بصرف النظر عن السبب، نحن جميعاً نستحق السلام الداخلي، وإذا كنت تجده بعيد المنال، فقد حان وقت تغيير أنماط تفكيرك وعاداتك ومعتقداتك؛ لأنَّ تحقيق السلام الداخلي يعتمد عليك بالدرجة الأولى.
5 أشياء تدمر سلامك الداخلي:
1. القلق الشديد:
القلق جزء من طبيعة الإنسان ودليل على التزامنا معايير ومبادئ محددة في الحياة، كما أنَّه يجعلنا حذرين ويساعدنا في سعينا إلى تحسين الذات، وفي أحيان أخرى، يعني القلق ببساطة أنَّنا نهتم بوظائفنا، وعلاقاتنا، وصحتنا، وما أشبه ذلك.
القلق مفيد بطريقة ما، ولكن القلق الشديد والأفكار السلبية والتوتر المزمن تتطلب من أجسادنا عملاً جباراً للتأقلم معها.
يزيد التوتر المزمن من حاجتنا للأوكسجين والطاقة والعناصر المغذية، ويؤدي إلى اضطراب النوم، ويسبب السمنة نتيجة زيادة إفراز الكورتيزول، وهو هرمون التوتر الأساسي الذي يساعد على تكوين الدهون في البطن.
يستهلك القلق طاقتنا، لكنَّه لا يغير أي شيء، ويؤدي بنا مع ما ينتج عنه من إحباط ومخاوف وشك ذاتي إلى سلوك مدمر للذات يستنزف سلامنا الداخلي.
إذا كنت تقلق دوماً بشأن أشياء معينة، فاتخذ إجراءات حيالها بدلاً من الاستغراق في القلق ونقد الذات، فإذا كان سبب قلقك خارجاً عن إرادتك، فما عليك سوى تجاهله وتجاهل الناقد الداخلي، وترديد عبارات التحفيز واسترجاع سلامك الداخلي تدريجياً.
2. المبالغة في الاهتمام بآراء الآخرين:
قبل عقد من الزمان، أثبتَ علماء النفس ميلنا إلى تقدير العالم من حولنا بناءً على آراء الآخرين، فمن الطبيعي بل وحتى من المفيد الاستماع إلى آراء الآخرين، ولكن عندما يكون ذلك على حساب تهميش آرائنا، فهنا نقع في مشكلة.
اعلم أنَّ التعبير عن الذات هو حاجة إنسانية أساسية يؤدي إهمالها إلى كبت عواطفنا، ولكن مهما حاولتَ كبت هذه العواطف، فإنَّها ستظهر بأشكال أخرى، مثل السلوكات المؤذية للذات، والإفراط في تناول الطعام، والتسويف.
باختصار، يسبِّب الاهتمام بالآخرين على حساب سعادتك اضطراباً في كيانك الداخلي، ومن ثم سلامك الداخلي.
3. إهمال الجسد:
العلاقة بين العقل والجسد معروفة حق المعرفة، فالجسد هو الوعاء الذي يحوي مشاعرنا، فعندما نهتم بأجسادنا، فإنَّنا نهتم بسلامنا الداخلي.
لتحقيق السلام الداخلي، علينا العناية بأجسادنا بثلاث طرائق:
- نحن نغذي أجسادنا بالطعام الذي نتناوله، وفي حين أنَّنا نأكل عادة من أجل المتعة أو الطاقة، فإنَّ الغذاء يؤثر تأثيراً مباشراً في أفكارنا ومشاعرنا، لذلك علينا اختيار الطعام المفيد لا الشهي فقط.
- نحن نعتني بأجسامنا بممارسة التمرينات البدنية بانتظام، ونسمع كثيراً أشخاصاً يقولون إنَّ التمرينات الرياضية تجعلهم يشعرون بارتياح، وهذا بسبب هرمونات السعادة كالإندورفين، والدوبامين، والسيروتونين، وغيرها، وإضافة إلى ذلك، فإنَّ التمرينات الرياضية تحافظ على صحة أجهزة الجسم، ومنها الجهاز الحوفي في الدماغ، مقر عواطفنا واستجاباتنا السلوكية.
- تعدُّ النظافة أمراً ضرورياً للصحة النفسية، ولكن في حين أنَّنا نقول إنَّنا نشعر بالتحسن بعد التنظيف، على سبيل المثال عندما نستحم ليلاً بعد يوم عمل طويل، يقول الخبراء إنَّ الأمر قد يكون مناقضاً لذلك.
على الرغم من أنَّ قلة النظافة أو الرعاية الذاتية غير مدرجة بوصفها أحد أعراض الاكتئاب، لكن يُنظر إليها بوصفها سبب غير مباشر للاكتئاب بسبب نقص الطاقة والتحفيز لدى المريض، وقد تكون قلة النظافة هي السبب الرئيس ولكن غالباً ما يُغفل ذكرها في النقاشات عن الحالة النفسية.
يبدو أنَّ الجسد لا يؤثر فقط في العقل، بل يتشابك معه، وكما يقال العقل السليم في الجسم السليم.
شاهد بالفيديو: 5 خطوات للممارسة الرعاية الذاتية
4. الانشغال الدائم:
اكتشف الباحثون في إحدى الدراسات أنَّ الحد من التوتر بممارسة نشاطات اليقظة الذهنية كان فاعلاً في مواجهة اضطرابات القلق بقدر فاعلية عقار إسيتالوبرام، وهو الدواء الأول لمعالجة هذه الحالة النفسية.
إذا كانت اليقظة الذهنية مفيدة للأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق الشديد، فلا شك أنَّها مفيدة لأي شخص.
أشيع شكلين لممارسة اليقظة الذهنية هما التأمل وتمرينات التنفس، وعلى سهولة تطبيقهما، نادراً ما يكون لدى الأشخاص المشغولين الوقت لسبر أغوار أنفسهم، وهذا يؤدي إلى نقص في الوعي الذاتي.
إذا كنت لا تعرف نفسك جيداً، فكيف يمكنك معرفة احتياجاتك، فضلاً عن كيفية تلبيتها؟ يؤدي عدم إجابتك عن هذا السؤال بسبب انشغالك في أشياء أخرى إلى تقويض عافيتك ونموك الشخصي، وفي النهاية سلامك الداخلي.
5. الخوف من المواجهة:
"الحكيم شخص حذر ويتجنب المشكلات، والأحمق شخص متهور بسبب إفراطه بثقته بنفسه"، وقد يفسر هذا المثل إلى حدٍّ ما سبب خوف كثير من الناس من المواجهة، خاصة مع أحبائهم خشية الانفصال عنهم على سبيل المثال.
لكنَّ المواجهة مفيدة عندما تكون السبيل الوحيد لحل الصراع، ومن ناحية أخرى، تجنب المواجهة على الدوام هو هزيمة ذاتية تؤدي إلى مشاعر مكبوتة، تماماً مثل إهمال التعبير عن الذات، فإذا كان علينا أن نُسمِع العالم آراءنا، فعلينا أن نجعلهم يشعرون بعواطفنا أيضاً.
في نهاية المطاف، لا شيء يؤذي سلامنا الداخلي أكثر من المشاعر الزائفة، والتي غالباً ما تؤدي إلى الإفراط في التفكير والحديث السلبي عن الذات؛ لذا يجدر بنا فهم الغاية من عواطفنا، فالغضب، على سبيل المثال، هو آلية دفاعية تحمينا من الأذى، والغضب والخوف من العلامات التحذيرية التي تشير إلى خطر محتمل.
يؤدي كبت هذه العواطف إلى إضعاف وعينا الذاتي الذي يؤدي دوراً حيوياً في سلامنا الداخلي، وإنَّ البقاء في منطقة راحتنا هو شكل من أشكال التخريب الذاتي في هذا السيناريو.
في الختام:
العالم مليء بالضوضاء، ولكن لدينا دائماً القدرة على الحفاظ على الهدوء بداخلنا، فقد يتشتَّت انتباهنا، ولكن يمكننا الاحتراز من التهديدات المحتملة لسلامنا الداخلي.
سواء كان مصدر تلك التهديدات صدمة في مرحلة الطفولة، أم شريكاً مسيئاً، أم الحياة عموماً، نستطيع جميعنا التغلُّب عليها وعيش حياة يسودها الهدوء والسكينة، فكل ما يتطلبه الأمر هو قرار واعٍ بأن نحب أنفسنا وألا نسمح لأي شخص أو أي شيء بإبعادنا عن المسار الصحيح.
أضف تعليقاً