات النوم، والتي قد تواجه الكبير والصغير أحياناً، فهذه الصعوبات لا تكون أرقاً إلا إذا أصبحت تحدياً يواجهه الطفل يومياً.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة