لكن ما إن يباشروا العمل ويكتشفوا أنَّ الطريق إلى أعلى السلم الوظيفي هو أشبه ما يكون بالرمال المتحركة، حتى يشعروا بخيبة الأمل، ومع ذلك، لن يفقدوا الأمل في جميع أرباب الأعمال؛ بل سيبدؤوا البحث مرةً أخرى للعثور على شركةٍ أفضل.
الممارسات الداخلية التي تضعف قدرتك على الإدارة:
عندما يتقدم المرشحون إلى منصبٍ جديد، فهم يحرصون على طرح أسئلة أفضل على مسؤول التوظيف في أثناء المقابلة، ثم ينضمون إلى الشركة مُحمَّلين بالأمل والوعود التي طال انتظارها، وما إن يباشروا العمل حتى تعرقل العديد من السلوكات الداخلية طريقهم وتقدُّمهم الوظيفي، فتتملكهم صدمةٌ وحيرةٌ عظيمتان، ويحاولون إيجاد مصدر الخلل؛ أهو سوء اختيارهم للشركة، أم أنَّ سمعة الشركة تنافي واقعها؛ الأمر الذي يكون محبِطاً للغاية.
في الوقت الذي يثير فيه تطبيق استراتيجيات الاحتفاظ بالموظفين وإدارة المواهب الانتباه العام، يظن الموظفون أنَّ الشركات ستهتم أكثر للممارسات الداخلية التي تبعثر جهودها، ومهما كان انطباعك عن تقدُّم الموظفين وفقاً للاستراتيجيات المتَّبعة، فلا بد من الانتباه لهذه السلوكات الخاطئة التي قد تحوِّل جهودك هباءً منثوراً؛ بل تؤدي إلى نتائج عكسية.
ومن هذه السلوكات:
1. إعلانات التوظيف الوهمية:
تعلن الشركات عن بعض المناصب المرغوبة للغاية، فتكثر أسماء المرشحين، وهنا يظهر السلوك السيِّئ؛ إذ يحدِّد المديرون مرشحهم المفضل، ثم يستمرون في إضاعة وقت المرشحين وطاقتهم، مراقبين إياهم وهم يسعون إلى وظيفةٍ صعبة المنال.
وأسوأ جزء في هذا الأمر، هو الوضع الذي يُوضَع فيه الموظفون والمرشحون، فكلاهما يعرف كيف سينتهي الأمر؛ لكن مع ذلك، يجب عليهم المرور بجميع المراحل، خضوعاً لرغبة المديرين في الظهور بمظهر العادل.
شاهد: طرق تعامل المدير الناجح مع الموظفين
2. الترقيات المفاجئة:
يظهر هذا السلوك عندما يشعر المدير بالحاجة إلى ترقية بعض الموظفين بشكلٍ سري، ليتبع ذلك بيان إداري يعلن فيه المدير عن قراره، وهذا ما يخفِّض الروح المعنوية للفريق، ويشير هذا السلوك إلى محدودية مهارات القائد؛ ذلك لأنَّه لم يفكِّر في إنشاء منافسة شريفة يفوز بها الأجدر، ولم يمنح الفريق فرصة للتقدم وإجراء مقابلة لمناصب يؤمنون بجدارتهم بها.
3. مزاجية المديرين:
هل تشعر أنَّ مديرك يعوق تقدُّم الموظفين من خلال ادِّعاء وجود خلل في أدائهم وفبركة قصص تتعلق بشخصيتهم؟ يظهر هذا السلوك عندما تنبثق فرص التقدم داخل الشركة، بينما يحاول المدير بكل ما أوتي من قوة منع الموظف من التقدم أكثر؛ وذلك من خلال مشاركة تقييمات سابقة للأداء تؤثر في عملية الاختيار، والمشكلة أنَّ الموظف يتعرض لعقوبات مفاجئة بالنهاية.
4. تجاهُل المخضرمين في العمل:
من المؤسف أن يسخِّر الموظف المسكين وقته وجهده في سبيل خدمة الشركة، ولا يستطيع التقدم أكثر؛ فهل من العدل أن يعمل شخص في خدمة الشركة مدة 30 عاماً وأكثر، ثم يحصل على تقرير أداء سيِّئ؟ علماً أنَّ هذا الشخص متمرِّس بتطبيق قواعد الشركة والتمسك بالمعايير وفق الثقافة التنظيمية، لكنَّه مع ذلك، ليس مؤهلاً للحصول على الفرص الوظيفية المتقدمة في المنظمة أو حتى في قسمه.
5. عدم تقديم العلم والخبرة والمهارات وغير ذلك للموظفين:
نتفهَّم جميعاً عدم وجود الوقت الكافي للتدريب، وأنَّ العمل يأخذ جل وقتك بصفتك مديراً، لكن، ما نفع المعرفة والمهارات والقدرات ما لم توفِّر لها أساساً ثابتاً؟ لذا يجب عليك ألَّا تُرقِّي الأشخاص والعاملين من دون أوراق اعتمادٍ ومؤهلات تثبت جدارتهم، وإن شكَّكت في تعليم أو مهارات أحد الموظفين، فيجب توضيح شكوكك بالدلائل التنفيذية الواقعية التي تثبت ذلك.
الحاجة إلى التوازن في العمل:
بعد عرض هذه السيناريوهات الخمسة التي يتعارض فيها السلوك مع النية أو الفكر السليم، فخلاصة القول هي: إنَّ استراتيجيات إدارة المواهب تحتِّم على المدير عدم التغافل عن الأداء السيِّئ، والبحث عن حلول لإصلاح الخلل، وعندما يتم ذلك، يجب ألَّا تبتز الموظفين أو تذكِّرهم بأخطاء الماضي باستمرار؛ بل حقِّق التوازن بين ما تريد وما هو مطلوب.
يجب أن تقيِّم افتراضاتك لمهارات وكفاءة الموظفين؛ إذ إنَّك على سبيل المثال، لن تحتاج إلى شخص حاصل على درجة الدكتوراه بقدراتٍ خيالية على قراءة الأفكار، ليشغل منصب موظف الاستقبال؛ لهذا، نلحُّ على المديرين دائماً بشكر موظفيهم؛ إذ لولاهم ما حققوا معظم إنجازاتهم ومكاسبهم المالية، حتى إن لم يصلوا إلى المستوى المطلوب، فلا تلوموهم، لكن لوموا أنفسكم على عدم الاستثمار فيهم، وعدم الإصرار على نموهم المستمر مهنياً.
بالحديث عن النمو، توقَّف عن حجب الفرص الوظيفية الشاغرة عن موظفيك، وتحدَّث إليهم بشفافية عن الفرص الحالية والقادمة، وافتح باب التقديم لموظفيك للحصول على فرصٍ داخلية للنمو والتقدم، تتماشى مع خلفياتهم العلمية والثقافية واهتماماتهم.
الصدق أساس الثقة بالموظفين:
لا تنشر مزيداً من الإعلانات الزائفة؛ توقف عن وضع إعلاناتٍ خارجية حين تكون رغبتك هي توظيف مرشحٍ داخلي مؤهل، وتوقف عن الإعلان عن الشواغر الداخلية في حين أنَّك تبحث عن خبراء من خارج الشركة.
واعلم أنَّ إجراء المقابلاتٍ للحصول على وظيفةٍ أمر مرهقٌ للجميع؛ لذا لا فائدة من تكليف الأشخاص عناء التقديم والمرور بمقابلاتٍ وظيفية مقابل لا شيء؛ إذ يُعَدُّ الصدق والشفافية أنجع وسيلةٍ لبناء علاقةٍ متينة بين المدير والموظف، فضلاً عن أنَّهما كفيلان بتحسُّن سمعتك واستقطاب مزيدٍ من الموظفين المحتملين، لعلمهم بالتزامك استراتيجياتٍ عادلةٍ متناسقةٍ لإدارة المواهب في فريق عملك.
أضف تعليقاً