ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المؤلف ورائد الأعمال "غريغ ريد" (Greg'S Reid) ويُحدِّثنا فيه عن أفضل طريقة لتحديد أهدافنا والعمل على تحقيقها والنجاح فيها.
إذا كنتَ تعاني وتواجه كثيراً من الصعوبات لتحقيق أهدافك، سيقدِّم صديقي رائدُ الأعمال "بيل بارتمان" (Bill Bartmann) - وهو مؤلف كتاب "ثروات الإنقاذ" (Bailout Riches) والذي أطلقت عليه مجلة الأعمال الأمريكية "إنك ماكازين" (Inc. magazine) ذات مرة لقبَ البليونير الذي لا يعرفه أحد - نصيحةً رائعة لِخداع عقلك من أجل إنجاز ما تريده تماماً في كل مرة؛ والتي تتمثل بعدم التفكير بأهدافك أو بعدِّها أهدافاً يجب الوصول إليها أو تحقيقها، وفي مجتمعاتنا، يصف معظم الناس أهدافهم بأنَّها طموحات سامية ورفيعة أو أشياء يسعَون أو يناضلون ويبذلون كلَّ الجهود لتحقيقها أو يعملون بكدٍّ وإصرار لأجلها، ومع أنَّ هذه الأوصاف تشير بطريقة أو بأخرى إلى صعوبة تحقيق هدفك، فلا بأس باستخدامها ما دمتَ لا تبالغ في اهتمامك به.
يدلُّ وصفك للهدف بهذه الطريقة على أنَّه صعب المنال؛ إذ ثمة معنى ضمني دقيق في صياغة وصفك يشير إلى تساوي احتمال تحقيقك للهدف مع احتمال عدم تحقيقك له، وهذا في أغلب الأحيان يمنحك عذراً لقبول الفشل؛ أي إنَّ التعريف الشائع لكلمة "الهدف" يهيئك للفشل.
إليكَ ما يحدث فعلاً؛ تبدأ بالسعي إلى تحقيق هدفٍ ما راغباً بشدة بالوصول إليه، بينما تعلمُ أيضاً في قرارة نفسك من خلال التعريف المُطلَق المحفور في ذهنك لكلمة الهدف بأنَّه لن يتحقق على الأرجح، ولسوء الحظ فإنَّ فتح باب الاحتمالات التي تُنذر بعدم تحقيق أهدافك يؤثر سلباً في مساعيك وجهودك من خلال إضعاف قدراتك على تحقيق ما تعده مستحيلاً، ولكنَّ الأسوأ مما سبق؛ هو أنَّه على الرغم من نتائجك المُذهلة في تحقيق 90% من أهدافك أو أكثر؛ فإنَّك ستبقى شخصاً فاشلاً في 10% من الحالات.
على كل حال، إذا قلتَ إنَّ نسبة تحقيقك لأهدافك قريبةٌ من النسبة السابقة ولو قليلاً حتى، فإنَّك إنسان استثنائي وخارق بالفعل ولا يجدر بك قراءة هذا المقال في الواقع، وإنَّما ينبغي أن تساعدني على تأليف الكتب الأفضل مبيعاً، وكذلك حتى إذا كانت إجابتك عن نسبة تحقيقك لأهدافك أكثر واقعيةً؛ كأن تقول إنَّك تحقق أهدافك التي تطمح إليها بنسبة 60-70% على الأرجح، فهذا يعني أنَّك تفشل في الوصول إليها في 30-40% من الحالات، وليس من المعقول أن تتمتعَ بثقة كبيرة بالنجاح أو بقدرةٍ على بذل مجهود كبير أو امتلاكِ دافع وحافز عندما تحاول أن تفعل شيئاً قد فشلتَ بتحقيقه سابقاً بمُعدَّل 30-40%.
3 أسباب تجعل قطع الوعود أهم من وضع الأهداف:
لذا أراهن أنَّ نسبة نجاحك في الوفاء بوعودك تفوق نسبة تحقيقك للأهداف؛ وذلك لأنَّ الوعود محكومة بمبادئك الأخلاقية ومُعتقداتك التي تؤمن بها وقواعدك السلوكية العامة ونظام القيم الإجمالية التي تتمتع بها؛ فحتى على مستوى العقل الباطن أو اللاوعي يجعل هذا النظام الأخلاقي المسؤول عن احترام الوعود والإيفاء بها من وعودك أكثر أهمية بكثير من أهدافك داخل ذهنك وذلك لثلاثة أسباب رئيسة مُميَّزة جداً، وهي:
شاهد بالفديو: كيف تضع خطة وتصل إلى أهدافك في الحياة؟
1. العاطفة التي تكتنف الوعود:
يحمل الوعد إحساساً أعمق بالمسؤولية تجاه الشخص الذي تقطع ذلك الوعد له، وسواء كان ذلك الشخص أنتَ أو أي إنسان آخر، فهذا الإحساس يولدُ رابطاً عاطفياً قوياً بداخلك.
عندما تقطع وعداً ما، سوف تتدخل العواطف ويتشكل رابط عاطفي يُجبرك على تنفيذ ذلك الوعد، ومن ثم تمنح أذهاننا ذلك الوعد أولويةً فورية؛ لتعمل بكل جوارحك وأحاسيسك وطاقتك على تحقيقه.
2. التاريخ الحافل في النجاح بالوفاء بالوعود:
تُدرك عقولنا بأنَّنا نتمتع بتاريخٍ حافل من النجاحات حين يتعلق الأمر بالوفاء في الوعود؛ فتعلم بأنَّنا حققنا تاريخياً وبصورة استثنائية مُعدَّل نجاحٍ عالٍ جداً يُقارب 100% في العديد من الحالات، وبذلك فهي تسعى جاهدةً للحفاظ على هذا النجاح.
يفترض عقلُك الباطن بناءً على هذا التاريخ بأنَّك تستطيع الإيفاء بذلك الوعد وستفعل ذلك حتماً؛ ومن ثم بدلاً من أن تكون مُهيَّئاً مُسبَقاً للفشل اعتماداً على أدائك وتصرفاتك السابقة، سيُصبح عقلك مُعدَّاً سلفاً للنجاح؛ لأنَّه يعلم أنَّه قادر على الوفاء بالوعود.
تحمل تلك النجاحات التي حققتَها في الماضي من خلال الإيفاء بوعودك مشاعرَ إيجابية وارتباطاً عاطفياً باعثاً على الرضى؛ نتيجة ما شعرتَ به حين نفذتَ تلك الوعود؛ فيسجل العقل البشريُّ المشاعرَ والعواطفَ التي تتولد في لحظتها ويحفظها بوصفها ردود فعل عاطفية إيجابية ومُرضية، ويدفعك إلى العمل بأقصى طاقاتك؛ للإيفاء بكل وعدٍ تقطعه على نفسك كي تشعر بالرضى والفخر من جديد.
3. الوعود تحفز عقلك الباطن على تهيئتك للنجاح:
عندما تحصر مستوى إنجازاتك بتحديد الأهداف، فإنَّك تحوِّل عقلك الباطن إلى أبٍ حنونٍ يفرط في حمايتك ويُثنيك عن المجازفة أو خوض أي مخاطرة؛ خوفاً من تعرُّضك للفشل، وفي الواقع يؤثر عقلُك الباطن بهذه الطريقة سلباً في أهدافك ويسعى لمنعك من تحقيقها من خلال إقناعك بأنَّه لا وقتَ لديك للأحلام السامية أو المثالية، ويجعل من نسيان تلك الأحلام والأهداف وتجاهلها أمراً مقبولاً تماماً.
لكن يحدث نقيض ذلك تماماً حين تقطع وعداً ما على نفسك؛ فينتقل العقل الباطن من دور الأب مُفرط الحماية الذي يحاول أن يُثنيك عن الوصول لأهدافك إلى دور الأب الداعم الذي سيمهد لك الطريق ويسهِّل تحقيق النجاح، ولفهم ذلك أكثر يمكنك أن تتخيل الفرق بين تحديد هدفٍ لك بترك التدخين والإقلاع عنه مقارنةً بتقديم وعد لأحد أحبائك بأنَّك ستتركه نهائياً.
إذا جعلتَ من ترك التدخين هدفاً يجب تحقيقه، فلن يكون لذلك أي عواقب تُذكَر في حياة أي أحد سواك إذا فشلتَ بتحقيق ذلك الهدف، ولكن إذا وعدتَ شخصاً تحبُّه بأنَّك ستترك التدخين ومن ثمَّ عدتَ إليه بعد فترة، فلا بدَّ أنَّك ستشعر بالخوف أو الإحراج من الاعتراف لذلك الشخص بأنَّك لم تُوفِ بوعدك.
يعود السبب في ذلك إلى أنَّ الفشل بالإيفاء بوعدٍ ما؛ يؤدي إلى رد فعل عاطفي يتمثل في الشعور بالعار أو الحرج أو الإحباط وخيبة الأمل، ولذا يعمل عقلك الباطن على تجنُّب المعاناة أو مشاعر الفشل هذه مهما كلَّف الأمر؛ وذلك لأنَّ من وظيفته حمايتك من المعاناة بسبب أيٍّ من تلك الأمور السابقة؛ بل إنَّ هدفه الحصري والوحيد هو حفظ الذات أو غريزة البقاء.
إنَّ حاجة عقلك الباطن وسعيَه لبقاء الذات وحمايتها؛ هي بالضبط ما يُجبره على مساعدتك على الإيفاء بوعودك تماماً كما يتصرف الأب الداعم؛ فيكون الجزء الذي بداخلك والذي يُشعِرك بأنَّك على وشك الموتِ إذا لم تَفِ بوعودك مطمئناً ومرتاحاً فيما تقتربُ من الإيفاء بوعدك وتعمل على ذلك.
في الختام:
إذاً يمكنك أن تزيد من احتمالية وفُرص نجاحك بفارقٍ كبير من خلال تغيير طريقة تفكيرك بسير العملية نحوَ تحقيق أهدافك، ولكن ما زال هناك بعض العمل الجاد والجهود التي عليك أن تبذلها على الرغم من أنَّك أصبحتَ مؤهلاً لتحقيق النجاح بعد قراءتك لهذا المقال، والأهم من ذلك أنَّه أصبح لديك طريقةٌ سهلة لجعل عقلك الباطن يعمل لصالحك بدلاً من التأثير سلباً في جهودك وتضييعها سدى.
أضف تعليقاً