5 أمور لتكون فخوراً بها في أثناء محاربة الاكتئاب وكيف تصبح بحال أفضل؟

يُوصف الاكتئاب أحياناً بأنَّه شبح سوداوي حانق يرافقك في كل مكان، وهذا منطقي لأنَّه حاضر دائماً، وأنت تعي وجوده في كلِّ لحظة، وإن لم تكن خاضعاً لسطوته، وكلَّما حاولت التعرف إليه وسبر أغواره تراه يختفي كأنَّه غير موجود.



ثم ما يلبث أن يبتلعك ويستنزف قواك كلها من دون سابق إنذار وعند أتفه مشكلة، وعندها تشعر بأنَّ العالم يشارف على نهايته، وأنَّ حياتك عقيمة، ولا جدوى من أيِّ أمر تسعى في سبيله، وبالنتيجة يتعاظم شعورك بالدونية والوحدة واليأس.

هذا بالطبع غير صحيح، فأنت غير مدرك للأمور التي يمكنك فعلها حياله، وكل ما عليك فعله هو ملاحظة نجاحاتك وإنجازاتك اليومية، فثمة ملايين الأمور التي يجب أن تفخر بها في أثناء محاربتك للاكتئاب، وكل ما عليك القيام به هو النهوض ورصد الإنجازات.

إليك فيما يأتي 5 أمور لتكون فخوراً بها في أثناء محاربة الاكتئاب:

1. النهوض وبدء المهام اليومية المعتادة:

عندما يحلُّ الاكتئاب والسوداوية ستغدو أبسط المهام تحدياً لا يُحتمَل، لكن مع ذلك عليك أن تلملم شتات نفسك وتنهض لبدء يومك، وإن رفض ذلك كل جزءٍ منك، ثم أعدَّ كوباً من القهوة.

لا يهم إن كنت ستغادر المنزل أو لا؛ لأنَّ مجرَّد النهوض من السرير يظهر مستوى من القوة والمرونة لا يعيه معظم الناس، فأنت فعلياً تواجه أعظم مخاوفك وآلامك بوجه باسم، وهذا ليس بالأمر الهيِّن، ومن هذا المنطلق عليك أن تكون فخوراً بنفسك في كل مرة تقوم بهذا التحدي.

2. طلب المساعدة:

تجاوز العالم مؤخراً وصمة العار المرتبطة بالاكتئاب، وأضحى من الطبيعي الإقرار بوجوده ومناقشته بحرية وانفتاح وجدية بدلاً من إنكاره وتجاهل خطورته، إلا أنَّ معظم ضحايا الاكتئاب يواجهون صعوبة في طلب المساعدة ظنَّاً منهم أنَّها تفضح ضعفهم، أو أنَّ المجاهرة تعني تسوُّل الاهتمام بنظر الآخرين؛ بل الأسوأ من ذلك خوف المكتئب أن يغدو عبئاً، وهذا غير صحيح؛ ولذلك عليك مواجهة مخاوفك (وإن لم تكن منطقية)، وطلب المساعدة والأهم من ذلك أن تكون فخوراً بهذه الخطوة.

شاهد بالفديو: 6 نصائح لتقديم الدعم لشخص يعاني من الاكتئاب

3. ممارسة الرياضة:

ترتبط الصحة النفسية ارتباطاً مباشراً مع نظيرتها الجسدية؛ إذ أثبتت معظم الدراسات أنَّ التمرينات الرياضية وتحريك الجسد تساعد على معالجة الاكتئاب.

قد يبدو الأمر غير منطقي بالنسبة إليك لأنَّك تواجه وقتاً عصيباً لمجرد فكرة مغادرة سريرك ومحاولة القيام بمهامك اليومية الاعتيادية، وبناءً عليه قد تبدو فكرة الخروج وممارسة الرياضة مستحيلة، ولهذا ينبغي أن تكون فخوراً بنفسك على النهوض وتحريك جسدك في أية فرصة سانحة، فإنَّ مجرد الخروج للمشي يمكن أن يُحدِث فارقاً هائلاً، وعندها لا تنسَ أن تثني على نفسك.

4. تغذية جسدك بالأطعمة المفيدة:

تحظى الأطعمة المريحة بالأولوية عندما تسيطر عليك نوبة اكتئاب، ونعني بالأطعمة المريحة الوجبات الخفيفة السريعة سهلة الاستهلاك والغنية بالسكريات ولا تتطلب جهداً يذكر في تحضيرها.

يجهل معظم الناس أنَّ هذه الأطعمة تؤثِّر سلباً في الصحة النفسية، وعلى الرَّغم من أنَّ هذه الفكرة مخيفة إلا أنَّها حقيقية، وبناءً عليه ينبغي تخصيص بعض الوقت لتحضير وجبة صحية، وأن تستمتع بالجهد المبذول، وألا تَعُدَّه عملاً شاقَّاً فقط؛ بل مفيد أيضاً.

إقرأ أيضاً: عشرون مادة غذائية تحارب الإكتئاب

5. إنجاز مهمة:

تذخر حياتنا بالمهام الصغيرة اليومية مثل غسل الأطباق والملابس وترتيب السرير التي قد تبدو غير هامة للوهلة الأولى، إلا أنَّها جزء لا يتجزأ من حياتنا وحياة الآخرين حولنا.

تشكِّل هذه الواجبات البسيطة تحدياً في الأوقات الصعبة؛ ومن ثَمَّ يجب أن تتعامل معها على هذا الأساس، وفي كل مرة تنجز فيها مهمة بسيطة بصرف النظر عن حجمها أو أهميتها عليك أن تكون فخوراً باتخاذك خطوة باتجاه الشفاء، وبمواجهة مخاوفك ومشكلاتك واختيار محاربتها والتغلب عليها.

ما هي أفضل طريقة للتعامل مع الاكتئاب؟

عندما تشتد نوبات الاكتئاب يتعاظم اليأس والقنوط، ويبدو الهروب من الظلام إلى النور مستحيلاً، لكن من الهام إدراك أنَّ النجاة والهروب خيارات مطروحة دائماً، وإنَّ كونك فخوراً بإنجازاتك اليومية هو بالتأكيد خطوة أساسية بالاتجاه الصحيح تبني فوقها مزيداً من الإنجازات بكل ما أوتيت من قوة للتعامل مع اكتئابك.

لحسن الحظ، توجد عدة أمور يمكنها مساعدتك، ومنها:

1. العلاج بالكلام:

يستخدم العلاج بالكلام - يُعرَف أيضاً بالعلاج النفسي أو العلاج المعرفي السلوكي - في التوعية بشأن الاكتئاب فهو يساعدك على العثور على طرائق إدارة ومعالجة أعراضك الشخصية.

يُعدُّ العلاج بالكلام استراتيجية فعالة على صعيد الصحة النفسية، فهو يعلمك كيفية تغيير أفكارك وسلوكاتك، وغالباً ما ينشأ الاكتئاب ويتطور خلال تغيُّر طريقة تفكيرك تغيراً لا تستطيع التحكم به ويجرُّك إلى حلقة مفرغة من ردود الفعل السلبية، وإذا بك تتخذ موقفاً سلبياً تجاه أحداث حياتك الاعتيادية اليومية، وهنا يأتي دور العلاج السلوكي في تدريبك على اعتماد سلوكات وطريقة تفكير إيجابية واستراتيجيات مواجهة بوسعها تحسين صحتك النفسية.

2. العلاج بالضوء:

ثمَّة أساس علمي لزيادة معدلات الاكتئاب خلال فصل الشتاء؛ إذ تفيد الدراسات بأنَّ تعرُّضك لأشعة الشمس ينشِّط إنتاج وإفراز هرمونات السعادة والرضى، ممَّا ينعكس إيجاباً على حالتك المزاجية، ويزيد من شعورك بالسعادة، لكن تلقِّي ما يكفي من ضوء الشمس ليس أمراً بسيطاً دائماً، وهنا يأتي دور العلاج الضوئي.

يُعدَّ العلاج بالضوء أسلوباً فريداً يقوم على فكرة وقوفك قرب جهاز العلاج بالضوء (صندوق الضوء) لمدة تتراوح ما بين 30-60 دقيقة يومياً، يقوم الجهاز باختصار بإصدار شعاع ضوئي له الطول الموجي للإشعاع الشمسي نفسه، وبالنتيجة يؤدي إلى تنشيط إفراز هرمونات السعادة؛ ولذلك يعُدُّ العلاج بالضوء فعَّالاً في علاج الاكتئاب.

إقرأ أيضاً: اكتئاب الشتاء: أسبابه، وعلاجه

3. المعالجة بالتخليج الكهربائي (ECT):

تُستخدم المعالجة بالتخليج الكهربائي لمعالجة حالات الاكتئاب المستعصية عند فشل باقي طرائق العلاج، وتجدر الإشارة إلى أنَّ هذا النوع من العلاج يتم في غرفة العمليات كون المريض يخضع لتخدير عام قبل بدء الجلسة، ثم حالما تفقد وعيك وتدخل في حالة استرخاء تام يقوم الطبيب بتمرير تيار كهربائي إلى الدماغ (يستمر نحو خمس ثوانٍ)، تسبب الموجة تحريض نوبة قصيرة تستمر لقرابة دقيقة.

مهما بدت الفكرة مخيفة، إلا أنَّ هذه النوبة التشنجية ضرورية لإعادة ضبط الدماغ، وقد استُخدِمَت طريقة الصدمات الكهربائية لمعالجة حالات الاكتئاب التي لم تستجب للعلاجات التقليدية، وقد لاقت نجاحاً في هذا الصدد وأثبتت فاعليتها.

4. التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة (TMS):

سنتابع بموضوع "صدمات الدماغ"، وننتقل لإجراء التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة، والذي يمكن أن يُكتب باختصار (TMS)، وتُعدُّ تقنية التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة أسلوب علاج نفسي جديداً نسبياً يستخدم الحقول المغناطيسية لعلاج الاكتئاب، وعلى الرَّغم من أنَّه قد يبدو شبيهاً بتقنية الصدمات الكهربائية، لكن توجد اختلافات كبيرة بينهما.

تتم العملية باختصار عن طريق وضع وسادة كهرومغناطيسية على الجبين، وعند التشغيل تُرسل نبضات مغناطيسية صغيرة مباشرة إلى داخل الجمجمة، وتحفز هذه النبضات الخلايا العصبية المسؤولة عن التحكم بالمزاج والعواطف في الدماغ، ولا تنحصر فائدة التقنية في تحسين المزاج تحسيناً دائماً؛ وإنَّما أثبتت فاعليتها في علاج بعض حالات الاكتئاب الخطرة.

شاهد بالفديو: 5 طرق لقهر الاكتئاب النفسي

5. تحسين نظامك الغذائي:

من المعروف أنَّ ما نتناوله يؤثِّر في صحتنا ووظائفنا؛ ومن ثَمَّ عند اتباع نظام غذائي مدروس غني بالأطعمة عالية القيمة الغذائية سيعمل جسدك ووظائفه الحيوية بكفاءة.

في المقابل إذا أكثرت من تناول الأطعمة فقيرة القيمة الغذائية، فإنَّ صحتك الجسدية ستكون بأدنى مستوياتها، يرتبط النظام الغذائي المعتمد اعتماداً رئيساً على الأطعمة السريعة فقيرة القيمة الغذائية بتزايد خطر الإصابة بالاكتئاب؛ وذلك لكونه يملأ الجسم بمركبات التهابية تتفاعل مع الدماغ بطريقة سلبية؛ ومن ثَمَّ عليك الابتعاد عن هذه الأطعمة قدر المستطاع.

الأهم من ذلك أن تبذل جهداً في اتباع نظام غذائي غني بالحبوب الكاملة والفاصولياء والبيض والجبن واللبن والخضروات الورقية والأسماك والدجاج واللحم الأحمر؛ وهذا بالنتيجة يضع جسدك في المكان المناسب لبدء محاربة الاكتئاب، ويجعل هذا المقولة الشهيرة: "أنت نتاج لما تأكله" صحيحةً تماماً.

في الختام:

ليس من السهل الهروب من ظلام الاكتئاب الموحش، إلَّا أنَّ استخدام الاستراتيجيات المذكورة آنفاً يزيد من فرص النجاة، ومن الهام أن تلاحظ وتقدِّر إنجازاتك اليومية؛ لأنَّها ستجعل من مواجهة مشكلاتك الداخلية أسهل يوماً بعد يوم، وكن فخوراً بمجهودك، وإن بدا ضئيلاً في البداية؛ لأنَّه الخطوة الأولى في سبيل إطلاق العنان لصحتك النفسيَّة للأبد.




مقالات مرتبطة