ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّنة سوزان ماكفرسون (Susan McPherson)، والذي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها الشخصية في تحويل علاقاتها لعلاقات هادفة.
فمن المفيد أن تكون علاقاتنا وثيقة، وأكثر سؤال يسألني إياه الناس هو: كيف يمكِننا تحويل علاقة سطحية إلى علاقة هادفة دون الشعور بالحرج أو التوتر؟ لذا نقدِّم لك فيما يلي بعض النصائح العملية لمساعدتك في ذلك:
1. اتخِذ الإجراء المناسب بعد اللقاء مباشرة:
إنَّ أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها معظم الناس هو فشلهم في الحفاظ على التواصل مع الآخرين بسرعة وفاعلية، إياك وأن تقف في منتصف الطريق دون أن تتخذ القرار المناسب بشأن علاقاتك؛ حيث لا يُعدُّ اتخاذ الإجراء اللازم للحفاظ على التواصل ضرورياً لتعميق علاقاتك فحسب؛ وإنَّما لتحويل فكرة أو عمل ما إلى أمر حقيقي، فاتخِذ الخطوات اللازمة بعد اللقاء مباشرة، وحاوِل التواصل معهم ومتابعة المنصات الاجتماعية المفضلة لديهم، أو اضبط هاتفك بحيث يرسل لك رسالةً يذكِّرك فيها باتخاذ الإجراء اللازم بطريقة أخرى، ولا تنتظر الطرف الآخر ليتولى زمام المبادرة.
2. تواصَل حتى لو لم يكن المكسب من العلاقة واضحاً مباشرة:
على سبيل المثال، لنفترض أنَّك قابلتَ شخصاً ما في حفل عشاء، يعمل في مجال إصلاح نظام القضاء الجنائي، ولنفترض أنَّك مستشار علاقات عامة، قد تقول: إنَّه شخص مثير للاهتمام، لكنَّني لا أعرف كيف يمكِن أن تلتقي مصالحنا.
إذا كنتَ تشعر بوجود علاقة تربطكما أو شغف أو هدف مشترك؛ حتى لو لم يكن واضحاً مدى علاقة ذلك بأعمالك الحالية، فيجب أن تتصرف مباشرة بمجرد أن تفتح علاقةٌ ما أبوابها أمامك. عن ماذا ستتحدث معه؟ وهل يوجد شغف معيَّن تجاه أمر ما تود مشاركته معه؟ وهل يمتلك هذا الشخص معلومات عن أمر ما تود معرفة مزيدٍ عنها؟ اجعل هذا الإجراء وسيلة لتعزيز تواصلك معه.
أقدِّم لك فيما يلي بعض الأمثلة عن رسائل التواصل الإلكترونية التي يمكِنك إرسالها:
- كان من الرائع مقابلتك، أنا معجب بالعمل الذي تقوم به، وأرجو إطلاعي دائماً على عملك، فأنا أود العثور على طرائق لدعمك ودعم مساعيك.
- لقد سررتُ بمعرفتك في عشاء الليلة الماضية، وأرجو أن نبقى على اطِّلاع.
- تشرفتُ بمعرفتك، وأنا أرغب في التعرف عليك بشكل أفضل، وأرى كيف يمكِنني دعم عملك الجيد. هل يمكِننا احتساء القهوة في الأسابيع القليلة القادمة؟
- لقد رأيتُ مقالاً يتحدث عن موضوع يهمك وفكرتُ فيك، وكان من الجيد التواصل معك، لنبقَ على اتصال!
3. تذكَّر أنَّ الجميع يرغب بأن تفهمه:
في كل لقاء لك مع شخص يهمك، دوِّن ملاحظات حول الأمور الهامة المتعلقة به؛ هل من هوايات أو اهتمامات يمكِن أن يتقاسمها معك؟ وهل يحب السفر؟ وغيرها كثيرٌ من الأمور. دوِّن كل الأمور التي يتحدث عنها، بحيث عندما تتواصل معه بشأن أمر ما يمكِنك أن تُظهِر له مدى إصغائك واهتمامك بكل ما يخصه، كما يمكِنك أن ترسل له بريداً إلكترونياً تسأله فيه عن رحلته وما الأمور التي قام بها؛ بحيث يشعر بأنَّك تتذكره وتهتم لأمره.
كما يمكِنك أن تحتفل معه بانتصاراته ونجاحاته، أو حتى بعيد ميلاده، أو ترسل له بطاقة تهنئة في حال انتقاله إلى عمل جديد، أو أخبِره أنَّك شاهدتَ التغطية الإعلامية لشركته وعملهم.
4. افعل الأمور التي أخبرك الطرف الآخر أن تقوم بها:
عندما تخبر شخصاً ما بأنَّك ستقوم بما يطلبه منك، ثم تتخذ الإجراء اللازم لذلك، فإنَّك تكسب ثقته بك، وتساعده على الشعور بأنَّك تفهمه؛ لذا تُعَدُّ متابعة اقتراح شخص ما ثم العودة إليه وإخباره بذلك طريقة جيدة لتعميق التواصل بينكما، وغالباً ما يأخذ الأمر بضع دقائق من وقتك.
إذا اقترح عليك أحدهم تجربة وجبة طعام معيَّنة في مطعم قريب منك فحاوِل تجربتها، ثم أرسل له بريداً إلكترونياً وأخبره بأنَّك أحببتَ تلك الوجبة وبأنَّ الخيار الذي اقترحه عليك جيد، أو إذا أخبرك بأنَّه استمع إلى تدوينةٍ صوتيَّةٍ تتحدث عن موضوع يهمه، حاوِل الاستماع إليه وأرسل له بعض الملاحظات، والأفضل من ذلك، انشر تلك التدوينة الصوتية على تطبيق إنستغرام (Instagram) أو تويتر (Twitter)، لن توفر هذه الإجراءات كل ما يحتاجه الطرف الآخر لعمله وشخصيته فحسب؛ وإنَّما ستكون سبباً يدفعه للتواصل، ويمكِنك أن تكتب له: "لقد كانت التدوينة الصوتية التي أخبرتَني عنها رائعة، لدي بعض الأصدقاء المهتمين بهذه الفكرة وأود منك أن تتواصل معهم، إذا كنتَ ترغب في ذلك".
تُظهِر الأبحاث أنَّه إذا لم تعمل بالنصيحة التي يقدِّمها إليك زميل أو أحد الأشخاص الذين تتواصل معهم، فقد يكون لذلك آثار سلبية. لذلك لا تطلب نصيحتهم أو مشورتهم إذا كنتَ لا تخطط العمل بها.
5. دع الناس يعرفون أنَّك تفكر فيهم:
لا يعني أن تبقى على تواصل المضي قدماً في أعمالك فحسب؛ وإنَّما يعني التأكد من الأشخاص الهامين والمناسبين لعملك وحياتك ككل.
أنا أقوم يومياً بكتابة تغريدات على تويتر، والإعجاب بالمنشورات على تطبيق لينكد إن (LinkedIn)، وإرسال الرسائل النصية، وإجراء المكالمات الهاتفية، وحتى إرسال رسالة بريدية لأخبر الناس الذين يهمني أمرهم بأنَّني أفكر فيهم، وبأنَّني مهتم بالبقاء على تواصل عميق معهم، فأنا أحب الاستفادة من الوقت المخصص لاحتساء القهوة في إبداء الإعجاب بالمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي والبقاء على اطلاع بكافة الأخبار بحثاً عن مواضيع هامة، أو لمعرفة أين وكيف يمكِنني تقديم المساعدة، وفي الوقت الذي أصبح فيه هذا الأمر روتيناً لديَّ، تمكَّنتُ من المشاركة في تبادل الدعم مما ساعدني وعملي على التقدم والازدهار، فلكي تعثر على ممارسات يومية أو أسبوعية، حاوِل التواصل مع الأشخاص المفيدين في حياتك.
6. لا تتوقف عند الحوارات القصيرة:
في أثناء ممارسة روتينك اليومي والتواصل مع الأشخاص الموجودين في حياتك، احرص على خوض مناقشات وأحاديث هادفة لا تتعلق بالأعمال التجارية أو المعاملات أو حتى تقتصر على حديث قصير، وبهذه الطريقة، أنت أساساً تجعل الشخص الآخر يُحِسُّ بأنَّه يحظى بالاهتمام؛ بحيث يمكِنك أن تسأله بطرائق عدَّة مختلفة كيف يمكِنك تقديم المساعدة له.
ولهذا الغرض، طورتُ مجموعة من الأسئلة التي يمكِنك استخدامها لبدء الحديث، وعلى الرغم من الحاجة إلى وجود دقة في طرح تلك الأسئلة، فإنَّ معرفة أجوبتها يمكِن أن تساعدك في معرفة طريقة إجراء مناقشات ومحادثات عميقة مع الآخرين، كما يمكِنك استخدام بعضها في مقابلات العمل أو في مناسبات التعارف. نقدِّم لك فيما يلي بعض الأمثلة:
- إذا كان بإمكانك دعوة أي شخص في العالم ليكون ضيفك على العشاء، فمن سيكون هذا الشخص؟
- أخبرني قصة حياتك المهنية كلها.
- إذا كان بإمكانك تغيير أي أمر يتعلق بالطريقة التي تطورَت بها حياتك المهنية، فماذا سيكون ولماذا؟
- إذا استيقظتَ ووجدتَ نفسك قادراً على اكتساب ميزة أو قدرة مهنية جديدة، فماذا ستكون؟ وماذا عن الصفات الشخصية؟
- هل يوجد أمر تحلم بالقيام به منذ فترة طويلة ولكنَّك لم تستطِع؟ ولماذا لم تحققه؟
7. أوجِد عوامل التميز الرئيسة لكل شخص:
أعتقد أنَّ كل شخص يمتلك ما يسمَّى بعامل التميز الرئيس (Chief Differentiating Factor)؛ فأنا أعتقد أنَّ الخبرات المحددة لكل شخص هي التي تجعل منه شخصاً فريداً ومميزاً. على سبيل المثال، تُعدُّ أعز صديقة لدي، ليزا ويتر (Lisa Witter)، مؤسسة ورئيسة منصة التعلم أي بوليتيكال (A Political) الحكومية، وواحدة من أكثر الناس وضوحاً الذين سبق لي وأن قابلتُهم في حياتي، لقد ساعدها هذا التخصص على أن تحظى باهتمام الجماهير، وتجري اجتماعات مع قادة الحكومات العالمية، وتجمع ملايين الدولارات من المستثمرين الذين يؤمنون برسالتها.
عندما تمنح مزيداً من الاهتمام لعمق ونوعية علاقاتك مع أي شخص، اسأل نفسك: ما هو العامل الرئيس الذي يميز هذا الشخص عن غيره؟ وما هي الأصول الفريدة لهذا الشخص أو مجموعة الصفات التي يتميز بها؟
بمجرد معرفة العوامل المميزة لشخص ما، فمن الواجب عليك أن تذكِّره بذلك، وعندما تذكِّر شخصاً ما بصفاته المميزة بطريقة تساعده على رؤيتها بوضوح، لاسيَّما إذا كان يواجه فترة مليئة بالتحديات، أو عندما يجد صعوبة في معرفة قيمته، أعدك بأنَّه لن ينسى ذلك أبداً.
8. عبِّر عن الامتنان:
فكِّر قليلاً في جميع الأشخاص الذين تواصلتَ معهم سواء عبر الإنترنت أم بصورة شخصية، فمن المحتمل أن تمتلك قائمة كبيرة مليئة بالأساتذة والزملاء والأصدقاء والشركاء والجيران وحتى الأقارب. فكِّر فيهم جميعاً، ثم اختر شخصاً واحداً أو شخصين أو ثلاثة ممن أثَّروا في حياتك المهنية؛ هل أخبرتَ أياً منهم عن المكانة المحترمة التي يشغلونها في حياتك؟ إذا كنتَ قد أخبرتَهم مسبقاً، فهل مرَّت فترة طويلة على ذلك؟ فكِّر الآن في إجراء تواصل جديد مع شخص التقيتَ فيه مؤخراً، وأخبره كم أنت ممتن لمعرفته.
كما يمكِنك كتابة ملاحظة بخط اليد وإرسالها للشخص الذي أحدث تغييراً في حياتك المهنية أو الشخصية، ونتيجة كثرة استخدام رسائل البريد الإلكتروني التي نحصل عليها جميعاً، لن تمر الملاحظة المكتوبة بخط اليد دون تقدير، وسيعزز ذلك من علاقاتك ومشاعر الامتنان لديك ولدى الآخرين.
شاهد بالفديو: 7 فوائد للامتنان تذكرك أن تشكر الله كل يوم
9. لا تتوقف عن كونك فضولياً:
يرتبط الفضول بالصحة النفسية والجسدية والعاطفية، كما تُظهر الأبحاث أنَّه يلعب دوراً هاماً في علاقاتنا الاجتماعية، ومن المنطقي أن يمتلك الأشخاص الفضوليون وقتاً أسهل للتواصل والتفاعل مع مجموعة متنوعة من الناس، وذلك لأنَّهم ببساطة يهتمون بمعرفة ما الذي يجب أن يقدِّمه الأشخاص في مختلف جوانب الحياة.
تُظهِر الأبحاث بأنَّ فكرة تعلُّم الفضول غير واضحة؛ لكنَّني أعتقد أنَّ مجرد حضورك ضمن اجتماع أو مناسبة ما أو عشاء مع التفكير في أنَّ هدفك الأساس هو التعرف على الآخرين بدلاً من التحدث عن نفسك يمكِن أن يحدث فرقاً كبيراً.
مع كل علاقة تنميها، اسأل نفسك: ما الذي يمكِن تعلُّمه من هذا الشخص؟ إذا كنتَ تجلس مع شخص يطمح إلى الحصول على وظيفة جديدة، ولم يتمكن من ذلك، اسأل نفسك: ما هي المعلومات الجديدة التي يمكِنك الحصول عليها؟ وما وجهات النظر التي فاتتك؟
وينطبق الأمر نفسه على فكرة البقاء على تواصل مع الآخرين، حيث لن يجعل الإنصات لشخص ما أن يشعره بالتميز فحسب؛ وإنَّما سيُعمق علاقته بك ويعزز التواصل الحقيقي طويل الأمد.
أضف تعليقاً