كيف تضع حدوداً بين الحياة الشخصية والمهنية؟
تُظهِر الأبحاث أنَّ الحدود غير الواضحة بين الحياة الشخصية والمهنية تسبِّب الإرهاق العاطفي، وهذه معلومة هامَّة أكثر من أي وقت مضى في ظلِّ الانتقال الهائل للعمل عن بُعد من المنزل، لكن يمكن أن يتجلَّى إدمان العمل في عديد من الطرائق الأخرى أيضاً:
على سبيل المثال قضاء ساعات متأخرة إضافية في العمل، والتحقُّق من أي رسائل بريد إلكتروني من العمل، وإهمال قضاء وقت ممتع مع العائلة، والشعور بالتوتر بانتظام، والتفكير باستمرار في العمل من اللحظة التي تستيقظ فيها حتى تخلد إلى النوم، وربط وظيفتك بهويتك.
نصائح تعيين الحدود بين الحياة الشخصية والمهنية:
- حدِّد ساعات عمل دقيقة، مثل من 9 إلى 5 مع استراحة غداء لمدة ساعة.
- اتبع روتيناً صباحياً يقتصر على الرعاية الذاتية.
- تجنَّب التحقُّق من هاتفك في أثناء وجودك مع العائلة والأصدقاء.
- أخبِر زملاءك في العمل أو الموظفين أنَّك غير متاح خلال أوقات معينة.
- حدِّد مساحة في منزلك مخصَّصة للعمل فقط، وتجنَّب العمل على سريرك أو على الأريكة.
- فوِّض المهام أو عيِّن موظفين جدد للمساعدة على تخفيف ضغوطاتك.
- جرِّب هواية جديدة لا علاقة لها بعملك.
- احتفظ بمجموعات منفصلة من "ملابس العمل" و"ملابس المنزل" لمساعدتك على الانتقال بينهما ذهنياً.
- تخيَّل أنَّك تخرج من حالة العمل عندما تغلق جهاز الكمبيوتر في نهاية اليوم.
إدمان العمل مشكلة حقيقية ناتجة عن عدم وجود حدود حول الوقت والطاقة.
كيف تضع حدوداً في العلاقات؟
يمكن أن تكون العلاقات أصعب مجالات حياتك لتعيين الحدود، لكن على الرَّغم ممَّا تراه في الأفلام لا يجب أن تكرِّس نفسك بالكامل لشخص آخر، ولا أحد يتوقع منك ذلك.
تعدُّ الحدود الصحية أمراً أساسياً للعلاقات الصحية؛ لأنَّها تحدِّد من هو المسؤول عن شيء معيَّن، ومتى تجلسان معاً، وكيف تتفاعلان، وما يحتاج إليه كل منكما ليشعر بالأمان والاحترام، وربَّما الأهم من ذلك هو أنَّ حدود العلاقة تمنع الاعتماد المتبادل.
إذا كانت علاقتك تسيطر على حياتك وتعوق عملك أو علاقاتك مع الأصدقاء وأفراد الأسرة، في هذه الحالة حان الوقت لإعادة تقييم حدودك وفرضها.
شاهد بالفيديو: 10 قواعد مهمة لبناء علاقات إجتماعيّة ناجحة
تشمل المجالات الأكثر شيوعاً التي تفتقر إلى الحدود في العلاقات:
حدود الوقت:
افترض أنَّك أو شريكك تحاولان قضاء كل الوقت معاً، قد تفتقر في هذه الحالة إلى حدود حول وقتك؛ لذا ينصح مستشار العلاقات "جاريت كون" (Garrett Coan) بقاعدة "70/30" التي تقول بأنَّ الأزواج الأسعد والأكثر انسجاماً يقضون نحو 70% من وقتهما معاً، و30% بعيداً عن بعضهما.
قد تكون هذه النسبة مختلفة عن 50/50 أو 40/60، ولكن طبيعة علاقتك تحدِّد النسبة التي تحتاج إليها؛ لكنَّ المغزى هو أنَّه لا ينبغي لأحد أن يستحوذ على كل وقتك؛ إذ يجب أن يكون الوقت مع الشريك متوازناً مع الوقت للأصدقاء والعائلة ونفسك.
يمكنك التعبير بلطف ومحبة عن أنَّك تحتاج إلى مزيد من الوقت لنفسك لتكون أفضل في العلاقة، قد يكون ذلك ببساطة تخصيص يوم من الأسبوع لنفسك.
الحدود العاطفية:
ربما تكون الحدود العاطفية الأكثر تعقيداً، وهي الإرشادات المتعلقة بكيفية تعبيرك أنت وشريكك عن مشاعركما تجاه بعضكما بعضاً؛ على سبيل المثال كيف تتحدثان مع بعضكما بعضاً، وإذا كنت تصغي إلى احتياجات شريكك أم تركِّز فقط على نفسك، وما هي الموضوعات التي تتجنَّب مناقشتها، ونبرات الصوت التي تستخدمها، وكيف تعتذر وتحل الموقف عندما تدخل في مجادلات.
أمثلة عن الحدود العاطفية:
- "دعنا لا نناقش هذا الموضوع خلال عشاء الليلة".
- "أشعر بعدم الارتياح عندما تتحدث عن (موضوع مؤلم)، هل يمكننا عدم ذكره أمام الآخرين من فضلك؟".
- "أحتاج إلى بعض الوقت وحدي للتفكير في هذا الموقف".
- "لن أتساهل عند التحدث معي بهذه الطريقة".
- "أريد أن أدعمك في هذا الوقت العصيب، لكن لا يمكنني أن أتحمَّل حاجاتك العاطفية، ربَّما يمكنك التواصل مع (معالج نفسي أو والدتك)".
ملاحظة عن التفريغ العاطفي:
على عكس التنفيس فإنَّ التفريغ العاطفي يؤدي بطريقة متقطعة إلى إلقاء المشاعر والأفكار والعواطف المؤلمة على عاتق شريك أو حتى شخص غريب، وسواء كنت مانحاً أو متلقياً للتحميل العاطفي فقد يكون من الصعب وضع حد له.
يمكن للشخص الذي يحاول البوح بعواطفه أن يعبِّر عن ضعف شديد؛ لكنَّ الضعف يمكن أن يكون سيفاً ذا حدين؛ فمن ناحية ما الضعف هو المفتاح لتأسيس روابط عميقة، ولكن يمكن أن يؤدي أيضاً إلى خرق الثقة أو حتى الإفراط في المشاركة.
يشعر الجميع بمشاعر مؤلمة يحتاجون أحياناً إلى التنفيس عنها؛ لكنَّ استخدام شريكك لتفريغ عواطفك كلها يمكن أن يؤذي العلاقة جداً؛ فهو ليس معالجاً نفسياً.
ضع هذه الحدود لنفسك ولشريكك بالقول بلطف: "أريد أن أُساندك؛ لكنَّني لا أظنُّ أنَّني أستطيع دعمك بهذه الطريقة"، ويمكنك أيضاً اقتراح الحصول على مساعدة من جهة خارجية لمعاملة الموقف المحتمل، تذكَّر دائماً إظهار التعاطف، ولكن أظهر أنَّك غير قادر على تحمُّل هذا العبء وحدك.
كيف تضع حدوداً مع الوالدين؟
عندما يتعلَّق الأمر بالحدود مع الوالدين فهذا موضوع مختلف تماماً عندما تكون طفلاً، قد يكون محيراً جداً أن يعتمد عليك القائم على رعايتك للحصول على الدعم أو التعبير عن مشاعره السلبية أمامك، لكن بصفتك شخصاً بالغاً فأنت تتمتع بمزيد من الحرية والوعي للتعامل مع الحدود بينك وبين والديك.
في كلتا الحالتين يجب وضع الحدود سواء كانوا صغاراً أم مراهقين أم بالغين؛ إذ يحتاج الأطفال إلى معرفة أنَّهم يتمتعون بخصوصية؛ على سبيل المثال وجود حدود تمنع والديهم من قراءة مذكراتهم أو دخول غرفهم في أثناء تغيير ملابسهم.
يحتاج الأطفال أيضاً إلى معرفة الإرشادات عن راحة والديهم وخصوصيتهم؛ فقد يطلب الآباء الذين يرغبون في وضع حدود مع أطفالهم منهم دائماً أن يطرقوا قبل دخول غرفة نومهم، أو أن يستأذنوا قبل استخدام بعض الأدوات المنزلية.
قد يحتاج الشباب إلى وضع حدود حول إرشادات والديهم؛ إذ غالباً ما يفرض الآباء طريقة عيش أولادهم، وحتى لو كان ذلك عن حسن النية فقد يتعدَّى على إحساسك بالحرية والاستقلالية، لكن يمكن للبالغين رسم هذه الحدود بالتعبير لوالديهم عن أنَّهم سيطلبون مساعدتهم عندما يحتاجون إليها.
شاهد بالفيديو: فضل البر بالوالدين
كيف تضع حدوداً مع الأصدقاء؟
في حين تعدُّ الصداقات أساسية لصحتك وسعادتك فإنَّها غالباً ما تكون مرهقة عندما لا يكون لها حدود؛ فقد يتوقع بعض الأصدقاء منك كثيراً من دون رد الجميل؛ لذا إذا كنت تحتاج إلى إنشاء مزيد من الحدود مع أصدقائك فابدأ بالرفض بحزم.
إذا كنت شخصاً يسعى إلى إرضاء الناس فقد يكون هذا أمراً صعباً جداً، قد تجد صعوبة في رفض شخص يطلب مساعدتك حتى لو لم يكن لديك الطاقة أو الوقت للقيام بذلك.
إذا كنت تخشى الرفض أو تحتاج إلى استحسان الآخرين فقد يكون من الصعب تحديد حدودك؛ لكنَّ الأصدقاء الذين يستحقون اهتمامك يميلون إلى فهم أولوياتك واحترامها؛ فالرفض ليس خيانة أو خيبة أمل، إنَّه ببساطة مهارة يمكنك ممارستها للمساعدة على إنشاء مزيد من الحدود بشأن صداقاتك.
نصائح لتعيين الحدود مع الأصدقاء:
- خصِّص وقتاً محدَّداً لنفسك.
- أخبر أصدقاءك متى يمكنهم توقع رد منك، وضع هذه الحدود حتى لا ينزعجوا منك إذا لم ترد على رسائلهم النصية أو مكالماتهم على الفور.
- عبِّر بوضوح عندما تشعر بالإرهاق أو أنَّ صديقك يتجاهلك أو لا يصغي إليك.
- إذا كنت تخشى أن تُرفَض أجِّل إجابتك للتفكير مليَّاً بالأمر.
- وضِّح لأصدقائك أنَّ لديك أهدافاً وأحلاماً شخصية تعمل على تحقيقها.
- اعرض فقط مساعدة الأصدقاء في الأشياء التي تستطيع فعلها حقاً، خلافاً لذلك اقترح طرائق بديلة يمكنهم من خلالها الحصول على المساعدة في الموقف.
- أخبرهم أنَّك موجود لدعمهم؛ لكنَّك أيضاً تعطي الأولوية لنفسك.
في الختام:
إذا كنت ترغب في استعادة طاقتك ووقتك وقوتك فإنَّ وضع الحدود أمر بالغ الأهمية لرحلة النمو الخاصة بك، مع أنَّ الأمر قد يبدو صعباً فإنَّ وضع الحدود لا يحتاج إلى التعقيد:
- حدِّد حدودك؛ أي ما يدعمك ويعزِّز عافيتك مقارنة بما يضرها.
- عبِّر عن حدودك بوضوح للأشخاص في حياتك.
- ذكِّر الناس إذا لزم الأمر بحدودك والتزم بها.
- لا تخف من رفض الأشياء التي لا تفيدك.
- خصِّص وقتاً لنفسك.
ستشكِّل حدود حياتك نموك وعلاقاتك مع الأشخاص من حولك؛ لأنَّ وقتك وطاقتك وقدرتك العاطفية محدودة، وإذا لم تحميها فلن يقوم أيُّ شخص آخر بذلك.
أضف تعليقاً