ملاحظة: هذه المقالة مأخوذة عن المدونة "سيليستين شوا" (Celestine Chua)، وتحدثنا فيها عن 8 خطوات للتعامل مع الأشخاص السلبيين.
يربط البعض بين الأشخاص الناقدين والسلبيين، إلا أنَّهم مختلفون؛ فالنوع الأول ينتقد الآخرين، بل وحتى يوجه لهم الإهانات أحياناً، وربما يكون ساخراً وغير لبق، وغالباً ما يزعج الناس بتعليقاته. بالمقابل، يتخذ الشخص السلبي موقفاً تشاؤمياً وانهزامياً تجاه الحياة لكنه لا يميل لتوجيه الانتقادات.
الأشخاص السلبيون يمتصون طاقة الآخرين
يمكن تشبيه الأشخاص السلبيين بمصاصي الطاقة للسببين التاليين:
- لا يستطيع الأشخاص السلبيون توليد الطاقة الإيجابية من تلقاء أنفسهم؛ لذا يعتمدون على امتصاص طاقة الآخرين.
- يجرُّ الأشخاص السلبيون الآخرين إلى السلبية أيضاً ليشاركوهم بؤسهم.
يمتلك كل فرد على وجه البسيطة صلة تربطه بالكون وتوفر له طاقة إيجابية غير محدودة؛ ونظراً لأنَّ الأشخاص السلبيين يفتقرون إلى هذه الصلة، فإنَّهم يعانون من نقص مستمر في الطاقة، مما يدفعهم إلى استنزاف طاقة الآخرين، بل وثمة أشخاص يصيبون الآخرين بالصداع من شدة سلبيتهم.
أما الأشخاص الإيجابيون، فيتناغمون مع مصادر الطاقة الداخلية التي يمتلكونها، فتتدفق هذه الطاقة، وتنشر الخير والدفء بين الأشخاص من حولهم؛ وهذا هو سبب شعورك بالتفاؤل والحيوية بالقرب من الأشخاص الإيجابيين، وانجذابك إليهم تلقائياً.
يتمتع القادة العظماء والشخصيات البارزة وبعض المشاهير بهذه السمة، فيثيرون اهتمام أعداد غفيرة من الناس. في إحدى الشركات التي عملتُ بها، كان هناك العديد من الإداريين الذين تحلوا بمثل هذه الصفات، وكان التواجد حولهم يبعث على الراحة دوماً.
تجربتي الشخصية مع الأشخاص السلبيين
لقد استنزفت بعض لقاءاتي مع الأشخاص السلبيين طاقتي لمعظم اليوم، أما عند تعاملي مع أشخاص شديدي السلبية، فقد يمتد تأثيرهم السلبي إلى اليوم التالي.
لعلَّ أكثر فترة تعرَّضتُ فيها لكمية كبيرة من السلبية هي حين كنتُ في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة من عمري، فقد كنت أدرس في مدرسة تُعد من المدارس ضعيفة الأداء، وكان الكثير من الطلاب قد سجلوا فيها لأنَّهم لم يستطيعوا التسجيل في مدارس أفضل، وليس رغبة منهم في الدراسة فيها. لذا، كان العديد من زملائي سلبيين ومستائين طوال الوقت، وكان البعض منهم يعتقد اعتقاداً راسخاً أنَّهم سيفشلون في حياتهم.
حتى أنَّ بعض المعلمين رسَّخوا هذه المعتقدات الفاشلة في أذهان الطلاب أكثر؛ فلم يعجبهم التدريس في مثل هذه المدرسة، وكان البعض يعمل فيها رغماً عنهم، كما كانوا يقارنون أحياناً طلاب هذه المدرسة بطلاب المدارس الأفضل التي سبق وعملوا فيها، فيثنون على هؤلاء الطلاب، بينما يحبطوننا ويقللون من شأن مدرستنا بصورة غير مباشرة.
كانت معلمة منهم على وجه الخصوص انتقادية للغاية، وشجعت الطلاب باستمرار على قبول مستوى حياة متوسط؛ لأنَّ محاولة السعي لتحقيق أي شيء آخر سيعرِّضنا لخيبة الأمل والفشل، وإذا شاركها أحدنا أحلامه أو أهدافه، تسارع إلى إحباطه بحجة أنَّ ما يحلم به غير واقعي. بالطبع، كان كلامها برمته في غاية السخف، ومجرد انعكاس لمشكلاتها، وليس لقدراتنا.
يختلف وَقْع مثل هذه الكلمات السلبية على المرء حين يسمعها من المعلمين، الذين من المفترض أن يكونوا منارة ترشدنا وتدعمنا في الحياة. كان الأمر محبطاً للغاية، وأتذكر شعوري بالصدمة حين سمعتها للمرة الأولى تطلب منا الاكتفاء بحياة متوسطة. بعدها، بدأت أتجاهل كل ما قالته تلك المعلمة، فلا أتقبل أي كلام سخيف، أو آخذ بنصائح أي شخص حتى لو كان مدرساً.
كانت هذه المدرسة تولِّد الأشخاص السلبيين، وأنا كنت إيجابية للغاية؛ لذا كنت أحاول دوماً رفع معنويات أصدقائي، ولكنَّني كنت أُقابَل بالرفض، فقد واجهت صعوبة في التأثير في أصدقائي وحثهم على التفكير الإيجابي؛ لأنَّ الكثير منهم فضَّلوا التمسك بطريقة تفكيرهم، وما زاد الطين بلة هو المعلمون الذين غالباً ما قابلوا كلماتي بأحكام سلبية عن الطلاب والمدرسة.
على الجانب الآخر، كان مدير تلك المدرسة آنذاك رجلاً إيجابياً وعاطفياً للغاية، وكان لديه رؤى عظيمة للمدرسة، وكان السبب أصلاً وراء قراري بالتسجيل فيها. لقد احترمتُ مثاليته والتزامه، ولكنَّه لا بد وأن واجه صعوبات كبيرة في قيادة المدرسة نحو ما كان يتمناه.
شاهد بالفيديو: 5 طرق لتحمي نفسك من الأشخاص السلبيين
استراتيجيات للتعامل مع الأشخاص السلبيين
على الرغم من أنَّ تجربتي مع الأشخاص السلبيين كانت غير سارة، إلا أنَّها علمتني كيفية التعامل معهم؛ فإذا كنت تواجه مثل هؤلاء الأشخاص، فإليك 8 خطوات للتعامل معهم:
1. تأسيس الوجود الواعي
أهم خطوة عند مواجهة الأشخاص السلبيين هي تأسيس الوجود الواعي، مما يعني التركيز على نفسك بحيث لا تتأثر بسهولة بالطاقات السلبية من حولك، وإلا فمن الممكن أن يجرُّك هؤلاء إلى دوامتهم السلبية.
لتحقق ذلك، تخيل أولاً جوهر روحك يجتمع وسط جسدك، بعدها تخيل انتشار هذا الجوهر في جميع أنحاء جسمك، ممتداً عبر قدميك إلى عمق الأرض، على شكل جذور قوية وراسخة. هذه الجذور قوية للغاية، وهي التي تمنحك الاستقرار والثبات، مما يجعلك صامداً ضد أي تأثير خارجي، فتصبح مثل شجرة بلوط كبيرة وقوية ذات جذور راسخة في الأرض.
2. حصّن نفسك
الخطوة التالية هي تحصين نفسك؛ إذ يشبه الأمر وجود فقاعة من حولك تفصلك عن العالم، فهو بمثابة درع يقيك من الطاقة غير المرغوب بها. هذا الدرع هو أداة دفاعية تحميك من الأشخاص السلبيين وطاقتهم، كما أنَّه يساعد في الحفاظ على طاقتك الإيجابية، ويمنع السلبيين من استنزافها.
هذا الدرع مؤقت، وتتلاشى فعاليته بمرور الوقت، مما يقلل من قدرته على حمايتك، وقد تنخفض فعاليته بسرعة في مواجهة شخص سلبي يستنزف طاقتك. وكلما كان الشخص سلبياً أكثر، أصبح الدرع أضعف، وحين يُستَنزَف بالكامل، يتوقف عن العمل. لتجنب حدوث ذلك، أعِد تعزيز فعاليته كل بضع ساعات عبر التفكير في أمور إيجابية.
3. التواجد مع مجموعة مكونة من 3 أشخاص أو أكثر
من الصعب التعامل مع الأشخاص السلبيين حين تكون بمفردك معهم؛ لأنَّ كل سلبيتهم موجهة إليك؛ ولكنَّ التواجد مع مجموعة مكونة من 3 أشخاص أو أكثر، يقسِّم انتباههم بينك وبين الأشخاص الآخرين. بهذه الطريقة، لن تضطر إلى تحمل عبء تشاؤمهم كله.
من الفوائد الأخرى لقضاء الوقت مع مجموعة من الأشخاص هي ملاحظة كيفية تعامل الآخرين مع الأشخاص السلبيين والتعلم منهم، الأمر الذي يمنحك الإلهام حول كيفية التعامل معهم.
4. الإصغاء
تنجم سلبية الناس أحياناً من أحداث سلبية تعرضوا لها في الماضي أو في طفولتهم، فينفسون عن الأفكار السلبية نتيجة كبتها. لذا، بدلاً من تجاهل وجهات نظرهم، جرب الإصغاء إليهم، فكل ما يحتاجه الناس أحياناً مجرد شخص يصغي إليهم ويتعاطف معهم، ولا يريدون أي حلول. وقد يساعدهم التعبير عما يجول بداخلهم في إدراك ما عليهم فعله.
5. تقديم المساعدة
يشتكي الناس أحياناً طلباً للمساعدة، ففكر ما إذا كنت تستطيع دعمهم، واسألهم عما إذا كان بإمكانك مساعدتهم. سيقدِّرون تعاطفك معهم حتى لو لم يُظهروا ذلك.
6. التحدث بموضوعات بسيطة
تثير بعض الموضوعات أحيانا حفيظة الأشخاص السلبيين. على سبيل المثال: يعيش أحد أصدقائي دور الضحية في كل مرة نتحدث فيها عن عمله، فيستمر بالشكوى بغض النظر عما أقوله (أو لا أقوله) له.
قد ترغب بمساعدة الشخص في التخلص من سلبيته، ولكن في الحالات التي تكون فيها سلبيته متجذرة للغاية بحيث لا يمكن معالجتها خلال حديث واحد، أو حين تكون وجهات نظر الشخص متشددة حول موضوع معين، فقد يكون من الأفضل تغيير هذا الموضوع لتحسين حالته المزاجية ورفع معنوياته، والتحدث في موضوعات مثل: أحدث الأفلام والأحداث اليومية وأخبار الأصدقاء والقصص الإخبارية.
7. تقليل التواصل
إذا لم ينجح أي مما سبق، فالخطوة التالية هي تقليل التواصل مع الأشخاص السلبيين. حاول الحد من التواصل معهم بقدر ما تستطيع؛ فإذا كنت تعمل مع أحد زملائك السلبيين، فتحدث معه عن أمور العمل فقط، وإذا كان هذا الشخص صديقاً، فحاول تقليل الوقت الذي تقضيه معه، وإذا اضطررت إلى التواجد معه، فاجلس في مجموعات مكونة من 3 أشخاص أو أكثر.
8. إبعاد الأشخاص السلبيين عن حياتك
أود أن أشارك مقولة للكاتب "جون الصراف" (John Assaraf): "أنا لا أقضي الوقت مع أي شخص لا أريد أن أكون معه، الأمر الذي ساعدني في الحفاظ على إيجابيتي. أنا أقضي الوقت مع الأشخاص السعداء، والذين يعملون على تنمية أنفسهم، ويرغبون في التعلم، ولا يمانعون الاعتذار أو تقديم الشكر، ويقضون وقتاً ممتعاً في حياتهم".
حين تفشل جميع الخطوات السابقة، تبقى الخطوة الأخيرة هي قطع العلاقة مع الأشخاص السلبيين، وعلى الرغم من أنَّ هذا الحل قد يبدو قاسياً (لا سيما إذا كان الشخص السلبي صديقاً لك)، تذكر أنَّك لن تتفق مع الجميع في رحلة حياتك، وعليك أن تختار الأشخاص الذين تريد أن تكون معهم؛ فأنت في النهاية متوسط الأشخاص الخمسة الذين تقضي معظم وقتك معهم، وإذا قضيت ذلك الوقت مع أشخاص سلبيين، فستصبح سلبياً تلقائياً أيضاً.
في الختام
الآن بعد أن تعلمت كيفية التعامل مع الأشخاص السلبيين، فكر في الأشخاص الذين تواجههم يومياً، وما إذا كانوا كذلك، وما يمكنك فعله للتعامل معهم، حيث ستساعدك الخطوات الثمانية في ذلك.
أضف تعليقاً