3 طرق لتحسين مراجعات الأداء

مع اقتراب نهاية العام، يبدأ موسم مراجعة الأداء؛ حيث إنَّ هذا هو الوقت الذي يجتمع فيه الموظفون مع المديرين لمناقشة تقدُّمهم، وكيف حققوا الأهداف المطلوبة منهم، ويمكن أن تكون هذه الاجتماعات مسبِّبة للقلق في ظل أفضل الظروف؛ وذلك لأنَّ التقييمات غالباً ما تكون مرتبطة بالزيادات والترقيات، وتسريح العمال في المستقبل.



ولكن مع انتشار الجائحة التي أودت بحياة مئات الآلاف من الأشخاص، وغيَّرت طرائق عملنا العادية ونتج عنها الملايين من العاطلين عن العمل، فهذا ليس وقتاً مناسباً لأرباب العمل لتقييم الأداء؛ حيث إنَّ الكثير من المنظمات لا تأخذ الوقت الكافي للتفكير العميق، وما زالت تمارس أعمالها كالمعتاد.

وفي دراسة شملت 317 شركة أمريكية، أبلغ 30% منها فقط عن تعديل معايير التقييم الخاصة بهم لمراجعات الأداء لهذا العام بسبب جائحة "كوفيد-19" (COVID-19)، وقال 2% منها إنَّه سيُمنَح الموظفون التصنيف نفسه الذي تلقُّوه خلال المراجعة السابقة، وقال 5% إنَّ المراجعات قد عُلِّقت أو أُلغيَت.

وعلى سبيل المثال: بنك الاستثمار "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs)، مستمر في مراجعات تقييم الأداء في شهر ديسمبر/ كانون الأول، وتخطط الشركة لتقييم 25% من الموظفين على أنَّهم "يفوقون التوقعات"، في حين أنَّ 65% سيحصلون على تقييم "لَبُّوا التوقعات بالكامل" و10% سينالون تقييم "لَبُّوا التوقعات تلبية جزئية"، وفقاً لمذكرة داخلية.

إنَّ التغيير الرئيس لعام 2020 هو أنَّ الموظفين يعرفون نسبة الموظفين الذين سيُمنحون كل تقييم، ويجب أن يعقدوا المزيد من جلسات المراجعة الدورية مع مديريهم، وفي الوقت نفسه، تعلِّق شركة "تويتر" (Twitter) جميع مراجعات الأداء هذا العام، مبررين أنَّه ليس من العدل إعطاء الموظفين الذين يتعاملون مع ظروف مختلفة خلال الجائحة تقييماً رسمياً في الوقت الحالي.

قالت مستشارة عمليات الأفراد "كيني دومينغيز" (Keni Dominguez) إنَّه لا يوجد تقييم "واحد يناسب الجميع" يخصُّ كيفية التعامل مع مراجعات الأداء في أثناء جائحة فيروس كورونا، وأضافت: "بالنسبة إلى معظم المنظمات، أودُّ أن أقول إنَّ أفضل نهج سيكون هو النهج الدقيق والمخفَّف، الذي يركز على عقلية التغذية الراجعة بدلاً من المقاييس الكمية؛ حيث يبدو أنَّ هذا هو الحل الأكثر عدالة، بالنظر إلى الظروف".

شاهد بالفديو: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟

ومع ذلك، أقرَّت "دومينغيز" بأنَّ بعض أرباب العمل قد يبذلون قصارى جهدهم من خلال اتباع نهج هجين، أو عن طريق إلغاء مراجعات نهاية العام تماماً، وقالت: "إذا خسرت 30% من فريقك، فربما يكون ذلك غير عادل، ولكي أكون صادقةً، فأنت على الأرجح لست في وضع جيد يتيح لك اتِّباع عمليَّةٍ منظمة"، كما قدَّم الخبراء ثلاث طرائق يجب أن تتغير بها مراجعات الأداء هذا العام:

1. التساهل بشأن الإنتاجية:

قالت "دومينغيز": "لا يمكننا الاستمرار في التظاهر بأنَّ موظفينا لم يتأثروا بشدة بجميع التحديات التي يتعيَّن عليهم مواجهتها خلال هذا الوقت"، وقد تشمل الضغوطات المضافة هذا العام الانتقال إلى العمل عن بُعد، وإيجاد التوازن الصعب في رعاية أفراد المنزل، والحزن على فقدان الأصدقاء وأفراد الأسرة بسبب جائحة "كوفيد-19" (COVID-19).

كما قالت قبل إجراء مراجعة شاملة لمراجعات الأداء، يجب على أرباب العمل أن يسألوا أنفسهم عن هذا النوع من الضغوطات أسئلة صعبة مثل، "هل كنت بطيئاً في التجاوب مع الوضع كمؤسسة؟ أو هل اتخذت خطوات استباقية لدعم موظفيك؟" والنظر في كيفية تأثير الإجابات في أداء الموظف.

وفي استطلاع شمل 317 شركة، أجرته شركة "ماكينزي" (McKinsey) وموقع "لينن" (LeanIn.org)، أفاد نصف أرباب العمل فقط أنَّ توقعات الإنتاجية قد تغيَّرت خلال جائحة "كوفيد-19" (COVID-19)؛ وهذا يعني أنَّ العديد من الآباء العاملين ومقدِّمي الرعاية قد أجبِروا على الحفاظ على أهداف غير واقعية لمرحلة ما قبل الجائحة.

وقال "جوش" (Josh)، وهو والد لطفلين ويعمل وسيطاً بين أصحاب المصلحة والشركاء بمنظمة صحية عالمية غير ربحية، إنَّه بعد عودته من إجازة الأبوَّة في شهر أغسطس/ آب، قيل له خلال مراجعة غير رسمية إنَّه بحاجة إلى زيادة إنتاجيته، وإنَّ صاحب العمل شكَّك في التزامه تجاه المهنة.

وستظهر مراجعة "جوش" الرسمية في الأشهر القليلة المقبلة، وهو قلِقٌ من أنَّ العملية لن تضع في الحسبان "تجاربنا الفردية التي نعيشها بصفتنا موظفين، وما يمكننا بالفعل إنتاجه في فترة زمنية محددة"، وقد طلب "جوش" عدم استخدام اسمه الأخير بدافع الخوف من المشكلات في العمل.

وقالت "دومينغيز": "ليس من العدل تقييم الناس في الوقت الحالي من حيث الإنتاجية، أعتقد أنَّه من العدل أن نقول إنَّ معظمنا أقل إنتاجية مما كنا عليه العام الماضي في هذا الوقت، ولن أسجِّل هذا حتى في مراجعة الأداء".

إقرأ أيضاً: 15 أسلوب لزيادة الإنتاجية في العمل

2. التفكير في المزيد من الأهداف الواقعية قصيرة الأمد:

من الأمور التي تجعل مراجعات الأداء السنوية واقعية، وضع حالة عدم اليقين طويلة الأمد التي يفرضها العيش في ظل الجائحة في الحسبان؛ حيث قال "جوش" إنَّه في مؤسسته غير الربحية، من المفترض أن تكون مراجعات الأداء بمنزلة عملية تحقُّقٍ للتأكد من أنَّ الموظفين يحققون الأهداف.

ولكنَّ اكتشاف الأهداف الواقعية هو "مصدر توتر وقلق" بالنسبة إليه، حيث تؤثر إرشادات جائحة فيروس كورونا المتغيرة على مستوى الولاية والمدرسة في عمله، وقال: "أشعر بنقص في الدعم والأمان إذا لم تتحقق هذه الأهداف بسبب ظروف خارجة عن إرادتي"، ولتحقيق هذه الغاية، أوصت "دومينغيز" باستعمال المراجعة لتحديد أهداف مُتدرِّجة تمنح الموظفين وقتاً للتعديل والتغيير حسب الحاجة، وقالت: "من السهل رؤية ذلك في المستقبل مقارنةً بالعام بأكمله".

3. جعل التغذيات الراجعة المنظمة محور التركيز:

إنَّ مراجعة الأداء السيئة هي التي تكتفي بمناقشة ما يفعله الموظف، ولا يُفرَد فيها حيِّزٌ كافٍ لمناقشة كيف يستطيع المدير دعم الموظف دعماً أفضل، وقال "مايكل سي ستورمان" (Michael C. Sturman)، أستاذ إدارة الموارد البشرية في "جامعة روتجرز" (Rutgers University): "مراجعات الأداء محادثة ثنائية، وليست سرداً للمجاملات أو عبارات التظلُّم، ويحتاج المشرفون إلى الاستماع للمشكلات التي يواجهها الموظفون فيما يتعلق بمدى نجاحهم في أداء عملهم".

ومع التغييرات التي أحدثَتها جائحة "كوفيد-19" (COVID-19)، يتفق الخبراء على أنَّ هناك قيمة في إجراء مراجعات أداء منظَّمة للحصول على التغذية الراجعة، ولاحظ "ستورمان" أنَّ المراجعات ليست ضرورية فقط لتطوير الموظفين ومكافأتهم، ولكن أيضاً لمقاضاة الموظف في حال دَعت الحاجة إلى فصله.

ولهذا السبب، لا تكرر - كما فعلت بعض الشركات - المراجعات التي أُجرِيَت قبل الجائحة، ولا تمنح كل موظَّفٍ تصنيفاً "يتجاوز التوقعات" للنصف الأول من العام مثلما فعلت شركة "فيسبوك" (Facebook).

وقالت "دومينغيز" إنَّ مشكلة إعطاء الجميع التصنيف نفسه هي أنَّه قد "يثبط عزيمة الموظفين ذوي الأداء الجيد، ويعطي الموظفين ذوي الأداء السيئ انطباعاً بأنَّهم يقدِّمون أداءً مُرضياً"، كما أكَّدت أنَّ الجائحة يمكن أن تكون وقتاً للموظفين والمديرين لتعديل الأهداف، والاتفاق على الأشياء التي يجب تحقيقها، والأشياء الممكنة في ظل الظروف والمجالات التي تُظهر أنَّ النجاح ممكن.

إقرأ أيضاً: لماذا تحتاج إلى طلب التغذية الراجعة؟ وكيف تستخدمها؟

وقالت: "إذا كنت تريد إزالة عملية تقييم الأداء، فستكون فرصة ضائعة للمديرين والموظفين للتواصل مباشرة مع بعضهم بعضاً، وإجراء تلك المحادثات التي تخصُّ كيفية تنمية الأفراد".

المصدر




مقالات مرتبطة