سنقدِّم في هذا المقال اللقاء الذي أجراه معهما موقع "ساكسيس دوت كوم" (Success.com) تُجيبان فيه عن كيفية تحوُّل شغفهما إلى مشروع تجاري، إضافة إلى نصائح لروَّاد الأعمال المبتدئين.
سام سيدني:
بدأت "سام سيدني" بتصميم لوحات شخصية باستخدام القماش هي وأطفالها الأربعة خلال الجائحة، وبعد حصولها على مقابل مالي لقاء لوحات شخصية لتسعة من مشاهير الموسيقيين طلبتهم منها صديقتها التي درست معها في المدرسة الثانوية، فقد أصبحت تجني الآن ما بين 125 دولاراً إلى 575 دولاراً لقاء كل عمل من أعمالها الفنية، وذلك وفقاً للقاء أجرته معها مجلة "تشارلستون" (Charleston Magazine).
تقدِّم "سام" على موقعها الإلكتروني المطبوعات الفنية، والرسومات على الأكواب، والملصقات، وغير ذلك، وتقول: "أنا متخصصة في الفن، ولكن لم تكن لديَّ أي خبرة في مجال المشاريع التجارية على الإطلاق، ولكنَّني أعتقد أنَّ الشيء الذي ساعدني جداً على الانطلاق بهذا المشروع هو عدم رفض أي شيء على الإطلاق، وبخاصة الأشياء التي تمنحني الشعور بالمتعة، ويمنحني عملي في هذا المجال الشعور بالابتكار، وكل ما أفعله أنَّني أمنحه كامل طاقتي، وأندمج كلياً فيه".
ما هي أكثر الصعوبات التي استغرقت منك وقتاً لتجاوزها؟
تجيب "سام": "أكثر صعوبة احتاجت مني إلى وقت لتجاوزها هي محاولة إدراك ما يجب أن أقوم به، وما يجب أن أطلب بشأنه المساعدة؛ إذ يُعدُّ هذا الأمر أساسياً لتحقيق النجاح حتى في الحياة الشخصية، وليس فقط في مجال الأعمال، وكل ما أستطيع فعله هو صنع القطع الفنية، ونشرها على تطبيق "إنستغرام" (Instagram)؛ لأنَّني أريد أن يعبِّر عملي الفني عن هويتي، وفيما عدا ذلك، فإنَّه لا مانع من الاستعانة بالآخرين، ويساعدني أطفالي مثلاً في حزم الطلبات التي أتلاقاها من موقعي الإلكتروني، وأستعين بالآخرين من أجل شحن الطرود".
ما هو الشيء الذي وجدتِ أنَّه الأكثر أهميةً عند البدء بمشروعك التجاري؟
تقول "سام": "حدث الأمر بشكل طبيعي جداً، ولذلك أمنحه كامل طاقتي، وأندمج به كلياً؛ إذ تتوالى الفرص بشكل دائم الآن، ولكنَّني مقتنعة بما أقوم به؛ لذلك لا مشكلة لديَّ إذا توقف المشروع التجاري في أي وقت، فلا أشعر أنَّني أقوم بهذا العمل بوصفه نوعاً من الواجب، وكل ما في الأمر أنَّني أستمتع به، وأنتظر ما سيحدث لاحقاً، لذا لم أبدأ بهذا العمل لأنَّني أردتُ تأسيس مشروع تجاري، وبدأت بهذا العمل؛ لأنَّني أردتُ القيام بعملٍ فني مع أطفالي إلى أن تم شراء أول قطعة فنية من أعمالي".
كيف بدأتِ فعلياً بتحويل هذا النشاط إلى مشروع تجاري؟
في البداية كنت أصمم قطعة فنية واحدة وأنشرها على "إنستغرام"، ومن ثمَّ قررتُ أن أصممَ قطعةً فنيةً واحدة كل يوم، وبدأت لاحقاً بالتفكير بتصميم قطع فنية مناسبة للعطل الوطنية، وتصميم لوحات شخصية للمشاهير، فمثلاً إذا كنا نحتفل بيوم الكعك الوطني - الجمعة الأولى من شهر يونيو/حزيران في الولايات المتحدة الأمريكية "USA" - أقوم عندها بتصميم قطعة فنية عن هذا اليوم، وأنشرها على حسابي في "إنستغرام"، ويراها المتابعون ويطلبون شرائها، وبدأتُ لاحقاً بتأطير القطع الفنية بعد أن كنت أبيعها دون إطار، ووجدتُ أنَّني بحاجة إلى موقع على الويب من أجل بيع لوحاتي، فالأمر أشبه بتجربة شيء على سبيل المتعة، ومن ثمَّ ترغب بالقيام بمزيد منه".
ما هي النصيحة التي تقدمينها لروَّاد الأعمال المبتدئين؟
أعتقد أنَّ سبب نجاحي لغاية الآن هو كوني منظَّمة ومنضبطة ذاتياً، لذا أعِدُّ أنَّ ما أقوم به هو عملي، وأُحبُّ أن أنجزَ قائمةَ مهامي، ولكنَّني أفكِّر أنَّه لا بأس بأن أؤجل بعض المهام قليلاً، لذا أعتقد أنَّ هذه هي القواعد التي تضبط حياتي، وهي أن تكون منظَّماً، وتستمتع بما تقوم به، وتمنح عملك كامل طاقتك، فلا أصدق أنَّ الكثيرين يراوحون في مكانهم طوال فترة طويلة من حياتهم؛ لذلك أعتقد أنَّني أرغب بالقيام بهذا العمل بكل ما لديَّ من إمكانات".
شاهد بالفديو: كيف تكتشف شغفك وتصل إليه؟
شركة "كيب آن سي سالت" (Cape Ann Sea salt):
شركة "كيب آن سي سالت" هي مؤسسة حرفية لتصنيع الملح البحري مقرها في "روكبورت" (Rockport) في شبه جزيرة "كيب آن" الواقعة في ولاية "ماساتشوستس" (Massachusetts) الأمريكية، وبدأت الشركة بإمكانات متواضعة؛ فكانت مؤسسة الشركة "آنا باغلانياس" تقوم في عام 2020 بجمع مياه البحر وتصفيتها، ومن ثمَّ تبخيرها في دفيئة في فناء منزلها، فإنَّ الملح الناتج هو بفعل التبخر بالطاقة الشمسية، ودون الحاجة إلى وقود الأحفوري، ومن ثمَّ يُعبَأ في عبوات قابلة لإعادة التدوير.
تقدَّر نسبة ارتفاع مبيعات "آنا" منذ بداية مشروعها لغاية الآن بـ 4 أضعاف؛ إذ تقول "آنا": "بدأ اهتمامي بهذا الأمر عندما كنت في مدينة "باريس" (Paris) في العشرينيات من عمري، فكنت أعمل في مخبز فرنسي، وعندما رأيت عبوة من الملح الرمادي البحري الفرنسي كان الأمر مفاجئاً بالنسبة إلي، فلم أكن أعلم أنَّه يوجد ملح غير الذي تصنِّعه شركة "مورتون سولت" (Morton Salt)".
ما هي الصعوبة التي واجهتك والتي استغرقت منك وقتاً لتجاوزها؟
تجيب "آنا باغلانياس إيفز": "أكبر صعوبة واجهتها؛ هي التغلُّب على مخاوفي وشكوكي بذاتي، فمن بين جميع أصدقائي المحبين للطعام كان يُنظر لي بصفتي شخصاً من غير المُحتمل أن يؤسس مشروعاً تجارياً في مجال الأغذية، وعلى الرغم من أنَّه كان واضحاً للغاية منذ أول مرة بعتُ فيها مُنتجي في سوق زراعي أنَّ لديَّ مُنتجاً عالي الجودة، وقد نال إعجاب الزبائن، ومع ذلك استمرت شكوكي بنفسي، لذا قضيت لغاية الآن عامان ونصف العام في هذا المجال، وأنا أتحسَّن في عملي بمرور الوقت، فعندما أعاني الآن من الحيرة في مجال ما يتعلق بمشاريع الطعام، فإنَّني أتعلَّم عنه، وأتابع العمل، ولا أسمح لعدم معرفتي بأن تكون عائقاً؛ بل أستثمر حالة عدم اليقين هذه لأُحسِّن مُنتجي ومشروعي التجاري، وأعلم بالطبع أنَّني أحتاج إلى مزيد من المعرفة في هذا المجال، ولذلك أنا مُنفتحة دائماً على فرص التعلُّم وتطوير الذات، وأعتقد أنَّ هذا الأمر جيد".
ما هو الأمر الذي تعتقدين أنَّه الأكثر أهميةً في تأسيس مشروعك التجاري؟
"آنا إيفز": "الأساس هو معرفة كيفية تأسيس علامة تجارية، لذا يمكن أن يكون لدى أي رائد أعمال مُنتجاً رائعاً، ولكن لن يحقق النجاح إذا لم يكن الناس مهتمين بشرائه، لذا يجب أن يتعلَّم رائد الأعمال كيفية التسويق، وبناء العلامة التجارية، وكيفية الوصول إلى جمهور أكبر، أو أن يقوم بتوظيف أشخاص يفهمون هذه الجوانب من العمل التجاري، فمرطبانات الملح الخاصة بُمنتجي مصممة بعناية، وذات مظهر أنيق للغاية، ولذلك يرغب الناس بوضعها في مطابخهم، وتقديمها كهدايا، وقد تعمدت أن تبدو المرطبانات بهذا الشكل كنوع من استراتيجية التسويق.
لقد أخبرني معظم تجار التجزئة أنَّهم يفضِّلون مُنتجي أكثر من مُنتجات بعض المنافسين؛ وذلك فقط لأنَّهم أحبوا شكل المرطبان، وطريقة التعبئة، وبمعنى آخر، فقد أحبوا علامتي التجارية".
كيف تحوَّل اهتمامك بالملح البحري إلى مشروع تجاري؟
تقول "آنا": "أنا أحب الملح، وبخاصة الملح البحري، ونظراً لأنَّني أعيش في مدينة ساحلية؛ فقد كان من السهل عليَّ جداً استخراج الملح البحري، لذا أسست الشركة في شهر مارس/آذار من عام 2020، وقد كانت قراءة وتعلُّم تقنيات استخراج الملح جزءاً من شغفي، وكنت أشاهد مقاطع فيديو على موقع "يوتيوب" (Youtube)، وأقرأ كتباً عن الطرائق القديمة لاستخراج الملح، ومن هنا وقع اختياري على منظومة تبخير المياه بواسطة الطاقة الشمسية.
كنت أفكر في هذا الأمر منذ سنوات، ولكن لم أجد الوقت الكافي للقيام بها، لذا بدأتُ أولاً بالحرص على صناعة ملح عالي الجودة؛ لأنَّني سأخسر العميل في حال قدمتُ عينة سيئة، ولذلك لم أتردد في التخلص من العينات غير الجيدة، ولكن بعد أن تتأكد من جودة منتجك، فسيكون لديك بعض المهام الرتيبة، مثل تحويل النشاط إلى مشروع تجاري، والحصول على جميع التصاريح، لذا يجب لاحقاً أن تقوم بالتسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والصحف المحلية، وعرضه في المحال التجارية.
بدأتُ أولاً بالترويج للمُنتج من خلال طرحه في أسواق المزارعين (من المُنتج إلى المستهلك مباشرةً)، وغير ذلك من المناسبات الشخصية؛ وذلك من أجل الحصول على عملاء دائمين، وقد توسَّع اهتمامي بمشروع إنتاج الملح منذ تلك المرحلة".
شاهد بالفديو: 10 تفاصيل صغيرة من أجل نجاح باهر
بماذا تنصحين روَّاد الأعمال المبتدئين؟
"آنا": "أهم شيء هو أن يضمن رائد الأعمال جودة مُنتجه ورضاه عنه، فإذا لم تجد أنَّ مُنتجك جيد، فلا تتوقع من الآخرين ذلك، لذا اجعل مشروعك قائماً على أساس متين، حتى لو تطلَّب ذلك منك التطوُّر ببطء، لأنَّك ستكون قادراً في هذه الحالة على تلبية الطلبات، وطرح مُنتجك بشكل مستمر في السوق، حتى لو واجهتك بعض المشكلات، ولا تتردد في التكيف من أجل الوصول إلى جمهور أكبر من العملاء.
لقد ساعدني تنويع أسعار المُنتج بحسب الطلب على تحسين مبيعاتي عند بداية تأسيس المشروع، وأدى إلى الحصول على عملاء دائمين، وأخيراً؛ لا بأس ببداية متواضعة، فلا تعتقد أنَّك تحتاج إلى كثير من المال للبدء بمشروعك التجاري؛ إذ بدأتُ هذا المشروع من خلال بعض المدخرات، ومن ثمَّ استثمرتُ الأرباح من أجل تطوير المشروع، ولدي خطة لـ 5 سنوات لاحقة من أجل تطوير المشروع، وسأفكِّر في نهاية هذه المدة بقرض لدعم المشروع التجاري من أجل الارتقاء بمشروعي إلى مستوى أعلى".
في الختام:
لقد قدَّمنا في هذا المقال تجربة رائدَتي أعمالٍ حقَّقتا النجاح من خلال السعي وراء شغفهما في الحياة، ولم يكن السبب في النجاح هو وفرة المال أو الحصول على مستوىً عالٍ من التعليم الأكاديمي؛ بل إنَّه الشغف والإرادة بالدرجة الأولى، ومن الممكن لأي شخص أن يحقق النجاح بهذه الطريقة.
أضف تعليقاً