5 طرق لإعادة السكينة إلى العقل والحفاظ على الحضور الذهني

يريد جميع الناس أن يحيوا حياة سعيدة، والخبر السار هو أنَّ في إمكانك تحسين حياتك من خلال تعلم كيفية الحفاظ على الهدوء والحضور الذهني، وعيش الحاضر بكل تفاصيله.



تقدم لك هذه المقالة خمس تقنيات تبين لك كيف تفعل ذلك؛ فمع الإصرار والصبر، تستطيع أن تتعلم هذه التقنيات وتتقنها بنجاح؛ لكن قبل ذلك، دعنا نناقش بضعة أمور عن العقل والأفكار.

العقل بصورة عامة:

يختزن العقل إجمالي المعلومات التي اكتسبتها والتجارب التي خضتها؛ فهو مكمن كل قدرة وأداء وفكرة؛ إلَّا أنَّه لا يمثلك. قد تبدو هذه فكرة متناقضة ومزعجة تماماً، لا سيما حينما لا تستطيع رؤية الفارق بين هذه العبارات، وربَّما تساءلت: "في حين ينبغي على كل معلومة أعرفها وكل تجربة أستطيع خوضها أن تمر في عقلي، فكيف يمكن أن أكون وعقلي كيانَين منفصلَين؟

أنت وعقلك لستما كياناً واحداً؛ إذ لا تمثلك الأفكار التي تراودك إلَّا إذا حولتها إلى تصرفات؛ لكنَّ هذا موضوع آخر تماماً، وإنَّنا نريد هنا أن نكتشف كيف تتحكم بعقلك عوضاً عن السماح له بالتحكم بك، وكيف تعيد السكينة إليه.

تساعدك التقنيات المشروحة في هذا المقال على القيام بذلك، بحيث تتمكَّن من مواجهة كل أفكارك ومشاعرك وعواطفك.

إنَّ غاية العقل هي صياغة الأفكار والوصول إلى المنطق نتيجة لذلك، ويتضمَّن هذا: دمج الأفكار والمشاعر والعواطف والمنطق معاً، وتشكُّل الإدراك، واكتساب المهارات والفضائل الذهنية، والتفكير في حالات تجلِّي الحقائق، والاحتفالات، وحالات البؤس.

يُظهِر استخدام العقل لهذه الأغراض والوعي الكامل بها براعتك في السيطرة على عقلك؛ ففي الحالة الطبيعية، وحينما لا يُستخدَم العقل في أيٍّ من الخصال والأنشطة المذكورة أعلاه، ويقتصر استخدامه على التفكير في الأمور العشوائية والسطحية؛ لا يصبح مشغولاً وكثير الهموم وحسب، بل ومتسلطاً غالباً.

لقد أصبحنا أسرى أسهلِ أنماط التفكير وأبطئها، تلك التي يتعامل معها العقل بأريحية؛ وتُولَد من هنا الحاجة إلى إعادة الهدوء إلى العقل بكل أبعاده، بدءاً من الأفكار إلى المشاعر والعواطف.

إقرأ أيضاً: 6 معلومات مهمة عن العقل الباطن عند الإنسان

الأفكار، والمشاعر، والعواطف:

لأنَّ عقولنا تنشغل بالأفكار والمشاعر والعواطف التي تصنعها، فإنَّها تجعلنا نعتقد أنَّ هذه حقيقتنا، وهذا ما لا يُعَدُّ واقعياً تماماً؛ حيث تخدعنا عقولنا بقدرتها اللامحدودة على صناعة جميع أنواع الأفكار، وبسرعتها في ذلك.

لذلك، تساعدنا تقنيات إعادة الهدوء إلى الذهن والحفاظ على الحضور الذهني على رؤية أنَّ أفكارنا ومشاعرنا وعواطفنا لا تشكل واقعنا في حقيقة الأمر.

تُعَدُّ عقولنا أداة رائعة قادرة على فهم العالم بكل ما فيه من خير وشر، وتجعل الحياة تجربة رائعة وثمينة على جميع الأصعدة؛ كما تُعَدُّ أفكارنا ومشاعرنا وعواطفنا أدواتنا لبلوغ هذه الغاية.

تستطيع من خلال استخدام التقنيات التي تتطرَّق إليها هذه المقالة فهم مشاعرك وعواطفك فهماً أفضل؛ إذ لن تكتفي باستعادة السكينة الذهنية فحسب، بل ستكتسب ذكاء عاطفياً أيضاً.

قد تحس في البداية بحالة من النعيم والفراغ، لكنَّ الهدف هنا هو إعادة السكينة إلى العقل واستثمار لحظات الحاضر.

استخدام الحواس كأدوات:

تشمل التقنيات المطروحة هنا الحواس الخمسة، وهي تتعاون تعاوناً وثيقاً مع عواطفك ومشاعرك؛ إذ إنَّها مصممة لجعل العقل يركز اهتمامه على واحدة فقط من الحواس، وإظهار قدرته على استعادة الهدوء.

ستكون في أثناء تنفيذ هذه التقنيات قادراً على إدراك جوهر تصرفاتك -لحظات الحاضر- من خلال بناء علاقة واعية بينك وبين مشاعرك، وتتعرَّف من خلال الممارسة واكتساب المعلومات إلى عواطفك؛ وهو الأمر الذي يمكن أن يؤثر تأثيراً إيجابياً في التعامل مع الحواس، ويضفي قيمة عند التعامل يومياً مع مواقف الحياة العصيبة.

ملاحظة هامة: حاول ألَّا تتدخل في عواطفك مباشرة، بل دعها تعيد السكينة إلى عقلك، وتهيئك للتعامل مع لحظات الحاضر؛ فحينما تثق بالتجربة التي تخوضها مع مشاعرك، تستطيع التعامل مع عواطفك، ومواجهتها، وكشف أسرارها، والتحكم بها.

5 تقنيات للحفاظ على هدوء الذهن وتركيز الاهتمام على لحظات الحاضر:

هذه 5 تقنيات تساعد في إعادة السكينة إلى الذهن وعيش حياة أفضل:

1. تقنية النظر:

تُولَد البصيرة بعينَين مغلقتَين؛ لذا:

  1. أغلق عينيك، وتخيل صورة شيء تحبه فعلاً، والذي يمكن أن يكون وجه شخص تحبه، أو عنصراً معيناً من عناصر الطبيعة يُعَدُّ هاماً بالنسبة إليك.
  2. خذ نفساً هادئاً وعميقاً في أثناء النظر إلى الصورة، وحاول ألَّا تدمج ذكريات أو تصنع مزيداً من التخيلات في تلك الصورة الثابتة، واتحد معها؛ فالحياة هي الطريقة التي ترى بها الأشياء التي في داخلك.
  3. استخدم المشاعر التي أثارتها "عملية النظر" هذه، وانظر كيف سيعود الهدوء مباشرة إلى عقلك، وكيف تتحسن قدرتك على تركيز الاهتمام انطلاقاً من لحظات الحاضر التي تعيشها.

دع مشاعرك تتدفق مع كل نفس عميق تأخذه، واستمتع بجمال رؤيتك.

2. تقنية الإصغاء:

الصمت هو الصوت الذي يخاطبك من الداخل؛ لذا:

  1. أغلق أذنيك، واشعر بالصوت الذي ينساب داخل رأسك، وركز الاهتمام على انسياب ذلك الصوت، سواء أغلقت عينيك أم لا.
  2. ركِّز اهتمامك على حركة أنفاسك، واكتشف الفارق بين هذين الصوتَين (الشهيق والزفير)، وحاول التعمق في التواصل معهما.
  3. استخدم المشاعر التي أثارتها جلسة الإصغاء هذه، وانظر كيف ستعود السكينة مباشرة إلى عقلك، وكيف تستفيد قدرتك على تعزيز الانتباه من لحظات الحاضر التي تعيشها.

دع الحياة تعود إلى مشاعرك، واستمتع بتناغم الألحان الإيقاعية داخلك.

3. تقنية الشم:

يمكن للروائح الجميلة أن تذهلك؛ لذا:

  1. أحضر رائحة تحبها حقاً، وتجعلك تغوص في أعماق نفسك؛ واستنشقها بلطف وعمق، وركِّز الاهتمام على المشاعر التي تثيرها.
  2. ليس ضرورياً أن يتضمَّن هذا أي ذكريات أو يثير أي تخيلات، إذ يكفي أن تحدد المشاعر التي تثيرها فيك هذه الرائحة فحسب.
  3. استثمر مشاعرك، وانظر كيف سيعود الهدوء مباشرة إلى عقلك، وكيف تستفيد قدرتك على تركيز الانتباه من لحظات الحاضر التي تعيشها.

دع الحياة تعود إلى مشاعرك، واستمتع بسحر الرائحة.

4. تقنية التذوق:

يحدد التذوق الشخصية؛ لذا:

  1. أحضر نكهة طبيعية تحبها فعلاً، والتي قد تكون بالنسبة إلى بعض الأشخاص نكهة الشوكولا الداكنة، أو شاي الياسمين، أو القهوة، أو أي نكهة أخرى؛ ثمَّ تذوقها، ودع لسانك يحس بها.
  2. حاول التواصل بعمق مع تلك النكهة، وانظر إلى نوع المشاعر التي تثيرها، واعترف بأنَّ هذه العملية كلها تحدث في لحظات الحاضر.

دع الحياة تعود برفق إلى مشاعرك، واستمتع بلذة النكهة التي تتذوقها.

5. تقنية اللمس:

يستطيع كفَّا الإنسان أن يشفياه؛ لذا:

  1. ابدأ فرك إحدى كفيك بالأخرى برفق، ولاحظ الحرارة التي يثيرها ذلك نتيجة الاحتكاك.
  2. ضع كفيك على عينيك أو أي جزء آخر في رأسك، واشعر بالحرارة وهي تتنتشر في رأسك.
  3. اشعر بالسكينة في ذهنك من خلال كفيك، وتعامل مع هذه العملية كما لو كانت لحظة طويلة من الحضور الذهني.

دع الحياة تعود بلطف إلى مشاعرك، واسمتع بالطاقة التي تمنحك إيَّاها تلك اللمسات.

إقرأ أيضاً: 5 وسائل بسيطة للحصول على الراحة النفسيّة

التأمل والتنفس تقنيتان أساسيتان:

تُعَدُّ جميع التمرينات المذكورة في الأعلى تمرينات تأمل مرتبطة بحالات إدراك حسي معينة، حيث يُستخدَم التنفس كعنصر أساسي لدعم استمرارية عملية التأمل ومنح التجربة تركيزاً أكبر عند استخدام الحواس.

يمكنك جني عدة فوائد عند ممارسة تقنيات التأمل هذه، حيث ستأخذك هذه التقنيات إلى هذه المراحل الأربع:

  1. تركيز الاهتمام على الإدراك الحسي.
  2. تركيز الاهتمام على الشعور الذي يثيره فيك الإدراك الحسي.
  3. استعادة الهدوء الذهني عن طريق المشاعر.
  4. التواصل مع لحظات الحاضر في أثناء العملية.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتصفية ذهنك

في الختام:

لن تتعلم بهذه الطريقة كيف تعيد الهدوء إلى ذهنك وتركز الاهتمام على لحظات الحاضر وحسب، بل ستستوعب بفاعلية كيف تتحول المشاعر إلى عواطف.

يغفل الناس في معظم الأحيان عن عيش اللحظة التي تُعَدُّ هامة للتعرف إلى المشاعر والعواطف، ممَّا يؤدي إلى الإحساس بفقدان التوازن العاطفي؛ لكن حينما ترتبط عاطفياً مع اللحظة الحالية، يمكنك أن تعرف كيف تتأقلم مع أي عاطفة أو شعور يثير الإرباك في لحظات الحاضر التي تعيشها.

تستطيع مع العمل الجاد والدؤوب، الوصول إلى حالة من الاتزان تتعزز فيها بصيرتك ونموك الداخلي، وتصبح حينئذ سيداً على عواطفك؛ وستكون باستخدام هذه التقنيات قادراً دائماً على إعادة الهدوء إلى عقلك وتركيز اهتمامك على الحاضر بكل تفاصيله.

 

المصدر




مقالات مرتبطة