أسباب الصّراع الثّمانية لبيل وهارت التي تسبب التوتر في أماكن العمل

لقد وصلتَ للتّوّ إلى مكتبك الذي تتشاركه مع زميلٍ لك، ويبدو كما لو أنّه سيكون يوماً محبطاً آخر. جانبك من المكتب أنيقٌ ومنظّمٌ جيّداً بشكلٍ لا يصدّق. تصل دائماً إلى العمل في الوقت المحدّد وتحرص على عدم التّحدث بصوتٍ عالٍ عندما تكون على الهاتف، حتّى لا تزعج زميلك في المكتب. بكلّ الأحوال زميلك هو على العكس منك تماماً، تتناثر الأكواب الفارغة والملفّات المكوّمة بجانبه في المكتب وغالباً ما يصل إلى المكتب في وقتٍ متأخر، وأحياناً يشغّل الرّاديو ممّا يقطع تركيزك.



مع أنّك تحبّ عملك، لكنّ لديك رهبةّ من دخول المكتب كلّ يوم، ببساطة لأنّك لا تحب مشاركة مساحتك مع زميلك، فهو يدفعك إلى الجنون، وغالباً ما تتجادلان. إذا فكّرت في الأمر، فستدرك بسرعةٍ أنّ هناك تعارضاً بينكما لأنّ لكلٍّ منكما أساليب عملٍ مختلفة تماماً. بمجرّد أن تدرك هذا، سيكون لديك نقطة انطلاق للتّفكير في كيفيّة العمل معاً بشكلٍ أكثر فعاليّة. جميعنا يشهد صراعاً كهذا في العمل. قد يكون الصّراع مفيداً، لأنّه يمكن أن يدفع الأطراف المتصارعة إلى النّمو والتّطوّر، ويمكن أن يحسّن الأفكار المتعارضة. ومع ذلك، لا يمكن أن يحدث ذلك إلّا إذا فهمنا سبب وجود الصّراع في المقام الأوّل. بمجرّد تحديد أساس المشكلة، يمكننا اتّخاذ الخطوات الصّحيحة لحلّها. في هذه المقالة، سننظر إلى ثمانية أسباب شائعة للصّراع في مكان العمل، وسوف نستكشف كيف يمكنك استخدامها لإدارة الصّراع بشكلٍ أكثر فعاليّة.

حول الأسباب الثّمانية للصراع:

وفقاً لعلماء النّفس "أرت بيل" و"بريت هارت"، هناك ثمانية أسباب شائعة للصّراع في مكان العمل. حدّد بيل وهارت هذه الأسباب الشّائعة في مقالات منفصلة عن الصّراع في مكان العمل في عامي 2000 و2002. الأسباب الثّمانية هي:

  1. تضارب الموارد.
  2. تضارب الأساليب.
  3. تضارب التّصورات.
  4. تضارب الأهداف.
  5. تضارب الضّغوط.
  6. تضارب الأدوار.
  7. القيم الشّخصيّة المختلفة.
  8. السّياسات غير المتوقّعة.

يمكنك استخدام هذا التّصنيف لتحديد الأسباب المحتملة للصّراع. بمجرد تحديدها، يمكنك اتّخاذ خطوات لمنع حدوث الصّراع في المقام الأوّل، أو يمكنك تصميم استراتيجيّة حلّ النّزاعات الخاصّة بك لتناسب الموقف.

كيف تستعمل هذه الأسباب لإيجاد حلّ للنزاعات؟

دعونا نلقي نظرةً على كلٍّ من أسباب الصّراع الثّمانية في مكان العمل، ومناقشة ما يمكنك القيام به لتجنّب كلّ نوعٍ وإيجاد حلٍّ له.

1. تضارب الموارد:

نحتاج جميعاً إلى الوصول إلى موارد معيّنة -سواءً كانت هذه الموارد لوازم مكتبيّة أو مساعدة من الزّملاء أو حتّى غرفة الاجتماعات- لأداء وظائفنا بشكلٍ جيّد. عندما يحتاج أكثر من شخصٍ أو مجموعةٍ اللّجوء إلى موردٍ معيّن، يمكن أن يحدث تعارض.

إذا كنت أنت أو زملاؤك في صراعٍ حول الموارد، فاستخدم تقنيّات مثل "الحلّ المربح للطّرفين" (Win-Win Negotiation) للوصول إلى اتّفاقٍ مشترك.

يمكنك أيضاً مساعدة أعضاء الفريق في التغلّب على سبب الصّراع هذا عن طريق التّأكّد من أنّ لديهم كلّ ما يحتاجونه لأداء وظائفهم بشكلٍ جيّد. علّمهم كيفيّة تحديد أولويّات وقتهم ومواردهم، وكذلك كيفيّة التّفاوض مع بعضهم البعض لمنع هذا النّوع من الصّراع.

إذا بدأ النّاس يختلفون من أجل موردٍ ما، أحضر الطّرفين لمناقشة سبب الخلاف بشكلٍ صريح. يمكن أن تساعد المحادثات المفتوحة حول المشكلة كلّ طرف على رؤية منظور الطّرف الآخر وبالتّالي يصبح أكثر تعاطفاً مع احتياجاته.

2. تضارب الأساليب:

يعمل كلّ شخصٍ بشكلٍ مختلف، وذلك حسب احتياجاته وشخصيّته الفرديّة. على سبيل المثال، يحبّ بعض الأشخاص التشويق الّذي يحمله إنجاز الأشياء في اللّحظة الأخيرة، بينما يحتاج البعض الآخر إلى تحديد المواعيد النهائيّة الصارمة لإنجازها. بذلك عند تضارب أنماط العمل، قد يحدث التّعارض في كثيرٍ من الأحيان.

لمنع هذا النّوع من التّعارض وإدارته في فريقك، ضع في اعتبارك أساليب عمل الأشخاص وطبيعة أدوار المجموعة عند إنشاء فريقك.

يمكنك أيضاً تشجيع الأشخاص على إجراء اختبار الشّخصيّة، ممّا يساعدهم على اكتشاف ذواتهم وأن يصبحوا أكثر قبولاً لأنماط عمل الآخرين، وأن يكونوا أكثر مرونةً نتيجةّ لذلك.

إقرأ أيضاً: اختبار: ما مدى جودة مهاراتك القيادية؟

3. تضارب التّصورات:

كلّنا نرى العالم من خلال عدساتنا الخاصّة، ويمكن أن تسبّب الاختلافات في وجهات النّظر صراعاً، لا سيما عندما يعرف شخصٌ ما شيئاً لا يعرفه الشّخص الآخر، لكنّه لا يدرك ذلك.

إذا كان أعضاء فريقك يشاركون بانتظام في "جلسات النّميمة" أو القيل والقال، فقد تواجهك مشكلةٌ في التّصورات المتضاربة. بالإضافة إلى ذلك، قد تؤدّي لظهور مراجعات الأداء السّلبيّة، كما قد تنتج شكاوى العملاء أيضاً عن هذا النّوع من التّعارض.

ابذل جهداً للقضاء على هذا الصّراع من خلال التّواصل الصّريح مع فريقك، حتّى عندما تضطرّ إلى مشاركة الأخبار السّيّئة. كلّما زادت المعلومات الّتي تشاركها مع الفريق، كلّما قلّ احتمال ابتكارهم لتفسيراتهم الخاصّة حول الأحداث.

تشكّل التّصورات المختلفة أيضاً سبباً شائعاً لما يُعْرَفُ بـ "سياسة المكتب" (الإجراءات والسلوكيات التي تنطوي على التنافس على المركز أو السلطة في مكان العمل). على سبيل المثال، إذا قمت بتكليف شخصٍ ما بمشروعٍ كان عادةً من مسؤوليّة شخصٍ آخر، فقد تشعل بذلك عن غير قصد صراعاً على السّلطة بين الاثنين. تعلّم كيفيّة التّعامل مع صراعات "سياسات المكتب" ودرّب فريقك على فعل الشّيء نفسه.

إقرأ أيضاً: أهم مهارات مدير الموارد البشريّة

4. تضارب الأهداف:

في بعض الأحيان لدينا أهدافٌ متضاربة في عملنا. على سبيل المثال، قد يخبرنا أحد المدراء أنّ السّرعة هي الهدف الأكثر أهميّةً لدى العملاء. قد يقول مديرٌ آخر أنّ الخدمة المتكاملة وعالية الجودة هي الأولويّة القصوى. من الصّعب في بعض الأحيان التّوفيق بين الاثنين!

كلّما حدّدت أهدافاً لأعضاء فريقك، تأكّد من أنّ هذه الأهداف لا تتعارض مع الأهداف الأخرى المحدّدة لذلك الشّخص، أو تمّ تحديدها لأشخاص آخرين.

وإذا كانت أهدافك غير واضحة أو متعارضة، فتحدّث مع رئيسك في العمل وتفاوض بشأن الأهداف الّتي تناسب الجميع.

إقرأ أيضاً: الأهداف الذكية "SMART": اجعل أهدافك قابلة للتحقيق

5. تضارب الضّغوط:

غالباً ما نعتمد على زملائنا لإنجاز عملنا. ومع ذلك، ماذا يحدث عندما تحتاج إلى تقريرٍ من زميلك بحلول الظّهر، وهو يُعِدُّ بالفعل تقريراً مختلفاً لشخصٍ آخر في نفس الموعد النّهائي؟

تتشابه الضّغوط المتعارضة مع الأهداف المتعارضة؛ الفرق الوحيد هو أنّ الضّغوط المتعارضة عادةً ما تنطوي على مهام عاجلة، في حين أنّ الأهداف المتعارضة عادةً ما تنطوي على مشاريع ذات جداول زمنيّة أطول.

إذا كنت تظنّ أنّ الأشخاص يعانون من الصّراع بسبب تشابك الأهداف قصيرة المدى، قم بإعادة جدولة المهامّ والمواعيد النهائيّة لتخفيف الضّغط.

6. تضارب الأدوار:

يتعيّن علينا في بعض الأحيان أداء مهام خارج أدوارنا الطّبيعيّة أو مسؤوليّاتنا. إذا أدّى هذا بنا إلى الدّخول إلى "حيّز شخصٍ آخر"، يمكن أن تحدث صراعات على السّلطة وتضارب في الأدوار. يمكن أن يحدث الشّيء نفسه بصورةٍ عكسيّة - في بعض الأحيان قد نشعر أنّه على شخصٍ آخر إكمال مهمّةٍ معيّنة.

تشبه الأدوار المتضاربة التّصوّرات المتضاربة. حيث قد ينظر أحد أعضاء الفريق إلى المهمّة على أنّها مسؤوليّته أو مسؤوليّتها. ولكن عندما يأتي شخصٌ آخر لتولّي هذه المهمّة، يحدث الصّراع.

إذا كنت تشكّ بأنّ أعضاء الفريق يواجهون تعارضاً حول أدوارهم، فاشرح سبب قيامك بتعيين المهام أو المشاريع لكلّ شخص. بتفسيرك هذا تكون قد قطعت شوطاً طويلاً لعلاج هذا الضّغط وبلورة أدوار ومسؤوليّات الأشخاص، وتوجيه تركيز الأشخاص إلى الأهداف.

7. التضارب مع القيم الشّخصيّة المختلفة:

تخيّل أنّ رئيسك طلب منك للتّو أداء مهمّةٍ تتعارض مع معاييرك الأخلاقيّة. هل تفعل كما يأمرك رئيسك في العمل، أو هل ترفض؟ إذا رفضت، هل ستفقد ثقة رئيسك في العمل، أو حتّى وظيفتك؟

عندما يتعارض عملنا مع قيمنا الشّخصيّة، يمكن أن ينشأ الصّراع بسرعة.

لتجنّب ذلك في فريقك، حاول ممارسة القيادة الأخلاقيّة بألّا تطلب من فريقك فعل أيّ شيءٍ يتعارض مع قيمهم أو قيمك.

إقرأ أيضاً: سلوكيات خاطئة تؤثر سلباً في مكان العمل

8. السّياسات غير المتوقّعة:

عندما تتغيّر القواعد والسّياسات في العمل ولا تقوم بإيصال هذا التّغيير بوضوحٍ إلى فريقك، يمكن أن يحدث الارتباك والتّعارض. بالإضافة إلى ذلك، إذا فشلت في تطبيق سياسات مكان العمل بشكلٍ متّسقٍ مع أعضاء فريقك، فقد يصبح التّباين في المعاملة أيضاً مصدراً للانشقاق.

عندما تتغيّر القواعد والسّياسات، تأكّد من معرفتك وإيصالك بالضّبط لما يتوجّب فعله بشكلٍ مختلف للآخرين، والأهمّ من ذلك، ما سبب تغيّر السّياسة. عندما يفهم النّاس سبب وجود القواعد، فمن الأرجح أن يقبلوا التّغيير.

بمجرّد أن تدخل القواعد حيّز التّنفيذ، حاول أن تنفذّها بوضوحٍ وثبات.

 

المصدر موقع "مايند تولز".




مقالات مرتبطة