أسرار النجاح وفق شروطك الخاصة

سواءٌ اعترفنا بذلك أم لا، نحن نرغب جميعاً في معرفة أسرار النجاح، ونريد اكتشاف الأمور التي ستساعدنا على تحقيق أهدافنا، سواءٌ أكانت في العمل أم في الشؤون المالية أم في علاقاتنا أم في سعادتنا؛ لهذا السبب تضاعفت مبيعات كتب المساعدة الذاتية والإنتاجية تقريباً منذ عام 2013، وارتفعت نسبة السير الذاتية والمذكرات إلى 42٪ في الأعوام القليلة الماضية؛ فنحن نريد دراسة عادات الأشخاص الناجحين جداً، ومعرفة طريقة وصولهم إلى ما وصلوا إليه.



واعتماداً على الكتب التي نقرأها، هناك إجابات لا حصر لها، مثل مهارات التواصل وعادات الصباح والعقلية الإيجابية والاستعداد للمجازفة؛ لكن مع وجود كل المعلومات المختلفة، والمتناقضة غالباً حول أسرار النجاح، كيف نعرف أيها يُجدي نفعاً معنا؟ وكيف نعرف ما النصائح التي يجب اتباعها أو الإجراءات التي يجب اتخاذها؟

وهل من المحتمل أن يكون لكل شخصٍ خطَّةٌ خاصة لإحراز النجاح؟ وبدلاً من اتباع إرشادات شخص آخر بشكل أعمى، هل يستطيع كل شخصٍ اتباع إرشاداتٍ خاصَّةٍ به؟

نقدم إليك في هذا المقال طريقة اكتشاف السر الحقيقي للنجاح؛ ولكن بشروطك الخاصة:

ما هي مقاييسك للنجاح؟

أحد أهم أسرار النجاح هو معرفة هدفك النهائي، فمن المستحيل الوصول إلى أي مكان إذا لم يكن لدينا وجهة محددة نفكر فيها، فنحن نتحرك دون تفكير، آملين الوصول بطريقة سحرية إلى مكان نريد أن نكون فيه؛ لذلك، من المستحيل إجراء نقاش يتعلق بالنجاح؛ دون وضع الهدف النهائي والمقاييس في الحسبان، وإلا كيف ستعرف فيما إذا كنت تسير على الطريق الصحيح للوصول إلى طريقة النجاح الخاصة بك، أو فيما إذا كنت بحاجة إلى تصحيح المسار بالفعل؟ وكيف ستعرف أنَّك وصلت إلى النجاح الذي تسعى إليه؟

يعني النجاح تحقيق هدف أو غاية ما؛ لذلك، إذا كنَّا لا نملك أيَّاً منهما، فمن المستحيل أن نكون ناجحين، ولا يمكننا تحقيق النجاح إذا لم نحدده أولاً، ويمكن أن يمنحنا التعريف أدلةً حول طريقة تحقيق ذلك؛ فعلى سبيل المثال: إذا كنت تهدف إلى الراحة في يوم إجازتك، فقد تكون فكرة مشاهدة التلفاز بلا تفكير ناجحة؛ ولكن إذا كنت تهدف إلى تحقيق الكثير، فلن يكون ذلك وحده كافياً، أو إذا كنت تهدف إلى قضاء وقت ممتع مع عائلتك اليوم، فربما يكون تأجيل المشروع غير المهم حتى الغد هو أنجع شيء يمكنك القيام به.

إنَّ الحياة قائمة على القرارات، فأنت تختار مساراً بدل آخر، وتُضحِّي بشيء واحد للحصول على شيء آخر؛ قد تضحي بالذهاب إلى حفلة من أجل التحضير للاختبار، أو تضحي بقضاء الإجازة مع الأصدقاء لتوفير بعض المال، أو قد تضحي بمشاهدة التلفاز لإنهاء مشروع العمل؛ ومع ذلك لا يمكنك اتخاذ قرارات بشأن ما تختاره إذا كنت لا تعرف كيف يبدو النجاح، كما لا يمكنك معرفة شكل النجاح إذا كنت لا تعرف ما يهمك.

يتعلق النجاح بالقيم:

أول سر للنجاح هو معرفة ماهيته، فنحن نقيس ما هو هام بالنسبة لنا؛ قد تنسى ماذا طلب صديقك عندما تناولتما طعام الغداء معاً؛ لكنَّك لا تنسى مغزى الحديث الذي دار بينكما حينها؛ فهذا يعني أنَّ هناك أموراً لا تنتهي يمكن قياسها في أي لحظة؛ لذلك، فإنَّ ما نختار قياسه هام؛ لأنَّه يُخبرنا فيما إذا كنا ناجحين أم لا، فنقوم باستمرار بقياس الأمور ذات القيمة في الحياة.

في الواقع، الحياة التي نعيشها انعكاس كبير لقراراتنا وقيمنا، فإذا فضلنا باستمرار أشخاصاً آخرين على أنفسنا؛ ينعكس ذلك على حيواتنا، وإذا فضلنا تنمية الأسرة، فسينعكس ذلك على حيواتنا أيضاً؛ إذ تتحكم قيمنا بأفعالنا، وتخبرنا إذا كنَّا ناجحين بالفعل فيما نسعى إليه أم لا، ثم تساعدنا في معرفة طريقة تصحيح المسار، وهذا يعني أنَّه من غير الممكن تحقيق أي شكل من أشكال النجاح دون معرفة قيمنا.

إذا حصلت على عرض عمل مع راتب جيد في مكان عملٍ يبعد مسافةً طويلةً عن منزلك، وكنت تقدر قضاء وقت ممتع مع العائلة؛ فهل ترى هذا العرض ناجحاً؟ إذا كان لديك الكثير من الخطط الممتعة وتُقدِّر وقت الفراغ بالفعل، فهل هذه الخطط ناجحة بالنسبة لك؟

بغض النظر عن المقاييس الموضوعية للنجاح، إذا كان هناك أمر لا يتوافق مع قيمنا؛ فإنَّه لا يرقى إلى تعريفنا للنجاح؛ ولتحدد النجاح لنفسك، يجب عليك أن تبدأ بمعرفة قيمك الخاصة حتى تكون ناجحاً فيما يهمك.

إقرأ أيضاً: كيف تحدِّد قيمك الشخصية لتعيشَ حياةً ملؤها الإنجاز؟

تتعلق القيم بالجوانب الحساسة في حياتك:

كيف نعرف قيمنا بالفعل؟ وكيف نعرف الأشياء التي تهمنا؟ يبدو أنَّ قيمنا تتغير كثيراً طوال الحياة أو في مواقف مختلفة، فعندما نكون صغاراً نُقدِّرُ فكرة الاستقلالية، أمَّا عندما نكبر، يتغيَّر هذا المبدأ ونفضِّل فكرة العلاقات أكثر، وفي العمل نقدر الإبداع ولكن في المنزل نقدر البنية الأسرية؛ إضافة إلى ذلك، كيف يمكننا الوثوق بأنَّنا لا نُقلد قيم الآخرين التي تنطبق على تعريفاتهم للنجاح؟

الخبر السار هو أنَّنا نمتلك نظام توجيه داخلي يخبرنا بما نقدره وهو حساسياتنا تجاه الأمور، فمنذ أن ولدنا ونحن حساسون تجاه بعض الأشياء دون غيرها؛ ولطالما كنَّا حساسين تجاه فكرة الحرية والاستقلالية، ونشعر باستمرار بأنَّنا مقيدون ونبحث عن فرص لنشعر بحرية أكبر، أو ربما كنَّا حساسين تجاه فكرة الانتماء ونشعر بالإهمال بسهولة ونريد أن يشعر الناس من حولنا بالانتماء؛ فنحن نميل إلى تقدير ما نلحظه ونشعر به، ونميل إلى الشعور بالأمور التي نكون أكثر حساسية تجاهها؛ لأنَّ الحساسية تعني أنَّه يمكننا أن نشعر بمزيد من الإحساس أكثر من معظم الأشخاص الآخرين.

بالطبع، سيكون لدينا المزيد من الرغبات والاحتياجات والصدمات والمفاجآت في هذا المجال من الحياة؛ لأنَّنا أكثر حساسية تجاهه، وسنواجه هذه الأمور في كل تجربة في حياتنا التي تمتد من الطفولة إلى اللحظة الحالية وحتى المستقبل، سوف تظهر في أعظم انتصاراتنا وصدماتنا المؤلمة، وفي أفضل وأسوأ لحظات حياتنا، وفي كل مرة ننجح فيها، وفي كل مرة لا ننجح فيها؛ إنَّها طريقة يمكن الاعتماد عليها والتنبؤ بها لتحقيق النجاح والتي تناسب جميع المواقف في حياتنا، فهي أحد أسرار النجاح وفقاً لشروطنا الخاصة.

والآن كل ما يتوجب علينا القيام به هو تحديد الجوانب الحساسة في حياتنا لنتمكن من تعريف النجاح.

تحديد الجوانب الحساسة في حياتك لتتمكن من تعريف النجاح:

لبدء تحديد الجوانب الحساسة، فأنت بحاجة إلى بعض القصص المؤثرة عاطفياً من حياتك، مع ملاحظة تلك الجوانب، وبالتالي لحظُ قيم ومقاييس النجاح التي تظهر في قصصك؛ لذلك، نقدم لك فيما يلي تمريناً سريعاً لمساعدتك على البدء في تحديد الجوانب الحساسة بالنسبة لك:

  1. فكر في أكثر ذكرى سعيدة وناجحة عشتها في حياتك، ثم ارسم صورة في ذهنك عن ذلك، ولاحظ ما تراه وتلمسه وتشمه وتسمعه وتتذوقه في هذا المشهد. اكتب كل كلمة شعرت بها في هذه اللحظة، فلربما شعرت بالسعادة أو الابتهاج أو القوة أو السحر أو النجاح أو الحياة أو الغنى أو الجرأة.
  2. والآن، فكر في واحدة من أكثر الذكريات صعوبة وإيلاماً التي واجهتك في حياتك، والتي لن تشعر بصدمة من جديد حين تكتشف أنَّها غير ناجحة، ثم ضع صورة في ذهنك واستخدم كل حواسك لإعطائها الحيوية اللازمة. اكتب كل كلمة تعبر عن شعورك في تلك اللحظة، فلربما تشعر بالحزن أو الهجر أو الارتباك أو العجز أو الضياع أو الانزعاج؛ ثم اكتب بجانب كل كلمة ما تريد أن تشعر به، فربما تريد أن تشعر بالسعادة أو الارتباط أو الوضوح أو التحفيز أو الانتماء أو الحماس.
  3. راجع القائمتين اللتين تضمان لحظاتك السعيدة والصعبة، وضع دائرة حول أي كلمة تظهر مرتين أو أكثر؛ على سبيل المثال: إذا شعرت بالارتباط في لحظاتك السعيدة، وأردت الشعور بذلك في لحظاتك الحزينة، فضع دائرة حول هذه الكلمة؛ وإذا كانت هناك أي كلمات متشابهة فيمكنك وضع دائرة حولها أيضاً.

لقد بدأت الآن في تحديد الجوانب الحساسة بالنسبة لك؛ إذا شعرت بكل الكلمات التي وضعت دائرة حولها، فهل تَعدُّها ناجحة؟ بالطبع ستفعل؛ لأنَّها أكثر ما تهتم به، وبالتالي هي الجوانب التي تُقدِّرها.

يمكنك التفكير في لحظات النجاح الماضية والبدء في رؤية تلك الكلمات، كما يمكنك التفكير في لحظات الإخفاق الماضية ورؤية ما يناقض تلك الكلمات.

مع أنَّ هذه المقدمة بسيطة جداً؛ لكنَّها فعالة لتساعدك على تعريف النجاح بنفسك، إلا أنَّ تعيين الجوانب الحساسة يمكن أن يكون أكثر عمقاً ووضوحاً من هذا.

إقرأ أيضاً: ماهو النجاح؟ إليك 19 تعريفاً للنجاح يجب أن تستخدمه في حياتك

أسرار النجاح:

نحن نمتلك جميعاً حياة مليئة بالتجارب التي تحدد النجاح بالنسبة لنا؛ تلك التجارب التي تذكرنا بالأشياء التي نجحنا بها، من أفضل الصداقات إلى أكبر الإنجازات، كما تُذكرنا أيضاً بالأشياء التي لم ننجح بها؛ كل ما يجب علينا عمله هو الربط بين كل تلك التجارب وفهم الجوانب الحساسة التي تحدد نجاحاتنا من وجهة نظرنا.

يكمُن السر الحقيقي للنجاح في اتباع المخطط الذي أثبت بالفعل نجاحه بالنسبة لك، فحياتك كلها بالفعل تعمل وفقه، ربما في كل مرة كنت تتواصل فيها بعمق وكنت مرحاً وممتعاً، وتطرح أفكاراً استراتيجيةً، ولا تعتذر عن آرائك، كان النجاح حليفك؛ إذا كان هذا الأمر صحيحاً بالنسبة لك، فأنت تعرف بالفعل سر نجاحك، فقد رأيته في الماضي وتعلم أنَّه سينفع معك في المستقبل، إنَّه النجاح بشروطك الخاصة.

لكل منَّا سره الفريد للنجاح، ولا يتعين علينا تقليد صيغة أي شخص آخر؛ لأنَّه لا أحد يمتلك نفس المواهب والخبرات والجوانب الحساسة التي نمتلكها؛ لذا، حدد جوانبك الحساسة، واكتشف سر النجاح الخاص بك، ثم حدده بشروطك الخاصة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة