ما هي مراقبة السلوك؟
لا يمكنك دائماً معرفة ما يفكر فيه شخص ما، ولكن يمكنك أن ترى كيف يتصرف؛ لذلك عند استخدام مقياس مراقبة السلوك في تقييم أداء الموظفين، يمكن أن تعطي مراقبة السلوك معلومات موثوقة حول كيفية تصرف الموظف.
يأتي مفهوم مراقبة السلوك من علم النفس ويعتمد على المديرين أو المراقبين الآخرين للحكم على مدى تكرار سلوكات الموظف، وعادة ما ترتبط هذه السلوكات بقيم الشركة وتركز في السلوك بدلاً من النتائج.
يمكن أن يكون هذا النظام أمراً مثيراً للجدل، على سبيل المثال: يعني التركيز في الأساليب النفسية - والتسجيل المنهجي للسلوك الوظيفي بواسطة مراقب خارجي - تأثُّر التقييم تأثُّراً كبيراً في وجهة النظر الذاتية.
بالنسبة إلى الموظفين الذين يعملون عن بُعد، قد يكون من الصعب على المدير معرفة عدد المرات التي يساعد فيها زملاء العمل بعضهم بعضاً أو كيف يعاملون الناس يومياً، ويمكن أن يكون هناك أيضاً بعض الحالات من انقطاع التواصل مع الموظفين في ظل هذا النظام، على سبيل المثال: إذا كان لدينا اثنان من مندوبي المبيعات يُقيَّمان بناءً على النتائج فقط، فإنَّ الشخص الذي يبيع أكبر قدر من المنتجات سوف يحصل على تقييم أعلى، ولكن وفقاً لمقياس مراقبة السلوك؛ فقد لا يكون الشخص الذي حصل على تصنيف أعلى هو الشخص الذي يبيع أكثر؛ وإنَّما يكون الشخص الذي يظهر السلوك المطلوب.
من الناحية النظرية، يجب عليك تعيين السلوكات وفقاً للنتائج المرجوة ويمكنك افتراض أنَّ الأشخاص الذين يتابعون آخر المستجدات أولاً بأول مع العملاء، هم أقدر على البيع مقارنة بأولئك الذين لا يفعلون ذلك، ولكنَّ هذا ليس هو الحال في كل حالة.
ما هو مقياس مراقبة السلوك؟
يقيس مقياس مراقبة السلوك السلوكات التي تريد من الموظف أن يحققها، ولا تجيب نتيجة مقياس مراقبة السلوك عن سؤال "هل نجح الموظف في ذاك الموقف؟" بنعم أو لا، ولكنَّها تُصنِّف الموظفين وفقاً لمقياس معيَّن، على سبيل المثال: يطلب المقياس الخُماسي من المدير اختيار إجابةٍ واحدة من بين الإجابات الخمس الآتية حينما يُسأل كم مرَّة مارَس الموظف سلوكاً ما:
- على الأغلب لا.
- نادراً.
- بعض الأحيان.
- غالباً.
- تقريباً دائماً.
لاحظ أنَّ هذه الخيارات ليست كذلك دائماً ولن تكون؛ وذلك لأنَّ هذه الخيارات غير واقعية في معظم السلوكات، ويتضمن المقياس العديد من السلوكات المطلوبة، ثم تُجمَع الدرجات للحصول على درجة الأداء الكلي.
يمكنك قياس السلوكات المختلفة بناءً على الرغبة في ممارستها، ويمكن أن يكون للشركات مقاييس عامة تنطبق على جميع الموظفين، على سبيل المثال: فيما يتعلق بالقيم التنظيمية الخاصة بك، قد ترغب في تحديد سلوكات معينة تدعم كل تلك القيم وتقييم كل موظف وفقاً لذلك، ولكنَّك ستحتاج أيضاً إلى تحديد سلوكات خاصة بالوظيفة.
على سبيل المثال: سيتضمن مقياس مراقبة السلوك الخاص بموظف البيع بالتجزئة الذي يعمل في الخطوط الأمامية سلوكاً معيناً مثل "إظهار الرغبة في خدمة العملاء من خلال الترحيب بكل عميل"، ولكن لن يكون هذا السلوك ضمن مقياس مراقبة السلوك الخاص بالمحاسب الذي يعمل في الشركة نفسها؛ لأنَّ المحاسب لا يتعامل مع العملاء.
طُوِّرَ مقياس مراقبة السلوك لتقييم الأداء بواسطة "غاري لاثام" (Gary Latham) و"كين ويكسلي" (Ken Wexley) في السبعينيات.
تختلف طريقة التقييم هذه عن طريقة التدرُّج البياني السلوكي (BARS) ولكنَّهما متشابهتان جداً؛ إذ باستخدام طريقة التدرُّج البياني السلوكي يمكنك تحديد سلوكات محددة لكل مستوى من مستويات الأداء، ويمكن أن تكون أكثر دقة ولكن يجب أن تكون مُصمَّمة للوظيفة بدقة، والتي بدورها تستغرق وقتاً.
على سبيل المثال: إذا أخذنا في الحسبان موظف التجزئة الذي يعمل في الخطوط الأمامية، فإنَّ مقياس مراقبة السلوك يبدو كما يلي:
يُظهِر الرغبة في خدمة العملاء من خلال الترحيب بكل عميل:
- على الأغلب لا.
- نادراً.
- بعض الأحيان.
- غالباً.
- تقريباً دائماً.
مع طريقة التدرُّج البياني السلوكي، سيكون الوضع كالتالي: يُظهر الرغبة في خدمة العملاء من خلال الترحيب بكل عميل:
- قبل مغادرته المتجر.
- في غضون دقيقتين من دخول منطقة الموظف.
- فور دخول منطقة الموظف.
- على الفور وبابتسامة.
- فوراً وبابتسامة وعرض مساعدة حقيقية.
يمكنك أن ترى أنَّ هذا المقياس يعطي إرشادات واضحة للموظف، ولكنَّه يتطلب أيضاً فهماً عميقاً للوظيفة، حتى في بيئة البيع بالتجزئة، قد تحتاج إلى عمل مقاييس مختلفة بناءً على الوظيفة، فقد يكون لدى الشخص الذي يعمل في مكتب المجوهرات الراقية عميل واحد فقط في كل مرة ويجب أن يقدم مستوى أعلى من خدمة العملاء مقارنة بالموظف الذي يعمل في بيع أحذية الأطفال، والذي يتعامل غالباً مع عشرة عملاء أو أكثر في الوقت نفسه.
نوع آخر معروف من طرائق التقييم؛ وهو مقياس التصنيف الرسومي (graphic rating scale)؛ إذ يُسرد عدد من السمات و/ أو السلوكات المرغوبة لوظيفة معينة وتُصنَّف باستخدام مقياس مُرقَّم "على سبيل المثال، 1-5 أو 1-10".
متى تستخدم مقياس مراقبة السلوك؟
مع وجود العديد من الأشخاص الذين يعملون عن بُعد، فإنَّك كثيراً ما تسمع الشركات تتحدث عن كيف أنَّه لم يَعُد في إمكانها استخدام الجلسات التي تُعقَد وجهاً لوجه للحكم على أداء شخص ما، ومن ثم بعد كل شيء لا ترى عموماً أشخاصاً لا يعملون في المكان نفسه؛ إذ إنَّ إجبار الموظفين على تشغيل كاميراتهم طوال اليوم ليس بالحل الجيد، لكنَّ هذا لا يعني أنَّه لا يمكنك استخدام مقياس مراقبة السلوك لتقييم الموظفين الذين يعملون عن بُعد.
إنَّ هذا المقياس يعمل بشكل أفضل مع بعض الوظائف مقارنة بغيرها، على سبيل المثال: غالباً ما تُقيَّم الوظائف التي ليس لها نتائج واضحة وقابلة للقياس بواسطة مقياس مراقبة السلوك بشكل أفضل من مقياس النتائج فقط.
من الصعب الجزم بشأن كيف يمكنك أن تحدد عدد الدعاوى القضائية التي يمكن لشركتك تجنبها من خلال امتلاك موارد بشرية جيدة، ولكنَّ الاستعانة بمقياس مراقبة السلوك يمكن أن تساعدك على تحديد الموظفين ذوي الأداء العالي.
في المناصب التي تُقاس فيها الإنتاجية بوضوح مثل مركز الاتصال، قد لا يكون مقياس مراقبة السلوك هو أفضل طريقة لقياس الأداء العام للموظف، ومع ذلك يمكنك استخدامه جنباً إلى جنب مع مقياس مراقبة النتائج؛ إذ يمكنك ملاحظة عدد الشكاوى التي حلَّها الموظف واستخدام مقياس مراقبة السلوك لمعرفة كيف يعيشون وفقاً للقيم التنظيمية وتقديم ملاحظات حول كيفية تحسين ذلك.
شاهد بالفديو: طرق تنمية الانضباط الذاتي
مثال عن مقياس مراقبة السلوك:
على سبيل المثال: بدلاً من تقييم الموظف بناءً على عدد عمليات البيع التي أجراها، يُقيِّم المديرون الموظف على أساس السلوك اليومي، مع طرح أسئلة مثل:
1. تقييم الموظف وفقاً لمقياس من 1 إلى 5 - بحيث يعني الـ 1 "مطلقاً" والـ 5 "دوماً" - بناءً على البيانات التالية:
- إبقاء العملاء على اطلاع بآخر أخبار المنتجات الجديدة.
- التواصل مع الفريق حول العملاء المتوقعين في المبيعات.
- مساعدة زملاء العمل على التواصل مع العملاء المحتملين.
- توضيح قيمة التنوع والشمول من خلال معاملة جميع زملاء العمل بلطف.
- ملء سجلات المبيعات بدقة وفي الوقت المحدد.
- توفير قيمة من خلال الاستجابة للطلبات الداخلية على الفور.
يمكنك أن ترى كيف يركز هذا الشيء الموجه نحو السلوك فيما يفعله شخص ما، بدلاً من نتائجه، ومن شأن تقييم الموظفين الموجَّه نحو النتائج أن يتحدث عن الأرقام أكثر من السلوكات.
إذا كنت تريد أن تكون أكثر موضوعية، فيمكنك التفكير في طريقة التدرُّج البياني السلوكي (BARS)، ومن ثم سترى أمثلة من هذا القبيل:
2. إبقاء العملاء على اطلاع بتحديث المنتج الجديد:
- الاتصال بالعملاء مرة واحدة كل ثلاثة أشهر.
- الاتصال بكل عميل عند حدوث تحديث ذي صلة بالمنتج.
- بناء علاقات مع العملاء من خلال الاتصال المنتظم معهم، بالإضافة إلى إخبارهم بتحديثات المنتج.
- توقع احتياجات العملاء المستقبلية وإِطلاعهم على التحديثات المنتظمة والمساعدة على حل مشكلاتهم الحالية.
- إدارة العلاقة مع العملاء؛ إذ تُلبَّى احتياجات العملاء دون أن يضطر العميل إلى طلب المعلومات؛ فهوَ يملك فهماً عميقاً لاحتياجات العملاء الآن وللاحتياجات المتوقعة في المستقبل.
3. التواصل مع الفريق حول العملاء المتوقعين في المبيعات:
- إرسال خطاب مكتوب على الأقل شهرياً يُوثِّق التعاملات التي تُجرى مع العملاء المحتملين.
- تنبيه زملاء العمل بشأن العملاء المحتملين في مناطقهم في غضون فترة قصيرة بعد الحصول على العميل المُحتمل.
- العمل مع زملاء العمل للتعامل مع العملاء المحتملين.
- مساعدة زملاء العمل على وضع خطط تسليم؛ إذ لا يُفوَّت أي عملاء محتملين.
- العمل مع زملاء العمل للعثور على العملاء المحتملين ومشاركتهم وتطويرهم حتى يستفيد الجميع.
يمكنك أن ترى أنَّ طريقة التدرُّج البياني السلوكي تمنحك مقارنة أكثر دقة بين زملاء العمل، ولكن يجب أن تطرح أسئلة تناسب العمل، ومع ذلك - كما ذكرنا آنفاً - فإنَّ تطوير طريقة التدرُّج البياني السلوكي يستغرق وقتاً طويلاً كما أنَّه مكلف.
مزايا مقياس مراقبة السلوك وأوجه القصور فيه:
كما هو الحال مع أيَّة طريقة أخرى لتقييم الأداء، توجد مزايا وأوجه قصور مُعيَّنة لاستخدام مقياس مراقبة السلوك.
مزايا استخدام مقياس مراقبة السلوك:
- مناسب لتقييم أداء الموظفين الذين لا يمكن تقييم وظائفهم بناءً على أساس الإنتاجية وحدها، فمن الصعب تحديد مستويات الأداء لبعض الوظائف.
- موفر للوقت مقارنةً بطريقة التدرُّج البياني السلوكي؛ إذ إنَّه يستغرق وقتاً أقل للتطوير.
- من الممكن مقارنة نتائج مختلف الموظفين.
- من الممكن مقارنة قيم الشركة في مختلف الأقسام، وهذه أداة جيدة لتقييم القيادة وكيفية تصرُّف الموظفين.
أوجه قصور استخدام مقياس مراقبة السلوك:
- من الصعب تتبع سلوك الموظف داخل فِرَق أكبر.
- يتطلب مديراً نشطاً ويقظاً.
- قد تفتقر إلى التفاصيل.
- يمكن أن يكون غير موضوعي إلى حد ما؛ مما قد يؤدي إلى نتائج غير عادلة.
شاهد بالفديو: 4 نصائح لتقييم أداءك في العمل بفعالية
كيفية إنشاء مقياس مراقبة السلوك:
بالتعاون مع المديرين، يمكن للموارد البشرية إنشاء مقياس مراقبة السلوك لكل وظيفة أو تقييم عام للإدارة أو الشركة بأكملها، بالنسبة إلى نظام قياس مراقبة السلوك على مستوى الشركة، ستركز في قيم شركتك.
فيما يلي خطوات تطوير نظام قياس مراقبة السلوك على أساس قيمة العمل:
- حدِّد قيم شركتك.
- اسأل، "كيف تبدو هذه القيمة فعلياً؟" هذا هو الشيء الأصعب، ويمكنك أن تقول: "قيمة شركتنا هي النزاهة"، ولكن كيف يبدو ذلك؟ وكيف تريد أن يمثل موظفوك هذه القيمة؟
- تحديد سلوكات معيَّنة لكل قيمة.
يبدو هذا أمراً سهلاً؛ وإذا حددتَ القيم، فيمكن أن يكون كذلك، ولكن بالنسبة إلى نظام مقياس مراقبة السلوك القائم على الوظيفة، فيمكن أن يكون الأمر أكثر تعقيداً بعض الشيء.
إليكم العملية:
- تحديد المهام الهامة للوظيفة؛ تذكَّر أنَّ هذه ليست قيماً أو مشاعر، ولكنَّها مهام فعلية يمكن للموظف القيام بها.
- تضمين السلوكات المتعلقة بالمهام الرئيسية للوظيفة المعيَّنة؛ إذ يجب أن تكون هذه سلوكات يمكن ملاحظتها، والتي تؤثر في أداء الموظف في العمل، على سبيل المثال: قد تُقدر المودة بين موظفيك الذين يعملون في الخطوط الأمامية، ولكنَّك تكتبها على أنَّها "ترحيب بالعملاء عندما يأتون إلى المتجر"؛ إذ إنَّ قياس سلوك "المودة" أصعب من قياس سلوك "الترحيب".
- تأكَّد من أنَّ كل سلوك مطلوب يعكس القيم التنظيمية؛ ففي بعض الأحيان قد يكون هذا أمراً صعباً، وإنَّ قيمة الشركة هي التواصل، ولكن إذا كانت شركتك تُروِّج لأشخاص "يكنزون" المعلومات، فسترى عدم تطابق.
سيتضمَّن مقياس مراقبة السلوك - أو طريقة التدرُّج البياني السلوكي - الجيد قسماً للقيم يشمل جميع الإدارات وقسماً يركز في الوظيفة، وهذا يسمح للمديرين بتقييم الأشخاص بشكل عادل وجمع بيانات الأداء العامة للشركة.
تأكَّد من استخدام تقنية مقياس مراقبة السلوك كجزء من عملية التقييم، بدلاً من استخدامها كأداة نهائية لتقييم الأداء.
الخلاصة:
إذا كنت ترغب في جعل مقياس مراقبة السلوك الخاص بك فعالاً في تقييم الأداء، فأنت بحاجة إلى تعديله تعديلاً يلائم الوظائف أو أصناف الوظائف؛ وبهذه الطريقة فإنَّك تتأكد من أنَّه يعكس أداء موظفيك بدقة، ويمكن أن يساعد على تحسينه.
أضف تعليقاً