ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّنة "إرين فالكونر" (ERIN FALCONER)، وتُحدِّثنا فيه عن تجربتها مع المتعة التي يستطيع الإنسان تحصيلها من خلال السعي إلى تحقيق الأهداف.
إذا قرأ أي شخص منكم مقالاً سابقاً لي أو استمع لأحد مقابلاتي، أو أجرى حديثاً معي عن تطوير الذات، فسيعلمون أنَّني أُسأل باستمرار السؤال الشائع: "ما هو الجانب الأكثر أهميةً في تطوير الذات؟".
يكون جوابي دائماً دونما تردُّد هو العمل، لطالما كانت لديَّ قناعة راسخة بأنَّه مهما بلغت عظمة النوايا فإنَّها لا تفيد بشيء دون نقلها من الحيِّز النظري إلى العملي، ودائماً ما أُصاب بالدهشة من رد الفعل الحركي الفوري المستمر الذي يحدث عندما يتَّخذ المرء الخطوة الأولى، وعلى النقيض من الحالة التي نتخيل فيها أنَّ تحقيق الهدف صعب جداً، والذي قد يبدو مستحيلاً حتى، ومخيفاً في الخطوة الأولى والثانية، فإنَّ الخطوة الثالثة تصبح أسهل بكثير.
عندما نصبح في الخطوة الثانية أو الثالثة فإنَّ العملية تصبح تلقائية، ويصبح لدينا إيقاع معيَّن لم نظن أبداً أنَّنا نمتلكه، وتصبح الصعوبة التي عانيناها في البداية شيئاً من الماضي؛ أي إنَّنا نصبح قادرين على تحويل أحلامنا إلى واقع، ونحن في النهاية جسد وعقل في حالة حركة مستمرة، ونبدأ عندها بالشعور بمعنى الحياة، وهذا هو الأساس بالنسبة إلى تطوير الذات، وتحسين حياتك وحياة الأشخاص حولك.
يقول "يودا" (Yoda) وهو شخصية خيالية من فيلم حرب النجوم (Star War): "يجب أن تنجز الشيء أو لا تنجزه، فلا يوجد شيء اسمه المحاولة".
لقد اطلعت خلال مسيرتي في عالم التدوين على كمٍّ هائلٍ من كتب تطوير الذات التي تستكشف جميع الجوانب المتعلقة بعيش حياة أفضل، وبفضل ذلك أصبحت شخصاً أفضل نتيجة إمكانية الوصول إلى جميع هذه الأعمال الرائعة، ولقد تلقيت اليوم نسخة من كتاب سبَّب لي عنوانه دهشة لم أشعر بها منذ زمن طويل، وعنوان الكتاب هو: "سعادة السعي" (The Happiness of Pursuit)، إنَّه عنوانٌ بسيط يتضمن رسالة مرتبطة بالنصيحة التي أرددها دائماً، وهي "العمل"، واتبِّع نصيحة يودا.
ما أدهشني أكثر من الكاتب نفسه - وهو "كريس جيلبو" (Chris Guillebeau) الذي صاغ العنوان بذكاء - كان شيئاً في الرسالة لم أظن أنَّه مرتبط بشعاري، والذي هو بلا شك "العمل"، فحواه أن تستمتع وتعثر على السعادة في أثناء العمل.
لقد آمنت جداً الآن أنَّ السعادة التي نشعر بها عندما نعمل هي المكافأة، لكن "جوليبو"، الذي كان قد وضع هدفاً وهو السفر إلى جميع بلدان العالم قبل أن يبلغ من العمر 35 عاماً، وقد حقق هدفه، جعلني ألاحظ شيئاً أكثر أهميةً من ذلك، وهو أنَّ العملية بحد ذاتها تحقق لنا فوائد كثيرة، وأنَّه توجد علاقة مباشرة بين السعي والسعادة على الأمد الطويل.
لقد كانت هذه فكرة مُدهشة بالنسبة إلي، ومع أنَّني لا أُقيِّم كتابه، فإنَّني أنصح بشدة بأن تحصل على الإلهام؛ ومن ثمَّ تعمل بينما تسمع عن إنجازات استثنائية بجميع المقاييس قام بها أشخاص عاديون من أجل اكتشاف المعنى والعثور على الفرح والسعادة في السعي وراء الحياة الرائعة التي نمتلكها بداخلنا.
ما سأقدمه في هذا المقال هو 7 نصائح ضرورية للبدء بهذه العملية، وهي عملية ستغيِّر أو تبدأ بتغيير مسارك، وهي أشياء ستساعدك على تغيير تفكيرك، من السعي وراء السعادة إلى العثور على السعادة بحد ذاتها.
7 نصائح لتشعر بالمتعة في عملية السعي إلى تحقيق الأهداف:
إليك 7 نصائح لتشعر بالمتعة في عملية السعي إلى تحقيق الأهداف:
1. اكتشف هويتك وما تريده:
هذا هو الأساس في العملية؛ فاكتشاف نفسك هو الأساس للنجاح، وربما يكون أصعب جزء من العملية هو اكتشاف نفسك؛ لكنَّه أيضاً أكثر الأمور أهميةً، ويجب أن تخصص الوقت الكافي لتسأل نفسك الأسئلة الصعبة، حتى وإن كانت الإجابات مخيفة؛ لكنَّك لن تكون قادراً على تحقيق السعادة إلا من خلال التعرُّف إلى نفسك الحقيقية.
اسأل نفسك ما الذي يحفِّزك؟ وما الذي تبرع به؟ ما الذي يجعلك تنهض من فراشك باكراً، ويبقيك مستيقظاً في الليل؟ ما هي الأشياء التي تثير اهتمامك؟ كن صادقاً في الإجابة عن هذه الأسئلة، فبمجرد أن تجيب عنها ستمتلك المعايير التي تؤهلك لوضع خطتك.
شاهد بالفيديو: ما الذي يجعل كل واحد منا مميزا "ماريانا اتنسيو" "Mariana Atensio"
2. حدِّد أهدافك:
لا فائدة من الأحلام دون أهداف؛ فالأهداف هي ما تجعل أحلامك قابلة للتحقيق وتجعلك تتحمل مسؤولية ذلك، ودوِّن أهدافك وفكِّر فيما تريد تحقيقه، وكيف ستحقق ذلك وستمتلك مع وجود مجموعة أهداف موجزة رؤية واضحة لموقعك، وما الذي تريد تحقيقه، ويُعدُّ هذا التحليل الدقيق الذي يأخذ شكل أهداف بمنزلة خريطة الطريق التي تحتاج إليها لترسم لنفسك خطة النجاح.
3. جزِّء هذه الأهداف إلى معايير مُصغَّرة:
يصبح من الضروري - بمجرد أن تضع الخطة العامة - أن تجزئ هذه الأهداف الكبيرة إلى مقاييس مرجعية صغيرة الحجم ومقبولة، على سبيل المثال إذا افترضنا أنَّ هدفك هو الإبحار عبر المحيط، فإنَّ ذلك مستحيل دون تجزئة هذه الأهداف إلى خطوات أصغر، ويجب أن تسأل نفسك ما هو التدريب، والمعدات التي تحتاج إليها، وما هي الدراسات التي يجب أن تطلع عليها؟ تُدعى هذه العملية الاستعداد، وهذه العملية لا يمكن أن تُختصَر.
4. ابدأ بالتنفيذ:
إذا وصلت إلى هذه المرحلة، فقد أنجزت معظم الأمور الصعبة، فقد أصبحتَ مهيئاً، وامتلكت المعرفة اللازمة، والنتيجة أنَّك الآن أفضل بسبب قيامك بذلك، وفي هذه المرحلة تبدأ المغامرة الحقيقية.
يقول الرسام الإسباني "بابلو بيكاسو" (Pablo Picasso): "العمل هو أساس تحقيق النجاح"، وهذه هي المرحلة التي يجب البدء بتحويل أفكارك إلى واقع فيها، فحرِّر نفسك، وابدأ بالتنفيذ؛ فالعمل هو الشيء الوحيد الذي يحقق نتيجة، ولم يتبقَ شيء آخر تفكِّر فيه؛ لذلك ابدأ بالعمل، وهذه هي المكافأة النهائية، وفي هذه المرحلة تبدأ بالشعور بالسعادة بعد أن سعيت إليها، وفي هذه المرحلة يشعر المرء بالسعادة جرَّاء السعي إلى تحقيق الهدف.
5. قِس نجاحك:
سيصبح الأمر تلقائياً بمجرد أن تبدأ بتنفيذ أول خطوة، ولا يعني ذلك أنَّ كل مساعيك ستكلل بالنجاح؛ لكنَّك لا تستطيع التعلُّم دون أن تجرِّب، وهذه هي الطريقة التي تشعر فيها بالسرور جرَّاء الفشل مثلما تشعر به بسبب النجاح.
التعلُّم بذاته نجاح، وفي هذه المرحلة يكون من الهام أن تضمن في جميع الأحوال أنَّك على المسار الصحيح؛ لذلك من الضروري أن تتحقق وتقيس تقدُّمك، وأن تتعرف إلى مشاعرك، وتعرف متى يجب أن تعيد تقييم الموقف، ومتى يجب أن تستمر بالمحاولة.
6. كن مستعداً لتغيير المسار:
من أجمل الأشياء في إيجاد المتعة خلال السعي وراء الهدف هي أنَّها تسمح لك باكتساب منظور جديد، وبالطبع يجب دائماً أن تتذكر هدفك أو مهمتك الأكبر؛ ففي النهاية هذا هو ما تسعى من أجله، لكن يجب أن تتذكر أنَّ الأشياء تتغير، وكذلك الأشخاص، والظروف وفي النهاية قد يتغير هدفك أو يتعدل تعديلاً طفيفاً إذا فهمت عملية التعلُّم والتطوُّر وأدركتها.
كن منفتحاً على النتائج أو العواطف غير المتوقعة، فهذه هي الطريقة التي نتعلم ونتطور من خلالها، وهذا هو الهدف من كل العملية، وليس فقط الوصول إلى النتيجة النهائية؛ وذلك لا يتم إلَّا بتقبُّل كل الأشياء الرائعة غير المتوقعة والتي تحدث خلال العملية؛ لذلك كن مرناً ومنفتحاً على أية نتائج تحدث خلال العمل؛ لأنَّك تعرف أنَّك أنجزت العمل المطلوب.
7. كرِّر العملية مجدداً:
الحياة عبارة عن تجارب مستمرة، تستطيع دائماً أن تتعلم وتتطور وتستمتع، وبمجرد أن تنجز أية مهمة بدأت بالعمل عليها، فلا تتوقف عن تكرار المحاولة لتحقيق أهداف جديدة، وضع أهدافاً جديدة، ومعايير جديدة، وابدأ من جديد، وإذا شعرت بالخوف وعدم اليقين، فيجب أن تعلم أنَّ هذا هو جوهر الحياة، وهو التغلُّب على هذه المشاعر.
إذن عندما تنتابك الشكوك، يجب أن تقنع نفسك بضرورة العمل؛ فالحماسة في السعي إلى تحقيق الأهداف هي بحد ذاتها أكثر من كافية لتكون حافزاً.
في الختام:
يجب أن تسعى إلى تحقيق أهدافك، وأن تُبقي جسمك متحركاً باستمرار، فلا أحد منا يرغب في أن يبقى ساكناً في الحياة دون أهداف.
أضف تعليقاً