6 عناصر لتعزيز روح التحدي

ماذا لو كنت ترغب في تعزيز روح التحدي لديك؟ كيف تفعل ذلك؟

حسناً، الأخبار السيئة هنا هي أنَّ كل شخصٍ سيجيب بشكلٍ مختلفٍ عن هذا السؤال؛ لأنَّ كل شخصٍ ينظر إلى الأمر بطريقة مختلفة، ومع ذلك؛ فإنَّ الخبر السار هو: وجد طرائق يمكن أن يساعدك اكتشافها على اتباع المنهجِ الصحيح، ويمكنك تطوير تلك الطرائق بنفسك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدون "دوغلاس كارترايت" (Dougla Cartwright)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته الشخصية مع تعزيز روح التحدي.

وأحد الطرائق التي أعرفها والتي يمكن أن تساعدَ حقاً، هي تعلُّم البرمجة اللغوية العصبية أو علمُ الأعصاب وتطبيقها على نفسك، إضافة إلى الاستعانة بمدرب خبيرٍ أو ممارسٍ لمساعدتك.

بالنسبة إليَّ، بعد 16 عاماً من العمل في التطوير الشخصي، أنا أطور الآن روحَ التحدي، وقد استغرق الأمر وقتاً طويلاً معي، وإذا كانت تجربتي ستجعلك تدرك أنَّك قادرٌ على تحدي الصعاب، فسأخبرك قصتي.

عندما كنت شاباً، نشأت في منزل قُمِعَت فيه استقلاليتي من قبل والدتي المريضة عقلياً والتي لم تكن قادرةً على تقبلِ أي آراء أخرى غير آرائها، لقد تعرضتُ للإيذاء النفسي والجسدي، ولم يفعل أحد أي شيء حيال ذلك، كما تعرضتُ للتنمر الشديدِ في المدرسة الثانوية حتى وصلتُ إلى درجة الانهيار العصبي، وانفصلت عن زوجتي، وفقدت وظيفتي في المبيعات وشقتي وأولادي في نفس العام.

بعد عام تقريباً من الانفصال، ذهبتُ إلى "ويلز" (Wales) بجوار "إنجلترا" (England) لأتسلق الجبال، ولم أكن أتوقع تماماً أن أستعيدَ قوتي ونشاطي، وبينما كنت أقفُ على قمة جبل "سكيريت" (Skirrit) أنظرُ إلى الطيورِ وهي تحلقُ في السماء، ثم هبَّت رياحاً شديدةً كادت أن تدفعني عن القمة، في تلك اللحظة أدركتُ أنَّني لا أريدُ أن أموت.

بعد مرور عدة سنوات، تزوجتُ مرةً أخرى من امرأةٍ رائعةٍ تحبني، ونحن ننتظر الآن قدوم طفلنا الأول، كما حصلتُ على عمل أفضل، ولديَّ الآن عملي بصفة مدربٍ ناجح، وأعمل في الجمعيات الخيرية، وقريباً في هيئة الخدمات الصحية الوطنية.

لقد كنت سابقاً في أسوأ حالاتي، ولكنَّني قررتُ الخروج من هذه الحالة؛ لذلك أعتقد أنَّ ما سأقوله لك سيفيدك.

لقد وجدتُ أنَّ تعزيزَ روحَ التحدي يتطلب:

  • وجود معتقداتٍ عما هو هام في الحياة (القيم).
  • تشكيل رؤية متماسكة من تلك المعتقدات.
  • التعامل مع الخوف من الخسارة.
  • تعلُّم المخاطرة.
  • تطوير طريقة تفكير متفائلة.
  • اتخاذ الإجراءات.

تعزيز روح التحدي:

سنتحدَّث فيما يأتي عن كل عنصر من هذه العناصر:

أولاً: وجود معتقدات عما هو هام في الحياة (القيم)

في فيلم أليس في بلاد العجائب، يقول القط "شيشاير" (Cheshire) لأليس (Alice): "إذا كنتِ لا تعرفين إلى أين أنتِ ذاهبة، فإنَّ أي طريق سيقودك إلى وجهتك".

أنت تحتاج إلى تحديد ما هو هام بالنسبة إليك، أو تحتاج إلى تحديد ما يهمك في الحياة، هذه النقطة الثانية هامة؛ لأنَّ معظم الكتب تخبرك "بمعرفة قيمك"، ولكن في بعض الأحيان قد لا تُقدِّر ما تحتاج إليه لتحقيق النجاح.

بالنسبة إلي، كان عليَّ الاهتمام بخدمة الآخرين وكسب المال، إضافة إلى الاهتمام بشكاوى زوجتي والإصغاء إليها حتى عندما تتحدث عن شيء فعلته معها وأزعجها.

لم تكن هذه قيماً ولدت وترعرعت على أساسها، وإنَّما كان يجب عليَّ أن أجد طرائق لاعتمادها من أجل النجاح، وقد تسأل: "كيف يمكنني أن أُقدِّر شيئاً لا أهتم لأمره"، الفكرة هنا في إيجاد الطرائق ومعظمها قد لا تكون سهلة؛ لكنَّها موجودة.

إحدى الطرائق البسيطة لزيادة أهمية شيء ما هي كتابة الأسباب التي تجعل هذا النشاط الجديد أو طريقة التفكير هامة بالنسبة إليك.

عندما تحدد ما تريد تحقيقه في الحياة، لن تسمحَ لأي عائق بمنعك من السعي إليه، وستكون مستعداً له.

ثانياً: تشكيل رؤية متماسكة من تلك المعتقدات

تتكون الرؤية من قيم (معتقدات تتعلق بما هو هام) ويمكن أن يساعدك تجميع قيمك معاً على تكوين رؤية، وعلى سبيل المثال عندما تكون مقتنعاً بأنَّ الناس يجب أن يحصلوا على وسائل الراحةِ الأساسيةِ لوصفها حقاً من حقوقهم، وتؤمن بأنَّ جميع الناس خلقوا متساوين، وبأنَّه لا يوجد تمييز، فستتمكن من تحديد رؤيتك.

لا تخف من بناء رؤيتك بصورة تدريجية، فالقليل من الناس يحصلون على الإلهام الكاملِ أو يعرفون بالضبط ما يريدون القيامَ به، والأمر غير المقبول هو الاكتفاءُ بعيش حياةٍ متواضعةٍ؛ لأنَّك لا تعرف حتى الآن ما الذي تريد القيام به.

تساعدك الرؤية على التخلص من النشاطات غير الضرورية، وكلما عرفتَ ما الذي تريده، كان بإمكانك تحديد أولوياتك بصورةٍ أفضل.

شاهد بالفديو: 10 معتقدات إيجابية يجب أن تتبناها

ثالثاً: التعامل مع الخوف من الخسارة

التعامل مع الخوف من الخسارة هو أمر يصيبُ معظم الناسِ، فمعظم الناس لديهم حلم أو قادرون على أن يحلموا، ولكن مع تقدمنا في العمر، وزيادة ممتلكاتنا، وتأسيس عائلة علينا إعالتها وحمايتها، نشعر بالخوف من فقدان ما لدينا، وأنا لا أتحدث هنا فقط عن الممتلكات المادية؛ إذ لدينا أيضاً خوف من فقدان السمعة الحسنة، وخوف من عدم الاستعداد التام، ولخوف من الظهور بمظهر الغبي، وخوف من تقليل قيمة النفس لأنَّنا ارتكبنا خطأ ما، وخوف ممَّا يعتقده الآخرون عنا، وغير ذلك كثير، ولكن إذا كنت تشعر بالخوف؛ فلديك عدد من الخيارات:

1. مواجهة مخاوفك:

لقد واجهتُ مخاوفي بعد فشلِ زواجي الأول، وعلى الرغم من أنَّه لم يكن خطأي بالكامل، إلا أنَّ الاعترافَ بأخطائي كان أصعب شيء قمت به على الإطلاق، لكنَّني نجوتُ من الألم، وإذا كنتَ تعتقد أنَّك لا تستطيع تحمُّل شيء ما، تأكد بأنَّك قادر؛ لأنَّك تفكر فيه بالفعل.

2. تتبع أساس مخاوفك:

تعدُّ الكتب مثل كتاب "العلاج السلوكي المعرفي" (Cognitive Behavioural Therapy) أو كتاب "الشعور الجيد" العلاج الجديد للمزاج (Feeling Good: The New Mood Therapy) للكاتب "ديفيد بيرنز" (David D. Burns) رائعة لهذا الغرض؛ لذا يمكن للمدرب الجيد أن يساعدك في هذا الأمر، إذا كان العميل على استعداد لاستكشاف ما يعوقه؛ فسيحقق ما يريده بسرعة، وسيُظهِر لك المدرب ما لا تريد أن تراه، ويخبرك بما لا تريد أن تسمعه حتى تعرف نفسك أكثر.

أعظم شيء تعلمته بعد كل هذه السنوات هو أنَّ هذا الخوف موجود في داخلك فقط، وقد تقول إنَّك تعرف ذلك، ولكن كم يكلفك هذا الخوف؟ ما عدد السنوات التي ستُضيِّعها بسبب خوفك؟ كم عدد الفرص التي ستخسرها؟ إنَّ خوفك مرتبط بك، فالناس لا تجعلك تخاف، وإنَّما أنت تستجيب بخوفٍ لأقوالهم وأفعالهم.

إقرأ أيضاً: أنواع المخاوف السبع التي تعيقنا وطرق التغلب عليها

3. تحمُّل مسؤولية أفكارك ومشاعرك:

هو الإجراء الأول والأهم الذي يمكنك اتخاذه، وحتى لو كنت لا تعرف كيف تدير مشاعرك يمكنك أن تتعلَّمَ، فقد قضيتُ 15 عاماً وأنا أتعلَّم وأفشل وأنهض؛ فعندما كنت صغيراً في العمر، كنت أتصرف كأنَّني ضحية؛ وذك لأنَّ لا أحد علمني أنَّه من الممكن التفكير بطريقة أخرى، وأنا الآن أؤمن بفكرة: "لا تخذل نفسك، فهي أثمن ما لديك".

يقال إنَّ المدمن على أمر ما، لا يمكنه الشفاء التام حتى يشعر بالاشمئزاز منه:

  • هل تشعر بالاشمئزاز من كونك شخصاً سلبياً جداً؟
  • هل أنت مستعد بما يكفي للبدء في التعامل بجدية مع خوفك؟
  • هل تفكر في طريقة معينة؟

بعد هذه السنوات من التعلُّم، تأكدتُ بأنَّني أستطيع إجراء هذه التغييرات، فالمسالة عبارة عن وقتٍ ومثابرة حتى أتمكن من التخلص من هذا الخوف.

رابعاً: تعلُّم المخاطرة

تنطوي الحياة على المخاطرة، والأمر عبارة عن تحديد مدى خطورة شيء ما، فالمخاطرة ليست مجرد شعورٍ، إنَّها تتعلق بالحقائق أيضاً، لديَّ صديق قادر على جعلي أتخطى أي موقف أتحدث معه عنه وجعل الأمر يبدو لي وكأنَّ كل شيء سيكون على ما يرام، كما يمكنه مساعدتي على معرفة المعلومات التي أحتاجها للمضي قدماً، وما يمكنني فعله، وما لا يمكنني فعله إذا كانت لدي هذه المعلومات.

يجب عليك أحياناً فقط أن تقررَ القيام بشيء ما، مهما كانت مشاعرك تجاهه، وأنا أؤيدُ فكرةَ إيجاد طرائق جديدة، وأكثر فاعلية للتفكير، ولكن في بعض الأحيان يجب عليك المخاطرة قبل أن تفكر.

لقد نشأت وأنا لا أثق في الناس ولكن هذا النهج فاشل، فقد كان يفسد علاقاتي؛ لذلك قررتُ المخاطرةَ، ولم أندم على ذلك بعد، وما يزال الأشخاص الذين وثقتُ بهم كما هم، وأصبحتُ أفكر فيهم بطريقةٍ أكثر فائدة.

إقرأ أيضاً: لمَ الحياة "الخالية من المخاطرة" ليست جيّدة بما يكفي؟

خامساً: تطوير طريقة تفكير متفائلة

يعني التفكير المتفائل اتخاذ وجهة نظر معينة بأنَّ الأمور يمكن أن تنتهي بالطريقة التي توقعتها أو بأفضل منها، حتى إذا كنت لا تريد التفكير بهذه الطريقة طوال الوقت، ففكِّر في الأمر بوصفه أداة لإنجاز مهمة معينة.

إذا قدَّرت قيمة هذه النظرة الواقعية، فستلاحظ مدى فائدتها؛ لأنَّه من دون تلك النظرة ستتحمل مسؤولية فشل أي شيء تحاول القيام به؛ لذلك إذا كنت تريد أن تمنحَ نفسك فرصةً للنجاح، يجب أن تكون قادراً على التفكير في النجاح.

سادساً: اتخاذ الإجراءات

لقد قيلت كثيراً من الأمور عن اتخاذ الإجراءات؛ لذا سأقتطف فقط من "كريس كارديل" (Chris Cardell)، وهو الخبير البريطاني في نجاح المؤسسات:

"الاختلاف الرئيسي بين رواد الأعمال الأثرياء وباقي الأشخاص، هو أنَّ الأثرياء يفشلون أكثر من البقية".

ولكن لماذا؟

لأنَّهم يتخذون مزيداً من الإجراءات؛ بل إنَّهم يتخذون كثيراً من الإجراءات يوماً بعد يوم، ولا يهم ما إذا كانوا قد فشلوا؛ لأنَّهم يبحثون فقط عن النجاح الباهر؛ لذا قارن هؤلاء بالشخص الذي يخشى الفشل، وتحديداً عندما يتعلق الأمر بالتسويق.

إنَّ رائد الأعمال المليونير يعي مغبةَ الخوفِ من الفشل، ومستعد لتنفيذ الاستراتيجيات دون ضمان النجاح أو الخوف من الفشل، فيُنفِّذ ويختبر ويراجع ثم يُنفذ مرةً أخرى.

رواد الأعمال الأثرياء مستعدون لاتخاذ مزيد من الإجراءات والمحاولة أكثر والفشل أكثر والسقوط أكثر، ثم العودة والبدء من جديد، وفي المقابل يفضل معظم أصحاب الأعمال التفكير كثيراً في التفاصيل، والقلق بشأن عدم نجاحهم، وينتهي بهم الأمر بعدم تنفيذ أو تجربة أي شيء؛ وذلك لمجرد أنَّهم ما زالوا في مراحل التفكير والتعلم والتخطيط، وما لا يدركونه بالطبع هو أنَّهم فشلوا بالفعل، فلا أحد يفشل حقاً حتى يتوقف عن العمل لتحقيق نجاح أمر ما، ومن خلال عدم فعل أي شيء، يفشلون فشلاً ذريعاً.

شاهد بالفديو: 6 أفكار يحتاج رواد الأعمال إلى الإيمان بها حتى يحققوا أهدافهم

في الختام:

وفقاً للكاتب "تيموثي فيريس" (Timothy Ferris) في كتابه "4 ساعات عمل في الأسبوع" (The 4-Hour Workweek)، يعتقد الناس أنَّهم غير قادرين على تحقيق أمور عظيمة وجميعهم مخطئون؛ لكنَّهم لا يعرفون ذلك، ولا بأس أن تكون إنساناً غير معصوم عن الخطأ، ومع ذلك من الجيد أيضاً المثابرة لتحقيق ما تريده، وكل ما عليك هو الإيمان بقدرتك على تحقيق النجاح فحسب.




مقالات مرتبطة