ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "سكوت يونغ" (Scott H Young)، ويُحدِّثنا فيه عن الخوف من الخسارة، وكيفية تجنبه.
يستمر هذا الخوف حتى عندما يكون من الواضح أنَّ البقاء في مكانك سيؤدي إلى ألم أكثر من التغيير؛ إذ يشير علماء النفس إلى مفهوم مشابه لهذا الأمر، ويسمَّى "تأثير الهبة" (Endowment effect)، وهو دفع الأشخاص ثمن أكبر للاحتفاظ بشيءٍ ما، بدلاً من الحصول على شيء جديد له القيمة نفسها؛ بعبارة أخرى، يصرف الناس طاقةً على حماية ما لديهم أكبر من التي يصرفونها على الحصول على شيء جديد.
شاهد بالفيديو: 6 نصائح للتخلص من مشاعر الخوف من الفشل
الخوف من الخسارة فيما يتعلق بالطعام:
قبل بضع سنوات قرأتُ بعض الكتب عن الفوائد الصحية والبيئية عندما يصبح الشخص نباتياً، فلذلك قرَّرتُ أن أصبح نباتياً، لكن كان مصدر القلق الكبير في ذهني هو كل تلك الأطعمة التي كنت سأتخلَّى عنها.
مع ذلك، بعد أن بدأت بالنظام الغذائي الجديد، أضفت أطعمة جديدة تماماً إلى نظامي الغذائي، والتي لم أتناول سابقاً أيَّاً منها، ولكنَّني استمتعت بها، فعندما تخلَّيت عن مجموعة واحدة من الوجبات، اعتمدت مجموعة مختلفة تماماً، على الرَّغم من أنَّني لم أعد أتناول بعض الأطعمة المعيَّنة، إلا أنَّ كمية التنوُّع في نظامي الغذائي لم تتغيَّر تقريباً.
لقد كانت المشكلة في وجهة نظري المبدئية، هي الخوف غير المنطقي من الخسارة، فقد اعتقدت أنَّني سوف أشتهي أطباق اللحوم، لكنَّ الذي لم أتخيَّله هو أنَّني كنت سأجرِّب أطباق جديدة وأستمتع بها أيضاً، فلم أفكِّر أبداً أنَّني إذا بقيت من آكلي اللحوم، ستفوتني تجارب الطهي التي لم أتشجَّع على تجربتها من قبل.
فأنا لا أستخدم هذا المثال لإقناعك بأن تصبح نباتياً، بل كل ما أقوله هو أنَّ هناك ميلاً في الطبيعة البشرية للتركيز على ما قد يضيع منَّا إذا أحدثنا تغييراً في حياتنا، وتجاهُل ما قد لا يتم تجربته أبداً عند البقاء في أماكننا.
الخوف من الخسارة فيما يتعلق بالسفر:
لقد ذهبت أختي الصغرى إلى "الدنمارك" (Denmark)، في برنامج التبادل الطلابي لمدة عام واحد، وعديد من أصدقائها قد حذَّروها من أنَّها ستفتقد منزلها في "كندا" (Canada) عند مغادرتها إلى الدنمارك، ومع ذلك، أعرب عدد قليل جداً من الناس عن الأمر المخالف لذلك، والذي هو أنَّها إذا لم تذهب، قد تفوِّت فرصة التعرف إلى أصدقاء وأماكن جدد لن تسنح لها الفرصة لزيارتها قط.
لكنَّها حظيت بتجربة رائعة، وأنا أخطِّط للقيام بذات الشيء في العام المقبل، فمع أنَّني سأفتقد بعض الأشياء هنا، لكن إذا اخترت عدم الذهاب، فسوف أفوِّت أيضاً التجارب المذهلة التي سأختبرها عند الذهاب.
تجنُّب الخوف من الخسارة:
أولاً، إذا لم تكن مضطراً إلى اتخاذ خيار واحد من بين خيارين، فلا تقم بذلك، مثلاً إنَّ تغيير نظامك الغذائي لا يعني الالتزام بتجنُّب جميع الأطعمة المختلفة عن نظامك الغذائي الجديد لبقية حياتك؛ إذ يتيح لك القيام بالتجربة لمدة ثلاثون يوماً مع خيار للتراجع، عدم التسرع في اتخاذ أي قرار، فلقد كان التزامي المبدئي بأن أكون شخصاً نباتياً، لمدة شهر واحد فقط.
لذا لا تلتزم بأي خيار ما لم تكن فعلاً مضطراً إلى ذلك، في حين أنَّ عدم وجود طريق للتراجع يمكن أن يعزِّز العمل، إلا أنَّه في كثير من الأحيان يشجِّع على التسويف، فإذا تردَّدت في اتخاذ قرارٍ ما، من المُحتمل أن تبقى في مكانك.
على سبيل المثال، إذا أردت البدء بعمل تجاري جديد، فلن أقدِّم استقالتي على الفور من وظيفتي الحالية، بل من المُحتمل أن أبدأ في وقت فراغي، وأطوِّر المشروع إلى أن يدعمني، فالتدابير الصارمة مثل، الاستقالة من الوظيفة، وقطع الصداقات، والتعامل مع المواقف الصعبة، هي خطوات غير ضرورية، ويجب استخدامها فقط في المواقف الشديدة.
فيما يأتي بعض الطرائق التي يمكنك من خلالها عدم التسرع في اتخاذ أي قرار:
1. التجربة لمدة 30 يوم:
إنَّ الفترة الكافية للالتزام بأي شيء مدتها شهر، فإذا كرهت الشيء الذي تريد القيام به بعد 30 يوماً، يمكنك الإقلاع عنه.
2. الالتزامات التدريجية:
ابدأ باستثمار يسير في الوقت ثمَّ وسِّع نطاقك ببطء، فلست مضطراً إلى الاستقالة من وظيفتك، وتغيير حياتك في يوم واحد.
3. الاستثمار بكميات صغيرة:
لا تخاطر بالاستثمار بالكامل دفعة واحدة، بل زِد من استثمارك تدريجياً لاختبار مساعي جديدة.
التركيز على تكاليف الفرصة:
نظراً لأنَّ الخوف من الخسارة هو أمر غريزي، فأنت تحتاج إلى مكافحة هذا الأمر بوعي باستخدام شكل متعارض من التفكير؛ أي فكِّر بتكاليف الفرصة البديلة؛ إذ إنَّ تكلفة الفرصة البديلة هي ثمن عدم اتخاذ أي إجراء.
على سبيل المثال، إذا كان لديك الفرصة للقيام بشيء ما ربحه كبير جداً، ولكنَّك اتخذت قراراً بالقيام بشيء ربحه أقل بكثير، ففي هذه الحالة تكون قد دفعت تكلفة الفرصة البديلة دون أن تشعر، فيجب أن تدرك أنَّ هذه التكلفة حقيقية وهامَّة فعلاً؛ لذا ركِّز على ما قد يحدث إذا فشلت في اتخاذ الخطوة الجريئة التي تريد اتخاذها، فبينما قد تشعر بالخوف من الخسارة اليوم، فالندم سوف يرافقك لبقية حياتك.
أضف تعليقاً