5 نصائح للتوقف عن التفكير السلبي

طوال العقد الماضي قدمت التدريب لآلاف الأشخاص الذين كانوا يعانون أشكالاً مختلفة من السلبية الذاتية، وقد تعلمت كثيراً من خلال مساعدتهم على تصحيح أفكارهم.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن "مارك كرنوف" (Marc Chernoff)، ويُقدِّم لنا فيه 5 نصائح تساعدنا على التوقف عن التفكير السلبي.

إنَّ التفكير في "الأسوأ"، وتوقُّع الفشل الذريع والخيانة، ورؤية المشكلات في كل شيء، وحتى رؤية الإيجابيات على أنَّها سلبيات، ذلك كله يُعبِّر عن نوع من التأمين العاطفي، فقد تخاطب نفسك: "إذا توقعتُ الأسوأ؛ فلن أشعر بخيبة الأمل إذا حدث أو عندما يحدث ذلك".

يوجد فخ آخر في التفكير السلبي الذي قد نقع فيه جميعنا؛ وهو محاولة إثبات صحة كلامنا؛ فبالنسبة إلى بعض الناس يكون إثبات أنَّهم محقون في تنبؤاتهم السلبية أهم من حدوث الأشياء الجيدة، ومن ثمَّ إثبات أنَّهم مخطئون.

لكن لا تزيد عادة التفكير السلبي من احتمال إصابة المرء بالاكتئاب فحسب؛ بل تزيد أيضاً من احتمال معاناته من جميع أنواع الأمراض والاضطرابات الأخرى في وقت لاحق من الحياة، وأنا لا أقول إنَّ التفكير السلبي وحده يسبب المرض؛ لكنَّه بالتأكيد لا يساعد في أيِّ شيء.

في هذا المقال سنلقي نظرة على ما يمكنك فعله للتوقف عن التفكير السلبي، ولكن أولاً دعنا نتحدث عن خطأ شائع يرتكبه الأشخاص السلبيون؛ فغالباً ما يفخر الأشخاص السلبيون بوصف أنفسهم على أنَّهم "واقعيون"، وبالطبع كل شخص لديه مُعتقد قوي يرى أنَّه واقعي من خلال التمسك به.

أكثر الأشخاص الذين يقولون إنَّهم "أكثر واقعية" هم الأشخاص المتشائمون، وهم محقون بطريقة ما؛ والسبب الوحيد هو أنَّ التفكير السلبي يمنعنا من المحاولة، أو إذا حاولنا فنحاول دون شغف، ونستسلم على الفور، ومن ثمَّ تؤثر السلبية بحد ذاتها في نتائجنا، وكذلك توصلت الأبحاث إلى أنَّه في بعض الحالات يمكن أن يكون لما نعتقد به بشأن صحتنا تأثير أكبر في المدة التي نعيشها.

الأمر الذي يجعل هذا كله مخيفاً للغاية هو حقيقة أنَّنا يمكن أن نفكر بسلبية حتى عند سير الأمور على ما يرام؛ على سبيل المثال إنَّ فكرة "هذا الأمر الجيد لن يدوم" تدمِّر أيَّ موقف إيجابي بسرعة، ومن ثمَّ فإنَّ التفكير السلبي يشوه إدراكنا.

إليك فيما يأتي 5 نصائح للتوقف عن التفكير السلبي:

1. توقف عن التفكير على نحو مبالغ فيه:

إنَّ الحياة ليست أسود أو أبيض فقط، أو كل شيء أو لا شيء، فالتفكير بهذه الطريقة يؤدي إلى البؤس؛ لأنَّ التفكير السلبي يجعلك ترى أيَّ موقف غير مثالي على أنَّه موقف سيئ للغاية؛ على سبيل المثال:

  • بدلاً من أن نقول: "لقد أبطأت العاصفة رحلتي إلى المنزل من العمل"، نقول: "لقد دمرت العاصفة أمسيتي بالكامل وأفسدت ليلتي!".
  • وبدلاً من أن نقول: "يستغرق مشروعي التجاري بعض الوقت لاكتساب اهتمام الناس"، نقول: "لن ينجح مشروعي أبداً، وسوف يُدمِّر مستقبلي المالي تماماً".
  • وبدلاً من تقبُّل التوتر الناتج عن مقابلة مجموعة جديدة من الناس، نقول: "أعلم أنَّ هؤلاء الأشخاص لن يحبونَني".

إنَّ التفكير بطريقة "كل شيء أو لا شيء" يجعلنا نفوِّت اللحظات البسيطة في الحياة، ويجعلنا نرى المستقبل من منظور الكوارث وخيبات الأمل والنكبات، بالتأكيد قد تحدث الكوارث أحياناً، ولكن على عكس ما تراه غالباً في قنوات الأخبار فإنَّ معظم أحداث الحياة تحدث في منطقة رمادية بين أقصى درجات النعيم والدمار؛ لذلك إنَّ الخطوة الأولى للتغلب على التفكير السلبي ليست أن تكون "إيجابياً" فجأة؛ بل أن تبحث عن تلك المنطقة الرمادية بعناية.

لنفترض أنَّك كنت قلقاً بشأن علاقة عاطفية ما، بدلاً من التفكير: "أنا أعلم أنَّ هذه العلاقة ستنتهي وسينكسر قلبي"، أو "ستكون هذه العلاقة مثالية دوماً"، ماذا عن: "أتوقع أن نمرَّ بأوقات رائعة، وأوقات جيدة، وأوقات سيئة؛ لكنَّنا سنعمل معاً، وسنحترم بعضنا، وسنمنح علاقتنا فرصة عادلة قبل التوصل إلى أيِّ استنتاج".

شاهد بالفديو: 5 طرق تفكير سلبية عليك تجنبها اليوم

2. توقف عن الإفراط في التعميم السلبي:

اسأل نفسك: "إذا حدث شيء سلبي لم أكن أتوقعه، هل سأفرط في تعميمه؟ وهل سأراه على أنَّه دائم وينطبق على كل شيء بدلاً من تقييده في مكان وزمان واحد؟".

على سبيل المثال إذا رفض شخص ما الذهاب معك في موعد غرامي فهل ستنشر السلبية على ذلك الشخص والوقت والمكان من خلال إخبار نفسك بأنَّ العلاقات العاطفية لا تنجح معك أبداً؟ أو إذا فشلت في الامتحان هل ستخبر نفسك أنَّك لست سعيداً في فشلك؛ لكنَّك ستدرس بجد في المرة القادمة؟ أم أنَّك ستفرط في تعميم الأمر من خلال إخبار نفسك أنَّك لست ذكياً بما يكفي أو غير قادر على التعلم؟

3. توقف عن التقليل من شأن الإيجابية:

يمنعنا التفكير السلبي من رؤية النتائج الإيجابية واختبارها، حتى عندما تحدث كثيراً، فيبدو الأمر كما لو أنَّ شاشة ذهنية خاصة تقوم بالتخلص من جميع الإيجابيات والسماح بالبيانات التي تؤكد "التحيز السلبي" فقط، ويجب أن تعلم أنَّ تضخيم العقبات وتقليل النجاحات يؤدي إلى فقدان الدافع والبؤس على الأمد الطويل.

اعتد رؤية العقبات على أنَّها تجارب مؤقتة ومحددة نتعلم منها بدلاً من كونها مصائب دائمة وسائدة؛ فجميعنا نحاول إيجاد ما نبحث عنه في الحياة؛ فعلى سبيل المثال إذا وجدت نفسك تفكر بسلبية بشأن شخص ما حاول موازنة الأمر مع فكرة إيجابية واحدة عنه؛ أي يمكنك أن تقول: "إنَّ هذا الشخص أنانيٌّ جداً، ولكن لنكن منصفين لقد ساعدني عندما تعطلت سيارتي العام الماضي، ولديه حسٌّ فكاهي جيد"؛ فدائماً ما تكون الإيجابية موجودة في مكان ما، ولكن عليك البحث عنها.

إقرأ أيضاً: الإيجابية السامة: احذر الوقوع في هذا المطب

4. توقف عن البحث عن الإشارات السلبية من الآخرين:

في كثير من الأحيان نسارع إلى الاستنتاجات؛ فقط لنسبب لأنفسنا وللآخرين إحباطاً وأذى وغضباً غير ضروري؛ لذلك إذا قال أحدهم شيئاً ما فلا تفترض أنَّه يعني شيئاً آخر، وإذا لم يقل شيئاً على الإطلاق فلا تفترض أنَّ لصمته بعض الدلالات السلبية الخفية.

بالتأكيد سيقودك التفكير السلبي إلى تفسير كل ما يفعله الشخص الآخر على أنَّه سلبي، خصوصاً عندما تكون غير متأكد ممَّا يفكر فيه الشخص الآخر؛ على سبيل المثال قد تفكر: "لم يتصل بي خطيبي بعد؛ لذلك لا بد أنَّه لا يريد التحدث معي"، أو "لقد قالت ذلك فقط لتكون لطيفة؛ لكنَّها لا تعنيه حقاً".

إنَّ تفسير موقف ما قبل أن تعرف القصة بأكملها يجعلك أكثر عرضة للاعتقاد بأنَّ عدم اليقين الذي تشعر به - بناءً على قلة المعرفة - هو علامة سلبية أيضاً، وعلى الجانب الآخر فإنَّ تأجيل تفسير القصص غير المكتملة بعد أمر ضروري للتغلب على التفكير السلبي.

عندما تفكِّر تفكيراً أكثر إيجابية، أو تكون أكثر وضوحاً بشأن الحقائق ستتمكن من تقييم جميع الأسباب المحتملة التي يمكنك التفكير فيها، وليس الأسباب السلبية فقط؛ بمعنى آخر ستفكر بهذه الطريقة:

  • "لا أعرف لماذا لم يتصل بي بعد، ولكن ربَّما ...".
  • "... إنَّه مشغول في العمل".
  • "... إشارة هاتفه ضعيفة في مكان عمله".
  • "... إنَّه ينتظرني للاتصال به".

لا تُعَدُّ أيَّاً من هذه الظروف سلبية، وكلها معقولة مثل أيِّ تفسير آخر محتمل.

في المرة القادمة التي تشعر فيها بعدم اليقين وعدم الأمان، وتجد نفسك متوتراً بشأن مشكلة غير موجودة توقف وخذ نفساً عميقاً، ثمَّ قل لنفسك: "هذه المشكلة موجودة في ذهني فقط"، فتعدُّ القدرة على تمييز ما تتخيله ممَّا يحدث بالفعل في حياتك خطوة هامة نحو عيش حياة إيجابية.

إقرأ أيضاً: 9 نصائح للتعامل مع عدم اليقين في حياتك

5. توقف عن وضع قواعد وتوقعات غير معقولة:

يجب أن تعامل العالم كما هو، وليس بالطريقة التي تتوقعه أن يكون عليها؛ فالحياة ليست مُلزمة بتقديم ما تتوقعه بالضبط، في الواقع نادراً ما يأتي ما تبحث عنه بالطريقة التي تتوقعها، لكن هذا لا يجعله أقل روعة؛ لذا توقف عن فرض توقعاتك وقواعدك المُساء فهمها على الحياة، وغيِّر طريقة تفكيرك كما يأتي:

  • بدلاً من أن تقول: "لقد تأخر؛ لذلك لا بد أنَّه لا يكترث لأمري"، قُل: "ربَّما علق في زحمة السير".
  • بدلاً من أن تقول: "إذا لم أتمكن من القيام بهذا الأمر على نحو صحيح فلا بد أنَّني لست ذكياً بما يكفي"، قُل: "ربَّما أحتاج إلى المزيد من الممارسة فقط".
  • بدلاً من أن تقول: "لم أتلقَّ أيَّ رد من طبيبي؛ لذا لا بد أنَّ نتائج التحليل سيئة"، قُل: "ربَّما المختبر مزدحمٌ جداً ولم تظهر نتائجي بعد".

إنَّ إنشاء مثل هذه القواعد عن كيف يجب أن تكون الحياة بناءً على توقعاتك العنيدة طريقةٌ رائعةٌ لتبقى عالقاً في الحضيض، وهذا لا يعني أنَّك لا يجب أن تتوقع أيَّ شيء من نفسك ومن الآخرين (الاجتهاد، والصدق، والتصميم، وما إلى ذلك)؛ بل يعني أنَّ القواعد التي تحكم توقعاتك لا ينبغِ أن توجهك نحو استنتاجات سلبية غير معقولة.

إذا شعرت بعدم الرضى أو بالإحباط بسبب نتيجة ما فلا بد أنَّك كنت تتوقع شيئاً مختلفاً؛ لذا بدلاً من الانزعاج، اسأل نفسك: "هل كانت توقعاتي محدودة جداً؟"، و"ما هي الحقائق الجديدة التي تعلمتها؟".

في الختام:

يجب أن ترى الأشياء وتتقبلها كما هي بدلاً من حصرها فيما كنت تأمل أو تتمنى أو تتوقعها أن تكون؛ فلمجرد أنَّها لم تكن كما كنت تتصور فهذا لا يعني أنَّها ليست ما تحتاج إليه للوصول إلى حيث تريد الذهاب.




مقالات مرتبطة