7 أخطاء حمقاء نرتكبها أثناء بحثنا عن السعادة

علينا تقبُّل حقيقة أنَّ نصائح الحصول على السعادة منتشرةٌ في كل مكانٍ حولنا؛ فهي في الكتب التي تعدُنا بالكشف عن سر السعادة الحقيقيِّ، والمقالات التي تطلبُ منَّا كتابة ثلاثة أشياء تُسعِدُنا يومياً، والأصدقاء الذين ينصحونك بالمُضيِّ قُدُماً والابتهاج بعد مرورك بيوم سيئ، ولعلَّك تتساءَل عن المشكلة في ذلك؛ فلا شكَّ أنَّ السعادة أمرٌ جيد وعظيم بكل تأكيد.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "آنجل كرنوف" (ANGEL CHERNOFF)، وتُحدِّثنا فيه عن أكثر سبعة أخطاء شيوعاً نرتكبها محاولين البحثَ عن السعادة.

إلَّا أنَّنا نتعلَّم ونتلقى منذ الصغر أنَّ حياتنا يجب أن تكون عبارةً عن طريق مستقيم ومحدود وضيِّق نحوَ السعادة، وأنَّه يجب علينا أن نسعى جاهدين إلى تحقيق السعادة فقط في كلِّ أمرٍ نفعله في حياتنا؛ وأنَّه إن لم نشعرْ بالسعادة دوماً، فلا بدَّ أنَّ أمراً خاطئاً وسيئاً يحدث.
في الحقيقة، ينبغي ألا تكون السعادةُ الأمرَ الوحيد الذي نركز عليه في كلِّ ما نفعلُه خلال حياتنا، فيمكن للسعي بجهدٍ واستماتةٍ مستمرة إلى تحقيق السعادة على حساب كلِّ شيء آخر أن يدفعَنا في الواقع إلى ارتكاب أخطاء عدة.

إليك فيما يأتي سبعة أخطاءٍ من هذا القبيل وكيفية إصلاحها:

1. النظر إلى العوائق والانتكاسات وصعوبات التطور بوصفها محاولات فاشلة:

حين نسعى إلى بلوغ السعادة سعياً دؤوباً، يمكن أن يبدو أيُّ أمرٍ يجعلُنا نشعر بالتعاسة وعدم الرضى، وكأنَّه فشلٌ بالنسبة إلينا كالعوائق والانتكاسات البسيطة التي نتعرض لها مراراً في حياتنا أو اللحظات الصعبة التي قد نمرُّ بها، بينما تُعدُّ هذه الأمور في الواقع حتميةً ولا مفرَّ منها، إضافة إلى كونها أجزاءً طبيعية من التطوُّر الشخصي؛ إذ يكون من الأسهل في بعض الأحيان الشعور بالاكتئاب، وبأنَّنا مُحاصَرون وعالقون في تلك التجارب؛ ومن ثَمَّ السماح لها بهزيمتنا والتغلب علينا.

فكرْ بإحدى الأوقات في حياتك حين واجهت تحدياً ما مثل خسارة وظيفتك أو تعرضك للخيانة والخداع من قبل أحد أصدقائك أو تعرضك للرفض من قبل شخصٍ عزيز؛ وتذكَّرْ طريقة تعاملك مع ذلك حينَها ورد فعلك تجاهه؛ فإن تصرفتَ مثلَ مُعظَم الناس - وأنا من ضمنهم - فعلى الأرجح أنَّك قد كافحتَ وعانيتَ كثيراً لاتخاذ موقفٍ إيجابي في ذلك الوقت، بينما كان من الصعب للغاية ربَّما التعامل مع ذلك الوضع، والحقيقةُ أنَّ التحديات والصعوبات التي نواجهها ليست بالأمر السهل أبداً.

على أي حال، تُعَدُّ العقبات والانتكاسات واللحظات الصعبة في الحياة أيضاً فُرَصاً خفيةً هامة لشيءٍ أجمل وأفضل بكثير؛ لذا إن استطعنا تعلُّم اغتنام تلك الفرص واستثمارها وتقديرها، كما نقدِّر ونستثمر اللحظات التي تجعلنا نشعر بالسعادة، سنتمكن من رؤية بصيص الأمل والنور في أصعب اللحظات السوداوية التي نمرُّ بها، واجتياز تلك المراحل الصعبة والمضي قدُماً، والاستفادة لأقصى حدٍّ من كل فرصة تُتاح لنا في سبيل التعافي والتطور والتقدم.

2. إدمان ما يجلب لنا المتعة السريعة وقصيرة الأجل:

في ظلِّ نفاد أو قلة صبرنا لإيجاد السعادة، غالباً ما نسعى إلى اكتساب المتعة أو اللذة بدلاً منها كونَها أسهل تحقيقاً على الأمد القصير، ويمكن لذلك أن يدفعنا إلى الاعتماد على التجارب والمغامرات الممتعة بطريقة غير صحية إطلاقاً؛ فعلى سبيل المثال، ربَّما نشعر بالقلق والتوتر إن لم يكُن لدينا أيُّ شيءٍ نتلهف أو نتطلع إليه مستقبلاً كعطلةٍ مشوِّقةٍ في المستقبل القريب؛ لكنَّ الاعتماد على المغامرات الممتعة بوصفها وسيلة لتحقيق السعادة سيجعلُنا دوماً راغبين في المزيد فحسب.

الأمرُ شبيهٌ إلى حدٍّ بعيد بالإدمان على دواءٍ ما حين يصبح المدمن مهووساً ومتطلِّعاً للجرعة التالية منه؛ وذلك لأنَّها متعة قصيرةُ الأجل ولا تمنح أيَّ شعورٍ بالرضى العميق ولا تقدِّم إشباعاً حقيقياً لرغبتنا في السعادة.

يقول المؤلف ورجل الأعمال "ستيفن كوفي" (Steven Covey): "يشعر الشخص الذي يركز على المتعة أو اللذة ويجعل حياته تتمحور حولَها بالملل سريعاً من كلِّ نوع جديدٍ من المرح ويستميت دوماً للحصول على المزيد من المُتَع والملذات باستمرار بسبب حاجته الماسَّة إليها؛ لذا يجبُ أن تكون متعته الجديدة التالية أفضل وأكبر وأكثر تشويقاً وحماسة".

فلا توجد السعادة طويلة الأمد في اللحظات السريعة من المتعة؛ بل على النقيض من ذلك، تُحقَّق السعادة من خلال التجارب ذات المغزى والأهمية مع مرور الوقت؛ كتعزيز أو إثراء أحد مجالات شغفنا، أو تخطِّي المشقات والمحن التي نمرُّ بها والتغلب عليها، أو تعلُّم مهاراتٍ حياتية جديدة، أو إحداث فرقٍ في هذا الكون من خلال دعم الآخرين وإغناء عقولهم وإكسابهم المعرفة.

شاهد بالفيديو: 7 خطوات توصلك إلى السعادة

3. إهمال الأشخاص الرائعين من حولنا وتجاهلهم:

يمكن للسعي بجهدٍ وتأنٍّ نحو تحقيق السعادة أن يدفعَنا إلى أن نصبح أشخاصاً أنانيين نركز على أنفسنا فقط دون الآخرين، ونريد السعادة على الفور دون التحلِّي بذرةٍ من الصبر، بدلاً من اكتسابها تدريجياً على مرِّ الوقت من خلال التجارب الهامة ذات المغزى وإيلاء الاهتمام للقضايا والأهداف الأعظم والأكثر أهمية.

في هذه الحالة، نتحول إلى أشخاص يهتمون بالأخذ والكسب أكثر من كوننا كُرَماء أو معطائين حين يكون تركيزُنا مُوجَّهاً فقط على جرعة السعادة الضرورية والمرغوبة اليومَ؛ إذ نصبُّ جُلَّ تركيزنا واهتمامنا على أنفسنا؛ لذا فإنَّنا نلبِّي رغباتنا الآنية والملحَّة بسهولةٍ أكبر، بدلاً من التفكير في طرائق جديدة لإحداث فرقٍ مثمرٍ وطويل الأمد في حياتنا وحياة الأشخاص من حولنا، كما نُعطي الأولوية لمساعينا وبحثنا عن السعادة على جميع الناس الذين يحتاجوننا من عائلةٍ وأصدقاء وغُرَباء.

الحقيقةُ أنَّ إحداث فرقٍ في حياة الآخرين من خلال العطاء والكرم هو أحدُ أعظم الطرائق التي يمكننا من خلالها إيجاد السعادة، فلا تمرينَ أفضل لقلوبنا من أن نمدَّ أيدينا للآخرين ونساعدهم بكلّ ما استطعنا ونرفعَ من شأنهم، مما يمنحُنا إحساساً أعظم بالأهمية والرضى، ويُشعِرُنا بأنَّ لحياتنا معنىً وغايةً سامية، كما يجعلنا نشعر غالباً بالمزيد من السعادة والسرور والرضى عن حياتنا وعن هويَّاتنا وشخصيَّاتنا بوصفنا أفراداً في هذا العالم.

يوجد مَثَل صينيُّ يقول: "إن أردتَ السعادة لساعةٍ، فخُذْ قيلولةً؛ وإن أردتَ السعادة لمدَّة يومٍ كامل، فاذهبْ لصيدِ الأسماك؛ وإن أردتَ السعادة لشهرٍ، تزوَّجْ؛ وإن أردتَ تحقيق السعادة لعامٍ كامل، فعليك أن ترثَ ثروةً طائلة؛ أمَّا إن أردتَ أن تشعر بالسعادة طيلةَ العمر، فساعِد الآخرين".

إقرأ أيضاً: كيفية اكتساب الأصدقاء وبناء العلاقات مع الآخرين

4. السماح لتوقُّعاتنا باستنزاف الفرح من تجاربنا الحقيقية والصادقة:

فكرْ بأحد الأوقات حين كنتَ تتطلع متلهفاً لفعل أمرٍ ما، سواء أكان بسيطاً للغاية كالذهاب بنزهةٍ لطيفة للمشي على الشاطئ مع شريك حياتك أم ربَّما عطلة ما كنتَ تخطط لها؛ وعندما حان وقتُ مشروعك أخيراً، أودُّ منك أن تتذكر إن حظيتَ بوقتٍ جميلٍ، ونسيت نفسك تماماً وانغمستَ في روعة تلك التجربة، أو كنتَ مُشتَّت الذهن بسبب توقعاتك عن كيف كان من المُفترَض أن تسير تجربتُك تلك ما دفعَك إلى الشعور بالإحباط وخيبة الأمل بعضَ الشيء لا شعورياً.

كثيراً ما نصبح مصرِّين ومصمِّمين للغاية على الشعور بالسعادة بطريقة ما، لدرجة أن ينتهي بنا الأمرُ بالتركيز بشدة على ما إذا كانت التجربة التي نعيشُها تلبِّي توقعاتنا وتحقق تطلُّعاتنا فعلاً أم لا.

لكن تُظهِر الأبحاث أنَّ الأشخاص الذين يمارسون نشاطاتٍ وأعمالاً مُعيَّنة، وهم يحملون في أذهانهم مجموعةً مُحدَّدةً من التوقعات بشأنها، أو الذين يراقبون مقدار تمتُّعهم بوقتهم في كل مرحلة من مراحل حياتهم ينتهي بهم الأمر بالاستمتاع بوقتهم بدرجةٍ أقل ممَّنْ يتخلَّون عن توقعاتهم وينسَونها ببساطةٍ، ويركزون على التعمق في روعة التجربة التي يعيشونها.

لذا، بدلاً من السعي جاهداً إلى الشعور بالسعادة من خلال توقع الطريقة التي يجب للأمور أن تسير وفقَها، حاولْ تقبُّل أيِّ نوعٍ من التجارب أو الأحداث التي تعترض طريقَك، وستتمكن بهذه الطريقة من ملاحظة جميع الأمور الإيجابية والنِّعَم المحيطة بك بسهولةٍ أكبر وتقديرها عوضاً عن الشعور بالإحباط وخيبة الأمل عندما لا ترقى أحداثُ حياتك إلى مستوى تخيُّلاتك أو لا تُضاهيها.

5. التخلي عن فرص رائعة لأنَّها تتطلب الشعور بعدم الراحة المؤقَّت:

فكِّرْ بإحدى المرات التي مررتَ فيها بتجربة صعبة في حياتك؛ لكنَّها كانت مجزيةً وحملت معها مكافآت وأرباح كثيرة على الرَّغم من ألمها وقسوتها؛ مثل تولِّيك ربَّما لأحد المشاريع الصعبة أو الضخمة، فلعلَّك تتذكر إحساسَك بقلق كبير يُشعرك بأنَّك قد تفشل في مشروعك، إلَّا أنَّك نجحتَ فيه نجاحاً باهراً في النهاية، وكنتيجة لذلك حققتَ إنجازاً رائعاً، إضافة إلى أنَّك أفسحت المجالَ أكثر لمجموعةٍ من الفُرَص الجديدة للدخول إلى حياتك، وأصبحتَ أكثر حكمةً وتعقُّلاً، واكتسبتَ إحساساً أكبر بالثقة بالنفس.

كل ما سبق يوضِّح لنا أنَّنا إن أردْنا اكتشاف فُرَص جديدة ومثيرة للاهتمام في هذه الحياة، فليس من الممكن أن نشعر بالسعادة في كل لحظةٍ خلال رحلتنا تلك، فأحياناً يكون القليل من الانزعاج أو الألم علاجاً ضرورياً يمثِّل حافزاً للإنسان للانطلاق منه نحو تحقيق النجاح؛ كما يُقال، يضيِّع مُعظم الناس الفُرَص بكل بساطة؛ لأنَّهم لا يبحثون عنها في العمل الشاق، فلا تكُنْ واحداً منهم.

إقرأ أيضاً: 21 تحدِّياً خاصاً للخروج من منطقة الراحة وتنمية شخصيتك

6. البحث عن السعادة في الأماكن الخاطئة:

يمكن للهوس المستمر ليلاً ونهاراً بإيجاد السعادة أن يدفعنا إلى التركيز على الأشياء الخاطئة؛ لأنَّنا غالباً ما نملك حُكماً ضعيفاً على الأمور التي من شأنها إسعادُنا؛ فعلى سبيل المثال، قد نظنُّ أنَّ أموراً مثل شراء منزل جديد، وامتلاك مقدارٍ مُعيَّن من الأموال، والتمتُّع بالشعبية ومحبَّة الآخرين ستجعلُنا سُعَداء؛ لذا فإنَّنا نسعى جاهدين بلا هوادة إلى الحصول عليها، لكن حين نحصل على تلك الأشياء في نهاية المطاف، فإنَّنا نستمرُّ بالشعور بأنَّ شيئاً ما ينقصُنا.

هذا ما يوقعنا في فخ متلازمة نفسية يظنُّ الشخص الذي يعانيها بأنَّ تحقيق إنجاز ما في المستقبل سيزيد من سعادته؛ لكنَّه حين يحققه يشعر بأنَّه غير كافٍ لمنحه السعادة التي يبحث عنها، ويبدأ من جديد بالعمل بكلِّ جهده واستطاعته لتحقيق هدفه التالي؛ ومن ثَمَّ فإنَّ ربط السعادة بالأهداف سيزيد من شعوره السيئ تجاه نفسه، وكأنَّه يلاحق السراب باستمرار؛ إلَّا أنَّك حين تجد ضالَّتك وتحقق هدفك المنشود، تُدرك أنَّه ليس كما توقعتَه تماماً، ولن يكون أيٌّ من الأشياء التي تبحث عنها كذلك على الإطلاق.

ربَّما يعود ذلك إلى الرسائل أو المفاهيم التي نتلقَّاها باستمرار من المجتمع الذي نعيشُ فيه ووسائل الإعلام الشهيرة، والتي تُخبرنا مراراً بأنَّ الأهداف المذكورة سابقاً ستحولنا إلى أشخاصٍ سعداء؛ فغالباً ما نسمع كلمات وعبارات تشترطُ علينا أن نكونَ أغنياء أو محبوبين ومشهورين، أو نحصلَ على أجسام ممشوقة ورشيقة، أو نمتلكَ أحدث التقنيات للحصول على السعادة؛ ومن ثَمَّ نتقبل تلك الأفكار ونقتنع بها بسبب هوسنا الكبير بإيجاد السعادة في حياتنا.

لكن لا تمنحنا تلك الأشياء شعوراً عميقاً بالسعادة أو الرضى، وغالباً ما نُخطئ بتصديقنا لخلاف ذلك؛ فالسعادة الحقيقية الصادقة تنبع من داخلك لا من الآخرين أو الأشياء التي تحصل عليها؛ لذا لا ترتكبْ خطأً بانتظار شخصٍ أو شيءٍ ما للظهور في حياتك ومنحك السعادة التي تريدُها.

7. ربطُ سعادتنا بفكرة الكمال التي لا تُجدي نفعاً:

حين نسعى جاهدين إلى الوصول إلى السعادة، كثيراً ما يكون الشيءُ الذي نهدف له فعلاً هو الشعور بالكمال والمثالية؛ لكنَّ الكمال مُجرَّد وهم؛ فنحن عبارةٌ عن كائنات مليئة بالعيوب والعلل بطريقة جميلة للغاية وتعيش وتمارس نشاطاتها في عالمٍ يبتعد كلَّ البعد عن الكمال والمثالية، وتلك هي الطريقة المُقدَّرة لسير الأمور في حياتنا؛ فالسعي إلى تحقيق الكمال في الحياة هدفٌ فارغ لا معنى له، ولا يمكن تحقيقُه إطلاقاً.

يُرينا المجتمع من حولنا صوراً مُزيَّفة ومُفبرَكة عن الكمال باستمرار من خلال التسويق ووسائل الإعلام الشهيرة؛ لذا لا تُقنعْ نفسَك بهذا الوهم لأنَّه سيقودك ويمهِّد لك طريق الظلام والاكتئاب فقط؛ بل تقبَّلْ صفاتك الغريبة وعيوبك وسلبياتك وحقيقةَ أنَّ الحياة متقلِّبة أحياناً، ولا تدوم على حالها، واسعَ جاهداً للتفوُّق والامتياز كي تصبحَ الأفضل بلا منازع، وتمتَّعْ بمعايير عالية ورفيعة، لكن لا تخلطْ بين ما سبق وبين سلوك الكمال الضار الذي يعوقك عن التقدم في حياتك.

ينبغي لك أن تتقبَّل وتقدِّر كلَّ النواقص والشوائب الطبيعية الجميلة في هذه الحياة، بدلاً من السعي إلى أن تكون إنساناً كاملاً؛ ومن ثمَّ تستثمرَها لتصبحَ شخصاً أقوى وأكثر حكمةً بصفتك فرداً مستقلاً.

شاهد بالفيديو: 20 قيمة في الحياة تقودك إلى السعادة والنجاح

سرُّ الحياة المُرضية هو الكُلِّيةُ لا السعادة:

إنَّ السعي إلى الكُلية ما هو في الحقيقة إلَّا تقبُّل واغتنام جميع جوانب أو وجوه الحياة من حزنٍ وإحباط وألم وفشلٍ وسعادة ومحاولة استثمارها لمصلحتنا، إضافة إلى إدراك أنَّ كلَّ ما سبق يمتلك القدر نفسَه من الأهمية كي نحظى بتجربةٍ متوازنة ومُجزية وسعيدة حقاً في هذه الحياة؛ إذ يتعلق الأمر بفهم أنَّ الحياة ليست مُجرَّد مُتَعٍ وأفراح وأوقاتٍ جميلة، وأنَّه يجب الاعتماد على الوقائع والحقائق القاسية في الحياة كي نتمكن من التعلُّم والتطور فيها؛ إذ ينبغي لنا أن نشعر بالشكر والامتنان لوجود هذه الأشياء في حياتنا على الرَّغم من صعوبة ذلك.

بدلاً من محاولة الاختباء من التحديات والشدائد وتجنُّبها، علينا أن نتقبَّلها ونستثمرها لأنَّنا نعلم بأنَّها ستجعلنا أشخاصاً أقوى متعدِّدي القدرات وأكثر حماسةً وتحفُّزاً وثقةً بالنفس ومرونةً ومهارةً وبراعة، مما سيحوِّلنا إلى أفرادٍ أكثر كُليَّةً في النهاية، إضافة إلى إضفاء مزيدٍ من المغزى والأهمية والرضى العميق إلى حياتنا.

يقول عالم النفس "هيو ماكاي" (Hugh Mackay): "يقول الجميعُ أنَّنا نتطور ونكبرُ عن طريق الألم، لكن حالما يشعرون به أو يتعرضون له، يستعجلون رحيلَه ويطالبونك بالابتهاج والمُضي قدُماً على الفور؛ فالكُلِّية هي ما ينبغي لنا أن نسعى جاهدين إلى تحقيقها؛ لكنَّ الحزن والإحباط وخيبة الأمل والفشل أجزاءٌ لا تتجزأ منها، ولا بدَّ من المرور بها للوصول إلى الكُلية؛ لأنَّها الأمور التي تحدد هويَّاتنا وشخصياتنا".

إقرأ أيضاً: ما هي الحياة المُرضية؟ إليك 5 قواعد لتعيش وفقاً لها

كيفية السعي إلى تحقيق الكُلِّية:

إليكَ بعضُ النصائح الهامة والأساسية لفعلها في حياتك كي تستفيدَ إلى أقصى حدٍّ من سعيك بجهدٍ إلى الكُلِّية وتستثمرَه بحكمة:

  • استفدْ من الشدائد والمِحَن في الحياة وانظر إليها بوصفها فُرَصاً يمكنك انتهازُها بدلاً من تجنُّبها، واسخرْ من أخطائك ومشكلاتك وتعلَّم منها، والتي يمكنك استجماعُ قوَّتك انطلاقاً منها، واستمتعْ بالتحديات والصعوبات التي تواجهها؛ ومن ثمَّ اهزمْها وتغلَّبْ عليها.
  • اسمحْ لنفسك بالشعور بالأحاسيس السلبية حقاً، بدلاً من محاولة استبعادها أو كبتِها، وذلك كي تتمكن من التعامل معها والتخلص منها، وسيطرْ بصورة كاملة على مشاعرك وأحاسيسك دون أيَّة عراقيل أو عوائق كي لا تتحكم تلك المشاعرُ بك دون علمك.
  • حاولْ إيجاد السلام والتصالح مع نفسك ومع ماضيك، وخُذْ قراراً بمسامحة نفسك ومسامحة الأشخاص الذين أخطؤوا بحقِّك أيضاً، بدلاً من البقاء غاضباً أو مجروحَاً طوال حياتك، وحاولْ فعلياً تقدير قيمة التجارب المؤلمة التي مررتَ بها لِما علَّمَتك إياه من معارف وخبرات.
  • بادِر في تحديد الثغرات المعرفية في خبراتك وتجاربك الحياتية، واتخذِ الخطوات والإجراءات اللازمة لمَلْئِها، حتَّى وإن تطلب منك الأمرُ تجاوز منطقة الراحة الخاصة بك.
  • حوِّلْ انتباهَك وتركيزك قليلاً إلى احتياجات الآخرين ومُتطلَّباتهم، وركِّزْ على تلبيتها بدلاً من التركيز على الأمور التي ترغب فيها فقط.

شاهد بالفيديو: 10 أفكارٍ مدهشة تساعدك على تطوير الذات

تفضيل الكُلِّية على السعادة:

حين تختار السعيَ وراء الكُلية بنشاط وفاعلية، ستشعر برضى وإنجاز كبيرَين في حياتك، وكذلك بالمزيد من السعادة والقناعة بها؛ لأنَّك ستكون في رحلة مستمرة من الاكتشاف والتطور، بدلاً من الشعور بالضغط والعبء بسبب تحديات الحياة وصعوباتها التي تُثقِل كاهلك؛ إذ سيدفعُك كلُّ ما يحدث في حياتك من خيرٍ وشرٍّ إلى التقدم نحو الأمام والتطور في حياتك، كما ستكون قادراً على تقدير قيمة كلِّ شيءٍ يعترض طريقك وستكون شاكراً لوجوده في حياتك أيضاً، بدلاً من الشعور بأنَّك الضحية التي تتعرض للظلم دوماً.

على كلِّ حال، لستَ ضحية؛ بل أنتَ إنسانٌ قوي للغاية يتمتع بحياة ممتعة ومثيرة للاهتمام ورائعة؛ ومن ثَمَّ تذكَّرْ ذلك جيداً، وعِشْ حياتك بناءً عليه، وفيما تعيشُ مُعترَك الحياة وتواجه كلَّ ما يعترضك من تحديات، ستتعلم أيضاً أن تحبَّ نفسك وتتقبَّلها وتفهمها بصورة أفضل، بينما تتعلم التغلُّب على الانكسار الذي في داخلك.

لذا أنصحك أن تختار الكُلِّية من اليوم فصاعداً، وفي المرة القادمة التي تشعر فيها بالحزن أو خيبة الأمل والإحباط، لا تحاولْ استبعاد تلك المشاعر أو كَبتها أو تشتيت نفسك عنها؛ بل اقبلْها كما هي، وتأقلمْ معها، واسمحْ لها بإضافة مزيد من التفهُّم والتعاطف والوعي والمعارف إلى حياتك.




مقالات مرتبطة