يمتاز كل مجال من مجالات العمل بمخاطر معيَّنة تحتاج الشركات النشطة فيه إلى الحدِّ منها، لكن يوجد كثير من المخاطر المشتركة التي يمكن لسياسات مكافحة الاحتيال القوية والمنظَّمة أن تساعد على منعها، ويُعد فهم هذه المخاطر، وطريقة حماية شركتك منها خطوة أساسية للتقليل من مخاطر احتيال الموظفين.
احتيال الموظفين على شركاتهم: فهم المخاطر
غالباً ما تترافق التحديات التي يثيرها احتيال الموظفين مع مشكلات الاحتيال المرتبطة بالتجارة الإلكترونية، ومع ذلك، تختلف المشكلتان في كثير من الجوانب، وتختلف تبعاً لها طرائق الكشف عنها، والوقاية منها.
إذا كنت تتساءل عن حجم المشكلة، فمن الضروري أن تدرك أنَّها مشكلة كبيرة، وهو ما يكشف عنه تقرير الجمعية الأمريكية لكاشفي الاحتيال المُعتمدين (ACFE)، وسنذكر من باب توضيح حجم المشكلة، النقاطَ الأساسية الواردة في تقرير الجمعية الأمريكية لكاشفي الاحتيال المُعتمدين (ACFE):
1. مدة الاحتيال والخسائر الناجمة عنه:
غالباً ما تستمر حالة الاحتيال مدة 12 شهراً بالمتوسط دون الكشف عنها، وتتسبَّب بخسارة متوسطها 117 ألف دولار.
2. الخسائر في الإيرادات:
يشير التقرير إلى خسارة 5% من إجمالي إيرادات الشركة بسبب الاحتيال المهني.
3. أنماط الاحتيال:
يمثِّل اختلاس الأصول (سرقة أصول الشركة في اللغة الشائعة) 86% من حالات اختلاس الموظفين، إضافة إلى الفساد، وتزوير البيانات المالية.
4. الأقسام الأكثر عرضة لوقوع عمليات الاحتيال:
تقع نصف حالات الاحتيال في 4 أقسام هي المحاسبة، والإدارة العليا (المديرون التنفيذيون) والمبيعات، والعمليات التجارية.
لا شكَّ أنَّ التقرير يورد حقائق سلبية، لكنَّه يضيء أيضاً على جوانب إيجابية يمكن الاستفادة منها، وأكثر ما يمكن ملاحظته هو التحسُّن في هذه الأرقام لدى الشركات التي تتَّبع إجراءات فعالة لمكافحة الاحتيال.
4 نصائح للحد من مخاطر احتيال الموظفين:
غني عن البيان أنَّه ينبغي منع عمليات الاحتيال على العملاء لما لها من تأثير سلبي في تجربتهم، ومع ذلك، لا تقل مشكلة احتيال الموظفين على شركاتهم من حيث الخطورة، ولذلك لا يجب التغاضي عنها، ما دام احتمال وقوع عمليات احتيال من قبَل بعض موظفي الشركة متوقَّعاً، فإنَّ هذا يعني ضرورة تعزيز التدابير التي تهدف إلى حماية المؤسسة من هذا النوع من السلوك الهدَّام. إليك بعض النصائح التي أثبتت كفاءتها في هذا المجال:
1. كرِّس ثقافة أخلاقية قوية داخل الشركة:
هذا الجانب أكثر أهميةً مما قد يبدو عليه للوهلة الأولى، وتُعد الثقافة الأخلاقية القوية التي تشجِّع الموظفين على التعبير عن مخاوفهم إجراءً فعالاً جداً لمكافحة الاحتيال، وتوضِّح إحدى الإحصاءات أهمية تطبيق هذه النصيحة، فتُكتَشَف 42% من عمليات الاحتيال في الشركات من خلال البلاغات التي يقدِّمها الموظفون، ويعادل هذا الرقم 3 أضعاف عدد الحالات التي يُكشف عنها بطرائق أخرى؛ لذا يجب أن تعزز ثقافة الشركة الصدق، والنزاهة، والشفافية لدى الموظفين والمديرين، وينبغي أيضاً أن تمنح هذه الثقافة الموظفين الثقة بأنَّ مخاوفهم تؤخذ بالحسبان وعلى محمل الجد.
2. استثمر في تكنولوجيا الأمن الذكية:
على الرغم من أهمية الأمن السيبراني، إلا أنَّ أنظمة وتدابير أمن المباني والأصول المادية تُعد عنصراً أساسياً في حماية الشركة من عمليات الاحتيال التي قد يقوم بها بعض الموظفين، ويُعد اختلاس الأصول، أو ما يُسمى في اللغة الشائعة بالسرقة أكثر أشكال الاحتيال خطورةً في مكان العمل، ويمكن لتدابير الأمن المذكورة أدناه أن تقلل إلى حدٍّ كبير من مخاطر حدوث السرقة:
- كاميرات الأمن الذكية:
يمكن لأنظمة المراقبة الحديثة بالفيديو التي تستخدم أحدث تقنيات كاميرات المراقبة أن تؤدي إلى ردع ذوي النوايا السيئة، إضافة إلى القبض على الجناة متلبسين في حال إقدامهم على السرقة، فيوفِّر الجيل الحديث من هذه التكنولوجيا ميزات مثل التصوير عالي الدقة، والرؤية الليلية، وأنظمة التحكم عن بعد المعتمدة على السحابة الإلكترونية، والتكامل مع الذكاء الاصطناعي.
الأنظمة الذكية للتحكم في الوصول:
يمكن بسهولة دمج أحدث تقنيات أنظمة التحكم الذكية في الوصول وأنظمة الدخول دون مفتاح مع مجموعة من أنظمة المراقبة الحديثة بالفيديو، وأنظمة الإنذار، وتُعد إجراءات الأمان التي تستهدف حماية الممتلكات المادية، ومباني الشركات جزءاً أساسياً لبناء سياسة أمان متكاملة، فتؤدي إلى الحدِّ من حوادث السرقة، وغيرها من أشكال الاحتيال.
شاهد بالفيديو: كيف تحمي نفسك من الابتزاز الالكتروني؟
3. أجرِ عمليات تدقيق دورية ومراجعات مفاجئة:
تمثِّل هذه الوسيلة أيضاً أداة ردع، وطريقة فعالة للكشف عن الاحتيال، وتؤدي عمليات التدقيق، والمراجعات المفاجئة إلى ردع من لديه نية الاحتيال من الموظفين من خلال التذكير بأنَّه يتم رصد التجاوزات بشكل دوري، كما تعزز هذه الإجراءات الشفافية والمساءلة ما يجعل من الصعب عدم اكتشاف الاحتيال، ويُعد هذا الأمر هاماً جداً، فتبلُغ مدة الاحتيال بالمتوسط 12 شهراً، ويمكن أن تؤدي إلى خسائر فادحة خلال هذه المدة قبل أن يتم كشفها.
يقلل اتِّباع سياسة تدقيق استباقية، مُدَّعمة بعمليات مراجعة مفاجئة بشكل كبير من فرص وقوع عمليات الاحتيال من قبَل الموظفين، ناهيك عن أنَّها تمثِّل عامل ردع.
4. استثمر في تدريب وتثقيف موظفيك:
يمكن لتدريب وتثقيف الموظفين أن يؤدي دوراً حاسماً في هذا المجال، ويُكشَف عن 42% من حالات الاحتيال من خلال البلاغات، بينما يمكن للموظفين المثقفين، والذين يتفهمون مخاطر وعلامات السلوك الاحتيالي أن يعززوا من حصانة الشركة في وجه عمليات الاحتيال المُحتملة، إضافةً إلى أنَّ هذه النصيحة تساعد على تعزيز ثقافة عمل تكرِّس قيم الصدق والشفافية، وتحمي الشركة من مخاطر الاحتيال.
في الختام:
تعرِّض الشركات التي تُهمل أخذ مخاطر الاحتيال بالحسبان نفسها لخسائر هائلة، وربما كارثية، ومع ذلك، يمكن تفادي كثير من هذه المخاطر من خلال تطبيق النصائح الواردة في هذا المقال، ومع التذكير بأنَّ خسائر الشركات بسبب احتيال الموظفين تبلغ 5% من إجمالي إيراداتها، يكون تطبيق الاستراتيجيات التي تهدف لمنع الاحتيال والكشف عنه في حال وقوعه استثماراً ذكياً.
أضف تعليقاً