ونحن ببساطة ننسى أهمية ساعات الصباح التي تشكل الأساس الذي يُبنى عليه يومنا، وننسى أنَّ الطريقة التي نختار بها قضاء هذا الوقت تؤثر في جودة أيامنا، ومن ثم جودة حياتنا.
إذا كنت تواجه صعوبة في بداية يومك، وتعاني ضعف التركيز طوال الوقت، فهذه:
3 طقوس صباحية بسيطة ستغير حياتك في مدة قصيرة:
1. غسل الأطباق:
الفطور أهم وجبة في اليوم، ويمكنك الاستفادة منه في تعزيز انضباطك الذاتي الذي يعدُّ مهارة حيوية عليك تنميتها، والانضباط الذاتي هو القدرة على التغلب على عوامل التشتيت وإنجاز المهام الهامة، ويتطلب التصرف بناءً على ما تراه صواباً، لا على ما تشعر به في هذه اللحظة، وربما تكون متعباً أو متكاسلاً؛ أي عليك التضحية براحتك لأجل الأمور الأهم في حياتك.
ينتج في الغالب ضعف الانضباط الذاتي عن ضعف التركيز، وبمعنى آخر نقول لأنفسنا إنَّنا سنفعل شيئاً ما، ولكنَّنا لا نفعله، وإحدى أسهل الطرائق وأنجعها لبناء الانضباط الذاتي والحفاظ عليه هي البدء بخطوات صغيرة كل صباح، وببساطة اغسل الأطباق بعد الفطور؛ أي بعد تناول الفطور اغسل الأطباق والملاعق، وعند الانتهاء من احتساء قهوتك الصباحية، اغسل إبريق القهوة والفنجان، ولا تترك أي أطباق متسخة في المغسلة أو على المنضدة لوقت لاحق، اغسلها على الفور.
طبِّق هذا الطقس بالتدريج؛ أي بعد أن تعتاد غسل الأطباق كل صباح، ابدأ بتنظيف المغسلة، والمنضدة حتى تعتاد ذلك أيضاً، ومن ثم طبق عادات أخرى مثل، ترتيب السرير وتجهيز طعام الغداء وممارسة تمرينات الضغط، والتأمل بضع دقائق.
افعل إحدى هذه الأشياء كل صباح إلى أن تعتاد فعلها جميعها، وتضمن قدرتك على فعل ما يجب فعله، وإنهاء ما بدأته، ولكن مرة أخرى ابدأ بغسل الأطباق فقط، ومن ثم بالمهام الأخرى واحدة تلو الأخرى.
2. ممارسة التمرينات الرياضية لتدريب جسمك وعقلك:
تعدُّ التمرينات الرياضية أبسط وأسرع طريقة لتغيير حياتك، وذلك لأنَّها تقوي جسمك، وتقوي عقلك أيضاً، فهي نشاط يبدأ ذاتياً ويفرض مستوى ضرورياً من الجهد العقلي والجسدي لتحقيق النمو، كما أنَّها تغرس على الفور إحساساً إيجابياً بضبط النفس في عقلك الباطن، وذلك حتى عندما تكون الظروف الأخرى في حياتك فوضوية.
في عالم واسع غالباً ما يكون خارج نطاق سيطرتك، تمنحك التمرينات مساحة شخصية تمكِّنك من استعادة السيطرة عليه والإمساك بزمام المبادرة، فعندما تبدأ يومك بهذه القدرة على التحكم والتركيز، تسهل عليك مواجهة العالم، وإضافة إلى ذلك تغير التمرينات اليومية العمليات الداخلية للدماغ؛ إذ تؤدي إلى رفع مستوى بروتين معين في الدماغ، فالتمرين هو أقوى أداة لديك لتحسين وظائف دماغك.
للتمارين الهوائية تأثير كبير في التكيف، وتنظيم الأنظمة التي قد تكون غير متوازنة وتحسين الأنظمة المتوازنة، فلا غنى عن التمرينات الرياضية إذا كنت تريد الوصول إلى إمكاناتك الكاملة.
تعدُّ التمرينات الرياضية دواء لجميع الأمراض العقلية تقريباً، وإنَّها تقلل إلى حد بعيد من الاكتئاب الخفيف والمعتدل، وتخفف مستوى القلق والآثار السلبية للإجهاد الزائد، وأفضل ما في الأمر أنَّها تفيد العقل والجسم في آن واحد، ومع ذلك لا تمارس التمرينات الرياضية أكثر من 15 دقيقة كل صباح إذا كنت مبتدئاً، وإذا صعب عليك الاستمرار 15 دقيقة متواصلة، فيكفيك 10 أو 7 دقائق، لذا التزم بهذه المدة شهراً كاملاً، ومن ثم زدها تدريجياً.
شاهد بالفديو: 5 نصائح مثبتة علمياً لصباح أكثر نشاطاً وإنتاجية
3. ممارسة التأمل:
ينطبق نفس مبدأ البدء بخطوات صغيرة على ممارسة التأمل أيضاً، ومع ذلك طقوس التأمل الصباحية مدة 15 دقيقة ليست بالأمر السهل على معظم المبتدئين، وفي المحاولات العديدة الأولى للتأمل يجد معظم المتأملين المبتدئين أنَّه من شبه المستحيل الاسترخاء وتهدئة أذهانهم، ولهذا السبب يحاول كثيرون منا التأمل مرة أو مرتين ولا يرون قيمته، فهو لا يغرس على الفور نفس الشعور بالسيطرة الذي تغرسه ممارسة التمرينات الرياضية، ولكن مع الممارسة والصبر يصبح التأمل أقوى.
التأمل هو بالفعل طقس صباحي حيوي في حياتنا، وعلى الرغم من أنَّه قد لا يغرس مستوى التحكم الذي توفره التمرينات الرياضية بسهولة، فإنَّه يوفر لنا مستوى أعمق من التحكم في أنفسنا، فهو يربطنا بمكنوناتنا من خلال السماح لنا بالتواصل مع عقولنا وأجسادنا التي عادة ما نتشتت وننفصل عنها، وبصرف النظر عن التفاصيل، فالفوائد الأساسية والعملية للتأمل ذات شقين:
- تخفيف الضغط النفسي.
- زيادة الحضور الذهني (الوعي).
يسهل علينا التعامل مع كل ما يحدث في بقية يومنا عندما نبدأ صباحنا باسترخاء؛ لأنَّنا نتخذ الخطوة التالية بوعي أكبر مع إدراكنا لمسؤولياتنا، واستعدادنا لتحمُّل الضغط دون مقاومة مكبوتة، ومع هذا الوعي والقبول سنجد حلولاً أفضل، وطرائق أنجع لمواجهة يومنا، وإحساساً عاماً بأنَّ الناس أكثر وداً، وعلى العكس من ذلك عندما نشعر بالتوتر والتشتت في ساعات الصباح، فإنَّ أذهاننا تكون منقسمة ومجهَدة، ويركز جزء بقوة على الضغوطات التي نواجهها، ويعطي الجزء الآخر الحد الأدنى من الاهتمام لأية مهام يجب إنجازها بسرعة في هذه الأثناء.
على سبيل المثال تخيل أنَّك تأخرت عن العمل وتحاول مغادرة المنزل على عجل، وإذا أخبرك أحد أفراد أسرتك بشيء هام عما سيفعله اليوم، فإنَّك لن تركز على ما يقوله، ولكن عندما تعزز حضورك وتبني تدريجياً مزيداً من الوعي والقبول للحظة الحالية من خلال التأمل، فإنَّ ذهنك لن يتشتت، وفي تلك اللحظة ستتنفس بعمق وتصغي بانتباه، ويزول توترك، وبالممارسة تحظى بمزيد من اللحظات المشابهة في حياتك.
كيفية تعزيز الحضور بالتأمل الصباحي:
اجلس في وضع مستقيم على كرسي مع وضع قدميك على الأرض ويديك في حضنك، ومن ثم أغمض عينيك، وركز على تنفسك 15 دقيقة، والهدف هو قضاء الوقت بأكمله في التركيز فقط على صدرك في أثناء الشهيق والزفير لتمنع عقلك من الشرود والتفكير الزائد؛ إذ يبدو هذا بسيطاً، ولكن مرة أخرى من الصعب القيام به أكثر من بضع دقائق، وبخاصة إذا كنت مبتدئاً، ولا بأس إذا كانت الأفكار العشوائية تشتت انتباهك، فمن المؤكد أنَّ هذا سيحدث، لذا كل ما عليك فعله هو إعادة تركيزك إلى تنفسك.
أهمية المواظبة على ممارسة هذه الطقوس:
اِعلم أنَّ طقوس الصباح الثلاثة المذكورة أعلاه غير مجدية إذا لم تواظب على ممارستها، ولن يؤدي تنظيف الأطباق وممارسة الرياضة والتأمل في صباح واحد إلى جني أي فائدة؛ إذ تكمن الفائدة في الزيادة التدريجية والممارسة المنتظمة، وعلى سبيل المثال لا يوجد شيء مثير في تحريك قدميك كل يوم على مدار عدة أسابيع، ولكن بهذا الفعل تسلق معظم البشر العاديين أكثر من 29000 قدم إلى قمة أعلى جبل في العالم، وهو جبل "إيفرست" (Mount Everest).
إقرأ أيضاً: 50 فكرة لبدء الصباح بطريقة مثالية
ما من شيء مثير في تنظيف الأطباق، أو ممارسة الرياضة، أو الجلوس بهدوء للتأمل مدة قصيرة كل صباح، ولكن بفعل ذلك ستتحسن حياتك أكثر مما تتصور، ومثل كل عضلة في الجسم يحتاج العقل إلى التدريب حتى يكتسب القوة، لذا يجب عليك إعمال عقلك باستمرار لينمو ويتطور مع مرور الوقت، وهذا هو بالضبط ما تتيح لك فعله طقوس الصباح الثلاثة هذه، وإذا لم تلزم نفسك ممارسة هذه الطقوس البسيطة كل صباح، فسوف تنهار في وقت لاحق من اليوم عندما تواجه أول عقبة في طريقك.
في الختام:
الخيار بيدك، لذا لك أن تختار تنظيف الأطباق حين يكون من الأسهل تركها في المغسلة، وممارسة الرياضة حين يكون من الأسهل البقاء مستلقياً في السرير، وممارسة التأمل حين يكون من الأسهل صرف انتباهك إلى شيء آخر؛ لذلك أثبت لنفسك بطرائق بسيطة كل صباح قدرتك في التحكم بيومك وحياتك.
أضف تعليقاً