ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن 7 أشياء عليك أن تصرَّ عليها بصرف النظر عما يقوله الناس.
تعجَّبت من التغيير الذي طرأ على حياتي اليوم حينما استيقظت هذا الصباح، ففي الماضي كنت أستيقظ منزعجاً في بداية كل يوم جديد، بينما أستيقظ الآن متحمساً له وراضياً عن حياتي، وأنا سعيد جداً لأنَّني فعلت ما كان يجب عليَّ فعله، وتغلبت على الأوقات الصعبة والمخاوف، وأعدت تنظيم حياتي باستخدام النشاطات والقيم التي تمدني بالحيوية اليوم.
أقول لك هذا لأنَّني أعلم أنَّ الحياة يمكن أن تربكنا أحياناً، فيمكن أن ينشغل المرء لدرجة أنَّه ينسى مدى أهمية الإصغاء إلى نفسه بدلاً من إعطاء جلَّ اهتمامه للآخرين، ولكن من حسن الحظ يمكن أن تغير مجرى حياتك إذا أردتَ ذلك مهما كان عمرك، ومثلما غيرت حياتي، أعرف مئات الأشخاص الآخرين الذين فعلوا الشيء نفسه، وخلال حياتي شاهدت أشخاصاً يعيدون اكتشاف أنفسهم؛ فيكوِّنون عائلات في عمر الـ 48، ويتخرجون من الجامعة في عمر الـ 57، ويطلقون شركات ناجحة في عمر الـ 71.
7 أشياء عليك الإصرار عليها بغض النظر عن كلام الناس:
يعتمد كل ذلك على إصرارنا على إجراء التغييرات، والتزامنا بها، وعليك أن تتذكَّر أولاً أنَّ سعادتنا تعتمد علينا، وتوجد بعض الأشياء في الحياة عليك الإصرار على القيام بها، بصرف النظر عما يقوله الآخرون عنها، وإليك 7 منها فيما يأتي:
1. الإصرار على عيش حياتك وفقاً لرؤيتك:
لم ينشأ معظمنا على فكرة السعي إلى تحقيق هدفنا في الحياة، ولم يحدد معظمنا حتى ذلك الهدف، ولم يخبرنا أحد في طفولتنا أنَّ لنا مكانة فريدة في الحياة؛ بل علَّمونا غالباً أنَّنا يجب أن نلبي توقعات الآخرين، ونجد سعادتنا كما وجدوا سعادتهم تماماً، وبدلاً من أن يعلِّمونا اكتشاف ذواتنا يدربوننا على فعل كل شيء وفقاً لرأي الآخرين، وذلك حتى نكاد نعيش حياتنا كما يريدون، ونصبح نسخة عنهم.
حينما نفتش عن أحلامنا فيما بعد، ونسعى إلى تحقيق غاياتنا، نجد أنَّ معظم أحلامنا لم تتحقق؛ لأنَّنا ظننا وظن من حولنا أنَّ ما أردناه كان بعيداً عن متناولنا؛ لذا حان الوقت للتخلص من هذه الأكاذيب وإجراء تغييرات، وحتماً يتطلب الأمر شجاعة لتكتسب الحكمة وتكوِّن شخصيتك الخاصة حقاً، واليوم هو أول فرصة لأخذ خطوة نحو ذلك.
2. الإصرار على التخلص مما لا يهمك في حياتك:
كلما تخلصت من الأفكار السلبية في حياتك، تفسح المجال لتعم فيه الإيجابية، لذا يمكنك التخلي عن كثير من الأمور في الحياة دون أن تخسر أيَّ قيمة؛ وذلك ما يُدعى بالنمو؛ فالتخلي عن الأشياء القديمة يفسح المجال للأشياء الجديدة، والتخلي عن الأشياء غير المناسبة يفسح المجال لما يناسبك، وعندما يكون التمسك بشيء مؤلماً أكثر من التخلي عنه، فقد حان الوقت للتخلي عنه والنمو.
بعبارة أخرى، ابدأ بالتخلص من العادات والروتين والظروف التي تعوقك لتصبح حياتك بذلك بسيطة وممتعة أكثر، فلا يمكنك اكتشاف أشياء جديدة إلا إذا اكتسبت ما يكفي من الشجاعة للتخلي عن الأشياء القديمة والمألوفة، لذا تحلَّ بالشجاعة، واتبع قيمك، وأحدث التغييرات التي تريدها، وتجرأ على أن تكون مختلفاً واستمتع بذلك.
شاهد بالفيديو: كيف تتعامل مع الناس بذكاء
3. الإصرار على العمل بكل شغف:
ثمة اختلاف كبير بين التعب الذي لا طائل منه، والتعب المُجزي؛ فالحياة قصيرة جداً وعلى المرء أن يستثمرها في نشاطات هادفة، وإياك أن تنتظر ظنَّاً منك أنَّك ستعثر بذلك على شيء جديد أو مختلف يثير شغفك، فإذا أردتَ الشعور بمزيد من الشغف، فوجِّه كل طاقتك ومشاعرك على المهمة التي تعمل عليها، ولا تنتظر حتى تُتاح لك فرص أفضل في المستقبل؛ بل ركِّز واستمتع بالفرصة المُتاحة أمامك في الوقت الحاضر، ولا تفكر بمهام الغد؛ بل وجِّه تركيزك على مهام اليوم، وامنح كل اهتمامك لعلاقاتك الحالية مع الآخرين والأحاديث التي تجريها معهم.
الهدف هو سبب كل ما تفعله، والشغف هو ما يحفزك على العمل؛ لذلك تعلَّم أن تعيش كل يوم من أيامك بشغف وهدف، واعلم أنَّ كل لحظة جديرة بالاهتمام، ولديك بلا شك كثير مما يستحق وقتك وطاقتك، وثمة مواقف وأشخاص في حياتك يحتاجون إلى تركيزك، وأنت تمتلك مقداراً كبيراً من الشغف الذي ينتظر أن تطلق له العنان.
4. الإصرار على بذل الجهد وتطوير الذات:
بإمكانك إنجاز كثير من الأشياء العظيمة إذا لم تؤجل العمل عليها دوماً؛ فعليك باتخاذ خطوة إلى الأمام فوراً وبذل ما يكفي من الجهد في حياتك الآن؛ لأنَّك ستحصد نتاج هذا الجهد في المستقبل.
الأيام الهادفة هي التي تبذُل فيها قصارى جهدك لتحقيق تقدُّم في الحياة، لذا يجب أن تحاول تقديم أفضل ما لديك على الأقل مرة كل يوم، وتعمل على مهام صعبة، ومُتعِبة نوعاً ما، وبالطبع لا يرغب معظمنا بالتجارب غير المريحة على الإطلاق؛ لذلك نحاول تجنُّبها دون وعي، ولكنَّ المشكلة في هذا النمط من السلوك هي أنَّنا نفوِّت على أنفسنا، فعندما نتجَنَّب التجارب غير المريحة وما تقدِّمه لنا من فرص لتطوير الذات، لا نغتنم بالتالي سوى الفرص الواقعة في منطقة راحتنا، ولأنَّ منطقة الراحة صغيرة نسبياً؛ فإنَّنا نفوِّت أهم التجارب وأكثرها فائدة، ونصبح حبيسي عادات مريحة ورتيبة تؤدي في النهاية إلى إنهاكنا نفسياً، ونواظب في هذه الحالة على نفس النمط من السلوك والعادات، ونحصل على نفس النتائج دائماً، ولا نبلغ أقصى إمكاناتنا.
غيِّر خياراتك، واسعَ لتكون في بيئات تسهم في توسيع مداركك، واقضِ الوقت مع أشخاص مُلهِمين يشجعونك على تنمية نفسك، واقرأ الكتب، وطوِّر نفسك، وعزز مهاراتك، ففي النهاية أنت تعيش الحياة التي تختارها.
5. الإصرار على تجاهل انتقادات الآخرين:
لا تكترث للانتقادات السلبية التي يوجهها الآخرون إليك، ولا تهدر أنفاسك عبثاً للرد على بعض الأشخاص، فالصمت أبلغ من الكلام أحياناً، لذا قبل أن تضيع وقتك في الغضب أو الحقد أو الإحباط، فكر في قيمته وتذكر أنَّه لا يُعوَّض.
عندما بدأتُ الكتابة، كنت أقلق بشأن ما إذا كان الناس سيعتقدون أنَّ ما أكتبه جيد بما يكفي، وكنت أتمنى بشدة أن ينال إعجابهم، وأحياناً كنت أتخيل أنَّه لم يعجبهم، ثم أدركتُ لاحقاً مقدار الطاقة التي كنت أهدرها في القلق بشأن ذلك؛ لذلك تعلمتُ تدريجياً التصالح مع فكرة عدم حاجتي إلى معرفة آراء الآخرين.
بعض المشكلات في الحياة، مثل عدم معرفة رأي الآخرين فيك ليس لها حل حقاً، واعلم أنَّك لا تستطيع التحكم في شعور الآخرين نحوك أو رأيهم في تصرفاتك؛ لأنَّهم سيحللونها وفقاً لظروفهم الحالية، والتي ربما لا علاقة لها بك، فلا تكترث لذلك، واستمر في فعل ما تحبه بشغف وحب.
6. الإصرار على تقبُّل طبيعتك الإنسانية:
"الإنسانية" هي السمة الوحيدة التي نولد بها، ولكنَّنا ننعت أنفسنا بصفات مثل: مطلَّق أو مريض أو فقير، وننسى أنَّ الحالة التي نحن فيها الآن لا تمثِّلنا، وأنَّنا نتغير عدة مرات في حياتنا بينما تبقى السمة الثابتة هي إنسانيتنا، لذا سامح نفسك على القرارات السيئة التي اتخذتها، وعلى الأوقات التي لم تفهم فيها موقفاً ما، وعلى الخيارات التي أضرَّت بنفسك وبالآخرين دون قصد، فجميعها دروس هامة، والأهم من ذلك هو رغبتك في تحقيق النمو منها.
تزداد قدرتنا على التكيف مع تغيرات الحياة، وذلك بعد مسامحة أنفسنا وتقبُّل إنسانيتنا، فنتجاوز الأمور التي ظننا أنَّنا لا نستطيع العيش من دونها، ثم نتقبل ما كنا نرفض وجوده في حياتنا، لذا تذكَّر أن تمتن دوماً للتقدم الذي أحرزته في حياتك، فقد تجاوزت كثيراً من الصعوبات التي أسهمت في تنميتك، واتخذت الخطوات اللازمة لتحسين نفسك، فكن ممتناً لذلك لتحقق التقدم دوماً.
7. الإصرار على تذكير نفسك بأهمية كل خطوة:
تشكِّل الأمور البسيطة فرقاً كبيراً في النهاية، فكل خطوة ضرورية، والحياة ليست لحظات منعزلة من الإنجازات والمكاسب؛ بل هي محن وأخطاء توصلك إلى هدفك، وجهد وكَدٌّ ونشاطات بسيطة تمارسها يومياً، وكل شيء هام في النهاية، فكل خطوة وتصرف ندمت عليه وقرار اتخذته وانتكاسة بسيطة تعرضت لها ومكسب ضئيل هو أمر هام في النهاية.
كل حدث يبدو بلا نفع هو أمر هام، فالوظيفة التي عملت فيها وأنت في الجامعة وكنت تتقاضى فيها أجراً زهيداً هامة، والأمسيات التي قضيتها في التعرف إلى زملاء لم تلتقيهم بعد ذلك هامة، والساعات التي قضيتها في كتابة مقال تعبِّر فيه عن أفكارك ولم يقرأه أحد هام، وجلسات التأمل في خطط المستقبل المعقدة التي لم تتحقق هامة، وكل الليالي التي قضيتها وحيداً تقرأ روايات وأخباراً وتشكك في مبادئك وفيما إذا كنت جيداً كما أنت هامة، فكل تلك الأحداث قوَّتك وقادتك إلى كل نجاح أحرزته، وكوَّنت شخصيتك التي تعرفها اليوم، وأثبتت أنَّك تمتلك القوة للتعامل مع الصعوبات التي تواجهك.
في الختام:
حان الوقت لتمنح الأولوية لنفسك، ويبدأ ذلك من خلال الاعتراف بأنَّك ضيعت كثيراً من الوقت في التقليل من شأن نفسك دون وعي، والرغبة بأن تكون شخصاً مختلفاً لا يتحسس ولا يتردد؛ ذلك لأنَّ قلبك كان مفطوراً، ولم ترغب بإبعاد الناس عنك؛ بل أردت أن يحبوك، ويشعروا بقيمتك كي تشفى جراحك، ولفترة طويلة ظلمت نفسك وأنت تخفيها خلف ابتسامات مزيفة إرضاءً للآخرين، بينما كان قلبك يتألم.
لكن اختلفت وجهة نظرك للأمور الآن؛ فالتقليل من شأن نفسك لم يعُد منطقياً، وبتَّ تدرك أنَّ بصرف النظر عما تفعله أو كيف تتغير، فإنَّ بعض الأشخاص لن يتفقوا معك أبداً، ولا بعض المواقف ستنمِّي روحك، وتعلمُ الآن أنَّ عليك فعل الأمور المناسبة فحسب؛ ليس لأنَّ الآخرين يرونها كذلك؛ بل لأنَّك تعرف الآن أنَّ أولوياتك وقيمك هي الهامة، وربما تعرضت للخيبة بسبب الشدائد، أو فقدت مسارك بسبب إخفاقات الماضي، ولكنَّ ذلك لم يكسرك؛ لذا لا تدع أي شيء أو أي شخص يقنعك بخلاف ذلك، ومن ثم عالج نفسك عبر تجنب التقليل من شأن نفسك.
أضف تعليقاً