يمكن تصنيف الأنظمة الغذائية الشائعة في نوعين، يقتضي النوع الأول تقليل كمية السعرات الحرارية التي يستهلكها الفرد، في حين يعتمد الثاني على الحدِّ من تناول أصناف غذائية معيَّنة، وينطبق هذا المبدأ على الأنظمة التي يزعم أتباعها أنَّها "نمط حياة" وليست حمية أو نظاماً غذائياً على حدِّ تعبيرهم، لكونها تتطلب في واقع الأمر تقليل كمية الطعام، أو قطع أصناف غذائية معيَّنة.
غالباً ما تكون الأنظمة الغذائية فعالة على الأمد القصير، فهي تعتمد على تقليل كمية الطعام لإنقاص الوزن، وهذه آلية عمل الأنظمة التي تعتمد على حساب السعرات الحرارية، وقطع الكربوهيدرات والسكر، وتقليل مدة تناول الطعام، وتحديد نسبة الكربوهيدرات والدهون والبروتينات في الوجبات، إضافة إلى حمية الإقصاء.
يخسر معظم الأفراد حوالي 5-10% من وزنهم في أول 6 أشهر من اتباع الأنظمة الغذائية بكافة أنواعها بحسب الدراسات العلمية، وتكمن مشكلة هذه الأنظمة الغذائية القاسية في أنَّ أضرارها تظهر على الأمد الطويل بعد فوات الأوان.
5 حقائق عن الأنظمة الغذائية القاسية:
1. الأنظمة الغذائية غير فعالة في إنقاص الوزن:
تساعد الأنظمة الغذائية على إنقاص الوزن الزائد خلال الأشهر الأولى كما ذُكِر آنفاً، ولكن ماذا يحدث بعد ذلك؟ كيف يستجيب الجسم على الأمد الطويل؟
تختلف الإحصاءات من دراسة إلى أخرى، ولكن يمكن الجزم بأنَّ الأنظمة الغذائية تفشل في حوالي 80-95% من الحالات عندما يتَّبِعُها المشارك لمدة تزيد عن 6 أشهر، وهذه النسبة مرتفعة جداً ولا تشجع على اتباع الأنظمة الغذائية القاسية.
2. تؤدِّي الأنظمة الغذائية القاسية إلى زيادة الوزن:
يؤدي اتباع الأنظمة الغذائية القاسية على الأمد الطويل إلى زيادة الوزن بالفعل، فقد كشفت نتائج الدراسة المذكورة آنفاً أنَّ معظم الأفراد يستعيدون الوزن الذي خسروه بعد حوالي 2-5 سنوات، وبيَّنت نتائج الدراسة من ناحية أخرى أنَّ 2/3 من الحالات لا تعود إلى وزنها السابق فحسب بل تتجاوزه وتكسب وزناً إضافياً بعد عدة سنوات.
لقد أكَّدت عدة أبحاث علمية هذه النتيجة، كما تسبب "حمية اليويو" (yoyo dieting) السريعة والقاسية عدة مخاطر صحية تتضمن ارتفاع مستويات الكورتيزول والتوتر النفسي أيضاً.
شاهد بالفيديو: كيف تحدد الحمية الغذائية الأنسب لك؟ " Eran Segal" "إيران سيجال"
3. قطاع الأنظمة الغذائية ربحي وقائم على إفشال العملاء:
الاحتفاظ بالعملاء هو النهج الأساسي الذي تتبعه معظم الشركات لتحقيق دخل مادي مستقر، وتحقق هذه الجهات أرباحاً باهظة عندما تقدم للزبون حلاً يبلغ احتمال فشله 80-95%، وعندما تخفق التجربة، يُلام الزبون على تقصيره وضعف إرادته.
تتنصل الشركة من مسؤوليتها، وتعرض على الزبون منتجاً جديداً احتمال فشله مرتفع كما في الحالة السابقة، وهكذا يعيد الفرد التجربة مرة تلو الأخرى دون أن يحرز أي تقدُّم يُذكَر، ويتحمل الزبون مسؤولية فشل التجربة في كل مرة، ويتلقى اللوم على ضعف إرادته وعدم التزامه بالتوجيهات، وتحصد الشركات أرباحاً كبيرة.
هذه التجارة غير أخلاقية؛ لأنَّها تتسبب في شعور الفرد بالفشل والتقصير وتدني مستوى التقدير والقيمة الذاتية.
4. تؤثر الأنظمة الغذائية في الوظائف الحيوية في الجسم:
تؤثر الأنظمة الغذائية في إفراز هرمونات الجوع، وعندما يحرم الإنسان نفسه من الطعام، فإنَّ الجسم يبذل ما بوسعه للحفاظ على وزنه وخسارة الحد الأدنى منه؛ لأنَّه مُبرمَج على البقاء ضمن نطاق معيَّن.
يحاول الجسم أن يحافظ على وزنه عند اتباع الأنظمة الغذائية القاسية عن طريق زيادة إفراز هرمونات الجوع، وتخفيض مستوى هرمونات الشبع، لهذا السبب تزداد شهية الفرد للطعام ولا يشعر بالاكتفاء والشبع عند اتباع الأنظمة الغذائية القاسية.
5. تتسبب الأنظمة الغذائية القاسية في نشوء اضطرابات الأكل:
يؤدي اتباع الأنظمة الغذائية القاسية إلى الإصابة باضطرابات الأكل في العديد من الحالات وذلك لأنَّ معظم هذه الأنظمة لا تلبي الاحتياجات الأساسية لجسم الإنسان من الطاقة، كما في حالة الأنظمة منخفضة السعرات الحرارية، أو الصيام المتقطع الذي يعتمد على تفويت الوجبات.
تحذر "الجمعية الوطنية لاضطرابات الأكل" (the National Eating Disorders Association) من مخاطر الأنظمة الغذائية القاسية، وتجزم بأنَّها من العوامل المسببة لنشوء هذه الاضطرابات، وهنا يبرز السؤال الآتي: كيف يمكن الحفاظ على الصحة الجسدية بعيداً عن الأنظمة الغذائية القاسية؟
يكمن الحل في التركيز على السلوكات التي تساعد على تحسين الصحة الجسدية والنفسية على الأمد الطويل، ويُذكَر منها ما يأتي:
- تنويع الطعام والإكثار من تناول الخضروات والفواكه بحسب الميزانية المتوفرة.
- الحصول على قسط كافٍ من النوم، وهذا يعادل 7-8 ساعات نوم في الليلة الواحدة، وذلك بحسب الظروف، إذ لا يتسنى لبعض الأشخاص الالتزام بهذه الخطوة في حالة العمل بنظام النوبات، أو رعاية الأطفال الصغار على سبيل المثال.
- ممارسة النشاطات البدنية بانتظام، ويمكن أن يتم ذلك بكل بساطة عن طريق المشي في الجوار على سبيل المثال، ولا تحتاج إلى ممارسة التمرينات الرياضية القاسية للحصول على النتيجة المطلوبة.
في الختام:
لا تساعد الأنظمة الغذائية على إنقاص الوزن، بل إنَّها تُحدِث خللاً في وظائف الجسم وتتسبب في نشوء اضطرابات الأكل، ويُفضَّل أن تلتزم بنمط حياة صحي يركز على تناول الخضروات والفواكه، والحصول على قسط كافٍ من النوم، وممارسة النشاطات البدنية بانتظام.
أضف تعليقاً