أسرار العناية بالبشرة في فصلي الخريف والشتاء

يلملم الصيف أشعة شمسه الحارقة ورطوبته المرتفعة، ويرحل تاركاً وراءه الخريف بطقسه المعتدل، ومناخه المتقلب بين الرطوبة والجفاف، والذي يكون تمهيداً إلى دخول فصل الشتاء، ببرودته الشديدة، وأمطاره وثلوجه.



إنَّنا نحن البشر نتأثر بعلم أو دون علم بهذه الانقلابات الفصلية، وعلى وجه الخصوص؛ تتأثر بشرتنا التي هي خط التماس الأول بيننا وبين العالم المحيط، والجزء الملامس منا للهواء والوسط الخارجي؛ لذلك يجب علينا في هذين الفصلين؛ أي الخريف والشتاء، إيلاء الاهتمام الكبير والعناية البالغة لحماية بشرتنا من تبعات التقلبات الطقسية والانقلابات المناخية، وسنتحدَّث في هذا المقال عن روتين الاعتناء الموسمي بالبشرة في فصلي الخريف والشتاء.

وقبل الدخول في روتينات العناية، سنُضيء على تعريف البشرة وتحديد أجزائها وبنيتها، لتوضيح فائدة كل ممارسة من ممارسات الاعتناء وتأثيرها فيها.

ما هي البشرة؟

هي الطبقة السطحية من الجلد، والتي تقع فوق الأدمة، وهي تغطي الجسم بالكامل عدا الفتحات والغشاء المخاطي، وتتفاوت سماكة البشرة بين عضو وآخر، وتبلغ ذروة السماكة في راحة اليدين والقدمين لتؤمِّن لهما الحماية الكافية، وتجدر الإشارة إلى خلو البشرة من الأوعية الدموية، وغناها بالنهايات العصبية؛ مما يمنحها حساسية عالية، كما تحتوي البشرة في طبقاتها الدنيا على الخلايا الصباغية التي تتولى مسؤولية إنتاج الميلانين الذي يحدد لون البشرة، والذي يتأثر إفرازه في أشعة الشمس.

وتتألف البشرة من حيث البنية من طبقتين؛ طبقة داخلية حية تنمو حتى تظهر على السطح، ثم لا تلبث أن تتحول إلى الطبقة الخارجية التي تموت وتتقشر، لتعود طبقة جديدة بالظهور وهذا ما يسمى "دورة حياة البشرة".

وتعتمد نضارة البشرة ونعومتها على نوع من البروتينات يسمى "الكولاجين"، أما مرونتها وليونتها فتعتمد على بروتين الإيلاستين، وهذان النوعان من البروتين هما المكون الرئيس الفعال في أنواع مستحضرات العناية بالبشرة جميعها.

وبعد أن تعرَّفنا إلى بشرة الجلد ومكوناتها ننتقل إلى طرائق العناية بها والاهتمام بإشراقها، وخاصةً في فصلي الخريف والشتاء اللَّذين يُعَدَّان الوقت الأفضل لتطبيق العناية العميقة والتقشير؛ حيث لا خوف من تأثيرات الشمس المباشرة في البشرة، وسنتحدث عن استخدام الواقي الشمسي، وترطيب البشرة وأهمية شرب الماء واتِّباع نظام غذائي متوازن، كما سنُضيء على عملية تقشير البشرة ونُوضِّح أهمية الابتعاد عن استخدام المستحضرات المُصنَّعة:

1. استخدام الواقي الشمسي:

على الرغم من الحضور المتواضع لأشعة الشمس في هذين الفصلين، إلَّا أنَّ هذا لا يعني الاستغناء عن استخدام الواقي الشمسي، فضرر الأشعة فوق البنفسجية المنبعثة من الشمس على البشرة يستمر على الرغم من التعرُّض غير المباشر إليها، وتجدر الإشارة إلى أنَّ الأشعة فوق البنفسجية تخترق خلايا البشرة وتؤذي الألياف المنتجة للكولاجين؛ مما يسبب حروقاً في الجلد وشيخوخة مبكرة له.

وعند تطبيق الواقي الشمسي، فإنَّه يمتصُّ الأشعة فوق البنفسجية ويمنعها من الوصول إلى الطبقة الداخلية للبشرة وإلحاق الضرر فيها، كما يقوم بعكس هذه الأشعة عن البشرة.

وتحتوي منتجات الواقي الشمسي بأنواعها على عامل الحماية الشمسي أو ما يسمى اختصاراً (SPF)؛ وهو يُعبِّر عن فاعلية الواقي الشمسي في حماية البشرة من أضرار الأشعة فوق البنفسجية، وبطريقة أبسط، يمكننا تعريفه بأنَّه الوقت الذي تستغرقه البشرة في التعرض للحرق والأذى الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية عند تطبيق الواقي الشمسي مقارنة به عند عدم تطبيقه، ويمكن أن يكون عامل الحماية بنسبة 30% أو 50%، ويُختارُ المناسب منه حسب طبيعة التعرُّض إلى الشمس - مباشرة أو غير مباشرة - ومدتها.

إقرأ أيضاً: كيفية اختيار وتطبيق واقي الشمس الأفضل لبشرتك

2. الترطيب:

يُعَدُّ ترطيب البشرة من أهم عوامل الحفاظ عليها وخاصةً في فصلي الخريف والشتاء، وتعكس البشرة الجافة منظراً خشناً للجلد الذي يفتقر إلى النعومة والطراوة، ويترافق مع أعراض مؤلمة من تقشر وتشققات في بعض الأحيان؛ لذلك يجب الحفاظ على ترطيب البشرة من أجل حمايتها من الجفاف، ووقايتها من ظهور البثور؛ إذ إنَّ قلة الترطيب تحفز على انسداد المسامات وتشكُّل البثور، كما يحمي الترطيب من أعراض التهيج والحساسية والأكزيما، ويحافظ على نضارة البشرة وخلوها من التجاعيد والخطوط الرفيعة وغيرها من أعراض شيخوخة الجلد.

ويمكن ترطيب البشرة عن طريق تطبيق الكريمات أو المراهم التي تناسب كل نوع من أنواع البشرة؛ حيث إنَّ البشرة الدهنية يناسبها استخدام المستحضرات المرطبة من فئة "Lotion" أكثر من الكريم؛ وذلك لأنَّ اللوشن ذو بنية أقل كثافة وأكثر غنى بالماء، فلا يسبب تهيج البشرة ولا ظهور الحبوب، كما ننصح الأشخاص أصحاب البشرة الدهنية باستخدام المرطبات الخالية من الزيوت، والتي لا تسبب انسداد مسام البشرة، كما ننصحهم باستخدام المرطبات الخالية من المكونات التي تحفز ظهور البثور مثل: زيت جوز الهند وزبدة الكاكاو وجل البترول.

وأصحاب البشرة العادية، ننصحهم باختيار المرطبات مائية التركيب، أما أصحاب البشرة الجافة فيجب عليهم استخدام مرطبات سميكة القوام غنية بالزيوت تساعد البشرة على الاحتفاظ بالرطوبة لأطول فترة ممكنة، وبالنسبة إلى أصحاب البشرة الحساسة عليهم توخي الحذر في اختيار المرطبات الخاصة بهم والتأكُّد من خلوها من المواد المهيجة للبشرة كالعطور، ويُفضَّل استخدامهم منتجات تحوي على مكونات من شأنها تهدئة الحساسية؛ كالألوفيرا والبابونج.

ولعلَّ أفضل أوقات تطبيق الترطيب هي فترة ما بعد الاستحمام؛ حيث تكون البشرة لا تزال رطبة، وقبل الخلود إلى النوم ليلاً، ولا يجب أن ننسى ترطيب الشفاه بالمرطبات الخاصة بها منعاً من تشققها وحفاظاً على مظهر ناعم ووردي لها.

إقرأ أيضاً: 6 طرق فعّالة تساعد على ترطيب البشرة – تعرّفي عليها

3. الالتزام بشرب الماء:

تكمن أهمية شرب الماء في فائدته لأعضاء الجسم جميعها وليس لعضو واحد بالتحديد، فنحن نعلم أنَّ الماء يُشكِّل حوالي ثلاثة أرباع كتلة الجسم البشري، وفي فصلي الخريف والشتاء وبسبب انخفاض درجة الحرارة نقلل من شرب الماء، وهذا لا يعني قلة حاجة جسمنا إليه، فحاجة الجسم إلى الماء ثابتة إلَّا أنَّها تزداد في فصل الصيف.

وعلى وجه الخصوص؛ فإنَّ تأثير شرب الماء في البشرة من شأنه الحفاظ على معدل الترطيب الأفضل لها؛ حيث إنَّه يساعد على تجديد أنسجة الجلد ومنحها المرونة والرطوبة، كما يعزز نقل المواد الأساسية المغذية عبر الدم إلى الخلايا الموجودة فيها، وكما يفيد شرب كميات كافية من الماء في الحصول على بشرة لامعة ناعمة الملمس ويؤخر ظهور علامات الشيخوخة من خطوط دقيقة؛ كالتي تظهر حول العين والتجاعيد التي تظهر في الجبهة.

ويؤدي الماء دوراً هاماً في شد البشرة وحمايتها من الترهلات؛ وذلك بسبب خصائصه المرطبة لها، والتي تخلصها من الجفاف، ومن ثم يحسن شرب الماء معدلات الاستقلاب في الجسم وينشط الجهاز الهضمي؛ مما يعزز الناقلات التي تحمل السموم وتطرحها من الجسم، وينعكس هذا على صحة الجسم عموماً والبشرة خاصةً، فصحة الجهاز الهضمي وغيره من الأجهزة الداخلية تنعكس على نضارة بشرة الوجه، ويمكن الاستدلال على الكثير من المشكلات الداخلية عن طريق أعراضها التي تظهر على البشرة.

شاهد بالفيديو: 10 أسباب تجعلُنا نشرب الماء بكثرة

4. اتباع نظام غذائي متوازن:

إنَّ اتِّباع نظام غذائي متوازن غني بالألياف والفيتامينات والعناصر الغذائية الهامة، ينعكس على نضارة البشرة وإشراقها، ولعل أكثر الأطعمة المفيدة لصحة البشرة هي تلك الغنية بالأوميغا 3؛ وهو من الأحماض الأمينية الهامة لتغذية مثلى لها، وهو متوافر في الأسماك وخاصةً السلمون والسردين، كما تعمل الأطعمة الغنية بمضادات الأكسدة على مكافحة علامات الشيخوخة وتقدُّم البشرة في السن.

ويُعَدُّ الثوم من أهم هذه الأطعمة، أما الشوكولا الداكنة فتحتوي على الفلافونويدات التي تنتمي إلى مضادات الأكسدة وتُحسِّن الدورة الدموية وتساعد على ترطيب البشرة، كما يجب الانتباه إلى تناول الأطعمة الغنية بفيتامين "ج" كالطماطم والحمضيات؛ مما يُحسِّن إنتاج الكولاجين المفيد للبشرة.

 ويجب استغلال النباتات الموسمية لفصلي الخريف والشتاء كالجزر والأفوكادو والملفوف والبطاطا الحلوة والبروكلي والسبانخ؛ نظراً لما تحتويه من عناصر غذائية هامة للبشرة من شأنها الحفاظ على نضارتها وإشراقها ومقاومتها للتجاعيد.

ويُفضَّل استبدال المشروبات الدافئة الغنية بالكافيين في هذين الفصلين بمشروبات الأعشاب؛ كالبابونج والشاي الأخضر والروز ماري؛ وذلك لما تحتويه من مضادات أكسدة ومحسنات للدورة الدموية في الجلد؛ إذ إنَّ هذه الأمور تنعكس إيجاباً على صحة البشرة.

ولا بد أن نشير إلى أهمية الابتعاد عن السكر الصناعي، والذي يزداد استهلاكه في فصل الشتاء، واستبداله بالعسل الطبيعي في تحلية المشروبات والوجبات الخفيفة، وننوه إلى أهمية الابتعاد عن الأغذية المعلبة والمُضاف إليها بعض المواد الحافظة، والأغذية الغنية بالأملاح والبهارات التي تسبب تهيج البشرة وظهور الحبوب والبثور فيها.

5. استغلال فترات الشتاء والخريف لإجراء التقشير:

يُعَدُّ الخريف والشتاء التوقيت الأمثل لإجراء التقشير للبشرة؛ وذلك لأنَّ أشعة الشمس تكون خفيفة؛ مما يُقلِّل من حدوث الالتهابات وتصبغات البشرة، ونقصد بتقشير البشرة إزالة طبقة الجلد العلوية الميتة واستبدالها بالطبقة الأدنى منها، والتي تكون أكثر نضارةً وشباباً؛ حيث ينقسم التقشير إلى أنواع عدَّة؛ منها ما يشمل الطبقة السطحية من الجلد؛ وهو يعطي البشرة انتعاشاً وحيوية، ومنها ما يتعداها إلى الطبقة الأدنى وهي الأدمة، ومنها ما يكون أكثر عمقاً من الأدمة لكنَّه يترافق بالكثير من الألم، ويحتاج إلى وقت طويل للشفاء؛ ويكون الهدف منه إزالة التجاعيد العميقة وآثار الشمس والحبوب العنيدة.

وهناك نوعان من التقشير هما: التقشير الطبيعي باستخدام منتجات طبيعية تزيل الطبقة الميتة من الجلد ويمكن إجراؤه منزلياً، وهو يُحسِّن الدورة الدموية في البشرة ويفتح المسامات ويعطي الوجه رونقاً ونضارة، والنوع الآخر هو التقشير الكيميائي، والذي يُجرى بمساعدة الطبيب، ويتسبب في كشط الجلد وقد يترافق بالألم والحرقة ويحتاج إتمامه إلى استخدام الكمادات الباردة والمسكنات.

إقرأ أيضاً: التقشير البارد للبشرة: أنواعه وفوائده وأضراره

6. التقليل من استخدام المكياج والمستحضرات الكيميائية:

على الرغم من الفوائد التي تمنحنا إياها المركبات الكيميائية؛ كالمرطبات والكريمات والواقيات الشمسية، إلَّا أنَّها منتجات مصنَّعة من مواد غير طبيعية، ولا بدَّ أن تترافق ببعض الآثار الجانبية؛ لذا نحن ننصح باستخدام المنتجات الطبيعية قدر الإمكان، فهي ذات فوائد أكثر وأضرار أقل على البشرة.

أما بالنسبة إلى استخدام المكياج فهو على الرغم من أنَّه يغطي عيوب البشرة ويضيف لمسة من الرونق والجمال إلى الوجه، إلَّا أنَّه أيضاً مُصنَّع من مواد كيميائية تسبب الأذية للخلايا الحية على الأمد الطويل، ونحن ننصح بتخفيف استخدامه قدر الإمكان والاقتناع بالجمال الطبيعي الذي منحنا إياه خالقنا الكريم المبدع.

وبهذه النصائح نضمن لكم الحصول على بشرة مُشرِقة ونَضِرة، وتعكس تألق أرواحكم وصفاءها، ونكفلُ لكم قضاء فصلين جميلين بأبهى رونق، دون الخوف من آثارهما المعتادة المدمرة التي تظهر بشكل سلبي على الوجه والبشرة.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة