ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF) صاحب مدونة (مارك وآنجل) (marcandangel.com)، ويُخبرنا فيه عن تجربته في الحفاظ على قوته في الظروف الصعبة.
هذه هي الفقرة الافتتاحية لرسالة بريد إلكتروني تلقيتها الليلة الماضية من قارئ اسمه كيفن (Kevin)، فتُذكرني كلماته أنَّه في بعض الأحيان عليك أن تموت قليلاً من الداخل أولاً حتى تولد من جديد وتظهر مرة أخرى بشخصيةٍ أقوى وأكثر ذكاءً.
ستحطمك الظروف وأيضاً الناس في بعض الأحيان، ولكن إذا ركزت عقلك، وأبقيت قلبك منفتحاً على الحب، وواظبت على المضي قدماً يمكنك إعادة الوضع على ما هو عليه، وإعادة بناء ما تحطَّم، ويمكنك أن تعود أقوى وأكثر سعادةً من أيِّ وقتٍ آخر.
لقد تعاملنا أنا وآنجل (Angel) (زوجتي وشريكتي في المدونة) مع نصيبنا من المحن على مر السنين أيضاً؛ فقدنا أحباء بسبب المرض، وعانينا بسبب المال، وما إلى ذلك، وقد كتبنا كثيراً عن ذلك؛ لكنَّ اليوم في ضوء رسالة البريد الإلكتروني التي أرسلها كيفين وعشرات رسائل البريد الإلكتروني الأخرى التي تلقيتها في الأسبوع الماضي من القرَّاء الذين يعانون أوقاتاً صعبة أريد مناقشة سبعة إجراءات رئيسة يجب أن تتخذها؛ لتجد القوة عندما تبدو الأمور أنَّها لا تسير على ما يرام.
1. التقبل التام للواقع كما هو:
لا يمكنك أن تجد السلام بتجنب الحياة؛ فالحياة تتغير مع تغيرات غير متوقعة كل ساعة؛ لذا بدلاً من تجنبها اتخذ كلَّ تغيير وتجربة على أنَّه تحدٍ للنمو؛ فإمَّا أنَّها ستمنحك ما تريد أو ستعلمك ما هي الخطوة التالية.
إنَّ العثور على السلام والسعادة في الحياة لا يعني أن تكون في مكان لا ضوضاء فيه ولا تحديات ولا عمل شاق؛ بل يعني أن تكون في وسط تلك الأشياء في حين يعمُّ قلبك الهدوء والسلام؛ إذ يتعلق الأمر بالتخلي عن الصور النمطية الموجودة في رأسك عن كيف كان من المفترض أن تسير الأمور.
بالطبع هذا ليس أمراً سهلاً؛ بل هو صراعٌ مستمر؛ لكنَّه أسهل بكثير من الاستمرار في الصراع لتعديل حياتك تعديلاً يماشي بعض الأوهام التي عفا عليها الزمن، إنَّها رحلة أكثر إرضاءً أيضاً؛ فعندما تقرر وتزيل من رأسك تلك الصور النمطية القديمة ستجد السلام والجمال والسعادة.
بصراحة الحياة أقصر من أن تقضيها في حالة حرب مع نفسك؛ فغالباً ما تكون أكبر خيبات الأمل في حياتنا نتيجة لتوقعات في غير محلها؛ لذا فإنَّ التخلي عن التوقعات غير الضرورية هو خطوتك الأولى نحو السعادة، والانطلاق من عقلية السلام والقبول سيُمكِّنك من معاملة أي شيء تقريباً وتجاوزه.
2. تذكير نفسك دائماً أنَّ كل شيء في الحياة مؤقت:
في كل مرة تمطر يتوقف هطول المطر، وفي كل مرة تتأذى تُشفى بعد ذلك الألم؛ فبعد الظلام يوجد دائماً نور، ويتم تذكيرك بذلك مع كل شروق للشمس؛ لكنَّك غالباً ما تنسى، وبدلاً من ذلك تختار أن تصدق أنَّ الليل سيستمر إلى الأبد؛ لكنَّ دوام الحال من المحال.
لذا إذا كانت الأمور جيدة الآن استمتع بها؛ فلن تدوم إلى الأبد، وإذا كانت الأمور سيئة فلا تقلق؛ لأنَّها لن تدوم إلى الأبد أيضاً، فإن كانت الحياة صعبة في الوقت الحالي لا يعني ذلك أنَّك لن تشعر بالسعادة، وإن حدث أمر أزعجك الآن لا يعني أنَّك لا تستطيع أن تبتسم؛ فكل لحظة تمنحك بداية جديدة ونهاية جديدة، وفي كل ثانية تحصل على فرصة جديدة، عليك فقط أن تغتنم هذه الفرصة وتحقق أقصى استفادة منها.
شاهد بالفيديو: 10 مقولات رائعة لتساعدك على تخطي ظروف الحياة
3. تشجيع نفسك لاتخاذ خطوة تالية مهما كانت:
بعد دراسة حياة العديد من الأشخاص الناجحين، أنا مقتنع بأنَّ أهم ما يميز الأشخاص الناجحين عن الآخرين هو المثابرة الخالصة؛ ففي ثقافة تسعى إلى تحقيق نتائج سريعة يجب أن نتعلم أهمية الجهد والصبر والمثابرة؛ لذا كن قوياً وصامداً وحاضر الذهن.
عادةً ما تكون أجمل الابتسامات هي تلك التي تظهر من بين الدموع؛ لأنَّ الخيبات غالباً ما تؤدي إلى نجاحاتٍ في النهاية؛ فكل خطأ وحسرة وخسارة تحمل معها حلاً أو درساً يعلمك تحسين أدائك ونتائجك في المرة القادمة، ومن ثمَّ فإنَّ الطريقة الأكثر موثوقية للتنبؤ بالمستقبل هي إنشاؤه بنفسك؛ لذلك شارك في الحياة اليوم بدلاً من مجرد مشاهدتها وهي تمر أمامك، ولا تدع الأشياء القليلة الخارجة عن إرادتك تؤثر سلباً في مجموعة لا حصر لها من الأشياء التي يمكنك التحكم بها.
الحقيقة هي أنَّنا جميعاً نخسر في بعض الأحيان، والحقيقة الأكبر هي عدم وجود خسارة واحدة تحدد مصيرنا على الإطلاق؛ لذا تعلَّم من تجاربك، وكن أكثر حكمة، وامضِ قدماً.
ففي النهاية لا يأتي الخير لمن ينتظره؛ بل يأتي لمن يتحلى بالصبر ويبذل أقصى جهده في السراء والضراء لتحقيق ما يريده في الحياة؛ فالأمر يتعلق بالشجاعة، وبالخوف لدرجة الموت، ثمَّ اتخاذ الخطوة التالية على أيَّة حال.
4. التحلي بالإيجابية بدلاً من الاستسلام للأفكار السلبية:
قد لا يكون لديك سبب واضح لتكون إيجابياً اليوم؛ لكنَّك لست بحاجة إلى سبب؛ فكونك إيجابياً هو استراتيجية وليس رد فعل، وأقوى وقت لتكون إيجابياً هو بالتحديد عندما لا يكون كل شيء من حولك إيجابياً.
السعادة على الأمد الطويل ليست غياب المشكلات؛ بل القدرة على معاملتها؛ لذا ارفع من مستوى وعيك بقوتك الداخلية وإيجابيتك، فأنت المسؤول عن كيفية تفاعلك مع الأشخاص والأحداث في حياتك، ويمكنك إما إضفاء السلبية على حياتك، أو اختيار أن تكون إيجابياً بدلاً من ذلك من خلال التركيز على الأشياء العظيمة الهامة حقاً؛ لذا تحدَّث عن نِعمك أكثر ممَّا تتحدَّث عن مشكلاتك اليوم.
بعبارة أخرى لا تنتظر سبباً لتكون إيجابياً؛ بل اختر أن تكون إيجابياً بشأن موقفك، وإمكاناتك، وما يمكنك فعله للمضي قدماً، وبدلاً من البحث عن أسباب تجعلك إيجابياً ابحث عن طرائق للتعبير عن رؤيتك الإيجابية، واعمل على جعل حياتك تماشي هذه الرؤية، واستمتع بكل النتائج المجزية التي تحصل عليها.
5. التركيز على عمل بعض الإصلاحات الصغيرة:
لا تبني آمالاً كبيرة في عقلك، ولا تحاول مواجهة العالم مباشرةً؛ فعندما تسعى إلى الحصول على الإشباع الفوري (إصلاحات كبيرة وسريعة)، فإنَّك تجعل الحياة مؤلمة ومحبطة بلا داعٍ، وعندما تختار بدلاً من ذلك معاملة كل لحظة على أنَّها فرصة لإجراء استثمار إيجابي وصغير في نفسك فإنَّ المكافآت تأتي بصورة طبيعية.
عندما ينكسر كل شيء يكون من السهل العثور على كثير من الأشياء الصغيرة التي يمكنك إصلاحها، وعندما لا يبدو أنَّ أيَّ شيء يسير على ما يرام يمكن حتى لأهم الجهود الإيجابية الأساسية أن تُحدِث فرقاً كبيراً؛ فأوقات الشدائد هي أيضاً أوقات الفرص العظيمة، وعندما تواجه مشكلات في كل اتجاه في حياتك توجد أيضاً فرص كبيرة تنتظر اغتنامها، وعندما يسير كل شيء على ما يرام من السهل أن يغمرك الرضى عن النفس، ومن السهل أن تنسى قدراتك؛ لذا اعقد العزم على المثابرة من خلال إجراء إصلاحات صغيرة كل يوم؛ فهذه التعديلات الطفيفة هي التي تأخذك من مكانك إلى حيث تريد أن تكون على الأمد الطويل.
الخطوات الصغيرة، والقفزات الصغيرة، والإصلاحات الصغيرة (تغييرات صغيرة متكررة) كل يوم ستوصلك إلى مبتغاك مهما كانت الصعوبات التي تواجهها.
6. التقدير والامتنان للأشياء الصغيرة:
قد لا يكون لديك ما تريد، وقد تتأذى بشدة، لكن ما يزال لديك ما يكفي لتقديره في الوقت الحالي، وقد قال الفيلسوف اليوناني أبيقور (Epicurus) ذات مرة: "لا تفسد ما لديك برغبتك في ما لا تملكه، وتذكر أنَّ ما لديك الآن كان من بين الأشياء التي كنت تأمل فيها فقط"؛ لذا تأمل في هذا الاقتباس عندما تبدو الحياة غير عادلة.
تذكَّر أنَّ كونك إيجابياً في موقفٍ سلبي لا يُعدُّ سذاجةً؛ بل هي علامة على القيادة والقوة؛ فأنت تتصرف على نحو صحيح عندما يكون لديك كثير لتبكي وتشكو منه؛ لكنَّك تفضِّل أن تبتسم وتقدِّر حياتك بدلاً من ذلك؛ لذلك لا تدعُ من أجل حصول المعجزات الكبيرة وتنسى أن تشكر الله على النعم العادية والبسيطة والكثيرة في حياتك، وقد يبدو من الغريب أن تشعر بالامتنان لتلك الأحداث في حياتك التي تبدو عادية، ولكن من خلال الشكر تحديداً يمكنك تحويل ما هو عادي إلى استثنائي.
فقط فكر في الأمر: ماذا لو استيقظت غداً مع الأشياء التي كنت ممتناً لها اليوم؟
فكر في كل الجمال الذي ما يزال من حولك، ولاحظه، وابتسم، ففي نهاية المطاف ليست السعادة هي ما يجعلنا نشعر بالامتنان، ولكن الامتنان هو ما يمنحنا الشعور بالسعادة؛ لذا فإنَّ إظهار التقدير للأشياء الجيدة التي تمتلكها هو أقوى نشاط موجود لتعزيز السعادة.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح لتحقيق الامتنان في حياتك
7. منح نفسك الاهتمام الإضافي الذي تحتاجه وتستحقه:
لن تنفعك مقاومة مشاعرك وعواطفك وتجاهلها؛ بل ستؤدي إلى التوتر والمرض والارتباك والعلاقات المحطمة ونوبات الغضب ونوبات من الاكتئاب العميق المظلم، فيعرف أي شخص عانى أيَّاً ممَّا سبق ذكره أنَّ هذه الحالات الذهنية مؤذية جداً، وعندما تكون معتاداً إهمال الذات فمن شبه المستحيل أن تنجو من ذلك.
عليك أن تعترف إلى حد ما بأنَّك قضيت كثيراً من حياتك في محاولة الانغلاق على ذاتك، وفي محاولة لأن تصبح أبسط، وأهدأ، وأقل حساسية، وأقل إدلاءً برأيك، وأقل احتياجاً؛ لأنَّك لا تريد أن تكون عبئاً أو متسلطاً أو أن تدفع الناس بعيداً عنك، أردت أن تتأقلم، وأن يحبك الناس، وأن تترك انطباعاً جيداً، أردت فقط أن تكون مرغوباً.
لذلك، ولسنوات ضحيت بنفسك من أجل إسعاد الآخرين، وعانيت كثيراً؛ لكنَّك تعبت من هذه المعاناة والتضحيات.
لست مضطراً إلى تغيير هويتك لتصبح جديراً بالاهتمام في رأي شخص آخر؛ فأنت جدير بالاهتمام ليس لأنَّ الآخرين يرون ذلك؛ ولكن لأنَّك أنت كذلك، ومن ثمَّ أنت شخص هام، وأفكارك هامة، ومشاعرك هامة، وصوتك هام، وبموافقة أو إذن أيِّ شخص أو من دونه يجب أن تكون على طبيعتك وأن تعيش كما ترغب، حتى لو جعلت الناس يديرون رؤوسهم عنك، وحتى لو كان ذلك يزعجهم، وحتى لو اختاروا المغادرة.
ارفض محاباة الناس، واختر أن تشغل مساحة كبيرة في حياتك، وأن تمنح نفسك الإذن لتلبية احتياجاتك الخاصة، واختر احترام مشاعرك وعواطفك، واجعل الرعاية الذاتية أولوية قصوى؛ باختصار اختر نفسك.
في الختام:
أستطيع أن أخبرك من تجربتي أنَّ الحياة مغامرة مثيرة، فقد وجدت السعادة وفقدتها ووجدتها وفقدتها ثم وجدتها مرة أخرى، لكن في كل مرة كان ما وجدته مذهلاً أكثر من السابق.
لذلك تذكر أنَّ كل شخص يعاني في الحياة في مرحلة ما، ويشعر الجميع بالضياع أحياناً، لكن الحل هو استخدام خبراتك في النمو رويداً رويداً، فعندما تطبق ما تتعلمه على اختياراتك وأفعالك المستقبلية، ستمضي للأمام وليس للخلف، وستصبح أقوى وأكثر حكمة، الأمر ليس سهلاً، لكنَّه يستحق العناء في النهاية.
أضف تعليقاً