إنها تجربة مألوفة لعدد منا، وللأسف هذا السلوك شائع بين الأشخاص الناقدين، فمهما بذلت من جهد أو حققت من إنجازات، سيجد هؤلاء الأشخاص دائماً طريقة لخفض معنوياتك وإحباطك، فلا يمكنك تذكر المرة الأخيرة التي تلقيت فيها منهم إطراء أو إشادة، فهم يدققون في التفاصيل الصغيرة والانتقاد المستمر، ثم يبدون آرائهم السلبية غير المرغوب فيها، والآن إليك
كيف يمكنك التعامل مع الأشخاص الناقدين؟
1. لا تأخذ الأمر على محمل شخصي
لا تتعلق انتقادات الأشخاص الناقدين بك أحيانا؛ بل تعكس معتقداتهم الخاصة عن الحياة، فقد تعتقد أن هذا الشخص الناقد يستهدفك أنت بالتحديد، لكن من المرجح أنه يتصرف بالطريقة نفسها مع الآخرين أيضاً، وإليك طريقة بسيطة للتحقُّق من ذلك:
- هل لديك أصدقاء مشتركون مع هذا الشخص؟ أو هل تعرف أشخاصاً آخرين يتفاعلون معه؟
- في المرة القادمة التي يكون فيها هذا الشخص معهم احضر معهم، ولاحظ كيف يتصرف هذا الشخص الناقد معهم، وما هو سلوكه؟ هل يقدم نمط التعليقات نفسه؟ هل يركز على الأشياء السلبية؟ هل يبدو ناقداً في تعامله معهم؟ إذا كانت الإجابة نعم، فهذا دليل على أن سلوكه الناقد ليس موجها لك وحدك.
يمكنك فهم طبيعة شخصيته الناقدة فهما أفضل من خلال ملاحظة تفاعلاته مع الآخرين، فمن المحتمل أن يكون لديه نمط ثابت في التعامل مع الناس، مما يجعله يبدو كأنه يستهدفك أنت تحديدا؛ لذا من الهام ألا تأخذ انتقاداته على محملٍ شخصي؛ بل أن تدرك أنها قد تكون انعكاسا لمعتقداته وتصوراته الخاصة.
2. انظر إلى التعليقات الناقدة بموضوعية وافهم الرسالة منها
يجب أن تنظر إلى التعليقات الناقدة بطريقة موضوعية، وتفهم الرسالة الكامنة وراءها، فقد يُساء فهم الأشخاص الناقدين أحياناً، وقد يُقدِّمون نصيحة مفيدة، ولكن بسبب افتقارهم إلى المهارة في التواصل، قد تبدو تعليقاتهم سلبية.
وركز على الرسالة نفسها بدلاً من التركيز على طريقة التعبير أو اللهجة المستخدَمة، وافهم ما يحاول الشخص الناقد توصيله لك، واسأل نفسك: ما الذي يحاول قوله؟ وما هو هدفه من هذه التعليقات؟ هل هو حقاً يريد الإساءة إلي، أم أنَّه يحاول مساعدتي؟
فإذا كنت تفكر في بدء عمل تجاري عبر الإنترنت، وقد أخبركَ صديقك (الذي لديه خبرة في مجال ريادة الأعمال عبر الإنترنت) بأن تصرِف النظر عن الموضوع لأنَّك على الأرجح ستفشل، فلا تدع دفاعك عن نفسك يمنعك من الاستماع إلى رسالته، فقد يكون صديقك يحذرك من العقبات الصعبة التي واجهها هو نفسه، ويريد أن يجنبك الوقوع في الأخطاء نفسها.
وافهم وجهة نظره بدلاً من الشعور بالإحباط أو الدفاع عن نفسك، واسأله عن سبب قوله ذلك، واستمع إلى حكمته وخبرته، فقد يكون لديه رؤىً قيِّمة حول ما يجب فعله لضمان النجاح، وضَعْ نفسك في مكانه وافهم وجهة نظره، فقد يكون لديه منظور مختلف بناءً على تجاربه وخبراته.
كما إنَّ القدرة على التغاضي عن طريقة التعبير والتركيز على الرسالة نفسها، يمكن أن تفتح لك آفاقاً جديدة في فهم الآخرين والاستفادة من خبراتهم، وهناك فائدتان رئيستان من ذلك:
- تتجنَّب ردود الفعل الانفعالية تجاه ما يقوله الآخرون عندما تركِّز على الرسالة الكامنة وراء الكلمات، وبدلاً من الشعور بالإحباط أو الغضب بسبب طريقة التعبير، ستصبح أكثر وعياً وفطنة في فهم المقصود، وهذا سيجعلك شخصاً أكثر إدراكاً وتفهُّماً لوجهات نظر الآخرين.
- تكتسب معرفةً أوسع من خلال التركيز على الرسالة، فبدلاً من الانشغال بكيفية توصيل ذلك الشخص الرسالة لك، ستركِّز على محتواها، مما يتيح لك فرصة التعلم من الآخرين وتطبيق ما يقولونه، وهذا النهج سيساعدك على اكتساب المعرفة والخبرة من خلال تفسير وتطبيق ما يحاول الناس توصيله إليك.
شاهد بالفيديو: كيف تتقبل النقد وتتعامل مع الانتقادات السلبية في العمل؟
3. اعتبر النقد تغذية راجعة مفيدة
يمكن النظر إلى الأشخاص الناقدين على أنهم مصدر للصدق، إنهم على الأقل صريحين ولا يخفون ما في صدورهم، فقد تصادف أشخاصاً يبدون لطفاء في البداية، لكنهم في الواقع مزيفون وغير صادقين، ومن جهة أخرى، قد تقابل أشخاصا صريحين وناقدين، لكنهم في الواقع لطفاء.
ولكن هل يجب أن يكون الاختيار بين الأشخاص الناقدين والصادقين، واللطفاء والمزيفين؟ بالطبع لا، هذه ثنائية خاطئة، ويمكن أن يكون الأشخاص لطفاء وصادقين في الوقت نفسه، ويجب ألا نغض الطرف عن الوقاحة خاصة عندما تكون بلا سبب.
وعندما تتعامل مع شخص ناقد، انظر إليه على أنه شخص صادق في مشاعره، ويمكنك أن تطلب رأيه كونك تعرف أنه سيخبرك بما يفكر به دون مواربة أو إخفاء للحقائق، وهذا مفيد عندما تريد الحصول على تغذية راجعة مباشرة أو نقد قاسٍ يساعدك على التحسن.
4. عالج السبب الجذري
عندما نشعر بعدم الارتياح تجاه انتقادات الآخرين، فإن ذلك يعكس وجود اعتقاد أو تجربة سابقة بداخلنا، فمن خلال التأمل والبحث عن السبب الجذري لهذا الشعور، يمكننا اكتشاف ما يزعجنا حقاً، وإن النظر إلى الشعور بعد الارتياح على أنه فرصة للنمو والتطور الذاتي هو نهج فعال، فمن خلال طرح الأسئلة على أنفسنا، مثل: لماذا أشعر بعدم الارتياح؟ ما السبب وراء هذا الشعور؟ نصل إلى فهم أعمق لأنفسنا وتجاربنا السابقة.
وقد تكون الإجابات في البداية موجهة باتجاه العالَم الخارجي، مثل المشكلات مع الشخص الذي وجه الانتقاد أو مع أشخاص آخرين، ولكن مع الاستمرار في البحث والتأمل، ستتغير وجهة النظر لتصبح أكثر تركيزاً على الذات، فمن خلال البحث عن السبب الجذري، قد نكتشف أن عدم الارتياح ليس بسبب الشخص نفسه؛ بل بسبب تجربة سابقة أو اعتقاد سلبي بداخلنا، وبالتالي فإن التعامل مع هذه المشاعر، يتطلّب فهماً ذاتيا وتقبلا لتجاربنا السابقة.
وبدلا من توقع تغير الآخرين، يمكننا اتخاذ إجراءات بناءة من خلال فهم أنفسنا فهماً أفضل، وتغيير معتقداتنا أو مواقفنا تجاه الانتقادات أو التعليقات التي تزعجنا.
5. لا تسأل عن الآراء إن لن تقبلها
إن لم تستطع تحمل سماع آراء الشخص الناقد، فلا تطلب رأيه أو تتحدث معه حول الموضوعات التي قد تثير انتقاداته، فقد يصعب على بعض الأشخاص الناقدين تقديم التشجيع أو الثناء؛ لذا من الأفضل تجنب وضع نفسك في موقف تتعرَّض فيه للنقد.
وقد يسعى بعضهم للحصول على القبول أو التشجيع من الأشخاص الناقدين، خاصة إذا كانوا من المقربين، مثل الآباء أو الشركاء أو الأصدقاء، ولكن إذا وجَّه الشخص الناقد انتقاداته باستمرار، فمن المرجَّح أن يستمر في ذلك حتى يقرِّر هو بنفسه تغيير سلوكه.
ولذلك إذا رغبت في تجنب انتقاداتهم، فلا تتحدث معهم حول الموضوعات الحساسة وأن تركز بدلا من ذلك على الموضوعات التي لا تثير انتقاداتهم.
وكما يقول العالم ألبرت أينشتاين (Albert Einstein): "الجنون هو أن تفعل الشيء نفسه مراراً وتكراراً وتتوقع نتائج مختلفة"؛ لذا إذا رغبت في الحصول على نتيجة مختلفة، غيِّرْ سلوكك، وتوقَّف عن وضع نفسك في الموقف نفسه الذي يعرِّضك للنقد، وابحَثْ بدلاً من ذلك عن طرائق لبناء الثقة والتشجيع من مصادر أخرى.
6. لا تجادِل الشخص الناقد
قد يقدم بعض الأشخاص الانتقادات دون أن تطلبها، وقد تكون هذه الانتقادات غير مناسبة أو غير لائقة، ومن ردود الفعل الشائعة الرد بغضب أو الانتقام، ولكن هذا قد يصعد الموقف ويحوله إلى جدال محتدم وغير مجدي.
كما يقال في التعامل مع السلوكات السلبية على الإنترنت، "لا تعطِ الفرصة للمتصيدين"، فإذا لم تتمكن من منع الشخص من التعبير عن آرائه، فتجاهَلْها، وقدم ردا بسيطاً من سطر أو سطرين، يُظهر أنك استمَعت إلى التعليق، ولكن دون الدخول في نقاش عميق، وإذا أصر الشخص على الاستمرار، فتجاهله ببساطة، ففي هذه المرحلة، من الواضح أن هدفه هو استفزازك والحصول على رد فعل منك، فتسيطر على الموقف من خلال تجاهلِه.
ويجب على الأشخاص الناقدين تحمل مسؤولية تعليقاتهم، وكذلك يجب علينا تحمل مسؤولية ردود أفعالنا، ففي كل موقف، هناك الحدث نفسه وتفسيرنا له، فلا يمكننا تغيير تصرفات الآخرين أو حديثهم، ولكن يمكننا تغيير تصرفاتنا تجاههم، فلا تؤثِّر السلبية فينا إن لم نأخذها على محمل شخصي.
7. عامل الشخص الناقد بلطف
قد يبدو الأمر صعباً في البداية، خاصة عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين يسببون لنا الألم أو الإزعاج، فقد نتساءل: لماذا يجب أن نعاملهم بلطف؟ إنهم لا يستحقُّون ذلك، ولكن الأشخاص الذين يصعب حبهم هم أكثر الناس احتياجاً للحب، فقد يكون هؤلاء الأشخاص الناقدون في حاجة ماسة إلى اللطف والتفهُّم؛ لأنهم غالباً ما يعانون من نقص في هذه المشاعر تجاه أنفسهم.
وعندما نتعامل معهم بلطف، فإننا نمنحهم شعوراً بالأمان والتقدير، وقد يكون رد فعلهم الأولي سلبياً؛ لأنهم غير معتادين على مثل هذا السلوك، ولكن بالمواظبة على التعامل معهم بلطف، سيتغيَّر رد فعلهم تدريجياً.
وقد لا نرى النتائج فورا، وقد تبدو لنا صغيرة، ولكن بالنسبة لهم، قد يكون هذا التغيير كبيرا، وقد تتطور علاقتنا معهم مع مرور الوقت، وتصبح أكثر إيجابية، وإذا استمروا في استنزاف طاقتنا أو الاستخفاف بنا، فمن الأفضل أن نضع حدوداً ونحمي أنفسنا.
8. تجنب الشخص الناقد
عندما لا تجدي كل محاولاتك نفعا، فإن تجنب الأشخاص الناقدين، قد يكون الحل الأمثل، ويمكن تقليل التواصل معهم، والحد من المحادثات، والابتعاد عنهم في الأوقات التي لا تكون فيها التفاعلات ضرورية.
وقد تكون صحبة هؤلاء الأشخاص الناقدين مرهِقة جدا، فيجد المرء نفسه في دوامة من التعليقات السلبية، فمهما عبر الشخص عن حماسته أو مشاعره الإيجابية، يجد أنَّ الشخص الناقد يقلِّل من شأنها أو يضيف إليها منحى سلبياً.
كما قد يكون من الأفضل الابتعاد عن هؤلاء الأشخاص، خاصة إذا كانت العلاقة تسبب الألم أو الإزعاج، فمن خلال تقليل التواصل معهم، يمكن للمرء أن يمنح نفسه والآخرين فرصة للنمو والتطور، ثم يقيم العلاقة في المستقبل.
أضف تعليقاً