6 عادات لتحسين الصحة العقلية

علمتنا الجائحة بأنَّه علينا الاعتناء بصحتنا النفسية، فهي جزء من عافيتنا وتستحق أن نوليها انتباهنا؛ تحدد مشاعرنا شكل حياتنا، وفي حين يُشجعنا المحيطون بنا على طلب إجازة مرضية إذا شعرنا بألمٍ أو عانينا حمى، إلَّا أنَّه لا أحد يعلمنا كيفيَّة فهم مشاعرنا وأخذ أفكارنا على محمل الجد؛ فالصحة العقلية هامة بقدر الصحة الجسدية، إذ لا يمكن أن نحظى بالأخيرة ما لم نملك الأولى، لأنَّ حالة العقل والجسم متلازمتان، وكل شيء تشعر به يبدأ من العقل ويتوقف عنده.



سواء أَكُنت تشعر مؤخراً بالكآبة أم القلق أم التوتر أم الإحباط، طبق هذه العادات الست في حياتك اليومية لتحسن مزاجك وتخفف قلقك:

1. التفكير بإيجابية:

تُعَدُّ القصص إحدى الآليات الدفاعية للدماغ، لكن في بعض الأحيان نختلق قصصاً لا تطابق الواقع؛ في سلسلة تحول الأفكار إلى الأفعال ثم إلى واقع، تحدد أفكارنا ما الذي سيحصل في حياتنا تالياً، وذلك لأنَّ التخيلات في ذهننا تنتج طاقة، وإذا كانت تلك الأفكار سلبية في طبيعتها، فنحن نخلق طاقة سلبية تتجسد في المواقف التي نواجهها أو الأحداث أو الأشخاص الذين نتعامل معهم؛ على سبيل المثال، إذا كان شريكك لا يجيب على اتصالاتك، فَوفقاً لمعرفتك السابقة به، قد تعتقد أنَّه غاضب منك أو يواجه مشكلة أو برفقة شخص آخر، ثم سوف تتخيل سيناريوهات بالتفصيل عما يحصل أو سيحصل، مثل من هو الشخص الآخر الذي هو بصحبته وكيف يبدو، أو قد تبدأ بتخيل نهاية علاقتكما؛ إذا كنت تخشى نتيجة شيء.

قد يدفعك دماغك إلى تخيل أسوأ ما قد يحصل، بحيث ستكون مستعداً لو حصل بالفعل ما كنت تخشاه، لكنَّ ذلك سوف يؤثر سلباً على صحتك النفسية في الواقع، ويغذي شكوكك ومخاوفك؛ فَحين تجد نفسك تحيك قصصاً كارثية، ضع حداً لأفكارك وعد إلى الواقع، استخدم المنطق للتفكير في الموقف، وانظر بتمعن إلى الأسباب التي تدفعك إلى تخيل أحداث سيئة.

وسواء أَكانت طبيعتك المتشائمة أم صدمة نفسية سابقة أم شيء آخر، وذكِّر نفسك أنَّ ما تتخيله لم يحصل، وليس من الضروري حصوله، ثم حول انتباهك إلى شيء آخر كي تتوقف عن التفكير فيه، على سبيل المثال، اقرأ كتاباً أو مقالاً عشوائياً أو حاول تعلم شيء جديد، وحين تشعر بأنَّك هادئ، أغمض عينيك، وحاول تخيل سيناريو جديد، يتضمن مشاهد مختلفة بحيث يكون الناتج مفيداً لك، غيِّر المواقف التي تتخيلها بشكل دائم، لكي تستعيد سيطرتك على عواطفك، فينعكس ذلك على شكل نتائج إيجابية في حياتك.

2. التعبير عن الحاجات:

شرط أساسي للصحة النفسية هو أن تتمكن من التعبير عن حاجاتك، يعني ذلك أن تتمكن من وصفها للآخرين ولنفسك أيضاً، فمن الضروري أن تكون صادقاً مع نفسك، بحيث لا تتوقع نتائج خيالية فتَخيب آمالك أو تغضب؛ حين تواجه الحقائق، فأنت تربط نفسك بالواقع، وحين تتأمل فيما تود تحسينهُ، فأنت تتحكم بظروفك، لا تخشَ من التحدث عما يزعجك مع رب عملك أو شريك حياتك أو صديقك، ويمكنك تنظيم أفكارك عبر كتابتها أولاً، قبل الإفصاح بها، أَحِط نفسك بأشخاص يدعمونك ويمكنك التَّحدُّث معهم عن أي شيء، دون الشُّعور بالخجل أو أنَّك غير كفؤ، إذ يمنحك الأشخاص الذين يدعمونك بقوة ثقة وحافزاً، ويقدمون لك الصفات التي تحتاجها لتحقيق العافية العقلية.

3. التفكير في المستقبل البعيد:

يعتمد جزء كبير من الصحة العقلية على اتخاذ قرارات حكيمة، فيجب أن تفكر في خياراتك وتقيسها، تبعاً لأثرها على حياتك على الأمد الطويل، لكنَّ عواطفنا غالباً ما تتدخل في عملية اتخاذنا للقرارات، حيث نشعر بالقلق، إذا لم نتخذ قراراً بسرعة أو إذا اضطررنا إلى اتخاذ قرارات تفيد الآخرين أكثر منا، مما قد يزعزع انسجامنا الداخلي ويبعث في أفكارنا الخوف والاضطراب؛ من اليوم، اتخذ قراراتك وفقاً للعواقب طويلة الأمد، وليس لنزوات آنيَّة، وفكر دائماً كيف سيؤثر عليك كل خيار على  بعد خمس أو عشر سنوات، وكيف سيفيدك في النهاية؛ لا تستخف أبداً بقدرة قرار واحد حكيم على تغيير حياتك بأكملها.

إقرأ أيضاً: قرارات هامة لتغيير حياتك نحو الأفضل

4. تغيير السلوك:

الجنون هو القيام بالأفعال ذاتها وتوقع نتائج مختلفة، وقد يكون ذلك في علاقاتك أو عملك أو حياتك العائلية، يجب التَّوقُّف عن فعل الأشياء التي تُشعِرك نتائجها بالتعاسة أو عدم الرضا، وعوضاً عن ذلك غيِّر استراتيجيتك؛ قد تعتقد أنَّ ما من خيار آخر أمامك، لكنَّ هذا غير صحيح، لا أحد يقرر كيف يجب أن تتصرف غيرك أنت، فإذا كنت تعيساً في وظيفتك، لا تتردد في خوض محادثة جدية عن الأسباب مع رب عملك أو البحث عن عمل آخر، أو إذا كانت علاقتك مع شخص سام تضر صحتك النفسية فسارع بالابتعاد عنه؛ فحين تغير سلوكك، سوف تتغير ردة فعل الناس حين يتعاملون معك، وبهذه الطريقة أنت تغير نوعية الطاقة المحيطة بك، وبالتالي المواقف التي توقع نفسك بها؛ فتغيير تصرفاتك هو الطريقة الوحيدة لتحصل على نتائج مختلفة وتريح نفسيتك.

شاهد بالفديو: 6 عادات خاطئة تقضي على صحتك النفسيّة

5. الابتعاد عن الضغوطات:

أرواحنا مُطمئنَّة بطبيعتها، والأمور التي تقلق راحتنا هي عوامل خارجية، الحقيقة هي أنَّ الضغوطات التي نعيش تحت وزرها في العالم المعاصر، كافية لدفع أيٍّ كان إلى حافة الجنون، فمن السهل أن تنشغل بالمهام اليومية ودفع الفواتير وتلبية حاجات من حولك، نحن نولي أهمية كبيرة للتواصل مع الآخرين، لكنَّ الابتعاد عنهم هام أيضاً؛ خصص وقتاً للانفراد بنفسك كل يوم، سواء أَقضيته في قيادة سيارتك أم التنزه في الطبيعة أم الجلوس بجانب البحيرة أم التأمل في غرفة نومك، أم أي شيء آخر تود فعله لوحدك، لا تؤجل وقت الخلوة هذا، بل تعامل معه كما لو كان طريقةً للتواصل مع نفسك، اكتم صوت هاتفك المحمول وأوقف الموسيقى وانسَ أمر وسائل التواصل الاجتماعي، حاول العثور على لحظاتٍ من الصمت، وأنصت إلى الصوت الذي يخاطبك من الداخل، انظر داخل نفسك وواجه مخاوفك بشجاعة، تخيل أنَّك تحقق أهدافك واسمح للسعادة أن تغمرك، صَلِّ أو اذرف الدموع إذا احتجت، حاول تحديد الشيء الذي يؤثر على صحتك النفسية، وما الذي تستطيع فعله بشأنه، فبالشجاعة والإيمان والعلاقة القوية مع ذاتك، يمكنك حل أي شيء.

إقرأ أيضاً: كيف تتعامل مع الضغوطات؟

6. الامتنان الدائم:

يلعب تبنِّي سلوك الامتنان دوراً كبيراً في تحسين صحتك النفسية، عوضاً عن القلق بشأن الأمور التي لم تجرِ كما أردت، توقف لدقيقة واشكر الله على كل الأشياء التي حصلت واستفدت منها، مهما كنت تشعر بالإحباط أو بأنَّ الحياة جارت عليك، اعثر على سبب يُشعرك بالامتنان في تلك اللحظة، يمكن أن يكون أمراً بسيطاً أو واضحاً، لكن لا تعتبره من المسلمات، تحدث عنه بصوت مرتفع، يمكنك القول على سبيل المثال، "الحمد لله لأنَّه حفظ سلامتي خلال ذلك الحادث"، أو "الحمد لله على المنزل الذي أسكنه"، اقضِ بضع لحظات في تأمل الأمور الإيجابية في حياتك، وتذكر دائماً أنَّ هناك شخص آخر في العالم مستعد للتضحية بأي شيء ليعيش حياتك.

تُنذر نفسيتك بما سيحصل معك في الواقع، لذا احمها وقدِّرها واجعلها فسحة من السكينة والاطمئنان، ستغير هذه الأفعال صحتك النفسية ومستقبلك أيضاً.

المصدر




مقالات مرتبطة