أهمية الاحترام في مكان العمل وكيفية تعزيزه

كيف يتعامل القادة وأعضاء الفريق مع بعضهم بعضاً في مكان عملكم حالياً؟ هل يتفاعلون فيما بينهم باحترامٍ وتحضُّر، أم بعدوانيةٍ وأنانية؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن "كريس إدموندز" (Chris Edmonds)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية تعزيز الكرامة والاحترام في مكان العمل.

عندما أطرحُ هذا السؤال على القادة، فعادةً ما يُجيبون قائلين: "حسناً، أظن أنَّهم يعاملون بعضهم بعضاً معاملة جيدة"، فهُم ليسوا واثقين من تصوراتهم؛ وذلك لأنَّهم لا يُولُون اهتماماً كافياً لجودة التفاعلات في أماكن العمل.

يركز القادة على النتائج أكثر من الثقافة التنظيمية:

يستثمر القادة وقتاً وطاقةً أكبر في منتجات وخدمات شركاتهم مما يستثمرونه في جودة ثقافتها التنظيمية، مع أنَّ الثقافة تقود كل ما يحدث في المؤسسة، سواء كان ذلك جيداً أم سيئاً.

توجد أسبابٌ وجيهة تجعل القادة يركزون على النتائج تركيزاً أساسياً؛ فمعظم الشركات بدأت بمنتجٍ أو خدمةٍ يريدها العملاء، وتطورت الشركة من خلال التركيز على كيفية تقديم هذه المنتجات والخدمات بالكفاءة والجودة التي يطلبها العملاء؛ فكان "سبب الوجود" للشركة، هو بيع المنتجات أو تقديم الخدمات.

لقد رُصِدَت النتائج والأداء عن كثب؛ وتلك كانت المقاييس الوحيدة التي تهمهم، ومنذ البداية، كان هذا التركيز الأساسي أو الحصري على النتائج هو الشيء الوحيد الذي طُلِب من القادة فعله.

لا تسيؤوا فهمي؛ فالإنتاجية وتلبية الوعود المطلوبة من خدماتكم ومنتجاتكم تُعَدُّ هامةً جداً، ولكنَّها ليست الأمور الأهم في عملكم؛ إذ يعلم القادة المؤثرون أنَّ صحة بيئة عمل المؤسسة لا تقل أهميةً عن النتائج.

قد تكون جودة ثقافة عملكم أكثر أهميةً من النتائج؛ وإليكم السبب: عندما يُبلِّغ الموظفون أنَّهم قد عُومِلوا بثقةٍ يومياً، ترتفع مشاركتهم بنسبة 40% أو أكثر، وترتفع تصنيفات خدمة العملاء بنسبة 40% أو أكثر، وترتفع نسبة النتائج والأرباح بنسبة 35% أو أكثر، فلكي تجعل بيئة العمل بيئةً تسودها الثقة والكرامة والاحترام في كل تفاعل، يجب على القادة أن يكونوا متعمِدين بما يخص جودة ثقافة عملهم.

إقرأ أيضاً: التقبل والاحترام

الثقافة الجماعية لشركة "دبليو دي-40" (WD-40):

يأخذ "غاري ريدج" (Garry Ridge) الثقافة التنظيمية في مكان العمل على محمل الجد، فبصفته رئيساً ومديراً تنفيذياً لشركة "دبليو دي-40"، فإنَّه مسؤول عن مؤسسة ذات علامات تجارية وجنسيات عدة، وكانت ذات مرةٍ منعزلةً انعزالاً تاماً.

حينما قَبِل "غاري" بمنصب المدير التنفيذي سابقاً في عام 1997، كانت القيادة والسيطرة وصفاً مناسباً لثقافة الشركة، فقد حُجِبَت المعلومات التي يمكن أن تعزز نجاح أقرانهم عن أعضاء الفريق، ولم يفوض القادة السلطة؛ بل اتبعوا نهج الإدارة التفصيلية، فأدرك "غاري" أنَّه وإن كانت الشركة ستُحقِّق نجاحاً عالمياً وبيئة عملٍ رائعة، كان عليه تغيير الشركة بكل ما فيها، ومن ذلك ثقافة: "أنا فزت، وأنت خسرت".

أنشأ "غاري" ثقافةً جماعية قائمةً على القيم والسلوكات الرسمية، فقد جعلوا كرامة واحترام مكان العمل شيئاً لا يقل أهميةً عن الأداء؛ وذلك من خلال قياس مشاركة الموظفين في كل عام.

يوفر استطلاع المشاركة هذا بياناتٍ مفيدة عن تصورات الموظف لفاعلية القائد، وجودة العلاقة والوعود المنفَّذة وغير المنفَّذة، والمعاملة المتحضرة في كل تفاعل.

تحدث "غاري" في مقابلةٍ أجراها مع "جامعة سان دييغو" (University of San Diego) قائلاً: "نحن نتعامل مع الناس باحترام، ونقدِّر بعضنا بعضاً، ونحن هنا لترك ذكرياتٍ مشتركة، ونحن هنا لنقوم بعملٍ جيد، ونحن هنا لتنفيذ الوعود؛ لهذا السبب نحن هنا".

شاهد بالفديو: 15 قاعدة بسيطة لكسب احترام الآخرين

مشاركة عالمية ضخمة بنسبة 93%:

بالنسبة إلى "غاري" وقادة شركة "دبليو دي-40"، فإنَّ استطلاع تفاعل الموظفين نصف السنوي هامٌ أيضاً بوصفه مؤشراً لنجاح الشركة؛ إذ بلغ صافي مبيعاتهم 340 مليون دولار في عام 2014.

تُجري العديد من الشركات استطلاعاتٍ عن المشاركة، وبعضها يقوم بذلك سنوياً، وإنَّ متوسط مستوى المشاركة في المؤسسات العالمية يبلغ نحو 30%. وقد أفاد 93% من الموظفين في شركة "دبليو دي-40" أنَّهم يتفاعلون في بيئة العمل؛ وهذا يبلغ ثلاث أضعاف المستوى العادي، وتشعر نسبةٌ كبرى 98.7% من موظفي الشركة، أنَّهم يُعامَلون بكرامةٍ واحترام؛ لذا إنَّ التواصل مع القادة ووضوح التوقعات الموضوعة من قِبلهم، واعتماد القائد على الموظفين، كلَّها سجَّلت 97% أو أكثر.

تعد هذه درجات مشاركة جيدة تُثير الدهشة، لذا من الواضح أنَّ "غاري" وقياداته يقومون بالعديد من الأشياء الجيدة.

كيف تعزِّز الكرامة والاحترام في مكان العمل؟

إنَّ الكرامة والاحترام في مكان العمل ليسا شيئين يمكن للقائد أن يطلبه بسهولة، فالأمر يتطلب من القادة أن يكونوا محددين جداً بشأن ما يتوقعونه، وأن يُعبِّروا عن تلك التوقعات في كثيرٍ من الأحيان، وأن يُثبتوها في كل تفاعلٍ بأنفسهم، وأن يوائموا سلوك الآخرين مع تلك التوقعات، وفي كل دقيقةٍ من كل يوم.

الاحترام في مكان العمل

الخطوة الأولى: التحديد

يُحدِّد القادة المؤثرون كلاً من معايير الأداء ومعايير القيم، ومن ثم يصقلونها، ويقدِّمون الكوتشينغ، ويُشيدون بالسلوك المتماشي معها، ويعيدون توجيه السلوك المنحرف، كما يجب تحديد القيم بعباراتٍ ملحوظةٍ وملموسةٍ وقابلةٍ للقياس، ويجب أن تكون قابلة للقياس مثل مقاييس الأداء.

إقرأ أيضاً: خطة تحسين الأداء: محتوياتها ونموذجٌ عنها

الخطو الثانية: المواءمة

لا يتسامح القادة المؤثرون مع أي شخصٍ يسيء معاملة الآخرين، سواء كانوا أقرانهم أم أعضاءً من فريق العمل أم عملاء، ولا لمرةٍ واحدةٍ حتى، فالكرامة والاحترام في مكان العمل ليسا هدفاً وصلوا إليه بما معناه "لقد وصلت"، أو أنَّ التفاعلات اليومية ستُظهِر الكرامة والاحترام المرغوبَين دائماً، فالناس يعلمون كيف يكونون لطيفين، ولكنَّهم ليسوا لطيفين مع بعضهم بعضاً في كثيرٍ من الأحيان، ونرى ذلك في مجتمعاتنا المستقطَبة حول العالم وطوال الوقت.

تعني المواءمة أيضاً أن تُقاس درجة مواءمة القيم بحزم، كما تقوم شركة "دبليو دي-40" باستطلاع المشاركة نصف السنوي، يجب على القادة استثمار الوقت والطاقة في جمع تصورات الموظفين للقيم، والسلوكات القيمة ومشاركتهم.

الخطوة الثالثة: الصقل

كل عامين أو نحو ذلك، يفحص القادة المؤثرون السلوكات القيمة لمعرفة ما إن كانت هناك حاجةٌ إلى إجراء تعديلات، فإنَّ قيم الشركة لا تتغير، ولكنَّ التوقعات السلوكية تتغير.

قد يلتزم الموظفون بالسلوكات الحالية، ولسوف يفعلون ذلك حتى عند تغيير السلوكات المدرَجة في قائمة القيم، وقد يحتاجون إلى سلوكاتٍ جديدة بالنظر إلى متطلبات العمل، فأنتم تخاطرون بأموالكم إن لم تعاملوا موظفيكم بكرامةٍ واحترام باستمرار، فلا يوجد وقتٌ كالحاضر لتعزيز جودة بيئة عملكم.

أسئلةٌ تستحق التأمل:

  • ما هو مستوى مشاركة الموظفين في شركتكم؟
  • ما هو مقدار الوقت والجهد الذي يستثمره قادة شركتكم في تحسين نوعية العلاقات والتفاعلات في مكان العمل؟
  • إن كانت لشركتكم قيمٌ محدَّدة، فهل يُلتزَم بها وتُقاس؟

المصدر




مقالات مرتبطة