4 خطوات لاكتساب حس المسؤولية والتوقف عن لوم الظروف

أجب عن هذه الأسئلة بصدق: هل تعيش حياتك بالفعل؟ وهل تُجيد العيش والتصرف والتفاعل مع الأشياء فور حدوثها؟ والأفضل من ذلك، هل تتولى القيادة وتتحلى بحس المسؤولية، أم أنَّك تترك للآخرين اتخاذ القرارات نيابة عنك؟ أياً تكن إجابتك، فلا بأس بها؛ فأنت إنسان، وأنتَ بالتأكيد لست مثالياً؛ فلا أحد منَّا كذلك، لكن لن تساعدك عقلية الضحية؛ لذلك إذا كنت تلقي اللوم على الظروف بدلاً من تحمُّل المسؤولية، فأنت في مشكلة.



أنت تمتلك ميزة تحديد من تريد أن تكون كل يوم تستيقظ فيه، فالأشخاص الذين أتقنوا فن العيش بسعادة وسلام هم من تمكنوا من القيام بذلك، وهم الأشخاص نفسهم الذين يتحملون مسؤولية أفعالهم؛ لذا واصل القراءة واكتشف طريقة تغيير وجهة نظرك والبدء في تحمل مسؤولية حياتك.

المسؤولية الشخصية وتحقيق الذات:

إنَّ البشر الذين يشعرون بالرضا، ويمتلكون أفضل الشخصيات، ويتحملون مسؤولية سعادتهم هم من يقول عنهم عالم النفس "أبراهام ماسلو" (Abraham Maslow) أنَّهم يعيشون حياتهم كأشخاص كاملين. ربما قد رأيت هرم الاحتياجات الذي اشتهر به ماسلو في مكان ما؛ ذلك لأنَّه يمثل نظرية السلوك البشري الرائدة التي تشرح الدوافع التي تُحرِّك البشر.

لطالما واجه الناس مشكلةً مع فكرة تحقيق الذات؛ أي أن يكونوا أشخاصاً كاملين، فالتواجد على قمة الهرم، يبدو وكأنَّه أمر لا يمكن تحقيقه ولن يحققه سوى القليل من الناس، ومع ذلك، فلم تكن تلك نية ماسلو، فهو لم يقم في الواقع بإنشاء الهرم، وإنَّما كتب عن التسلسل الهرمي، وافترض شخص آخر أنَّه هرم، وبعد كل هذه السنوات، اكتشفنا ما كان يقصده بالفعل.

أعاد عالم النفس الإنساني "سكوت باري كوفمان" (Scott Barry Kaufman) صياغة الهرم وتحديثه وفقاً لأحدث العلوم في السلوك البشري في روايته، "التخطي: العلم الجديد لتحقيق الذات" (Transcend: The New Science of Self-Actualization)، حيث أكد فكرة كونك إنسانٌ بالكامل يعني أن تعيش اللحظة وتستمتع برحلتك في الحياة وتفعل ما تحب؛ ذلك لأنَّك عندما تشعر أنَّك تحقق هدفك، فإنَّك أيضاً تشعر بالانسجام مع نفسك، وتكون قادراً على تحقيق مساهمة مفيدة للعالم.

فيما يلي طريقة الاقتراب من تلك المرحلة عن طريق التحلي بحس المسؤولية الشخصية.

لماذا تحتاج إلى التحلي بحس المسؤولية الشخصية:

عندما تبحر، فأنت لا تنطلق دون تحديد اتجاه أو وجهة، أليس كذلك؟ كذلك الحياة، لكن ومع هذا، يعيش الكثير من الناس حياة بلا هدف، وبالتالي يقعون ضحية القلق والاكتئاب؛ لهذا السبب من الهام أن يكون لديك هدف أو وجهة معينة تتوجه إليها، مع عدم الخلط بين هدفك هذا وبين الأهداف المادية، كأن تصبح غنياً أو أن تشتري المنزل الذي تحلم به.

إذا كنت قد عشت حياتك على مبدأ "سأكون سعيداً إذا ما..."، فستعرف أنَّه درس يصعب تعلمه حينما تكتشف أنَّك لا تشعر أبداً بالسعادة الحقيقية؛ ذلك لأنَّ هدفك يتغير باستمرار، ومن الهام أيضاً أن تتخذ قرارات حياتك بنفسك؛ لأنَّ عيش حياة شخص آخر سبب يؤكد شعورك بالتعاسة، فكل ما يتوجب عليك القيام به هو تحقيق التوازن بين تحديد الوجهة التي ستجعلك الأفضل، والتأكد من أنَّك تستمتع بجميع مجالات حياتك.

"الجزء الصعب هو أن تعيش اللحظة بالفعل وأن تكون قادراً على الإبحار في الحياة دون تحديد النهاية. ومثلما يتطلب الأمر الشجاعة لفتح شراعك على مركب شراعي ومعرفة أين ستأخذك الرياح، يتطلب التحلي بأفضل شخصية كثيراً من الشجاعة أيضاً" - "سكوت باري كوفمان" (Scott Barry Kaufman).

إقرأ أيضاً: فكرتان تساعدانك على تحمل المسؤولية وإحراز النجاح

ما هي أفضل شخصيَّةٍ يمكنك التحلي بها؟

الهدف من أن تكون أفضل نسخة من نفسك هو التقبُّل؛ حيث يجب أن تكون قادراً على تقبل الأمور الجيدة والسيئة، وتقبل أشباه الأشياء، وكل الأمور التي تختبئ في الظلام؛ اكتشف الظلام من خلال منحه بعض الضوء.

إذا كنت قد مررت بطفولة قاسية أو عانيت من صدمة، أو شعرت بأنَّك بلا هدف أو ضائع، مهما كان الأمر فعليك تحمل جزءاً من المسؤولية لما وصلت إليه؛ فأنت لست مسؤولاً عن المعتقدات التي تعتنقها بناءً على ما أخبرك به الناس، لكنَّك مسؤول عن التعامل معها.

الأشخاص الذين يتحملون المسؤولية تجاه نقاط قوتهم وضعفهم ويختارون قضاء حياتهم في تطوير وتحسين الجوانب الصحية والإيجابية هم الذين يُظهرون الشجاعة؛ لذلك كن مسؤولاً عن مركبك الشراعي وتجاوز رغباتك ومشاعرك الشخصية، قد ترى أنَّ هناك الكثير من القوارب الأخرى تتمايل هنا وهناك، وقد يحتاج بعضهم إلى مساعدتك، لكن لا يمكنك مساعدتهم حتى تساعد نفسك.

كيف تتحلى بحس المسؤولية الشخصية؟

قد يكون الطريق لتعلُّم ذلك صعباً، لكن يمكنك البدء بالجوانب البسيطة، ثم معالجة الجوانب الأكثر صعوبة، وفيما يلي خطوات تحتاج إلى اتخاذها بناءً على مثال الإبحار الذي كنا نعمل على أساسه:

1. التركيز على الأساسيات في حياتك:

تماماً كما المحيط، تتميز حياتنا بالعديد من النجاحات والإخفاقات كما المد والجزر، فإذا بدأت في بناء مركب شراعي صلب، فيمكنك تحمل الطقس والبقاء في المسار دون أن ينقلب المركب أو يصله الماء.

يُمثل هيكل المركب احتياجاتك الأساسية: الأمان، وتقدير الذات، والتواصل مع الآخرين؛ لذا تحقق واسأل نفسك فيما إذا كانت احتياجاتك الأساسية تُلَبَّى؛ هل تشعر بالثقة بشأن من أنت كشخص؟ وهل تواجه صعوبةً في امتلاك قوة الإرادة والدافع؟ وهل لديك علاقات تواصل كافية مع الآخرين؟

"لا يوجد إنسان مستثنى من العواقب الوخيمة المترتبة على الوحدة، ولن يتسنى لأي إنسان آخر يحتاج إلى الرضا أن يعوض العلاقات الوطيدة" - أبراهام ماسلو (Abraham Maslow).

2. فتح الأشرعة والاستعداد للفشل:

كان ماسلو يتحدث عن عدم التركيز ويؤكِّد بشدة على الوجهة؛ فكر في الاتجاه الصحيح، ولكن ركز على الاستمتاع بالإبحار من خلال إيجاد الهدف واتباع تلك الرغبة في الاستكشاف. متى كانت آخر مرة تجرأت فيها على فتح أشرعتك؟ ومتى تجرأت أن تكون ضعيفاً ومستعداً للفشل؟ ومتى كانت آخر مرة كنت فيها في حالة تركيز، في لحظة كنت منهمكاً للغاية في ما كنت تفعله لدرجة أنَّك نسيت مخاوفك، وكنت سعيداً فقط؟

اعتقد ماسلو أنَّنا مررنا جميعاً بتجربة الذروة الخاصة بنا: "سواءٌ كان أداءً رياضياً أم عرضاً موسيقياً ممتازاً، أم تجربةً إبداعيةً، أم إدراكاً جمالياً، أم تجربة حب، أم ولادة، أم لحظات من البصيرة والفهم، أم التغلب على تحدٍّ كبير، أم أي تجربة تدفعنا لنكون أشخاصاً كاملين".

يعني أن تكون إنساناً كاملاً أنَّك تبحث عن أحداث جديدة وصعبة وغامضة لتطور نفسك؛ ألن يكون من الجيد اغتنام الفرص الرائعة؟ تخيل لو كان بإمكانك أن تنسى كل ما هو سلبي وتركز فقط على التواجد في الوقت الحالي.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لتقبل فكرة الفشل والنهوض لتحقيق النجاح

3. المضي قدماً بنية معينة:

 هل تضع أهدافاً وخططاً مدروسة في أثناء إبحارك في الحياة،، أم أنَّك ببساطة تدع الأشياء تحدث وتشاهد الحياة تمر دون التمسك باللحظات؟ للبدء في التحلي بحس المسؤولية الشخصية، حدد هدفك؛ وعندما تستطيع، حدد أهدافاً ذكية بحيث يمكنك قياس تقدمك في أثناء تحقيقها، وعندما تعرف متى وكيف يجب أن تكمل الأهداف، سيكون من السهل عليك قياس تقدمك وتحمل المسؤولية عن كل ما فعلته وما لم تفعله لتحقيقها.

4. عيش اللحظة:

عندما تتعرض للمواقف الجيدة والسيئة في حياتك، هل تركز مع كل لحظة من لحظات الحاضر، أم أنَّ أفكارك تركز على الماضي والمستقبل؟ وهل تتحدث عن الأخطاء التي ارتكبها الآخرون والتي أجبرتك على اتخاذ موقف صعب؟ وهل تشكو مما يحدث الآن؟

توقف عن إلقاء اللوم على الآخرين والمواقف إذا كنت تريد حقاً الاستمتاع بكل لحظة في حياتك، وابدأ في التحلي بحس المسؤولية الشخصية عن كل فكرة وعاطفة تشعر بها، وتوقف عن التفاعل وابدأ في التحليل، وإذا كنت تواجه مشكلة مع هذا الأمر، فحاول بدء ممارسة التأمل الذهني لتمنح عقلك المساحة التي يحتاجها للتواجد في الوقت الحاضر.

أفكار أخيرة:

إذا كنت لا تتذكر آخر مرة شعرت فيها بالسعادة بالفعل، أو إذا كنت تشعر بعدم الإلهام أو بالضياع، وإذا كنت تشعر أنَّك تسير على الطريق الخطأ، فابدأ بالأمور الأساسية في حياتك، وتأكد من تلبية احتياجاتك الأساسية قبل أن تقترب من تحقيق الذات؛ انظر إلى الأخطاء التي ارتكبتها في الحياة، وتعلَّم منها وانتقل إلى القيام بأشياء أكبر وأفضل، وبمجرد أن تبدأ في التحلي بحس المسؤولية الشخصية، ستجد أنَّ بوصلتك توجهك بشكل طبيعي في اتجاه السعادة والنجاح.

 

المصدر




مقالات مرتبطة