8 خطوات لبناء خطة نمو شخصي

النمو الشخصي هو أحد أعمق احتياجاتنا البشرية، فلن نشعر بالركود، أو نقع في شرك معتقداتنا المُقيِّدة للذات عندما نلتزم بالتعلُّم وتحسين أنفسنا طوال حياتنا، ومع ذلك، لا يمكننا أن نكتفي بالقول إنَّنا نريد النمو ونقف عند هذا الحد؛ وذلك لأنَّنا نحتاج إلى تحديد أهداف واضحة حتى نتمكَّن من إنشاء خطة نمو شخصي فعَّالة ثمَّ العمل وَفقاً لها.



يقول الكاتب "توني روبنز" (Tony Robbins): "تأتي المكافآت بالفعل وليس بالنقاش"، فمجرد التفكير بتحديات النمو الشخصي التي تواجهك لن يجعلك تتغلَّب عليها؛ لذا ينبغي لك إنشاء خطة مضمونة للنمو والتطوير الذاتي، ثمَّ تطبيقها لمواجهة أي عقبة قد تعترض طريقك، لتحقيق أهدافك، ولتصبح على إِثرها أفضل نسخة ممكنة من ذاتك.

ما هي خطة النمو الذاتي؟

إنَّ خطتك الخاصة بالنمو والتنمية الشخصية هي مخطَّط مخصَّص لحياتك؛ إذ تبدأ هذه الخطوة بتحديد هدفك من خلال طرح السؤال الآتي: "ما هو الأمر الذي سيجلب أكبر قدر من السعادة في حياتي؟"، وستتمكَّن من خلال الإجابة عن هذا السؤال من تحديد العادات التي تحتاج إلى تطويرها، والمهارات، والمعرفة التي يجب أن تتقنها، والأهداف التي تحتاج إلى تحقيقها خطوة بخطوة للوصول إلى هدفك الأكبر.

فالنمو الشخصي ليس موجَّهاً فقط للأشخاص الذين يشعرون بأنَّهم عالقون في حياتهم، أو لأولئك الذين تواجههم عقبة رئيسة وينبغي لهم التغلُّب عليها، فتعلُّم كيفية مواصلة نموك الشخصي هو أمر ضروري لبناء الثقة بالنفس، وتحقيق أهدافك، والشعور بالرضى؛ إذ ينبغي لك العمل على النمو باستمرار؛ لأنَّ عدم النمو يعني الاحتضار.

تحديات النمو الشخصي التي تواجهك:

ما الذي تعنيه خطة النمو والتنمية الشخصية بالنسبة إليك؟ ربما تعني لك التواصل تواصلاً أفضل مع شريك حياتك، أو تصوُّرك لتحقيق النجاح المهني من خلالها، أو الرغبة باتباع نظام غذائي صحي مستدام والحصول على جسد رشيق، أو حتى أن تصبح أفضل في إدارة أموالك، وبصرف النظر عن تحديات النمو الشخصي، توجد طريقة لتحقيق أهدافك.

إذ يُمثِّل النمو والنجاح شيئاً مختلفاً لكل شخص على حِدة، لكن خطط النمو الشخصي عادةً ما تتضمَّن أربعة مجالات من الحياة: المهنية، والعلاقات العاطفية، والجانب الفكري، والصحة الجسدية؛ إذ يمكنك تحديد أهدافك - في إطار هذه المجالات الأربعة - بما يتناسب مع حياتك الخاصة لضمان استمرارك في النمو:

  1. الحياة المهنية: تشمل الأهداف في هذا المجال كلاً من الأهداف القصيرة والطويلة الأمد لحياتك المهنية، فلربما تريد أن تحصل على ترقية في غضون عام، ثمَّ تشغل منصباً وظيفياً معيَّناً في غضون خمس سنوات، ثمَّ تبدأ عملك الخاص وتُطلِق مشروعاً تجارياً في غضون عشر سنوات؛ إذ تشمل هذه الأهداف أيضاً التطوير المهني، مثل: الحصول على الشهادات، وحضور المؤتمرات.
  2. العلاقات العاطفية: يمكن أن تقتصر أهدافك هُنا على العثور على الحب في حال لم تكن في علاقة، أو تقوية شراكتك العاطفية الحالية؛ فإذا كنت تبحث عن الحب، فعليك بالعمل على تحديد صفات الشريك المثالي وإيجاده، ومن ثمَّ التغلُّب على المعتقدات المُقيِّدة للذات، أمَّا إذا كنت تريد تحسين الشراكة العاطفية، فقد ترغب في إعادة إشعال شرارة الحب، أو التوقف عن خوض الجدالات.
  3. الجانب الفكري: يعني النمو الفكري؛ تغذية عقلك، واكتساب مهارات جديدة، والبقاء مُلهَماً لمواصلة التعلم دائماً؛ إذ يمكنك أن تقرِّر الشروع في قراءة رواية طويلة قد عزمت على البدء فيها سابقاً لكنَّك لم تجد الوقت الكافي لذلك، أو أن تتعلَّم كيفية العزف على البيانو، أو الالتزام بحل الكلمات المتقاطعة يومياً.
  4. الصحة البدنية: هي واحدة من أكثر المجالات شيوعاً في خطة النمو الشخصي لتحسين الذات، فقد يبدو الهدف السطحي مُتعلِّقاً بإنقاص الوزن أو بناء العضلات، لكن بالنظر بعمق إلى الهدف، نجد أنَّ الصحة البدنية تتعلَّق بالعيش بأسلوب حياة صحي شامل يمنحك الطاقة والحيوية التي تحتاجهما إلى تحقيق أهدافك الأُخرى.
إقرأ أيضاً: 15 مهارة جديدة لتحسين الذات بسرعة

كيفية إنشاء خطة النمو والتطوير الذاتية:

1. تحديد الأمر الذي تريده لنموِّك الشخصي:

تتمثَّل الخطوة الأولى في تطوير خطة النمو الشخصي في التفكير فيما تريده، وفي النتائج التي تتوق إليها، والهدف النهائي المرجو لسعيك؛ فعليك أن توضِّح لنفسك ما الذي تريده من خطة النمو والتنمية الشخصية الخاصة بك؛ هل ترغب مثلاً في الحصول على ترقية في العمل؟ أو تقوية علاقتك العاطفية مع شريكك؟ أو ربما تريد أن تشعر بأنَّك أقوى وأكثر صحة؟

بعد أن تُحدِّد بوضوح النتيجة التي تريد الوصول إليها، فكِّر في الأسباب التي تكمن وراء هدفك هذا، فقد تظنُّ للوهلة الأولى أنَّ السبب هو مجرد رغبتك بالشعور بتحسُّن تجاه نفسك، وإيجاد طرائق لبناء نفسك؛ إذ تُعَدُّ جميع هذه العوامل هامة، لكن لكي تأخذ بنموك إلى المستوى الأعلى، عليك أن تتعمَّق في الأسباب أكثر.

2. اكتشاف "السبب" الأعمق:

لكي تفهم لماذا عليك مواصلة نموك الشخصي، عليك أن تتحدَّى نفسك من خلال التفكير في السبب الأهم الذي يدفعك؛ فهل تريد ترقية حتى تتمكَّن من إعالة أسرتك جيداً؟ وهل ستؤدي العلاقة الرومانسية الأكثر صلابة إلى سعادة وإنتاجية أكبر في حياتك؟ وهل ستتمكَّن من ردِّ الجميل لمجتمعك بدقَّةٍ إن كنت تتمتَّع بلياقة بدنية أفضل؟

ستُشجِّعك رؤيتك على أنَّك مدفوع بعوامل أكبر منك على تولِّي المهمة التي بين يديك، والالتزام بخطة النمو الشخصية الخاصة بك؛ إذ يجب أن تكون أسبابك واضحة ومقنعة، ويجب أن تساعدك على التركيز على تحقيق نموك الشخصي وما سيعنيه هذا الأمر لأسلوب حياتك بالمجمل، وبقيامك بذلك، ستتوقَّف عن إجبار دفع نفسك نحو الهدف، لتنجذب عوضاً عن ذلك نحو هذا الهدف بشغف.

3. تحديد العقبات التي قد تقف في وجه خطَّتك الخاصة بنموك الشخصي:

ما تحتاج إليه الآن هو إلقاء نظرة على ما يعوق طريقك؛ إذ يرى كثير من الناس أنَّ التحديات هي عقبات تمنعهم من اتباع الخطة الخاصة بنموهم الشخصي، في الوقت الذي تُعَدُّ هذه العقبات فرصاً حقيقية في الواقع، فألقِ نظرةً مجدداً على ما تَعُدُّه حواجز تعترض طريقك، وانتبه إلى قدرتك على إزالتها، أو إعادة تأطيرها، واستخدمها لتقريبك من أهدافك أكثر.

سيكون من السهل عليك أن تكذب على نفسك مقنعاً إياها بأنَّ عدم امتلاكك لدرجة علمية متقدمة في مجال عملك يمثِّل عقبة في طريقك، لكن سترى عندما تحاور نفسك بصدق؛ أنَّه ليس لديك شغف بمجال عملك هذا، وسيُشجِّعك هذا التحدي على اتخاذ مسار مهنيٍ مختلف، واستكشاف مهنة تعني لك المزيد، ولن تكون مضطراً إلى الاختيار بين الشغف والربح المادي، فستجد عندما تتَّبع شغفك أنَّه في إمكانك الحصول على كليهما.

4. الحصول على الأدوات والكوتشينغ الذي تحتاج إليه:

إنَّ اعترافك بأنَّه ليس في إمكانك إنشاء خطة نمو شخصية بنفسك هو أمر طبيعي جداً؛ إذ يلجأ عديد من الأشخاص الأكثر نجاحاً في العالم إلى الأدوات والاستراتيجيات الخارجية عندما يشقُّون طريقهم نحو النمو الشخصي، فألقِ نظرة على أفضل الكتب الموجودة المُتعلِّقة بالنمو الشخصي، وابحث عن القصص أو الاقتباسات التي تجدها مُلهمة، أو اعثر على منتور يساعدك ويوجهك، وفي إمكانك أيضاً العمل مع كوتش نمو شخصي يمكنه مساعدتك على توضيح خطتك، وتطوير أفضل استراتيجية لتحقيقها.

إذا لم تتمكَّن من الوصول إلى منتور، فحدِّد شخصاً تحترمه وادرس الخيارات التي قام بها، فكما يقول "توني روبنز" (Tony Robbins): "إذا كنت تريد أن تكون ناجحاً، فابحث عن شخص حقَّق النتائج التي تريد تحقيقها، وقلِّد كل ما يفعله، وعندها ستحقِّق نفس النتائج".

ابحث عن الطريقة التي وجد من خلالها هذا الشخص النجاح، وعن النمط الذي يتعامل من خلاله مع مسؤولياته اليومية، وعن المسار الذي اتخذه في نموه الشخصي، سواء كان هذا الشخص مشهوراً أم شخصاً مُقرباً منك، فمن خلال استخدام الأدوات التي تحتاجها، والاستفادة من نجاح الآخرين، ستتمكَّن بسهولة أكبر من تطوير طريقك نحو النجاح.

5. التأكُّد من أنَّك متوافق مع خطَّتك الخاصة بنموك الشخصي:

لا يتعلَّق النمو الشخصي بتحديد الأهداف فقط والعمل الجاد لتحقيقها؛ إذ يعاني كثيرٌ منَّا من صراعات داخلية تؤدي إلى تدمير الذات؛ لذلك، يجب علينا أولاً الخروج من هذه الصراعات، وجعل أنفسنا في حالة مواءمة مع ذواتنا قبل أن نتمكَّن من اتخاذ الخطوة التالية نحو البدء بتنفيذ خطتنا الخاصة بالنمو الشخصي.

وبعد أن تتكيَّف مع ذاتك، ستجد نفسك تتخذ إجراءات تؤدي إلى النجاح، وستركِّز عندها على ما تريده، مُقتنعاً في أعماقك أنَّك تستحق النمو الشخصي والحياة الناجحة التي تسعى جاهداً إلى تحقيقها.

شاهد بالفديو: 7 نصائح للتطوير الشخصي وتحقيق النمو المستمر

6. تدوين كل ما تفعله:

تذكُّر خطوات خطَّة نموك الشخصية أمر صعب؛ فقد يكون من السهل الوقوع في خطأ إجراء تغييرات وتعديلات صغيرة تمنعك من تحقيق أهدافك؛ لذا عندما تقوم بتدوين خطتك، يكون لديك دليل مرئي على خطتك الأصلية، وهذا يُمكِّنك من إعادة قراءتها؛ إذ تساعدك كتابة خطتك، وتتبُّع تقدُّمك على زيادة التركيز، والحدِّ من عوامل التشتيت أيضاً، فعالمنا عالمٌ صاخبٌ، وهذا يجعل امتلاء رأسك بالمعلومات غير الهامة أمراً سهل الحدوث؛ لذلك، سيُقلِّل وجود خطة مكتوبة من هذه الضوضاء، ويعيدك إلى صلب اهتمامك.

7. الاحتفاء بنجاحاتك:

لا تنتظر حتى تحقِّق كل أهدافك لتحتفي؛ فعندما تحرز تقدُّماً في أي جزء من خطة نموِّك الشخصي، خذ وقتك في تقدير هذا التقدم، فيمكنك مثلاً أن تمنح نفسك القليل من الرعاية الذاتية، كأن تحصل مثلاً على تدليك، أو أن تُخصِّص وقتاً لتقوم بنشاطاتك المفضلة فقط دون القيام بأي شيء آخر، وزد من استمتاعك باحتفائك هذا بمشاركته مع شخص آخر على دراية برحلة نموك الشخصية؛ إذ يزيد هذا الأمر من التواصل بينكما، ويجعل تقدُّمك مجزياً أكثر.

مع أنَّ الطريق إلى التغيير يبدو طويلاً في البداية، فإنَّك ستشعر بالإلهام للمتابعة، وتستمر بالعمل على تطورك الشخصي مع مرور الوقت، فاحتفِ بالمحطات الصغيرة التي تمرُّ بها خلال رحلة نموِّك الشخصية، ولا تيأس إذا واجهت حجر عثرة في طريقك، فكما أوضح "توني روبنز" (Tony Robbins) من الهام أن تقدِّر العمل الذي أنجزته وأنت تستمر في رحلتك نحو النمو الشخصي.

8. المتابعة وتحمُّل المسؤولية:

اجعل نفسك مسؤولاً عن خطة نموك الشخصي عن طريق إخبار صديق مقرب، أو فرد من العائلة باستمرار بأحدث المستجدات حيال تقدمك، ويمكنك أيضاً العمل مع كوتش صحي، أو أي نوع آخر من خبراء المساءلة الذين في إمكانهم مساعدتك على البقاء على المسار الصحيح، وتعديل خطتك عند الضرورة، فغالباً ما يكون مفيداً أن يتعاون الأشخاص الذين يعملون على نموهم الشخصي مع شخص آخر يعمل وَفقاً لنفس خطتهم؛ إذ سيتيح لكما ذلك الانطلاق في الرحلة معاً، وتقديم الدعم، والتشجيع لبعضكما بعضاً.

إقرأ أيضاً: فكرتان تساعدانك على تحمل المسؤولية وإحراز النجاح

في الختام:

لكل شخص القدرة على تغيير حياته للأفضل، فسواء كنت تسعى إلى تحقيق مزيد من الإنجاز في حياتك الشخصية أم المهنية، فإنَّ الخطوة الأولى تكمن في اتخاذك القرار بأنَّك مستعد للالتزام بخطة للنمو والتطوير الشخصي.

فمع خطة النمو هذه، لن تضطر أبداً إلى مقارنة نفسك بالآخرين مرة أخرى؛ الأمر الذي سيؤدي إلى أن يتوضَّح أمامك السبب الحقيقي وراء رغبتك في التغيير، ويجعلك تبحث عن أفضل الأدوات لتحقيقه، ثمَّ متابعة تقدُّمك على طول الطريق، وكما يقول "توني روبنز" (Tony Robbins): "إن قمت بذات الأمر الذي لطالما فعلته، فستحصل على نفس النتائج التي لطالما حققتها"؛ لذلك، عليك أن تبدأ بإجراء تغييرات في حياتك اليوم، وستبدأ قريباً برؤية النتائج التي لطالما أردتها.

المصدر




مقالات مرتبطة