3 أسرار تفسر نجاح قيادة الأفراد

يقول الطبيب والكاتب ديباك شوبرا (Deepak Chopra): "تُعَدُّ القيادة المستنيرة ذات طابعٍ روحاني إذا فهمنا الروحانية بعيداً عن المذاهب والعقائد الدينية، وعندما نفهمها كمجال للوعي نختبر فيه قيماً مثل الحقيقة والخير والجمال والحب والرحمة، وكذلك الحدس والإبداع والبصيرة والاهتمام الشديد".



ويقول الفيلسوف رالف والدو إمرسون (Ralph Waldo Emerson): "تُحدِّد وتيرة عمل القائد وتيرة عمل المجموعة".

منذ عدة سنوات، أجرت إحدى الموظفات مقابلة من أجل ما تبين أنَّه أول وظيفة لها في إدارة الأفراد، كانت طيبة ومتفائلة، الأمر الذي أدهش نائبة رئيس الموارد البشرية التي أجرت معها المقابلة؛ فسألتها: "لماذا تريدين إدارة الموظفين؟"، فأجابت: "أنا أعرف الكثير عن هذا المجال وأشعر أنَّني قادرة على أكون قائدة رائعة للموظفين، وأنا متحمسة جداً لمشاركة ما أعرفه من معلوماتٍ عن الموارد البشرية مع الآخرين وبناء فريق رائع".

فضحكت المحاورة وقالت: "سأخبرك بسر، إدارة الموظفين أمر صعب للغاية"، وعلى أي حال، حصلت في النهاية على الوظيفة، وبدأت عملها وكلها أمل في تطبيق ما يدور في رأسها من أفكار في العمل، لكنَّها لم تكن مستعدة على الإطلاق للتعامل مع الآخرين.

بالتأكيد، كان لديها اطلاعٌ واسع على مجال الموارد البشرية، لكنَّها لم تمارس المهارات القيادية كمديرة من قبل، لقد بدأت بداية صعبة، ولكن بعد ذلك، ومن خلال مديرها الرائع بالإضافة إلى الكثير من التجارب والأخطاء، تعلَّمت كيفية القيادة.

إقرأ أيضاً: 10 مهارات إدارة أساسية يحتاجها كل مدير

واحدة من النقاط الرئيسة حول القيادة هي أنَّ القائد يضبط وتيرة العمل من خلال توقعاته وسلوكه، إليك 3 معلومات تكشف سر القيادة الناجحة:

1. ضبط وتيرة العمل:

إذا كنت دائماً في حالة من الذعر، وتشعر بالتوتر بشأن إنجاز كل العمل باستمرار، فإنَّ موظفيك سيشعرون بالتوتر أيضاً.

أحد أسرار العمل هو أنَّه يمكنك بدون قصد تحويل عبء العمل المعقول إلى كابوس مخيف من التوتر، فبدلاً من ذلك اجلس كقائد واكتشف ما إذا كان الضغط الذي تشعر به حقيقياً أم وهمياً.

لا يعني الضغط الوهمي أنَّه ليس لديك مواعيد نهائية وعملاء (داخليين وخارجيين) يُطالبونك بمطالب غير واقعية تستهلك الكثير من وقتك؛ بل يعني أنَّك تفرض على نفسك أشياء ليست ضرورية لإنجاز المهمة، وفي بعض الأحيان يزول الضغط فعلياً إذا أبطأت وتيرة عملك قليلاً.

إذا واجهت مديراً سيء المزاج، فأنت تعلم تأثير هذا السلوك في الموظفين، لقد كان الجميع متوترين طوال الوقت، لكنَّ معظم ضغوطها كانت وهمية؛ فقد كانت تظن أنَّ عليها تقديم كل شيء دفعة واحدة.

كانت الحقيقة أنَّ العملاء لم يكونوا بحاجة إلى ما كانت تطلبه من موظفيها، وفي أحد أيام الجمعة اجتمعت مع أعضاء فريقها في الساعة 4:30 وقالت إنَّ نائبة رئيس قسم الموارد البشرية تطلب إنجاز هذا المشروع في أقرب وقت ممكن، وقدَّرت أنَّ المشروع سيستغرق حوالي 4 ساعات من العمل الجاد، لذلك سيبقى الجميع في العمل حتى وقت متأخر.

لحسن حظ موظفيها، كان وصف المشروع يفتقر إلى جزء أساسي من المعلومات، لذلك كان عليهم الاتصال بمكتب نائبة الرئيس والسؤال عن هذه الجزئية، وفي أثناء اتصالها بالهاتف مع مشرفها، قالت الموظفة: "ما الوقت المحدد لهذا المشروع؟" كان الرد: "إنَّها سوف تُقدِّم المعلومات يوم الأربعاء؛ لذا إذا كان في الإمكان إنجازه بحلول منتصف نهار الثلاثاء، فسيكون ذلك رائعاً".

لقد كان توتراً وهمياً؛ فقد توهموا أنَّ الرئيس فرض إنجاز هذا العمل بوقت قصير على المشرفين الذين بدورهم فرضوه على الموظفين، إنَّهم لا يعرفون لماذا حددت المديرة موعداً نهائياً مبكراً؛ حيث لم يُفوِّت طاقم عملها المواعيد النهائية أبداً، لكنَّهم أيضاً لا يعرفون مدى موثوقية الأعضاء الآخرين في فريقها.

في هذه الحالة، خفَّضوا مستوى التوتر من خلال رفض العمل بوتيرة محمومة، وبدلاً من ذلك دقَّق المشرفون المواعيد النهائية للعملاء بأنفسهم ونقلوا المعلومات الحقيقية إلى موظفيهم؛ فكانت النتيجة أن أُنجز العمل في الوقت المحدد، وكان العملاء سعداء بذلك، وبقيت وتيرة العمل تحت السيطرة.

2. تحديد التوقعات:

هل يعرف موظفوك ما تتوقعه حقاً وما تحتاجه منهم؟ هل تُحدِّد أنَّ أمراً ما هو أولوية، ثم تعود وتسأل عما إذا كانوا انتهوا من شيء آخر غير الذي حدَّدته كأولوية؟ إن كان كذلك، فتوقعاتك غير منطقية.

إنَّ تحديد التوقعات أمر سهل بالفعل إن تذكرت تحديدها؛ فغالباً ما تحتفظ بالأشياء في رأسك وتفترض أنَّ الشخص الآخر سيعرف تلقائياً ما تحتاجه؛ لذا بدلاً من أن تقول: "هل يمكنك إنهاء هذا التقرير بنهاية اليوم؟"، قل: "هل يمكنك جمع بيانات المبيعات، ووضعها في نفس تقرير "فلان" الذي أعددته الأسبوع الماضي، ومطالبة "فلانة" بتدقيقها؟"، أو "أحتاج إلى الحصول على هذا التقرير النهائي بحلول الساعة 5:00 اليوم، وقد طلبتُ من "فلان" تدقيق هذا التقرير بحلول الساعة 4:00 على أبعد تقدير، فهل هذا يناسبك؟".

شاهد كيف يختلف ذلك عن "نفِّذ دون أسئلة"، فكيف يعرف موظفك أنَّك تريد شخصاً آخر لتدقيق التقرير إن لم تخبره بذلك؟ وكيف يعرف أنَّك تريد منه استخدام التنسيق "الفلاني" إن لم تخبره بذلك؟

عندما تبتعد عن هذه المهمة، تكون التوقعات قد حُدِّدت، ويعرف الموظف ما تحتاجه، وتكون قد قدَّمت أيضاً فرصة للموظف للتعبير عن مخاوفه.

من الأفضل بكثير أن تعرف قبل 8 ساعات أنَّ موظفك سيواجه صعوبة في إعداد التقرير في الموعد النهائي بدلاً من أن تُفاجَأ بأنَّ التقرير لم يُنجز في الوقت المحدد؛ حيث يعمل القائد الحقيقي حسب الواقع، وهذا يتطلب في بعض الأحيان تغيير التوقعات.

إقرأ أيضاً: القيادة التحويلية: كيف تصبح قائداً مثيراً للإلهام

3. القيادة من خلال سلوكك:

هل تغتاب زملاءك في العمل، ورؤساءك، وموظفيك، ومن ثم تُعاقب موظفيك لفعل الشيء نفسه؟ هذا ليس سلوكاً يُحتذى به؛ حيث إنَّ أحد أفضل الرؤساء الذين يُحتذى بهم هو ذلك الرئيس الذي يُتقن القيادة من خلال سلوكه، وذلك بمراقبة أعضاء فريقه يتعلَّمون كيفية عقد اجتماع، وكيفية تعامله مع مشكلات الموظفين الشخصية، وكيفية تصدِّيه للمطالب غير الواقعية.

إن كنت تريد موظفين يصلون إلى العمل في الوقت المحدد، فمن الأفضل أن تصل إلى العمل في الوقت المحدد؛ وإن كنت تريد أن يتعامل موظفوك بلطف مع العملاء، فلا تغتب العملاء؛ وإن كنت تريد أن يؤدي موظفوك عملهم في الوقت المحدد وبدرجة عالية من الدقة، فعليك فعل الشيء نفسه.

أحياناً ينسى الرؤساء أنَّهم بحاجة إلى إظهار روح القيادة أيضاً؛ حيث يمكن للمدير أن يجلس في المكتب ويُصدر الأوامر، لكنَّ القائد الحقيقي يتدخل ويساعد في العمل، ولعدة سنوات كان القسم مسؤولاً عن معالجة الزيادات السنوية في الرواتب لحوالي 30.000 موظف، وهذا يُمثِّل قدراً هائلاً من العمل، ولكن تحمَّل القسم عبئاً إضافياً أيضاً؛ فكل واحد من هؤلاء الموظفين يحتاج إلى قطعة من الورق مكتوب عليها مبلغ الزيادة، وبالإضافة إلى ذلك يحتاج كل مدير إلى قائمة بموظفيه وزيادة الراتب المعتمدة في النهاية.

شاهد بالفديو: 15 مهارة يجب أن يتحلى بها القائد الجيد

وهذا يعني أنَّ الموظفين اضطروا إلى حشو عدد هائل من المغلفات، ولكن كان رئيسهم المباشر يجلس معهم ويساعدهم في تجهيز هذه المغلفات، وبذلك كانت كل أوامره مطاعة كونه ضرب لهم مثالاً يُحتذى به.

والآن، وبينما هناك بالتأكيد أوقات لا يعمل فيها القائد معك (في النهاية، لديه مسؤوليات مختلفة)، يُكلفك القائد الحقيقي بمهام صعبة عند الضرورة ولا يتردد في مساعدتك عندما يكون ذلك ممكناً، وفي النهاية سوف يتألق كمثال يُحتذى به، ويُكافأ بفريق عمل مخلص ويعمل بجد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة