فعالم الأعمال لا يطلب الكمَّ في ظل العولمة والأتمتة؛ وإنَّما يطلب النوعية التي تستطيع مواكبة التطور الحاصل؛ على سبيل المثال المؤسسات والشركات والجامعات لم تَعُد تهتم بالشهادة الأكاديمية بالدرجة الأولى؛ وإنَّما بمعايير إنسانية أخرى، ولقد اشتغل الباحثون والمتخصصون من أجل رفع سويَّة التفكير الإنساني، ووجدوا أنَّ رفع مستوى معدلات الذكاء العاطفي يُعَدُّ طريقة من أهم الطرائق الفعَّالة للارتقاء بالمهارات الإنسانية.
على الرغم من حداثة البحوث والدراسات التي تتحدث عن أهمية مهارات الذكاء العاطفي بالنسبة إلى الإنسان إلَّا أنَّها باتت من المهارات المطلوبة بشدة للكثير من المؤسسات وقطاعات الأعمال؛ إذ باتت مهارات الذكاء العاطفي واحدة من أهم المؤشرات على النجاح في الحياة على جميع أصعدتها، ولقد أَظهرت دراسة أجرتها شركة Johnson & Johnson أنَّ أصحاب الأداء الأعلى في القوى العاملة هم أولئك الذين أظهروا معدلات مرتفعة في مهارات الذكاء العاطفي.
ووفقاً لموقع Talent Smart فإنَّ 90% من أصحاب الأداء العالي في مكان العمل يمتلكون معدل ذكاء عاطفي عالٍ، بينما 80% من أصحاب الأداء المنخفض لديهم معدل ذكاء منخفض، وببساطة من خلال النسب السابقة ندرك مدى أهمية اكتساب مهارات الذكاء العاطفي، وقبل الخوض أكثر في التفاصيل من أجل تعلُّم طريقة اكتساب مهارات الذكاء العاطفي سنتعرَّف معاً إلى بعض المفاهيم الهامة، والتي ستأتي خلال هذا المقال.
ما هو علم الذكاء العاطفي؟
لقد اجتهد الباحثون في وضع تعريف للذكاء العاطفي، وقد قدَّم كلٌّ منهم رؤيته وتعريفه لعلوم الذكاء العاطفي، إلَّا أنَّ جميع الباحثين في مهارات الذكاء العاطفي يتفقون بشكل شبه مُتطابق على أنَّ الذكاء العاطفي يُشير إلى قدرة الشخص على إدارة مشاعره والتحكم بها وامتلاك القدرة على التحكُّم بمشاعر الآخرين، فالعواطف تُعَدُّ المحرك الأساسي لسلوكات الإنسان سواء كانت إيجابية أم سلبية.
إنَّ اكتساب مهارات الذكاء العاطفي وتطبيقها على أرض الواقع في يوميات الحياة يعني أنَّه على المرء أن يتعرَّف إلى مكونات الذكاء العاطفي؛ وذلك لكي يستطيع أن يبني عليها في أثناء رحلة اكتساب وتعلُّم مهارات الذكاء العاطفي.
ما هي مكونات الذكاء العاطفي؟
يقوم الذكاء العاطفي على خمسة مكونات أساسية ترتبط بالفرد وبمحيطه من الآخرين ارتباطاً مباشراً ووثيقاً؛ وهذه المكونات هي الآتية:
1. الوعي الذاتي:
يُقصد بالوعي الذاتي معرفة الفرد الكاملة بمشاعره وسلوكاته، وإدراك نقاط قوته الشخصية ونقاط ضعفه، ومن ثم فهم كيفية التأثير في الأشخاص الآخرين؛ إذ إنَّ فهم الآخرين وإخراج أفضل ما لديهم يحتاج أولاً إلى فهم المرء لذاته، وهذا لا يمكن أن يكون دون أن يكون المرء واعياً لذاته؛ إذ إنَّ امتلاك المرء مهارة الوعي الذاتي يعني معرفته لمشاعره وكيفية إدارتها لتنعكس سلوكات إيجابية فعَّالة، ولكي يمتلك المرء وعياً ذاتياً عليه أن يجري تقييماً ذاتياً لنفسه بشكل دائم من خلال مقارنة سلوكاته ومشاعره وإدراك ردود أفعاله؛ وهذا يعني امتلاك المرء ميزةَ التفكير المنطقي التي تُمكِّنه من تمييز الصح من الخطأ بما يتعلق بذاته.
2. التنظيم الذاتي:
يُقصد بالتنظيم الذاتي امتلاك المرء قدرةَ السيطرة على العواطف وإدارة المشاعر في كل مواقف الحياة، وحتى في أصعب الأوقات، وبعبارة بسيطة يمكننا القول إنَّ التنظيم الذاتي يعني تحويل السلبيات إلى إيجابيات، وكذلك التعامل مع المواقف الصعبة في الحياة بنظرة إيجابية تُمكِّن المرء من النظر إلى النصف الممتلئ من الكأس في كل معضلة يمكن أن تواجهه في يوميات الحياة المتغيرة دون أن يفقد الصبر أو الأمل في إيجاد الحلول لتلك المشكلات.
إنَّ تحسين المرء لمهارة التنظيم الذاتي يعني أن يضع الفرد القيم الأخلاقية التي يتميز بها معياراً له في أثناء التعامل مع الآخرين وحل المشكلات، كما أنَّ مهارة التنظيم الذاتي ترتبط ارتباطاً مباشراً بمدى تحمُّل المرء لمسؤولياته الكاملة، وتجنُّب القلق والذعر في أثناء إدارة المواقف العصيبة التي يمكن أن تعترض سبيله في الحياة.
3. الدافع الذاتي:
يُعَدُّ هذا المكوِّن من أهم مكونات الذكاء العاطفي؛ والمقصود بالدافع الذاتي هو امتلاك المرء لدوافعه الداخلية التي تدفعه إلى العمل وبذل الجهود؛ وذلك دون لجوئه إلى المحركات والمحفزات الخارجية مثل المال أو الشهرة أو الترويج؛ وإنَّما تكون تلك الدوافع نابعة عن الشغف الداخلي والرؤية التي يمتلكها لتحقيق أهدافه ورسالته في الحياة، ومن الهام أن يمتلك المرء ما يعزز دوافعه الداخلية في لحظات فقدان الأمل التي يمكن أن تُصيبه.
من أهم وسائل تعزيز الشغف الداخلي هي أن يُذكِّر الفرد نفسه بالأسباب التي تدفعه إلى القيام بالهدف، وأن يرى الهدف دائماً أمامه قد تحقق؛ الأمر الذي يؤدي به إلى أن يحوِّل العقبات إلى محطات لتصحيح المسار وشحن الطاقة لاستكمال المسير نحو تحقيق الأهداف المرسومة.
4. التعاطف:
يمكن أن نعبِّر عن التعاطف بأنَّه الشعور بما يشعره الآخر، وفهم مشاعره وأخذ ظروف الآخر في الحسبان، ويُعَدُّ التعاطف ركناً أساسياً من أركان الذكاء العاطفي؛ إذ إنَّ جميع الأشخاص الأذكياء عاطفياً يتمتعون بميزة التعاطف مع الآخرين وفهمهم، وإنَّ التعاطف يساعد بشكل كبير على أن يكون التواصل مع الآخرين فعالاً يحقق نتائج إيجابية، ولتحسين التعاطف مع الآخرين يجب على الفرد أن يتقن مهارة الاستماع للآخرين، وفهم مشاعرهم، وامتلاك المقدرة على رفع معنوياتهم، وكذلك امتلاك مهارات في لغة الجسد لفهم معنى الإيماءات والتعابير التي تصدر عن الآخرين؛ مما يُسهِّل عملية فهم المشاعر وتفسيرها.
5. المهارات الاجتماعية:
تُعَدُّ المهارات الاجتماعية المكوِّن الأخير من مكونات الذكاء العاطفي التي يحتاج إليها الفرد من أجل بناء علاقات جيدة مع الآخرين وإدارة تلك العلاقات؛ إذ يتفاعل الأشخاص الأذكياء عاطفياً مع الآخرين، وينجحون في بناء شبكة اتصالات مذهلة تساعد على ترجمة الأفكار إلى أفعال تبني جسوراً من الألفة والمودَّة مع الآخرين، وإنَّ تعزيز بناء المهارات الاجتماعية يكون من خلال تعزيز مهارات التواصل اللفظي وغير اللفظي، والتعرُّف إلى طرائق حل المشكلات وتجاوز الصعوبات.
إنَّ امتلاك الفرد لمهارات الذكاء العاطفي يعني أنَّه قد أضاف إلى حياته مهارات جديدة تساعده على حل مشكلات الحياة على جميع الأصعدة، إضافة إلى امتلاك المرونة التي تساعده على تقبُّل المتغيرات اليومية، وكثيرة هي الفوائد التي يمكن للمرء أن يحققها من جراء اكتساب مهارات الذكاء العاطفي.
شاهد بالفيديو: 6 قواعد أساسية لتعزيز الذكاء العاطفي
ما هي مهارات الذكاء العاطفي؟
إنَّ الأشخاص الأذكياء عاطفياً يمتلكون مجموعة من المهارات التي لا يمتلكها الآخرون، وإنَّ هذه المهارات الجديدة تضيف إلى حياتهم المتعة والمقدرة على النجاح وتحقيق الأهداف، ومن تلك المهارات التي يضيفها الذكاء العاطفي إلى الفرد هي:
- إنَّ الأذكياء عاطفياً هم من الأشخاص الذين يبذلون جهودهم ويثابرون على القيام بواجباتهم دون أن يكون عليهم رقيب يَعُدُّ عليهم أنفاسهم، ودون أن ينتظروا مقابلاً من أحد؛ فدافعهم إلى بذل الجهود والقيام بالواجبات نابع عن امتلاكهم لأهدافهم الداخلية، إضافة إلى إيمانهم بقدرتهم على تحقيق أحلامهم والوصول إلى ما يريدون.
- يضع الأشخاص الأذكياء عاطفياً في حسبانهم مشاعر الآخرين وظروفهم عند التعامل معهم؛ لذا نجد أنَّ الأشخاص الأذكياء عاطفياً يتَّسمون بروح المسامحة والقدرة على تجاوز الأخطاء مع الحفاظ على رزانتهم وهدوئهم، كما يمكنهم التعامل مع المشكلات من خلال التفكير المنطقي الذي يوازن بين الدوافع العاطفية والدوافع العقلية للوصول إلى حل المشكلات وليس الوقوف عندها. على سبيل المثال الأب الذي يمتلك مهارات في الذكاء العاطفي لا يقف مكتوف الأيدي عند التعامل مع مشكلة ابنه الدراسية أو السلوكية، ولا يصحح مسار الابن من خلال العقوبات أو الصراخ أو الضرب؛ بل بخلاف ذلك يتعامل مع المشكلة بدراسة أسبابها، ويضع في حسبانه الدوافع التي أدَّت إلى تلك السلوكات الخاطئة؛ وذلك من أجل إيجاد الحلول الصحيحة واستخدامها على أرض الواقع لتحقيق النتائج الإيجابية.
- إنَّ الأشخاص الأذكياء عاطفياً لديهم مقدرة على التركيز في الأمور التي يعملون عليها بدرجة تزيد عن أولئك الذين لا يملكون مهارات في الذكاء العاطفي؛ فالأذكياء عاطفياً لا تقودهم مشاعرهم نحو الانجرار وراء أهوائهم الشخصية ولا يفقدون تركيزهم في حل مشكلة ما أو عند التعامل مع الآخرين؛ إذ إنَّهم دائماً ما يكونون هم القادة لأنفسهم من خلال ضبط مشاعرهم وحسن إدارة عواطفهم؛ ليكونوا في أعلى درجات التركيز في التعامل مع مختلف مواقف الحياة مهما كان نوعها.
- إنَّ كل الناس يملكون في أنفسهم شيئاً من الكبرياء الداخلي، والذي قد يطفو على السطح بين الحين والآخر عند التعامل مع الآخرين، في حين أنَّ الأشخاص الأذكياء عاطفياً لديهم قدرة في السيطرة على كبريائهم وكبح جماح أهواء أنفسهم؛ ولذا تجد الأذكياء عاطفياً يقدِمون على الاعتذار دون وجود أي معوقات في حال أخطؤوا التعامل مع الآخرين.
- يتميز الأذكياء عاطفياً بأنَّهم أناس يتحملون المسؤولية كاملة عن كل تصرفاتهم وسلوكاتهم وأفكارهم، فالأشخاص الذين يكتسبون مهارات الذكاء العاطفي ليست لديهم شماعات لتعليق الأخطاء عليها، وليست لديهم مبرراتهم الجاهزة لمواجهة الآخرين؛ بل بخلاف ذلك فهُم يدركون تماماً أنَّ النتائج التي يحصلون عليها اليوم هي نتاج أفعالهم وأفكارهم الحالية؛ لذا تجدهم في عمل دائم نحو الارتقاء بسلوكاتهم وأفكارهم لتحقيق النجاح المقصود.
إنَّ السؤال الذي قد تطرحه على ذاتك الآن هو: "كيف تمتلك الطريقة التي تكتسب من خلالها مهارات الذكاء العاطفي لترفع جودة حياتك كلها سواء مع الأسرة أم المحيط الاجتماعي أم في العمل؟" وفي الحقيقة توجد أكثر من طريقة لاكتساب مهارات الذكاء العاطفي وتطبيق تلك المهارات على أرض الواقع في يوميات الحياة.
كيفية تعلُّم الذكاء العاطفي:
1. تصنيف مشاعرك:
إنَّ أول خطوة يمكن للمرء أن يتَّخذها من أجل تعلُّم واكتساب مهارات الذكاء العاطفي ذاتياً تكون من خلال مراقبة المشاعر الخاصة به وتصنيفها؛ لمعرفة تلك المشاعر التي تؤدي إلى ظهور الحالات السلبية سواء كانت على مستوى السلوك أم الأفكار من أجل العمل على معالجتها، وتحديد المشاعر التي ترافق الحالات الإيجابية من أجل تعزيزها واستخدامها بكثرة في مختلف مواقف الحياة، وفي هذه الحالة وفي أثناء مراقبة المشاعر على المرء ألَّا يقيِّد مشاعره لكي يستطيع أن يتعرَّف بدقة إلى كل المثيرات التي تؤثر فيه من أجل تحديدها بدقة.
2. تسجيل أحداث حياتك:
إنَّ تسجيل المرء لأهم الأحداث التي يمر بها خلال اليوم يُعَدُّ من أهم الطرائق التي تساعده على اكتساب مهارات الذكاء العاطفي؛ إذ تساعد هذه الطريقة المرء على مراجعة أحداث يومه ليتعرَّف إلى كيفية التعامل مع الحالات التي مرت به خلال اليوم، وتحديد المشاعر التي ترافقت مع تلك الحالات ليتمكَّن من تقييمها وتحسينها ومعرفة نقاط القوة ونقاط الضعف الموجودة لديه عند التعامل مع مختلف المواقف.
على سبيل المثال يمكنك تسجيل مشاعرك وتصرفاتك عند ورود شكوى من المدرسة التي يدرس فيها ابنك المتعلقة ببعض سلوكاته المؤذية؛ إذ إنَّ مراجعة طريقة التعامل آنذاك تدلك على مدى جودة أدائك في التعامل مع تلك المشكلة.
3. طلب التغذية الراجعة:
يمكن للمرء أن يعمل على إجراء تقييم لمهارات الذكاء العاطفي التي يمتلكها من خلال تقديم الاختبارات المخصصة لقياس معدل الذكاء العاطفي، وهذه الاختبارات متوفرة على الإنترنت ويمكن لأي فرد أن ينفذها؛ إذ تساعده على معرفة المهارات الموجودة، وما هي المهارات التي تنقصه وعليه العمل على اكتسابها.
ويمكن للمرء أن يعمل على طلب الاستشارات وإجراء التقييم لمهارات الذكاء العاطفي الموجودة لديه من خلال اللجوء إلى الاستشارات وطلب العون من المتخصصين في مجال الذكاء العاطفي، ويمكن للمرء أيضاً أن يستعين بأصدقائه من أجل معرفة أجوبتهم عن مهاراته في الذكاء العاطفي، فعلى سبيل المثال يمكن أن يطلب رأي أصدقائه في طريقة التعامل مع المدير الذي يرأسه في العمل، ومن خلال أجوبتهم يمكن أن يعرف أين أصاب وأين أخطأ.
4. تعلُّم الذكاء العاطفي من خلال الكتب:
يمكن للمرء أيضاً اكتساب مهارات في الذكاء العاطفي من خلال الكتب المتوفرة وقنوات اليوتيوب الموجودة على شبكة الإنترنت، وفيما يأتي نذكر أهم الكتب التي تساعد المرء على التعرُّف إلى الذكاء العاطفي واكتساب مهاراته، وهذه الكتب هي:
- كتاب الذكاء العاطفي لدانييل غولمان.
- "الذكاء العاطفي" من تأليف ترافيس برادبيري وجان غريفز.
- "سر التحكم في حياتك وتحويلها" بقلم ماكسويل مالتز.
- "بوصلة الملاحين العاطفيين" من إلسا بونتس.
- كتاب الذكاء العاطفي لـ جيل هاسون.
توجد كتب أخرى كثيرة يمكن للمرء أن يطَّلع عليها ليتعلَّم منها مهارات الذكاء العاطفي.
5. تعلُّم مهارات الذكاء العاطفي عبر الفيديوهات:
لن يعاني من يرغب في متابعة مقاطع فيديو تتحدث عن الذكاء العاطفي كثيراً؛ إذ ما عليه سوى استخدام خانة البحث في اليوتيوب ليجد كثيراً من الموضوعات والشروح التي تسهل فهم مهارات الذكاء العاطفي، ونرشِّح لك في هذا المجال الفيديوهات الخاصة بالذكاء العاطفي الموجودة على قناة النجاح نت على يوتيوب هنا.
من الضروري أن تعرف أيُّها القارئ الكريم أنَّه لا يوجد عمر محدد لاكتساب مهارات الذكاء العاطفي؛ إذ يمكن للجميع العمل والتدريب على اكتساب تلك المهارات الهامة، وقد يخطر في بالك أنَّ مهارات الذكاء العاطفي يمكن اكتسابها وتعلُّمها من قِبل اليافعين والبالغين فقط، وهذه معلومة غير دقيقة؛ إذ يمكن تعليم الأطفال مهارات الذكاء العاطفي لكن بطريقة تختلف بكل تأكيد عن البالغين والشباب.
6. كورس الذكاء العاطفي برينيكور BrainyCore:
برينيكور BrainyCore هو برنامج تدريبي متخصص في الذكاء العاطفي EQ وتطوير مهاراته، وتقديم الحلول والبرامج التدريبية للقادة والمديرين وفرق العمل في الشركات، ويمكنك معرفة كافة التفاصيل المتعلقة به من خلال موقعه هنا.
تعليم الذكاء العاطفي للأطفال:
توجد طرائق متنوعة لتعليم الأطفال مهارات الذكاء العاطفي، ومن تلك الطرائق:
1. تحديد المشاعر والعلاقة فيما بينها:
إنَّ أول خطوة من أجل تعليم الأطفال مهارات الذكاء العاطفي تكمن في تعريفهم إلى مختلف أنواع المشاعر مثل السعادة والحزن والغضب، فيدرك الطفل بذلك سبب شعوره بالسعادة أو الغضب أو الحزن؛ وبهذه الطريقة فإنَّ الطفل لا يخلط بين مشاعره؛ بل يستطيع تمييزها وتمييز الحالة التي يكون فيها.
2. تعليمهم عن السبب والنتيجة:
من الهام تعليم الأطفال متى وأين يجب أن يستخدموا مشاعرهم؛ وذلك بالاعتماد على مبدأ ارتباط الأسباب بالنتائج، فعلى سبيل المثال يمكن أن يؤدي ذهاب الطفل في نزهة بريَّة مشياً على الأقدام أو حضور فصل دراسي لا يحبه إلى وقوعه في مشكلة عاطفية؛ ولذا يمكن معالجة تلك الحالات من خلال ربط النتائج بالأسباب، فحصول الطفل على المكافأة من جراء حضور الفصل الذي لا يحبه يعالج مشكلته العاطفية التي كان يمر بها من قبل.
3. تعليم الطفل كيفية إنشاء علاقات قوية مع الأقران:
إنَّ تنقُّل الطفل في عالم تكوين الصداقات والصراعات الناشئة عن حب التملُّك يجب أن ينبِّه الآباء إلى ضرورة امتلاك الطفل مهارات قوية في التواصل، وحل المشكلات بالتفاوض، والوصول إلى الحلول المشتركة التي تُرضي الأطفال، وتُعَدُّ هذه المهارة جزءاً من مهارات الذكاء العاطفي التي يمكن تعليمها للأطفال عن طريق مراقبة الآباء لسلوكات أبنائهم وتصحيح الأمر عندما يحتاج الأمر إلى تدخُّلهم.
4. التعامل مع الطفل وتنظيم مشاعره:
من الهام جداً للآباء الذين يريدون لأبنائهم اكتساب مهارات في الذكاء العاطفي أن ينظموا مشاعر أبنائهم؛ وذلك بالابتعاد عن توجيه الأمر إليهم بكبت مشاعرهم، وانتهاج المبدأ الذي يقوم على طرح الأسئلة مثل: لماذا تبكي؟ كيف تكون سعيداً؟ لماذا أنت غاضب؟ ما رأيك لو تتوقف عن غضبك؟
إنَّ استخدام هذه الطريقة يجعل الطفل ينتبه إلى الأسباب التي تؤدي إلى ظهور مشاعره سواء كانت غضباً أم سعادةً أم حزناً.
شاهد بالفيديو: 7 نصائح ذهبية لتنمية الذكاء العاطفي عند الأطفال
في الختام:
أعتقد أنَّك أدركت مدى أهمية اكتساب مهارات الذكاء العاطفي، ومدى الفوائد التي يمكن أن تحققها من جراء اكتساب تلك المهارات الهامة، والتي يمكن من خلالها أن تقود حياتك نحو الأفضل وتحقق الإنجازات، ولكنَّ اكتساب تلك المهارات لا يمكن أن يكون بين يوم وليلة؛ بل يتطلب بذل جهود كبيرة ومثابرة وصبر؛ وذلك لأنَّ تغيير العادات والسلوكات والأفكار يُعَدُّ من أصعب المهام التي يمكن للإنسان أن يقوم بها، إلَّا أنَّ النتائج التي ستحصل عليها تجعل التضحية في سبيل اكتساب مهارات الذكاء العاطفي أمراً ممتعاً.
من الضروري الإشارة إلى أنَّ الإنسان قد يصيبه التعب والملل من جراء إحداث تلك التغييرات في تفاصيل حياته، وهنا لا بدَّ أن يُذكِّر الإنسان نفسه أنَّ مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة، وأنَّ تغيير العادات والسلوكات يبدأ بفكرة صغيرة، وتكبر تلك الفكرة لتصبح تصرفاً، وتتحول لاحقاً إلى قيمةٍ من قيم الإنسان ومبادئه.
المصادر:
أضف تعليقاً