3 خطوات للتخلص من القلق الكامن في عاداتك

لقد سئمنا من قراءة النصائح نفسها مراراً وتكراراً عن كيفية الهدوء والتخلص من التوتر، ونحن نريد خياراتٍ أخرى تساعدنا حينما نشعر بضيقٍ في صدورنا غير تمرينات التنفس ببطء، أو عندما نتساءل عن أسوأ السيناريوهات التي تدور في رؤوسنا.



كتاب التخلص من القلق:

هذا هو السبب في أنَّ الكتاب الجديد للطبيب النفسي "جودسون بروير" (Judson Brewer's) "التخلص من القلق" (Unwinding Anxiety) مُطمئن للغاية. بالطبع يحتوي هذا الكتاب على نصائح؛ لكنَّ هذه النصائح تأتي في الأجزاء الأخيرة منه، ففي الواقع، إنَّ وجهة نظره الرئيسة هي أنَّ النصائح وحدها لن تساعد أولئك الذين يعانون من القلق على التغلُّب عليه.

يوضِّح "بروير" كيف أنَّ القلق موجود داخل عادات حياتنا اليومية، التي تُعَدُّ عادات ثابتة؛ فالعادات المتمثلة في التنفس بصعوبة وتوتر لا تزول لمجرد أنَّنا نقول لأنفسنا أن نتنفس، وبقدر ما يبدو الأمر غير منطقي، فإنَّ دماغنا ينجذب إلى عادات القلق هذه لأنَّها تخلق بعض الإحساس بالمكافأة.

يذكر "بروير" أنَّ تطبيق النصائح والأدوات يغفل خطوة هامة؛ فقبل أن نحاول تغيير أي شيء، علينا قضاء بعض الوقت في مراقبة عاداتنا المتعلقة بالقلق، عندها فقط - عندما نصبح مدركين إدراكاً عميقاً كيف أنَّ هذه العادات غير كافية - يمكننا الانتقال إلى بناء عادات جديدة بالفعل.

يقدِّم كتاب "التخلص من القلق" عملية من ثلاث خطوات لمساعدتك على القيام بذلك بالضبط، مدعومة بأبحاث العادات المكثفة التي أجراها "بروير"، في حين أنَّ العديد من الكتب التي تتحدث عن السلامة يمكن أن تجعلك تشعر بالإرهاق، إلا أنَّ نهجه مطمئن في سهولته، ويجعلك تشعر بأنَّك قادر على النجاح، وهذه الخطوات هي:

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب دع القلق وابدأ الحياة للمؤلف ديل كارنيجي

1. رسم خريطة لعادات القلق:

كتب "بروير" أنَّه إذا كنت تعاني من القلق، فمن المحتمل أنَّه أصبح عادة بالنسبة إليك، وأكَّد أنَّ العديد من عاداتنا كانت تهدف إلى مساعدتنا على تقليل التوتر أو تلبية الاحتياجات العاطفية؛ ولسوء الحظ، فإنَّ العديد من هذه الجهود قصيرة الأمد فقط، ولا تفيدنا دائماً على الأمد الطويل، فقد يكون تناول الأطعمة المريحة من الأمثلة عن ذلك، وتوجد عاداتنا في حلقات تتكون من محفز وسلوك ونتيجة، على سبيل المثال:

  • المحفز: تشعر بالقلق.
  • السلوك: كل شيء جميل.
  • النتيجة: صرف الانتباه عن القلق.
  • في بعض الأحيان، يمكن أن يؤدي القلق إلى سلسلة من العادات، ولكن يمكن أن يكون أيضاً نتيجة سلسلة العادة.
  • المحفز: الشعور بعدم التحفيز في العمل.
  • السلوك: قراءة الأخبار.
  • النتيجة: الشعور بالقلق حيال حالة العالم.
  • لكنَّ العادات الأكثر ضرراً المرتبطة بالقلق هي هذا النمط الأساسي، الذي يقع فيه كثيرٌ منا؛ إذ يعزز القلق نفسه:
  • المحفز: تشعر بالقلق.
  • السلوك: القلق؛ أي اجترار ما هو الخطأ وما هو الخطأ الذي يمكن أن يحدث، وما إلى ذلك.
  • النتيجة: تشعر بمزيدٍ من القلق.

ما هي الفائدة التي يمكن أن نحصل عليها من دائرة القلق الذاتية؟ حسناً، كما يرى "بروير"، قد يكون الشعور بالقلق في بعض الأحيان أمراً جيداً، أو على الأقل أفضل من مجرد التفكير في القلق؛ إذ يسمح لنا القلق أحياناً قليلة بالتوصل إلى حلول؛ وهذا يجعله يبدو أمراً مثمراً.

نعتقد أنَّنا نحل المشكلات، ويخشى بعضنا أنَّنا لن نكون مستعدين لمواجهة المستقبل إذا لم نقلق بشأنه، ويمنحنا القلق إحساساً بالسيطرة، حتى عندما يكون كل ما نفعله هو التخلص من المخاوف نفسها مراراً وتكراراً.

اكتشفت إحدى الدراسات التي ساهم فيها بروير - التي تخضع حالياً لمراجعة الأقران - آثار الحد من التوتر القائم على اليقظة بين مجموعة من الأطباء. استعملت الدراسة تطبيقاً لمساعدة الأطباء على إدراك سلسلة عادات القلق؛ فبالنسبة إلى الأطباء، أدى هذا الوعي إلى التقليل من الإرهاق والتشاؤم، لكنَّ تحديد عاداتك ليس سوى الخطوة الأولى.

2. العمل مع نظام المكافآت في دماغك:

يرى "بروير"، يخزِّن دماغنا "قيمة مكافأة" لمختلف الأشخاص والأماكن والأشياء التي نصادفها؛ كلما اعتقد دماغنا أنَّ السلوك كان مجزياً، كانت العادة المحيطة به أقوى.

لكنَّ قيم المكافأة يمكن أن تصبح عديمة القيمة والفائدة أو قديمة، على سبيل المثال: ربما كنا قد طوَّرنا شغفاً تجاه تناول الكعك عندما كنا مراهقين قلقين، ولكن في سن الرشد، نجد الآن أنَّنا لا نكون على ما يرام بعد تناول ثلاث شرائح من الحلوى المليئة بالسكر.

كتب "بروير": "إنَّ الطريقة المستدامة الوحيدة لتغيير العادة هي تحديث قيمة المكافأة"؛ وهذا يعني أن نلقي نظرة جديدة على كيفية تأثير العادة فينا الآن، ونحن بحاجة إلى القيام بذلك مراراً وتكراراً في كل مرة نكرر فيها العادة في حياتنا اليومية، حتى يقوم دماغنا بتحديث قيمة المكافأة الخاصة به ويتوقف عن الانجذاب إلى هذه العادة.

شاهد بالفيديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق.

ماذا يعني هذا عملياً؟

عند تحديد عاداتك التي تساعد على الشعور بالقلق، عليك أن تكون يقظاً عند حدوثها؛ فإذا كنت قلقاً وبدأت تشعر بالقلق بشأن المستقبل، فدوِّن ملاحظة في ذهنك، ولاحظ الضيق في صدرك والتورم في حلقك، وكيف أنَّك لم تعد تنجز كثيراً من عملك بعد ظهر ذلك اليوم، والشيء الجيد في هذا النهج هو أنَّ لحظات القلق تصبح فرصة لتتعرَّف نفسك، وليس شيئاً تخاف منه، ولا فشلاً في سعيك إلى الهدوء.

إذا كنت تواجه مشكلة في إدراك العادات سريعاً، فيمكنك أيضاً أن تتذكر يومك أو أسبوعك لترى تأثيرات سلوك معين فيك؛ فإذا جعلك قلقك تنزعج من شريك حياتك، فكيف كان ذلك الشعور؟ بدلاً من تحليله، حاول فقط إعادة تجربته وتأثيره في جسدك.

يقترح "بروير" أنَّه مع مرور الوقت، دماغنا سوف يتحرر تحرراً طبيعياً من تأثير عادات القلق لدينا دون أن نضطر إلى استعمال الكثير من قوة الإرادة؛ وهذا يتيح مساحة أكبر لتشكيل عادات جديدة.

إقرأ أيضاً: 7 طرق ممتعة تكافئ بها نفسك عندما تصل إلى هدفك

3. ابتكار عادات جديدة:

هذه الخطوة هي التي تبدأ عندها معظم النصائح الأخرى مثل العادات والسلوكات الصحية التي نريد أن نمارسها، ولكن من المنطقي أنَّه لا يوجد متسع كبير لهذه السلوكات الجديدة حتى تتخلى أدمغتنا عن السلوكات القديمة.

يقترح "بروير" مجموعة متنوعة من السلوكات المتعلقة باليقظة، التي يمكنك إدراجها في حلقات العادة عند ظهور محفز، وقد يكون كثيرٌ منها مألوفاً لك بالفعل:

  • الفضول واليقظة: بدلاً من الحكم على نفسك لكونك قلقاً أو مهووساً بمصدر قلقك، فقط كن فضولياً، فما هو شعورك وأين؟ وكيف سيتغير؟ حتى إنَّ "بروير" يوصي بقول: "إممم!" بصوت عالٍ لنفسك، لتشجيع هذا الشعور من الفضول.
  • التنفس: تناغَم مع أحاسيس التنفس في جسمك؛ فتنفَّس عندما يظهر القلق وتخلَّص منه، وانظر كيف تتغير الأشياء.
  • تمرين "راين" (RAIN): هذه ممارسة لليقظة الذهنية حيث تدرك (Recognize) الأمور من حولك وتشعر بالاسترخاء في اللحظة الحالية، وتتقبَّلها (Accept) وتسمح لها أن تكون هناك، وتتحقق (Investigate) من أحاسيسك وعواطفك وأفكارك الجسدية، وتلاحظ (Note) ما يحدث.
  • الملاحظة: هذه ممارسة لتصنيف التجارب السائدة في ذهنك لحظة بلحظة، ومن ذلك أي من حواسك كالسمع أو اللمس أو البصر، أو التفكير، أو الشعور.
  • الحب اللطيف: ممارسة إرسال الأفكار اللطيفة والاهتمام بالناس، ومنهم نفسك، والشعور بالدفء في داخلك.

لتعزيز هذه العادات، يقترح "بروير" أنَّه يمكنك تطبيق تقنيات من الخطوة 2، ولكن هذه المرة، بدلاً من ملاحظة الآثار الضارة، ستلاحظ كم هو أمر جيد في جسدك أن تكون فضولياً أو تعطي مشاعر المحبة.

يُعَدُّ "بروير" خبيراً في مجال العادات، وقد ركزَت الكثير من أبحاثه على التدخين واضطرابات الأكل، مع أنَّ كتابه يختص بالقلق، إلا أنَّ الإطار العام يمكن أن ينطبق على العديد من العادات في حياتنا؛ إذ تكشف أفكاره عن سبب عدم ترجمة الكثير من نوايانا الطيبة لممارسة الرياضة والتأمُّل والتحسين إلى أفعال. يعطينا "بروير" الأدوات التي يمكننا استعمالها للتعامل مع أدمغتنا، بدلاً من جعل أدمغتنا تعمل وفقاً لعادات تثير القلق.

المصدر




مقالات مرتبطة