5 قواعد ذهبية لتحديد الأهداف

نحلم كرواد أعمال بأن نُدير أنفسنا بأنفسنا، وأن نتحرر من قيود الوظيفة في الشركات ونتَّبع شغفنا في إطلاق مشروع، فنعمل لساعات طويلة ونضحي بالوقت الذي كان يجب أن نقضيه برفقة عائلاتنا أو التزامات أخرى كي نعمل على شغف يسري في عروقنا، وليست ريادة الأعمال مناسبةً للجميع، لكن حين تنطلق في هذه الرحلة لا مجال للعودة مهما كان الطريق صعباً.



ملاحظة: هذا‌ ‌المقال‌ ‌مأخوذ‌ ‌عن‌ ‌الكاتب "جيفري هايزليت" (Jeffrey Hayzlett)، والذي يُحدِّثنا فيه عن تجربته في تحديد الأهداف وتحقيقها.

إذا كنتَ تريد أن تصبح رائد أعمال، فأول ما يجب عليك فعله هو تحديد مبتغاك أو مراحل من الأهداف التي سيصبح الوصول إليها أساسياً كي تستمر بالتقدم، وفي الحقيقة أظهرَت دراسة أجرَتها شركة "وورك بورد" (Workboard) أنَّ 21% من الشركات التي تُحدِّد أهدافاً عالية تكون منتجةً أكثر من غيرها، وتبعاً للمصدر نفسه، فإنَّ 69% من الشركات التي شاركَت في الاستطلاع تجد أنَّ تحديد التواصل كهدف هو أكثر طريقة فعَّالة لتشكيل فريق عالي الأداء.

لكن حين تكون أنت رب العمل، ليس هناك شخص آخر ليحاسبك أو يضمن التزامك؛ بل تقع هذه المهمة على عاتقك أنت؛ ولهذا يجب أن تكون منضبطاً لتنجز مهامك كافةً على جميع الأصعدة، فالأهداف هي طريقة لقياس مستوى النجاح؛ فهي تساعدك على التركيز، وتدلُّك حيث يجب أن توجِّه جهودك، كما تمنحك إحساساً بالهدف، وفي الوقت نفسه هي طريقة ملموسة لتحديد ما إذا كنتَ تنجح في مسعاك أم لا.

كلٌّ منا يعرِّف النجاح بشكل مختلف؛ فهو أمر نسبي، فالبعض يجده في جني الثروة، وآخرون يقيسونه حسب معدل جذبهم للعملاء أو عدد المقابلات التي أجروها، وبالنسبة إليَّ يبدأ النجاح بتحقيق معاييري الشخصية التي تمدُّني بالرضا، وهي القدرة على جني المال وتحقيق النمو المهني والاستمتاع في أثناء القيام بذلك، كثيراً ما يطمح رائد الأعمال لأهدافٍ عالية جداً، لكن كيف له أن يعرف ما إذا كانت أهدافه واقعيةً أو يمكِن تحقيقها؟ ستجد الجواب في القواعد الذهبية الخمس لتحديد الأهداف:

1. تحديد أهداف تحفِّزك:

يجب أن تُحدِّد هدفاً يعني لك شيئاً؛ أي إنَّك ستحصل على قيمة ما بعد تحقيقه، أما إذا كانت النتيجة عديمة الأهمية بالنسبة إليك، فلن تبذل جهداً لتحصيلها؛ إذ إنَّ 93% من الناس لا يعملون على تحقيق أهدافهم إن لم تؤثر نتيجتها فيهم؛ لذا ابدأ بالعمل على أولوياتك، ولكن احذر فمن السهل أن تُشوِّش كثرة المهام تفكيرك؛ لذا لا تعقِّد الأمور؛ فنحن نستطيع استيعاب المعلومات بكميات صغيرة وعلى دفعات، ونفقد تركيزنا إذا تلقينا كميةً كبيرة دفعة واحدة.

حدِّد أهم ثلاثة أو خمسة أهداف تبعاً لدرجة إلحاحها، ويمكِنك أن تدوِّن سبب أهميتها بالنسبة إليك أيضاً؛ فأنا أكتب أهدافي في قوائم لأنَّها تصبح بمثابة تذكير ملموس بالأمور التي يجب عليَّ إنجازها، ولأنَّ رؤيتها أمامي تساعدني على التركيز، كما يعلم كلُّ رائد أعمال أنَّ هناك الكثير من الأمور التي تشغل تفكيرنا؛ لذا لا ضرر بالحصول على المساعدة حيث نجدها.

2. تحديد أهداف "ذكية" (SMART):

ربما سبق وسمعتَ بالأهداف الذكية (SMART)، لكن في الإعادة إفادة، وإن لم تسمع بهذا الاختصار من قبل، فإليك معناه:

  1. حرف "S" يشير إلى (Specific): مُحدَّدة.
  2. حرف "M" يشير إلى (Measurable): قابلة للقياس.
  3. حرف "A" يشير إلى (Attainable): قابلة للتحقيق.
  4. حرف "R" يشير إلى (Relevant): ذات صلة.
  5. حرف "T" يشير إلى (Time bound): مؤطَّرة بإطار زمني.
  • مُحدَّدة: يجب أن تكون أهدافك مُحدَّدةً بقدر الإمكان، لأنَّك لا تستطيع العمل على أهداف غير دقيقة، ووفقاً لبحث أجرته "جمعية علم النفس الأمريكية" (American Psychological Association)، أدى وضع أهداف محددة إلى أداء أعلى 90% من الوقت في الشركات التي أُجرِيَت الدراسة عليها؛ فوضوح الأهداف أساسي كي تهتدي إليها. سألتُ بعض معارفي من العمل كيف يحددون أهدافهم، فأجابني "جايسون فوريست" (Jason Forrest)، المدير التنفيذي لشركة "فوريست برفورمنس غروب" (Forrest Performance Group): "إذا لم يكن لديك أهداف مُحدَّدة، فسوف تماطل؛ لذا فكِّر في النتائج التي ترغب في تحصيلها، ثمَّ حدِّد النشاطات التي يجب عليك القيام بها للوصول إلى تلك النتائج".
  • قابلة للقياس: اجعل تقدُّمك قابلاً للقياس عبر وضع مواعيد نهائية معقولة لإنجاز المهام، وتحديد كمية الإنجاز التي تريد تحقيقها أو معايير أخرى، على سبيل المثال: ليكن هدفك "تخفيض النفقات بنسبة 10% خلال 12 شهراً المقبلة" بدلاً من "تخفيض النفقات"، وهكذا يكون لديك كمية مُحدَّدة وإطار زمني لإكمال هدفك.
  • قابلة للتحقيق: كن صادقاً مع نفسك، كما أخبرني "جاستن ماكنالي" (Justin McNally)، أحد مؤسسي شركة "تشولي" (Chowly): "يبدو هدف زيادة ميزانية التسويق خلال ثلاثة أشهر رائعاً، لكنَّه ليس واقعياً، فإن كنتَ تعمل لوحدك أو إن لم تمتلك المصادر اللازمة لتحقيق هكذا هدف، فسوف تشعر بالإحباط في نهاية الأمر، عوضاً عن ذلك حدِّد أهدافاً منطقية قابلة للقياس، وقرِّر ما تريد إنجازه خلال يوم وتتوقف حين تفعل".
  • ذات صلة: حدِّد أهدافاً تتماشى مع المسار الذي تريد أن تسلكه في حياتك الشخصية والمهنية، وستمنحك الموازنة بين الأهداف طويلة الأمد وقصيرة الأمد التركيز الذي تحتاجه.
  • مؤطَّرة بإطار زمني: يعني تحديد موعد نهائي أنَّك ستتمكن من الاحتفال حين تُحقِّق الهدف، كما أنَّه يضفي شعوراً من الإلحاح تفتقده الأهداف المفتوحة زمنياً.
إقرأ أيضاً: كيف يساعدك تحديد أهداف ذكية (SMART) على إجراء تغييرات دائمة؟

3. تدوين الأهداف:

أنا أبدأ كلَّ يوم بكتابة قائمة مهامي وطباعة جدول أعمالي واجتماعاتي لليوم، وأضع هذه الأهداف اليومية في مكان مرئي طوال الوقت، وأشطب التي أنجزتُها منها لأقدِّر إنتاجيتي في نهاية اليوم؛ فهذه من أفضل الممارسات بالنسبة إليَّ، لأنَّها تُحوِّل الأهداف إلى أمور ملموسة، وتمكِّنني من محاسبة نفسي حين أقصِّر.

لستَ مضطراً لوضع أهدافك طويلة الأمد في مكان علني حيث قد يقرأها أيُّ أحد، لكن يجب أن تضعها في مكان بحيث تصادفها كلَّ فترة لتُذكِّر نفسك بها؛ واستخدِم صيغة الفعل في أثناء كتابتها، على سبيل المثال قُل: "سوف أرفع ميزانية التسويق"، وليس صيغة التمني مثل: "أودُّ أن أرفع ميزانية التسويق"؛ لأنَّها تمنحك عذراً لتتكاسل عن العمل أو تبتعد عن هدفك.

4. رسم خطة:

من السهل أن تركز على النتيجة لدرجة أن تغفل عن الخطوات الواجب اتباعها للوصول إليها، وقد تنتقل بتفكيرك فوراً إلى النتيجة دون أن تمر على المراحل السابقة لها؛ لذا اكتب الخطوات جميعها بالترتيب، ولتكن تلك خريطتك لتنفيذ الخطة على أفضل وجه ممكن.

قال لي "هاري ميلز" (Harry Mills)، المدير التنفيذي لشركة "أها أدفانتج" (Aha! Advantage) ومؤلف كتاب "انعدام المقاومة" (Zero Resistance): "يرسم رواد الأعمال الناجحون خططاً للوصول إلى أهدافهم، ورواد الأعمال الذين يطورون خطةً لتحقيق أو بلوغ هدف أو اتخاذ قرار ملزمون بتنفيذها"؛ وخلال مراحل التنفيذ، اطلب النصيحة من زملائك، أو شريك عمل سابق، أو شخص موثوق، أو منتور، فقد يلاحظون أموراً فاتتك.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح تساعدك على وضع خطة عمل ناجحة

5. تنفيذ الخطة:

وضعُ الخطة هو أول خطوة وتنفيذها هو ثاني خطوة نحو النجاح؛ فإذا خصصتَ الوقت اللازم لرسم خطة مُحكَمة، فيجب عليك أن تستخدمها، وقد ترغب في وضع خطط جديدة حين تواجه صعوبات؛ لكنَّ المتغيرات حتمية وليست عذراً للتخلي عن خطتك؛ لذا ثق بحدسك.

نصيحة هامة مني لك: خطِّط للأمد البعيد، وعش للأمد القصير؛ فمن السهل التفكير في الأمور التي تريدها، والنقود التي يمكِنك أن تجنيها، لكنَّ هذه الأحلام لن تتحقق دون العمل عليها في الحاضر، ولا تستبق الأحداث؛ بل ثق بخطتك، ونفِّذها، وكن مرناً عند التعامل مع المتغيرات، وفي النهاية ستبلغ غايتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة