9 صفات هامة للقائد الناجح

عندما تسمع كلمة "قائد"، قد يخطر في بالك المسؤولين أو أصحاب المناصب العليا كمديرك في العمل، أو السياسيين، أو الرؤساء، أو غيرهم؛ ولكنَّ الحقيقة هي أنَّ القيادة ليست مرتبطة بمنصب بعينه، أو بأقدمية الشخص في العمل؛ إذ لا يعني مجرد أنَّ أحدهم عمل في مجال ما لعدة سنوات أنَّه اكتسب الصفات والمهارات التي تخوله لقيادة فريق، ولا يجعله حصوله على ترقية قائداً بصورة تلقائية أيضاً؛ إذ لا يتمتع المديرون التنفيذيون أو غيرهم من أصحاب المناصب العليا دائماً بالمهارات القيادية.



ما الذي يجعل منك قائداً محنَّكاً إذاً؟ وما هي الصفات التي ينبغي أن تتحلى بها؟

تتطلب القيادة المتقنة اكتساب وصقل مهارات معينة تتمكن من خلالها من أن تكون المثل الأعلى لفريقك أينما كنت تعمل؛ إذ ينجح القادة من خلال هذه الصفات القيادية أينما حلُّوا، سواء في المنزل أم المدرسة أم العمل.

نقدم إليك 9 صفات ينبغي أن يتمتع بها كل قائد عظيم:

1. النظرة الإيجابية إلى الأمور:

يدرك القائد المحنَّك أنَّه لن يحظى بفريق يتمتع بالسعادة والتحفيز إلَّا إذا أظهر هو نفسه موقفاً إيجابياً، ويتحقق ذلك من خلال التحلي بالإيجابية عندما تواجه مشكلة، أو توفير جو من الراحة والإيجابية في مكان العمل؛ كما أنَّ القيام بأمور بسيطة قد يحدث فرقاً شاسعاً، كتقديم وجبات الطعام، أو تخصيص "ساعة مرح" للفريق. بالإضافة إلى ذلك، قد يعمل أعضاء الفريق بجهد أكبر أو لوقت أطول إذا لزم الأمر حينما يكونون سعيدين ويشعرون بالتقدير.

لذلك، ينبغي أن يحافظ القائد المحنَّك على إيجابيته حتى في أسوأ الظروف، ويجد طريقة لتعزيز دوافع فريقه وحلِّ المشكلات عندما تنخفض معنوياتهم، أو عندما يقترفون خطأ فادحاً في العمل.

على سبيل المثال: واجه والت ديزني (Walt Disney) الكثير من المصاعب والتحديات، ولكنَّه استطاع بفضل حنكته أن يحافظ على إيجابيته ويعثر على فرص جديدة؛ حيث اكتشف في عام 1928 أنَّ منتِج أفلامه تشارلز مينتز (Charles Mintz) أراد تخفيض تكاليف الدفع لمسلسل "أوزوالد"  (Oswald Series)، وهدد بقطع علاقته معه كلياً ما لم يقبل ديزني (Disney) بشروطه، وقد اختار الأخير الانفصال عنه؛ ثم بعد التخلي عن مسلسل "أوزوالد" (Oswald)، قرر ديزني (Disney) بدء مشروع جديد، والذي كان ابتكار شخصية ميكي ماوس (Mickey Mouse) الأيقونية.

يكمن الحل في تقسيم التحديات الكبيرة إلى أخرى صغيرة، والعثور على سبل للتعامل مع كلٍّ منها على حدة؛ كما عليك أن تفكر في الدروس التي يمكنك تعلمها من أخطائك وتدوِّنها؛ ذلك لأنَّك قد تنجح تارة، وتتعلم تارة أخرى.

2. الثقة بالنفس:

ينبغي أن يتحلى جميع القادة المحنَّكين بنفحة من الثقة إذا أرادوا أن ينجحوا؛ ولكن إياك وأن تخلط بين الرضا الذاتي والغرور، حيث يجب أن يستمد الناس إلهامهم منك بدلاً من الازدراء منك.

إنَّ الثقة بالنفس هامة للغاية؛ ذلك لأنَّ الناس سيتطلعون إليك في تصرفاتهم، خاصة إن لم تكن الأمور على ما يرام؛ فإذا حافظت على هدوئك واتزانك، فسيسير أعضاء فريقك على خطاك أيضاً، ممَّا يؤدي إلى تعزيز المعنويات والإنتاجية، وحل المشكلات بسرعة أكبر؛ أمَّا إذا أصابك الهلع وقررت الاستسلام، فسيدركون ذلك على الفور، وتزيد المشكلات أكثر.

يُعدُّ مؤسس شركة صناعة السيارات الكهربائية "تيسلا" (Tesla) "إيلون ماسك" (Elon Musk) خير مثال للقائد الواثق من نفسه؛ فهو يؤمن من أعماقه قلبه أنَّ شركة تيسلا (Tesla) ستتكلل بالنجاح، ودائماً ما يعكس ذلك من خلال أفعاله؛ حيث أنَّه حوَّل 532000 من خيارات الأسهم بقيمة 6.63 دولاراً للسهم الواحد؛ إذ كانت هذه قيمتها في الرابع من شهر كانون الأول في عام 2009، أي قبل أن تطرح الشركة أسهمها للاكتتاب العام.

لقد كانت صفقة ضخمة باعتبار أنَّ أسعار أسهم الشركة استقرت على 195 دولاراً للسهم الواحد في ذلك الوقت؛ ولكنَّه لم يندم على ما يؤمن به، رغم انتقاد الجميع له بسبب إجراءاته.

أنت لا تستطيع أن تصبح شخصاً واثقاً بنفسه بطرفة عين، ولكنَّ الإنجازات التي تحققها كل يوم ستمنحك ثقة أكبر تدريجياً؛ لذا:

  • دوِّن خمسة أشياء تحبها بنفسك كل يوم، على أن تدوِّن شيئاً مختلفاً يومياً؛ وستقدِّر نفسك أكثر.
  • عزز نقاط قوتك بقدر ما تستطيع.
إقرأ أيضاً: 11 طريقة فعالة لاكتساب الثقة وتعزيز احترام الذات

3. التحلي بحسّ الفكاهة:

إنَّ تحلي القائد بحس الفكاهة أمر هام للغاية، خاصة عندما تسوء الأمور؛ حيث يتطلع أعضاء فريقك إلى رؤيتك تجيد التصرف في المواقف العصيبة؛ لذا من الأفضل ألَّا تضيِّق الخناق على نفسك، بل أن تحوِّل الأمور إلى ما يشبه الدعابة؛ فإذا انخفضت معنويات الموظفين، ستنخفض الإنتاجية معها أيضاً؛ لذا حاول إتاحة جوٍّ يسوده المرح والنقاش قبل تداعي الأمور.

عليك أن تتعلم كيف تسخر من نفسك، إذ تزداد بذلك ثقة الآخرين بك، لكونك لا تتردد في مشاركة تجاربك معهم؛ كما عليك أن تكون دقيق الملاحظة وتتعلم من الدعابات التي يلقيها الآخرون، ويمكنك أيضاً أن تستمد الكثير من الإلهام من الإنترنت.

4. القدرة على تقبُّل الفشل:

نحن معرَّضون إلى الفشل مهما حاولنا تجنبه، ولكن لا بأس في ذلك؛ فكل ما عليك فعله هو معرفة طريقة التعامل معه.

يتقبل القائد المحنَّك الفشل والنكسات بصدر رحب؛ فيحافظ على هدوئه، ويفكر بعقلانية، ويستخدم كل الموارد المتاحة بين يديه، ولا يُظهِر القلق والانهيار لأعضاء فريقه؛ وذلك كيلا يصبح التوتر سيد الموقف، ويدبَّ الخوف والمشاعر السلبية في نفوسهم.

لقد واجه مؤسس شركة "فورد" لصناعة السيارات (Ford Motor Company) "هنري فورد" (Henry Ford) نكسة بعد تصميم وتحسين أول مركبة فورد بأربع عجلات (Ford Quadricycle)، حيث أسس شركة "ديترويت للسيارات الآلية" (Detroit Automobile Company) في عام 1899، ولكنَّ جودة السيارات التي أُنتجِت بعدها لم ترتقِ إلى مستوى توقعاته، وكانت باهظة الثمن؛ لذا أنهى المشروع في عام 1901.

لقد تعامل فورد (Ford) مع الموضوع برحابة صدر، وأنشأ شركة هنري فورد (Henry Ford Company)؛ حيث كانت الأرباح منخفضة في البداية، وتعرضت الشركة بعدها إلى مشكلات مالية، ولم تلقَ النجاح أو تحظَ بالشهرة التي نعرفها حتى عام 1903.

لذا ابحث عن السبب الأساسي لحدوث أي مشكلة لتتمكن من منع حدوثها مجدداً، وتعلَّم من أخطائك، واسأل نفسك: "لماذا حدث هذا الأمر؟"؛ وذلك لتكتشف السبب الحقيقي الذي أحدث المشكلة، وتتمكن من إيجاد الحل الأمثل لها، وتمنع حدوثها في المستقبل.

شاهد بالفيديو: 7 خطوات لتقبّل الفشل والنهوض لتحقيق النجاح

5. الإصغاء بفاعلية وتقديم التغذية الراجعة:

يعدُّ هذا الأمر أكثر صعوبة ممَّا يبدو عليه؛ إذ إنَّ مهارات التواصل المتقَنة هامة للغاية، ويجب أن يتمتع بها كل قائد محنَّك؛ فلعلَّك قادر على فهم كل تلك الأفكار المتناقضة التي تدور في ثنايا عقلك، ولكنَّ هذا لا يعني أنَّك قادر على إيصالها وشرحها لشخص آخر بصورة واضحة.

ينبغي أن يتمكن القائد الحقيقي من التواصل مع من حوله بكل وضوح، كما عليه أن يستوعب الآخرين جيداً، وألَّا يأخذ كلامهم على محمل شخصي.

إذا أردت تقديم توجيهات صحيحة للآخرين، عليك تلمُّس آراء الناس لتتمكن من فهم الوضع فهماً راسخاً؛ لذا شجِّع أعضاء الفريق على التواصل، واتبع سياسة الانفتاح، ودرِّب نفسك على الامتناع عن مقاطعتهم عندما يتحدثون، وجرِّب بدلاً من ذلك تلخيص ما يقولونه، ثم اطلب تغذية راجعة منهم بعد أن تطرح أفكارك.

6. القدرة على تفويض المهام:

لا يمكنك أن تنفذ كل شيء بنفسك دون مساعدة الآخرين مهما حاولت ذلك؛ وحتى إن استطعت، فستكون فكرة سيئة للغاية ضمن بيئة عمل جماعية؛ إذ يدرك القائد المحنَّك أنَّ تفويض المهمات للموظفين لا يخفف من مستوى إجهاده فحسب، ولكنَّه يُظهِر ثقته بقدراتهم، ممَّا يؤدي إلى تعزيز معنويات الموظفين في مكان العمل، وبثِّ روح الإخلاص في نفوسهم؛ ذلك لأنَّهم بحاجة إلى الشعور بالتقدير والثقة.

رغم أنَّ مؤسس شركة آبل (Apple) "ستيف جوبز" (Steve Jobs) كان يشتهر بتركيزه على أدق التفاصيل، ولكنَّه كان يعرف تماماً كيف يفوض المهمات لغيره؛ فقد تمكن من إدارة الشركة بسلاسة من خلال اختيار ورعاية ومنح الثقة لأعضاء الفريق المتمكِّنين، حتى عندما كان يضطر إلى الغياب لفترات طويلة.

عليك أن تعرف كيف ومتى تفوِّض المهمات لأعضاء الفريق من خلال التعرف على كل واحد منهم، لذا:

  • دوِّن جميع نقاط قوتهم وضعفهم وصفاتهم الشخصية.
  • تحدَّث مع أعضاء فريقك أكثر لتعرف شغفهم واهتماماتهم.
إقرأ أيضاً: أهمية تفويض القيادة، وكيفية تفويض المهام على نحوٍ صحيح

7. يتمتعون بعقلية نمو:

يدرك كل قائد محنَّك أهمية تطوير مهارات مَن حوله، وبيد أنَّ أفضلهم مَن يكتشف هذه المهارات منذ البداية؛ إذ لن يسهِّل تطويرها العمل فحسب، بل سيعزز معنويات الموظفين أيضاً؛ كما أنَّهم قد يطورون مهارات تفيد العمل لا تتمتع أنت بها.

يشارك القائد المحنَّك ما يعرفه مع فريقه، ويمنحهم الفرصة ليحققوا الإنجازات بأنفسهم؛ حيث يتمكن بذلك من كسب احترامهم وإخلاصهم؛ إذ إنَّ أسلوب القيادة القائم على التكامل والعطف والاحترام هام للغاية في كل المواقف.

لقد حظي البابا فرنسيس (Pope Francis) بشهرة استثنائية في العالم أجمع؛ فبالإضافة إلى أنَّه لا يشغل منصباً تقليدياً للغاية، ويمثل هذا جزءاً من إعجاب الناس به، إلَّا أنَّه يتمتع بمهارات قيادية متقَنة أيضاً؛ حيث جذب حديثه على منصة "تيد" (Ted) اهتماماً كبيراً؛ ذلك لأنَّه حثَّ القادة على التمتع بالتواضع، وإظهار التماسك والتواصل مع الآخرين.

إنَّ قضاء الوقت في التحدث مع كل فرد من أعضاء الفريق على حدة ومحاولة فهمهم أمر هام أيضاً؛ لذا اكتشف التحديات الحالية لأعضاء فريقك، وامنحهم التغذية الراجعة والتشجيع كي يتطوروا، ويتحسَّن أداؤهم.

8. المسؤولية:

يعرف القائد المحنَّك أنَّه عندما يتعلق الأمر بشركته أو مكان عمله، عليه أن يتحمل مسؤولية الفشل شخصياً؛ إذ لا يمكنه توقع أن يتحمل الموظفون المسؤولية إن لم يفعل ذلك بنفسه.

لا يختلق القائد المحنَّك الأعذار، بل يلقي اللوم على نفسه، ويعمل على حل المشكلة بأسرع وقت ممكن؛ حيث يثبت ذلك أنَّه أهل للثقة، ويتمتع بالنزاهة.

ألغت جامعة كاليفورنيا إيرفاين (UC Irvine) مجموعة من طلبات القبول، ومن ثم غيرت رأيها؛ حيث قرر عدد هائل من الطلاب المقبولين الالتحاق بالجامعة الربيع الماضي. استجابت الجامعة لهذا في البداية عبر إلغاء الطلبات بسبب أمور مثل التأخر عن المواعيد النهائية؛ ولكنَّها سرعان ما أدركت خطأها، وغيَّرت قرارها؛ حيث تحمَّل رئيس الجامعة هاورد جيلمان (Howard Gillman) والجامعة المسؤولية الكاملة، وقرروا تجاوز قرارهم السيئ.

اسأل نفسك دائماً عمَّا يمكنك تحسينه أو ما عليك تغييره، وتحمَّل المسؤولية، وفكِّر في الإجراءات التي يمكنك اتخاذها لمنع حدوث المشكلة مجدداً.

9. الرغبة في التعلم:

يواجه جميع القادة العظماء مواقف مجهولة واستثنائية خلال مسيرتهم المهنية؛ لذا، عليهم أن يثقوا بحدسهم، ويستفيدوا من تجاربهم الماضية ليتمكنوا من تجاوز الأزمات.

يدرك القائد المحنَّك أنَّ ثمة شيء يمكن تعلُّمه من كل التجارب التي مرَّ بها من قبل؛ فهو قادر على ربط التحديات الحالية بالدروس التي تعلمها في الماضي ليتمكن من اتخاذ القرارات والإجراءات على الفور.

لقد اتخذ وارن بافيت (Warren Buffett) -واحد من أغنى رجال الأعمال في العالم- قرارات صائبة في معظم الأحيان، ولكنَّه اقترف أخطاء كلَّفته ملايين -وأحياناً مليارات- الدولارات؛ وقد اعترف أنَّ شراء شركة النسيج بيركشاير هاثاوي (Berkshire Hathaway) كان أكبر خطأ ارتكبه، وأدرك من خلال هذا القرار السيئ أنَّه من غير الحكمة أن يتابع تحسين وتوسيع صناعة النسيج الموجودة؛ ورغم هذه الأخطاء، استثمر بافيت (Buffett) أمواله بحكمة، حيث يظهر ذلك خلال مسيرته المهنية.

لتتمكن من التعلم من الماضي بفاعلية، دوِّن الدروس التي تعلمتها من أي أخطاء اقترفتها، ونظِّمها، واستخدمها كمراجع تستفيد منها عندما تحدث مواقف مشابهة في المستقبل.

شاهد بالفيديو: 9 صفات هامة للقائد الناجح

الخلاصة:

إنَّ الصفات القيادية قابلة للتعلم، حيث يمكنك أن تصبح قائداً محنَّكاً إذا واظبت على التدرب باستمرار.

غيِّر قليلاً من عاداتك عندما تعمل مع فريقك في أي مجال؛ إذ لا نشغل معظمنا مناصب عليا، ولكنَّنا نعمل جميعاً مع أشخاص آخرين، وتؤثر قراراتنا فيهم؛ ممَّا يمنح كل شخص منَّا الفرصة ليطور مهاراته القيادية ويتألق.

 

المصدر




مقالات مرتبطة