5 أسباب تفسر لماذا تكون الطقوس أكثر فاعلية من العادات

التحدي الأكبر في العادات هو جعلها ثابتة والحفاظ عليها، وغالباً ما نتحمس لبدء عادة جديدة، ولكن تتلاشى هذه الحماسة بعد بضعة أيام، وأفضل مثال على ذلك هو اتخاذ قرارات جديدة عند بداية كل عام، فلنفترض أنَّك تريد أن تجعل الجري عادة أسبوعية؛ ما يحدث عادة هو أنَّك تبدأ بحماسة في أول أسبوعين ثم تتقاعس وتتوقف كلياً؛ إذ إنَّ 8% من قرارات العام الجديد فقط تكون ناجحة حقاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المحاسب القانوني ومطور البرامج "بروكس دنكان" (Brooks Duncan)، والذي يُحدِّثُنا فيه عن كيفية تحويل العادات إلى طقوس.

وإذا كان هناك مليون شخص يبدؤون كل عام بقرار جديد، فلن يتمكَّن سوى 80000 منهم من إكماله، وهذا عدد قليل جداً وبالطبع لا تريد أن تكون جزءاً من 92% من الأشخاص الذين لا يلتزمون بعاداتهم الجديدة، إذاً لماذا يكون من الصعب جداً البدء بعادة والحفاظ عليها؟

المسألة ليست مسألة معلومات بالطبع؛ فلو كانت كذلك، لكنتَ حصلت عليها منذ زمن وحللت المشكلة؛ إذ إنَّنا نعلم أنَّ التمرين المنتظم مفيد لنا، فلماذا لا نفعل هذا؟ وكم مرة قرأت أنَّ الاستيقاظ مبكراً يمكن أن يساعد على زيادة إنتاجيتك؟ فلماذا لا تستيقظ مبكراً؟ الإجابة عن هذا اللغز ليست واضحة.

في الواقع لقد استغرق الأمر مني سنوات لمعرفة سبب فشلي في الحفاظ على هذه العادات. ولو قابلتني قبل بضع سنوات، فإنَّ العادات التي كنت أمارسها هي السهر والاستيقاظ متأخراً والتأخر عن العمل والشعور الدائم بأنَّني مُقصر في عملي حتى بعد عودتي إلى المنزل ومهما كنت أُحاول جاهداً، فلم أستطع الالتزام بالعادات الجيدة لأكثر من بضعة أيام، ومن ثم اكتشفت السبب؛ وما اكتشفته أنَّ الطقوس أكثر فاعلية من العادات.

سأشارك خمسة أسباب توضح صعوبة اكتساب عادات جيدة والالتزام بها:

1. العادات ليست واضحة:

إحدى الأسباب التي تجعلنا لا نبدأ بشيء ما هو أنَّ ما نريد القيام به ليس واضحاً بما يكفي؛ كأن تقول إنَّك تريد أن تصبح واثقاً من نفسك أو إنَّك تريد أن تتوقف عن المماطلة أو إنَّك تريد أن تصبح إيجابياً، وهذه كلها أشياء جيدة يجب القيام بها، ولكنَّها غامضة للغاية، ونحن نفهم بشكل منطقي ما تعنيه ولكن بعد ذلك نفكر كيف سنتمكن من تنفيذ هذه التغييرات؛ ونتيجة لذلك لا نفعل أي شيء؛ إذ يحدث الشيء نفسه مع العادات، فهي غامضة.

وإذا كنت ترغب في ممارسة تمرينات التأمل، فماذا يعني ذلك؟ هل تحتاج إلى العثور على مرشد روحي من الهند وجلبه من هناك لإرشادك خلال جلسة؟ أو هل تتعلم ذلك بنفسك أو في إطار مجموعة؟ وهل تحتاج إلى وسادة خاصة؟ ما تحتاج إليه هو الوضوح؛ وهذا هو السبب في أنَّ الطقوس أكثر فاعلية فهي محددة؛ فعندما تكون الأمور غامضة، يكون إجراؤنا الطبيعي هو عدم اتخاذ أي إجراء؛ فمن الصعب جداً البدء، وهو ما يقودني إلى السبب التالي لعدم نجاح العادات.

شاهد بالفديو: كيف تتعلم العادات الإيجابية؟

2. العادات لا تشجعك على البدء بتطبيقها:

أحد أسرار محاربة المماطلة هو جعل الخطوة الأولى سهلة جداً؛ إذ يكون من اللامنطقي رفض البدء بتطبيقها، هل تريد أن تذهب إلى الجري؟ يجب أن يكون مجرد ربط حذائك هو الخطوة الأولى، أو هل تريد أن تكتسب عادة تنظيف الأسنان بالخيط؟ فقط نظِّف سناً واحداً.

التحدي الذي نواجهه هو أنَّنا نميل إلى التفكير كثيراً مقدماً، وعندما نريد ممارسة المزيد من التمرينات، نفكر في الجسد الخارق الذي نريده والمجاملات التي سنحصل عليها وكل الطاقة الإضافية التي سنحصل عليها، وهذا تفكير سطحي جداً، فما هي الخطوة الأولى؟ وهذا هو المكان الذي يفشل فيه معظم الناس ثم لا يبدؤون أبداً.

فلا بأس في التفكير في النتيجة، طالما أنَّك تعرف ما هي الخطوة الأولى وتريد أن تكون هذه الخطوة سهلة للغاية؛ فلا يوجد لديك عذر لعدم القيام بها ولا يوجد سبب محتمل لرفضها؛ ولذلك عندما تريد أن تحاول تكوين عادة جديدة، وضِّح الخطوة الأولى؛ فهذا هو السبب في أنَّ الطقوس قوية وفعالة للغاية، فهي تجبرك على تحديد الخطوة الأولى والخطوة 2 و3 وما إلى ذلك، وتجعل من السهل البدء.

3. العادات لا توضح سبب حاجتك إليها:

هل تتذكر هذا الشعور عندما تكون متحمساً ومندفعاً إلى بدء عادة جديدة؟ ومصدر التحفيز هذا هو شيء يمكنك الحديث عنه في أي وقت تريده، والمشكلة هي أنَّنا لا نعرف كيف نستعيده عندما نريد ذلك فالدافع يأتي ويذهب؛ ففي أحد الأيام لدينا ما يكفي من الحافز، وفي أيام أخرى نفتقر إليه كلياً، وعندما نعتمد على الحافز للبدء والاستمرار، فإنَّنا نُعِدُّ أنفسنا للفشل ولنتائج غير ثابتة، وإحدى الحيل لمواجهة ذلك هي معرفة السبب؛ فلماذا تريد أن تكتسب هذه العادة؟ وهذا ليس بالسؤال السهل للإجابة عنه؛ إذ إنَّ غريزتك الأولى هي إعطاء إجابة سطحية.

فلنأخذ عادة ممارسة الرياضة كمثال؛ لماذا تريد أن تكتسب عادة ممارسة الرياضة؟ تتضمن الإجابات الشائعة ما يأتي:

  • "أريد أن أبدو جيداً".
  • "أريد أن أرتدي ملابسي القديمة مرة أخرى".
  • "أريد أن آكل ما أريد وأن أبدو جيداً".

هذه ليست أسباباً سيئة فأحياناً أقول في نفسي هذه الأشياء في المرآة، ولكنَّها ليست فعالة في الحفاظ على العادات، وإلَّا فلن تواجه مشكلات مع هذه العادة - أو أيَّة عادة أخرى - إذ تحتاج إلى العثور على السبب الحقيقي، وغالباً ما يكون سبباً عميقاً.

على سبيل المثال، السبب الذي يجعلني أمارس الرياضة بانتظام هو أنَّني لا أريد أن ينتهي بي المطاف مثل أجدادي الذين يشكون دائماً من آلام المفاصل؛ إذ إنَّهم لا يستطيعون التحرك ويعيشون في ألم كل يوم، ولا يمكنهم الاستمتاع بشيخوختهم، فلقد شاهدت بنفسي مدى صعوبة هذا الوضع وهذا ليس ما أريده؛ وهذا هو سبب عادتي في ممارسة الرياضة.

ومن المؤكد أنَّك لا تختلف معي في هذا السبب؛ إذ تتضمن بعض الإجابات التي سمعتها من عملاء خاصين أشياء مثل: "أريد أن أمتلك الطاقة لأكون موجوداً مع أطفالي عندما يكبرون حتى أكون والداً جيداً، فلم يكن والداي موجودَين لأنَّهما عملا بجد لدرجة أنَّهما كانا دائماً متعبَين خلال الوقت الذي كان يجب أن يقضوه معي، ولا أريد ذلك لأولادي".

وعميل آخر قال: "أشعر بالقوة عندما أمارس الرياضة، ويجعلني أشعر برجولتي كوني أستطيع حماية عائلتي وأحبتي"؛ فمهما كان السبب وراء عادتك، تجاوز الأسباب السطحية. فدوِّن الأسباب واقرأها كلما شعرت بعدم الرغبة في الحفاظ على عاداتك؛ إذ ستشجعك مرة أخرى - إذا اخترت السبب الصحيح - فكل طقس يتضمن هذا بشكل طبيعي، فهو أحد الأسرار التي تجعل الطقوس فعالة.

إقرأ أيضاً: العادات: تعريفها، وطريقة تشكلها، وكيفية التعرف على العادات الخفية

4. العادات ليست ثابتة:

تفترض معظم النصائح أنَّنا نعرف كيف نحافظ على عاداتنا؛ إذ إنَّه مثل البريد الإلكتروني: من المفترض أن نعرف بطريقة سحرية كيفية تنظيم صناديق البريد الوارد المزدحمة لدينا والتعامل مع الحمل الزائد للمعلومات؛ وإذا كنت مثل معظمنا، فلم يطلِعُنا أحد على كيفية التعامل مع هذا الأمر؛ إذ إنَّه ليس جزءاً من نظامنا التعليمي وخاصةً عندما يتعلق الأمر ببناء العادات والحفاظ عليها، فالجميع يجعل الأمر يبدو سهلاً - المشي أكثر والاستيقاظ مبكراً وممارسة تمرينات التأمل - وما لا يخبرونك به هو كيفية البدء وكيفية الاستمرار، والأهم من ذلك كله كيفية ملاءمته مع جدولك الزمني دون الإخلال ببقية حياتك.

لدينا جميعاً أشخاص نعتني بهم وفواتير لندفعها وأطباق لغسلها والكثير من الأشياء الأخرى يجب القيام بها؛ إذ إنَّ دمج عادة جديدة في حياتك ليس بالأمر السهل ناهيك عن الحفاظ على استمراريتها، في حين أنَّ الكثير من الأشياء الأخرى قد تبدو أكثر أهمية؛ فعندما يبدو كل شيء على أنَّه أولوية، فهذا أمر صعب، فدون خطة ونظام قوي لتنظيم حياتك يمكن أن تشعر بأنَّ الحفاظ على العادات هو وظيفة ثانية بدوام كامل. فإذا كنت تريد ضبط عادتك، فأنت بحاجة إلى تحويلها إلى طقس مدعوم بنظام محدد؛ وهذا يثير النقطة التالية.

إقرأ أيضاً: سيكولوجيا اكتساب العادات: ما هي؟ وكيف تكتشف أسرارها؟

5. عدم وجود نظام يعمل خطوة بخطوة:

لزيادة فرصك في اتخاذ إجراء، توجد ثلاثة أشياء يجب مراعاتها:

  1. يجب أن تكون لديك الرغبة في القيام بذلك "الغاية من العادة".
  2. أنت تحتاج إلى خطوة أولى سهلة التنفيذ.
  3. أنت تحتاج إلى نظام يعمل خطوة بخطوة، قد أثبت فاعليته ويسهل اتباعه.

بمجرد أن تتوفر هذه الأشياء الثلاثة تكون لديك معادلة للنجاح، والتشبيه الذي أحب استعماله هو عندما تطهو وجبة لأول مرة - وبغض النظر عما تطبخه - فأنت تكون متحمساً لها، ومن المحتمل أنَّك ستتبع وصفة تحتوي على إرشادات خطوة بخطوة حول كيفية تحضيرها؛ وبذلك يعمل هذا النظام خطوة بخطوة لضمان التزامنا بهذه العادات وجعلها جزءاً من حياتنا اليومية.

المصدر




مقالات مرتبطة