4 نصائح تشجعك على المثابرة

أهم مهارة للنجاح في الأعمال التجارية عبر الإنترنت هي المهارة التي لا يتدرب معظم أرباب الأعمال الطموحين على استخدامها؛ حيث يمتلك جميع روَّاد الأعمال الناجحين الذين أعرفهم هذه المهارة، وسبب الإخفاقات التي شهدتها وعشتها شخصياً هو الافتقار إليها، وهي ليست أداةً برمجية جديدة أو نصيحة لكتابة المحتوى التسويقي أو أسلوب إنشاء الحلقات التدريبية، إنَّها قرار بسيط لكن غير سهل، إنَّها المثابرة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن رائد الأعمال والمؤلف "آندرو رايدر" (Andrew Ryder) والذي يُحدِّثنا فيه عن أهمية المثابرة للنجاح.

اسمح لي أن أشرح قصدي بقصة: طريقتي المفضلة للتسويق لشركتي هي عبر الظهور كضيف في المدونات الصوتية، وهناك فوائد مميزة للاستضافة في المدونات الصوتية، لكنَّني لاحظتُ ميولاً مخادعة خلال العامين الماضيين، فمن حين لآخر، أُجري مقابلات في برنامج، ثم يختفي فجأةً قبل نشر الحلقة التي سجلناها، سواء كانت الحلقة رقم 100 أم 10، فيفقد المضيفون اهتمامهم أو لا يحققون النتائج المذهلة التي وعدهم بها مرشدوهم، فيتخلون عن نشر المدونات وينتقلون إلى الشيء التالي.

أجد نفسي في هذه الحالة مضطراً إلى الإلحاح على هؤلاء الأشخاص كثيراً كي أحصل على الأقل على نسخة من الحلقة التي سجلتُها معهم؛ وذلك لأنَّني أريد مشاركة هذا المحتوى على موقعي إذا لم ينشروه هم، ليس هذا فحسب؛ إذ أسمع أشخاصاً يقولون إنَّهم أطلقوا قناةً على موقع "يوتيوب" (YouTube) أو بدؤوا بنشر مدونة أو برنامج بمناسبة بدء العام الجديد، فيلتزمون بها لمدة أسبوعين قبل أن يلتفتوا إلى شيء جديد وينسوا أمرها.

دفعَتني ملاحظة هذه الأمور إلى إدراك أنَّ الشركات والأفراد الوحيدين الذين يستحقون العمل معهم هم أولئك الذين يتسمون بالمثابرة؛ حيث أصبح العمل عبر الإنترنت أصعب اليوم بسبب الأعداد الكبيرة من الأشخاص الذين يرغبون في أن يصبحوا روَّاد أعمال والذين يجب أن تبحث بينهم عن أشخاص يمكن الاعتماد عليهم حقاً، وليست المشكلة أنَّ روَّاد الأعمال الجدد هؤلاء لا يمكن أن يتسموا بالمثابرة؛ بل إنَّهم يُدرَّبُون على ألا يكونوا كذلك، والمدرِّبون هم دعاة النجاح السريع الذين يقنعون الناس أنَّهم يستطيعون كسب المال والنجاح دون بذل الجهد الجاد أو استثمار المال أو الوقت أو الطاقة، وأنَّ كل ما عليهم لفعل ذلك هو بالتظاهر بالثبات.

شاهد بالفديو: 10 قواعد للعقلية الناجحة!

يضعنا هذا أمام مشكلة، هي أنَّ معظم الأشخاص الذين تتعامل معهم اليوم سوف يتخلون عنك، لكنَّ هذه تمثِّل فرصةً أيضاً، فالنجاح في مجال عملك اليوم يتطلب منك المثابرة أكثر من منافسيك فقط، فلا تحتاج إلى أن تمتلك مهارةً أكبر أو كاريزما أو جمهوراً أوسع أو انطلاقة قوية أو أي شيء آخر سوى التزامك بكلمتك، ولهذا هي فرصة كبيرة؛ إذ يمكن لأي شخص الفوز عبر المثابرة، ولهذا، إليك 4 نصائح تشجعك على المثابرة كي تحقق النجاح حتى لو لم تكن الأمهر في مجال عملك:

1. استثمر في الفائدة المركبة:

نحن كبشر نميل إلى التفكير بأنَّ الأمور ستسير على منحى خطي من نقطة إلى التالية، على سبيل المثال: حين بدأتُ بنشر رسائل البريد الإلكتروني اليومية عن استراتيجيات إنشاء المحتوى، ظننتُ أنَّني بعد عام سأكون قد نشرتُ 365 رسالة، لكنَّني نشرتُ في النهاية حوالي 330 رسالة فقط، فقد فوتُّ بضعة أيام، لكنَّني ألَّفتُ كتابين أيضاً وسلسلةً تدريبية شهرية مدفوعة ودورة تدريبية كاملة وعدداً من المقالات لموقعي الإلكتروني وغيرها من الأمور.

كتبتُ بناءً على استراتيجية طويلة الأمد بحيث يكون كل منشور يومي جزءاً من مجموعات أكبر وأكثر شمولاً، وبإجراء بعض التعديلات البسيطة عليها حصلتُ على الكتب والسلسلة والدورة التدريبية، وهذه هي الفائدة غير الخطية للمثابرة والتي يسميها معظم الناس الفائدة المركبة؛ حيث يعود مصطلح "الفائدة المركبة" (Compound interest) إلى المجال المالي، وتشير إلى أنَّك إذا أودعتَ أموالك باستمرار في بنك أو صندوق ستجمع فائدة، وستجني فائدةً أكبر حين تعيد استثمارها، وعلى هذا المنوال ستنمو أموالك نمواً غير خطي مع مرور الوقت.

الفرق الوحيد هنا هو أنَّك لن تحتاج إلى فعل أي شيء في حالة إيداع المال، لكن في حالة إنشاء المحتوى يجب أن تعمل، وصدِّقني، كما سيغريك سحب أموالك من حسابك وشراء سيارة جديدة، وسيغريك التوقف عن الكتابة يومياً في البداية، فقد تشعر أنَّه مسعى ميؤوس منه لأنَّك لن تلاحظ النتائج قبل ستة أو ثمانية أشهر؛ مما يستدعي السؤال، كيف لك أن تواظب على العمل خلال الأوقات الصعبة لتحصد هذه المكافآت؟

إقرأ أيضاً: ما هو الفرق بين كتابة المحتوى التسويقي وكتابة المحتوى، وأيهما أفضل؟

2. استمتع بالعملية:

أفضل نصيحة لدي لكي تتمكن من المثابرة هي الاستمتاع بالعملية، فاستمتِع بالتعلم والإبداع والعمل الجاد المتعب، وإذا لم تستمتع به سيمر حتماً يوم تسوء فيه الأمور وتقرر ألا تعمل، وينتهي بك الأمر بالتخلي عن المثابرة والسعي.

أمضيتُ سنوات في محاولة إطلاق شركات ظننتُ أنَّها يمكن أن تجني أكبر قدر من المال بأقل قدر من المجهود من طرفي، لكنَّني تخليتُ عنها جميعها بمجرد مواجهتي لصعوبة؛ وذلك لأنَّني لم أؤمن بما كنتُ أفعله ولم يكن هاماً بالنسبة إليَّ ولم يكن له قيمة سوى المال الذي يمكنني كسبه.

حين عثرتُ على شغفي لإنشاء المحتوى والأعمال التجارية عبر الإنترنت، أدركتُ أنَّ الشغف يُضفي المعنى والقيمة والحماسة إلى العمل؛ مما سمح لي بالمثابرة حتى خلال النكسات، وعلى الرغم من الكثير من الأيام التي لا أرغب فيها في الكتابة، فإنَّ الأمر لا يتعلق بي وبمشاعري فقط؛ بل بأولئك الذين يعملون معي بهدف إنشاء محتوى أفضل وبناء مشروع أكبر.

إقرأ أيضاً: 10 أمور ملهمة يفعلها رواد الأعمال المثابرون

3. اختر هدفاً له قيمة:

ابدأ بشيء تقدِّره وحدد لماذا تقدِّره، ثمَّ طوِّر روتيناً منتظماً بناءً على هذه القيمة، "وول ستريت بيتس" (Wall Street Bets) هم مجتمع من المستثمرين بالتجزئة ويهدفون إلى الحصول على صناديق تحوط من خلال استثماراتهم، وأياً كان رأيك في استراتيجيتهم الاستثمارية، هم ينفذون تنفيذاً صحيحاً مفهوماً يدعى "الأيادي الماسية" (diamond hands)؛ حيث يعني امتلاك أيادي ماسية التمسك بموقع محفوف بالمخاطر بغض النظر عن أدائه، سواء انخفضَت الأسهم أم ارتفعَت، ويتخذ الشخص هكذا موقف حين يعني له الاستثمار أكثر من مجرد الربح النقدي الذي يمكن أن يجنيه؛ أي إنَّه مرتبط بقيم أخلاقية أو شخصية.

يمتلك معظم روَّاد الأعمال ما يسمى "الأيادي الورقية" (paper hands)، وهي عكس الأيادي الماسية، فتأمل الوضع التالي، بعد أن استثمرتَ كل شيء تملكه في شركتك، التي يَعُدُّها معظم الأشخاص من حولك مجازفةً خطيرة ويحاولون إقناعك بالتخلي عنها بحثاً عن وظيفة مدفوعة، لكنَّك تؤمن بالقضية التي تعمل عليها بكامل قلبك، وقدَّمتَ الكثير من التضحيات للوصول إلى حيث أنت الآن، ومع ذلك لا تستطيع المثابرة ولا تستطيع النشر يومياً ولا تستطيع التمسك بالموقع.

هناك دائماً شيء جديد يلفت نظرك، مثل برنامج أفضل أو استراتيجية أذكى من التي تتبعها ومضمونة النتائج، فتُغيِّر نهجك، وتتخلى عن قناتك على موقع "يوتيوب" (YouTube) أو تتوقف عن إرسال بريد إلكتروني يومياً، ونتيجةً لذلك تخسر كل شيء عملتَ لأجله وحققتَه حتى تلك اللحظة.

إنشاء شركة أشبه بدحرجة صخرة إلى أعلى جبل، فبمجرد أن تتوقف عن دفعها ستعود إلى القاع ويجب عليك أن تبدأ من جديد، ولهذا أحب مجتمع "وول ستريت بيتس"، فهم حوَّلوا الثبات والإصرار إلى صفات رائعة مجدداً، كالاستثمار في أمور تهمك أكثر من المال والالتزام بها مهما كلف الأمر.

حين تجد شيئاً يستحق العمل لأجله، شيئاً تقدِّره وتستمتع به، استثمِر فيه كل ما لديك وابذل قصارى جهدك فيه، ودحرِج الصخرة إلى أعلى الجبل، فلو كان في إمكانك أن ترى فقط إلى أين ستصل بفضل هذه المثابرة على الأمد الطويل، لما واجهتَ صعوبةً في التمسك بها.

4. فكِّر في النتائج طويلة الأمد:

لن تغيِّر المثابرة حياتك بين عشية وضحاها، ولهذا لا يهتم بها أحد على الإنترنت؛ إذ ستلاحظ نتائج المثابرة على مدار شهور وربما سنوات، على شكل تحسُّن جودة عملك وبناء الثقة مع عملائك وشركائك وإظهار مهاراتك القيادية في مجال عملك، فلا يريد أحد العمل مع أشخاص لا يمكن الوثوق بهم.

إذا لم تتفوق على منافسيك بالموهبة فيمكنك دائماً فعل ذلك عبر المثابرة، فحين يتعبون ويقررون أخذ قسط من الراحة، ستستمر أنت بالعمل والتقدم، وكما يقول المثل: "أفضل وقت لزراعة الشجرة كان قبل 20 عاماً، وثاني أفضل وقت هو اليوم"؛ لذا ازرع البذرة اليوم واروِها باستمرار، وبعد 20 عاماً من الآن ستكون شاكراً لأنَّك فعلتَ ذلك.

المصدر




مقالات مرتبطة