فالأشكال والأصوات وغيرها من المُثيرات الأخرى عادة ما تقع ضمن سياق كلي، إذ يصعب تمييزها دون وجود هذا السياق. فعندما ننظر إلى مشهد في الغالب نختار مثيراً معيناً (مشهداً معيناً) والتركيز عليه دون غيره من المثيرات الأخرى، ومثل هذا المثير يمثل (الشكل figure)، وهو بمثابة جزء معين يقع ضمن السياق الكلي (الخلفية ground)، والذي يبدو أكثر تمييزاً عن غيره من الأجزاء الأخرى، بحيث يجذب انتباه الفرد ويظهر أنه ذو معنى وقيمة بالنسبة له.
والسؤال هو: لماذا نعتبر جزءاً معينا أنه الشكل والأجزاء الأخرى المحيطة به على أنها خلفية؟!
بحسب نظرية الجشطلت فإن ذلك يعتمد على خصائص الأشياء، حيث إنّ الأشياء تمتاز بمجموعة خصائص تدفع الفرد إلى تجميعها (grouping) معاً في مجموعة ما لتمثل الشكل، وذلك وفقاً للمبادئ التالية:
1. مبدأ التقارب Proximity:
يتم إدراك المؤثرات الحسية المتقاربة في الزمان والمكان على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة، فكلما كانت مجموعة العناصر أكثر تقارباً فهي تُدْرَك على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة، وبالتالي تسهل عملية تخزينها وتذكرها لاحقاً.
2. مبدأ التشابه Similarity:
الأشياء المتشابهة يسهل إدراكها أكثر من الأشياء المتباينة، فالأشياء التي تشترك في خصائص معينة كاللون أو الشكل أو الإيقاع أو الحجم غالباً ما يتم إدراكها على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة، بحيث يكون اكتسابها وتذكرها بشكل أسرع.
3. مبدأ الاستمرار Continuity:
نميل بطبيعتنا الإدراكية إلى إدراك التنبيهات الحسية التي تشكل نمطاً مستمراً على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة، أي إننا ندرك المثيرات التي تبدو وكأنها استمرار لمثيرات أخرى سبقتها على أنها وحدة واحدة.
4. مبدأ الإغلاق Closure:
في أغلب الحالات يتم إدراك الأشياء المكتملة التي تمتاز بالاستقرار على نحو أسهل من الأشياء الناقصة، وفي حالة التنبهات الحسية الناقصة فإن نظامنا الإدراكي يعمل على توفير بعض المعلومات بناءً على الخبرات السابقة لسد الثغرات، وإكمال النقص فيها بغية الوصول إلى حالة الاكتمال أو الاستقرار.
5. مبدأ التشارك بالاتجاه Common Direction:
تمتاز طبيعة الإدراك لدينا بأنها تأخذ نمطاً تكيفياً معيناً، بحيث الأشياء التي تسير في اتجاه معين ندركها على أنها تنتمي إلى مجموعة واحدة، بينما الأشياء التي تختلف معها بالاتجاه تدرك على أنها مجموعة أخرى.
6. مبدأ البساطة Simplicity:
يميل الأفراد عادة إلى تجميع خصائص المثيرات معاً على نحو يمكنهم من تحقيق تفسير أبسط وأسهل لها، وذلك في محاولة منهم إلى تجنب الصعوبة والتعقيد. لذا من المهم توسيع مجال الإدراك حتى تكون الأحكام والقرارات أفضل وأكثر نضجاً.
المصدر: صحيفة مكة.
أضف تعليقاً