4 نصائح تساعدك على النوم جيداً ومضاعفة إنتاجيتك

يعتقد أكثر الأشخاص نجاحاً وإنتاجيةً في العالم أنَّ النجاح يعتمد على الروتين الصباحي، وهذا صحيح ولا يمكن إنكاره، ومع ذلك، فمن الصعب الالتزام بروتين صباحي محدَّد، لأنَّه أمر معقَّد ودقيق، ويتطلَّب إرادةً وتفانياً كبيرَين.



قد تسمع شخصاً يوصي بالاستيقاظ عند الخامسة صباحاً وممارسة التأمُّل، في حين يوصي شخص آخر بممارسة الرياضة وكتابة اليوميات في الصباح ويُصِرُّ على أنَّ هذين الأمرين هما المفتاح لتحقيق النجاح.

ليست المشكلة في تطبيق هذه النصائح؛ بل المشكلة في العدد الكبير من الخطوات، فلكي تستمرَّ بتطبيق هذه النصائح أنت تحتاج إلى بذل جهد مُضنٍ حتى لو كنت تتذكَّر هذه النصائح وتحفظها عن ظهر قلب.

في كتاب "اليوم المثالي" (The Perfect Day) يؤكِّد المؤلف "غريغ بالانتين" (Craig Ballantyne) على شيء مثير للدهشة، وهو أنَّ الصباح المثالي يعتمد على عادات النوم في الليلة السابقة.

يقترح "بالانتين" نصائح للوصول إلى صيغة للروتين المسائي، وهي سهلة التذكُّر والتطبيق، ويمكن الالتزام بها مدى الحياة، وكل ذلك دون الحاجة إلى إرادة قوية أو كثير من التفاني، فقط بعض التعديلات الطفيفة على روتينك المسائي ستحقِّق المطلوب، وهذه النصائح:

1. امتنع عن تناول الكافيين قبل 10 ساعات من النوم:

تشير الدراسات إلى أنَّ تناول 200 ميلي غرام من الكافيين؛ أي ما يعادل تقريباً كوبان من القهوة، يمكن أن يسبِّب انخفاض عدد ساعات النوم الجيد بمقدار ساعة؛ فقد تتأثر مرحلتا النوم الثالثة والرابعة، وهما أعمق مراحل النوم، سلباً بحصار الأدينوزين الذي يسبِّبه الكافيين، وهذا يزيد أيضاً من كُمون النوم، وهو الوقت الذي تستغرقه للانتقال من حالة اليقظة إلى حالة النوم، ولكنَّ تأثيره في نوم حركة العين السريعة (REM) غير واضح، وهذا يطرح السؤال الآتي: ما هو الوقت الملائم لتناول الكافيين؟

لنبدأ أولاً بتعريف عمر النصف للمادة الكيميائية، وهو الوقت الذي تستغرقه المادة حتى تنخفض إلى نصف كميتها؛ إذ تقول الأبحاث إنَّ عمر النصف للكافيين يقارب خمس ساعات في بلازما الخلية الحية لدى الأشخاص الأصحاء، ومع ذلك فإنَّ التخلُّص من النصف المتبقي من الكافيين في جسمك يمكن أن يستغرق بين 1.5 ساعة إلى 9.5 ساعة، وذلك حسب الجينات والعمر والتجارب الشخصية.

لذلك، فإنَّ مهلة 10 ساعات غالباً ما تكون مناسبة لكل الأشخاص، والسبب يكمن في دراسة استخدمت تخطيط كهربائية الدماغ، ونُشرت في مجلة "نيورولوجي" (Neurology)، وتوصَّلت إلى أنَّ الكافيين يتسبَّب باضطرابات نوم لدى البالغين في منتصف العمر أكثر من الأشخاص الأصغر سناً.

بالإضافة إلى ذلك تؤدي الجينات دوراً في كيفية تأثير الكافيين في الجسم؛ إذ وجدت دراسة أخرى رابطاً بين كل من الاستعداد الوراثي لحملة جين DARPP-32، وتعدُّد أشكال أنزيم ادينوسين دي امينيز (ADA) مع جودة النوم.

فهذه النتيجة التي توصَّلت لها الدراسة تُبيِّن أنَّه من الممكن أن يكون للجينات دوراً هاماً في تحمُّل الكافيين، وهذا يعني أنَّه يجب على الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في النوم أن يفكِّروا جدياً بالامتناع عن تناول الكافيين في الساعات العشر التي تسبق موعد النوم.

لكن قد لا تكون هذه النصيحة ضرورية للأشخاص الذين لا يعانون من الأرق، فكما ذكرنا سابقاً يؤثِّر نمط الحياة والتكوين الجيني وتحمُّل الجسم للكافيين في جودة النوم تماماً كما تؤثِّر هذه العوامل في أشياء أخرى، لذلك كن دقيقاً في تحديد الأوقات التي تحتسي فيها القهوة بما يتلاءم مع احتياجاتك.

نصيحة: كبديل للكافيين، يمكنك تجربة أنواع أخرى من المشروبات، مثل: البابونج، والخزامى، وغيرها والتي ثبُت علمياً أنَّها تساعد على الحصول على نوم جيد.

إقرأ أيضاً: 6 وصفات من الشاي للحصول على نوم مريح أثناء الليل

2. توقَّف عن العمل قبل النوم بساعتين:

يمكن قياس استهلاكك للقهوة والطعام بموضوعية، ولكنَّ العمل عبارة عن حالة تتفاوت بحسب الشخص؛ لذلك يصعب اللجوء فيه إلى القياس الموضوعي؛ فمن الشائع لدى كثير من الناس أن يقوموا بتفقُّد بريدهم الإلكتروني في وقت متأخر من الليل على أمل أن يجدوا مشكلة مُلِحَّة في العمل تحتاج إلى اهتمامهم الفوري؛ فلا يستطيع معظمنا منع نفسه من ذلك، لذا من المؤسف كم نتجاهل ساعتنا البيولوجية عندما نقوم به.

في هذا العصر الذي يعمل فيه الناس نحو 75 ساعة أسبوعياً يقضونها بين وظائفهم الأساسية والوظائف الإضافية التي يؤدونها، سيكون من الطبيعي أن تجد صعوبة في الشعور بالهدوء في نهاية يوم عمل صاخب.

لذلك، يجب تجنُّب العمل قبل ساعتين من الخلود إلى النوم لاستعادة طاقتك البدنية والذهنية؛ إذ تعتمد قدرتك الإنتاجية في اليوم التالي على حالتك الذهنية قبل النوم في الليلة السابقة، والشعور بأنَّ هناك عمل لم تنجزه بالكامل يؤدي إلى فرط نشاط الدماغ، وستصيبك حالة من الهوس تشعر فيها أنَّ هناك كثيراً من المهام التي لم تُنجزها بالكامل، وستشعر بالقلق، والنتيجة عقل مضطرب ومرهق لا يستطيع النوم جيداً في الليل.

إليك النصائح المفيدة التي يمكن أن تفعلها قبل النوم:

  1. حدِّد 3 مهام فقط لإنجازها في الصباح التالي، وأي شيء أكثر من ذلك هو طموح مبالغ فيه ولا يمكن تحقيقه، وفي المقابل إنجاز أقل من 3 مهام هو تقاعس وكسل؛ إذ يمنع إنجازك لهذه المهام الشعور بالقلق قبل وقت النوم، ويجنِّبك الشعور بالارتباك في فترة الصباح.
  2. اضبط منظِّم الحرارة على 18 درجة مئوية؛ إذ يساعد خفض درجة الحرارة ليلاً على تنظيم درجة حرارة جسمك، وإعطاء جملتك العصبية تنبيهاً بأنَّ وقت النوم قد حان.
  3. دوِّن جميع الأعمال المتبقية من اليوم، ورتِّبها بصفتها أولويات، للقيام بها في اليوم التالي.
  4. أفرِغ أفكارك على ورقة، فذلك له تأثير مهدِّئ في الجملة العصبية.
  5. اختر ملابس اليوم التالي، وأعِدَّ وجبة الإفطار للصباح.
  6. تأكَّد أن غرفتك خالية من الضوضاء ومصادر الإنارة.

شاهد بالفديو: 4 أخطاء فادحة عليك أن تبتعد عن ممارستها قبل النوم

3. تجنَّب استخدام وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم بساعة:

مع أنَّ الانتشار الهائل لوسائل التواصل الاجتماعي هو ظاهرة حديثة نسبياً، فإنَّ هناك كثيراً من الأدلة التي تؤكِّد على ضرورة تنظيم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي؛ لذلك، لنستذكر معاً بعض مخاطر قضاء وقت على مواقع التواصل الاجتماعي قبل الذهاب إلى النوم:

  1. تشير الأبحاث إلى أنَّ ألعاب الفيديو العنيفة تثير انفعالات نفسية قوية وتزيد معدل ضربات القلب.
  2. صُمِّمت غالبية تطبيقات التواصل الاجتماعي لتجعلك مُدمناً عليها، وعندما تشعر أنَّه لم يتبقَّ لديك سوى وقت قليل لتنام فيه فإنَّ دماغك يفسِّر هذا الشعور على شكل قلق ويمنعك من النوم.
  3. الضوء المُنبعث من الشاشات الإلكترونية يؤثِّر في وظائفك الحيوية، فهو يثبِّط مستويات الميلاتونين، ويعطِّل إيقاع ساعتك البيولوجية.

قد تساعدك هذه النصائح على الامتناع عن استخدام تطبيقات التواصل الاجتماعي قبل النوم:

  1. ضع قاعدة الشحن الخاصة بهاتفك بعيداً عن السرير؛ إذ يمنعك هذا من تفقُّد هاتفك قبل النوم وفور الاستيقاظ.
  2. استخدم المنبِّهات التقليدية المزوَّدة بأضواء ليلية بدلاً من الهاتف؛ إذ يمكن استخدامها للتحقق من الوقت بدلاً من الهاتف.
  3. اقرأ السير الذاتية للمشاهير والأشخاص الناجحين، فهي تحفِّز العقل الباطن، وتُلهمك لاتخاذ إجراءات مماثلة لما يفعله هؤلاء الأشخاص في الصباح.
  4. استمع لكتب صوتية، فهذا يساعدك على التخلُّص من إدمان الهاتف.
  5. اكتب يومياتك وراجع ما فعلته خلال اليوم.

4. استيقظ حالما ينطلق المنبه ولا تضغط على زر الغفوة:

الضغط على خيار الغفوة في المنبِّه ليس خياراً بقدر ما هو نتيجة لروتين الليلة الماضية، وقد أوضح الباحث في مجال النوم "تيل روينبيرغ" (Till Roenneberg) هذه الحقيقة بالتفصيل في كتابه "الوقت الداخلي" (Internal Time).

وتقول "رينا ميهرا" (Reena Mehra)، دكتوراه في الطب البشري ومديرة أبحاث اضطرابات النوم في مركز" كليفلاند كلينيك" (Cleveland Clinic)، أيضاً: "السبب الذي يجعل معظم الناس يضغطون على زر الغفوة هو أنَّهم لا ينامون جيداً في الليل".

وتوضِّح نفس النقطة عالمة النفس "ماريا كونيكوفا" (Maria Konnikova) في مقال نشرته في صحيفة "نيويوركر" (New Yorker): "ما يحدث عندما تعود للنوم هو أنَّك تهيِّئ جسمك لدورة نوم أخرى لا تستطيع إكمالها بسبب انشغال ذهنك بالتفكير، ما يعني أنَّك أعطيت لجسمك تنبيهاً زائفاً؛ إذ تُفرز الهرمونات التي تحرِّض على النوم بسبب هذا التنبيه، وهذا يجعلك تشعر بالترنُّح والكسل".

يشير بحث آخر إلى أنَّه عندما تنام بعد الضغط على زر الغفوة، فإنَّك تشعر بمزيدٍ من الإرهاق عندما تستيقظ، وينخفض تركيزك في أثناء أداء العمل، والسبب هو العبث بمرحلة كسل قصور النوم - مرحلة فيزيولوجية طبيعية يمر بها الشخص عند الاستيقاظ المفاجئ، ويشعر خلالها بالدوخة، وتنخفض قدرته على التركيز، وتتدنَّى لديه المهارات العقلية - إذ يؤدي الاستيقاظ مرات عدة إلى تعطيل ساعتك البيولوجية، وهذا يجعل التنقل وحضور اجتماعات العمل أمراً شاقاً، كما يؤدي إلى انخفاض الإنتاجية.

هذا هو السبب في أنَّ الروتين الليلي الذي يسبق النوم مفيد جداً، فهو يهيِّئ العقل للاسترخاء في أثناء الليل، والحصول على نوم جيد، والاستيقاظ تلقائياً، بدلاً من النوم المضطرب والاستيقاظ في منتصف الليل الذي يؤدي إلى شعورك بالإرهاق والنعاس في صباح اليوم التالي؛ إذ إنَّ مقاومة إغراء الضغط على زر الغفوة والاستيقاظ حالما يرن المنبه يهيِّئك لتكون منتجاً وناجحاً خلال يومك.

إقرأ أيضاً: تطبيقات ومواقع تُساعدك على النّوم بعمق

في الختام:

لضبط فترة الصباح لديك يجب أن تضبط فترة المساء أولاً، ويمكنك القيام بعديد من الأشياء لتحسين جودة نومك، ولكن هذا الروتين يضم الإجراءات الأكثر أهمية والتي ثبتت فائدتها بالأدلة العملية، بالإضافة إلى سهولة تذكُّرها ومتابعتها والمثابرة عليها طوال الحياة. إنَّها صيغةٌ تستحق التجربة، وخاصةً أنَّ معظمنا يعانون من اضطرابات النوم، فلِمَ لا نحاول الاستفادة من العِلم لبدء نهارنا بحيوية بعد حصولنا على ليلة نوم جيدة؟

المصدر




مقالات مرتبطة