وبعد كلِّ جهودِه المضنية، دمرَّت طائرات قاذفاتِ القنابل الأمريكيَّة مصنعه الأول في عام 1944؛ وضرب زلزالٌ مصنعه الثاني في العام التالي.
عند هذه النقطة، فإنَّ أيَّ شخصٍ عاقلٍ سوفَ يستقيلُ تارِكاً عمله؛ لكن على الرغمِ من ذلك، استمرَّت شركةُ هوندا. وفي عام 2016، أعلنت هوندا موتور "Honda Motor" عن تحقيق أرباحٍ بقيمةِ 2.86 مليار دولار.
لم يكن هناك شيءٌ في العالم يمكنه إنقاذُ هذه الشركةِ في تلك الفترة المظلمة؛ سوى شغفٍ لا ينتهي إلا بتحقيق الحلم الذي سعى المهندس "هوندا" إليه.
هذا هو الشغف الذي يمتلكُه كلُّ القادةِ الناجحين في العالم. لذا نقدم إليكَ طريقةً تطوِّر من خلالها شغفك:
1. خصص 10 دقائق كلّ يوم لتسأل نفسك: لماذا أريد ذلك؟
لن يساعدك أيُّ قدرٍ من التعليمِ أو الخبرةِ أو العلاقاتِ على عبورِ نكساتِ الحياةِ التي لا مفرَّ منها، وبدون وجود دافعٍ قوي، لا يمكن لأيِّ هدفٍ أن يصمدَ أمام المحن. يُمكنك خلقُ الدافع من خلال قضاء بعض الوقت كلَّ يومٍ لتتصوَّر هدفك بالتفصيل. يقولُ عالم الاجتماع والمدرب التنفيذي، الدكتور فرانك نايلز (Frank Niles): "يتعيَّن عليك امتلاك بعض الرؤية والأفكار عمَّا قد يبدو عليه المستقبل، لذا استخدم حدسك ليدلَّك على الاتجاه الصحيح لمواصلة التقدُّم في عملك".
ويشرحُ نايلز أنَّ استخدامَ التخيُّل يساعدنا في اختبارِ نتيجةِ الهدف والعملياتِ المطلوبة لتحقيقه؛ وهذا ما يزيد من سعينا. يمكن أن يكون التصور بسيطاً مثلَ: إنشاء صورةٍ ذهنيةٍ لحدثٍ مستقبلي. فإذا كان حدسك يُشعرك برغبةٍ في بناء شركةٍ تدرُّ دخلاً شهرياً بقيمة 10000 دولار، فاقضِ وقتاً في تخيل كلِّ أسبابك لإنشاء هذه الشركة، مثل: ثلاث عطلٍ سنوياً، وسيارة جديدة، وتعليم أطفالك تعليماً جيداً.
2. اقضِ وقتك مع من يملكون ما تريد:
هل تريدُ النجاحَ كمتحدِّثٍ أمام الجمهور؟ اذهب لقضاءِ بعض الوقت مع واحدٍ من هؤلاء المتحدِّثين، فعندما تراه مفعماً بالشغف تجاه عمله، أو في منتصفِ خطابٍ ما، أو في أثناء تلَّقيه تصفيقاً حاراً أو مبلغاً ضخماً؛ ستشعرُ بطعمِ ما يمكنك الحصولُ عليه في حال توفَّرَ لديكَ الوقت المناسب لتحقيق الهدف الذي تريد. يقول جيم رون (Jim Rohn)، رجل أعمالٍ ومتحدِّث تحفيزي أميركي: "أنت متوسط الأشخاص الخمسة الذين تقضي معظم وقتك معهم".
كما يقول "أنتوني إيانارينو" (Anthony Iannarino)، مؤلِّف كتاب "The Only Sales Guide": "ما ستحتاج إليه في أيِّ وقت لتصبح ناجحاً، هو أن تقضي وقتاً مع أشخاصٍ ناجحين". عندما تكون واعياً لما تؤمن به، وتعرف كيفية تحقيق الفائدة منه؛ يمكنك الحصول على ميزة التحوُّل بشكلٍ أسرع من خلال إيجاد أشخاصٍ يمكن أن تكون معتقداتهم نموذجاً لما تريد. لذا اقضِ وقتاً كافياً مع أحد المستثمرين في سوق الأسهم مثلاً، وستلاحظ أنَّك أصبحت متعطشاً لإجراء استثماراتٍ ماليةٍ مربحة.
3. احرق سُفُنكَ:
وفقاً للأُسطورة، فإنَّ الإسكندر الأكبر حطَّ الرحال على شواطئ بلاد فارس بجيشه ليغزوها، ثم أمر بحرق السُفن التي جاء بها قائلاً: "إما أن نعود إلى الديار بالقوارب الفارسية، أو نموت هنا".
إنَّ التاريخَ عامرٌ بأمثلةٍ لقادة يتَّبعون النظام نفسه في مواجهة الصعاب الهائلة، ولقد نُوقِش هذا التكتيك في كتاب "فن الحرب" للجنرال والفيلسوف الصيني "سون تزو" (Sun Tzu). وفي الصين، أصبحت عبارة "قاتل وعُد إلى النهر" بمثابة مقولةٍ شعبية، في إشارةٍ إلى القتال حتَّى النهاية.
من شأن رفع المخاطر أن يزيد من احتمالات نجاحك، ويجعل التراجع مستحيلاً. والواقع أنَّ الجذور اللاتينية لكلمة "قرار" تعني حرفياً "قطع" أو "إزالة" أيِّ مسار عملٍ آخر غير الذي تعمل عليه.
"حرق السُفن" ليس قراراً يُتَّخَذ بسهولة، إنَّه أمرٌ ينطوي على مجازفاتٍ كبيرةٍ كترك وظيفة، أو إيقاف خط إنتاجٍ أو استثمارٍ غير مضمون. ولكن عندما تواجه خياراً ما بين النصر وهزيمة معينة، فاسع إلى أن تكسب الحرب ولو أدى الأمر إلى أن تخسر معركة.
4. حرِّك جسمك:
إنَّ تغير حالتك العقلية مرتبطٌ بتغيُّر حالتك الفيسيولوجية.
يمنحك التعرُّض إلى أشعة الشمس لمدة ثلاثين دقيقةً مزيداً من الطاقة، وذلك عن طريق زيادة توفير الأوكسجين والمواد المغذية لخلاياك. وبدون طاقة، لن يكون لديك دافع.
وبغضِّ النظر عن مشروبات الطاقة أو حتَّى القهوة، تبيِّن الدراسات أنَّ النشاط البدني يمكن أن يكون أفضل للإنتاجية. فعندما ننتج، نحصل على دعمٍ تحفيزيٍّ، وهذا ما يشكِّل شوطاً تحفيزياً بالنسبة إلينا. والأكثر من ذلك، إنَّ التمرينات الرياضية يمكن أن تحدَّ من القلق والاكتئاب اللذان يسرقان شغفنا.
وهذا لا يعني بالضرورة أنَّك تحتاج الدخولَ إلى صالة الألعاب الرياضية في كلِّ مرةٍ ينخفض فيها الدافع لديك، فحتَّى التمرينات البسيطة تساعد في تنشيط دوافعك.
5. اجعل التقاعس عن العمل مؤلماً للغاية:
البشر مخلوقاتٌ تتجنَّب الألم بطبيعتها، لذلك إذا تمكَّنا من جعل فكرة عدم تحقيق هدفك مريرةً للغاية، سوف ينشغل عقلك الباطن في استحضار الدافع الذي تحتاج إليه. هناك بعض المناورات الأساسية لتحفيزك، فمثلاً: اجعل هدفك علنياً ودع شعورك بالحرج من عدم تحقيقه يكون العكَّاز الذي يمنحك التوازن. وهناك أسلوبٌ أكثر تقدَّماً يتلخَّص في تقنية "Swish Pattern" الموجودة في البرمجة اللغوية العصبية. ويشرحه ستيف ستوتز مدرب الحياة:
- تصوَّر نفسك تقوم بعادةٍ سيئة (كأن تؤجِّل أهدافك مثلاً).
- تصوَّر استبدال هذه العادة.
- تخيَّل نفسك وأنت تدفع صورة العادة السيئة بعيداً في أثناء قيامك بالعادة الجديدة.
- ضع نفسك في حالةٍ إيجابيةٍ وتخيَّل البدء بالتأجيل، ثم انتبه إلى ما تقوم به، وأوقف السلوك السيء.
- تصوَّر العادة الجديدة مرةً أخرى.
- كرِّر العملية حتَّى تصبح العادة الجديدة جزءاً منك.
إذا نجحت في هذا، فإنَّ مجرد التفكير في العودة إلى عاداتك السيئة القديمة سيغدو مزعجاً لك.
سينمو التَّوق إلى النجاح تلقائياً لديك، لكنًه لن ينجح إلا إذا جعلت تنشيط دوافعك عادةً من عاداتك اليومية كالاستحمام مثلاً.
خصِّص وقتاً يومياً لممارسة تمرينات تنشيط الدوافع، وستلاحظ في وقتٍ قصيرٍ أنَّك تتضوَّر جوعاً لتحقيق مزيدٍ من الأهداف التي لطالما حلمت بتحقيقها.
أضف تعليقاً