ومما لا شك فيه أنَّ وضع الأهداف يساعدك على البقاء مركِّزاً على ما تطمح لتحقيقه في الحياة كما يمكن أن يساعدنا على التخفيف من رغبتنا في تحقيق نتائج قصيرة الأمد، ولكن حتى لو دوَّنت أهدافك بوضوح كبير، وكان لديك رؤية بعيدة الأمد، وكثير من قوائم المهام؛ فمن الممكن أن تشعر على الرغم من كل ذلك بأنَّ ثمة خطب ما، وإليك سبب ذلك:
1. ليس تدوين الأهداف بحد ذاته ممارسة ذات نتائج مذهلة:
لا بدَّ أنَّك نُصِحتَ في مرحلة ما من حياتك بتدوين أهدافك؛ والسبب في ذلك هو افتراض أنَّك تلتزم أكثر بالعمل على تحقيق الأهداف التي تدوِّنها مقارنةً بالأهداف التي تكتفي بالتفكير فيها، ولكن الحقيقة أنَّه لا يوجد ما يكفي من الأبحاث التي تؤيد هذا الادعاء.
يبدو أنَّ الدراسة التي يُستشهد بها في هذا المجال غير حقيقية، فتارةً يُقال إنَّها تناولت مجموعة من طلاب جامعة "هارفارد" (Harvard)، وتارةً مجموعة من طلاب جامعة "ييل" (Yale)، وهو ما أوضحه أخصائي تطوير الذات "سيد سافرا" (Sid Savara) في مدونته، فيقول فيها: "تشير الدراسة أحياناً إلى أنَّها جرت على 1979 طالباً من جامعة هارفارد، في حين تشير في أحيان أخرى إلى أنَّها شملت 1953 طالباً من جامعة ييل، دون أن يكون هناك اختلاف في الفرضية أو النتائج، إما أنَّها كانت عبارة عن تجربة واحدة تمت إعادة إجرائها في جامعة أخرى، أو أنَّ هناك شيء يدعو للشك بأنَّ الدراسة حقيقية".
يمكنك أن تخصص كثيراً من الوقت في تدوين قائمة طويلة من الأهداف؛ فمن السهل أن ندوِّن كل شيء نعتقد بضرورة كتابته، ولكن ليس لهذه الممارسة بحد ذاتها أي آثار إيجابية مذهلة؛ فلا حاجة لنا بالقول إنَّ معظم الأشخاص يضعون قوائم طويلة بأهدافهم الصغيرة والكبيرة، ودون أن يحققوا شيئاً منها، فبالطبع يمكن أن يؤدي تدوين الأهداف إلى فوائد؛ ولكنَّها ليست ذات آثار خارقة بحد ذاتها.
شاهد بالفديو: 8 أمور عليك معرفتها عن الأهداف
2. من غير المجدي تحديد أهداف لا نرغب فعلاً بتحقيقها:
لماذا لا تؤدي كتابة الأهداف إلى نتائج مذهلة؟
الإجابة هي: المشكلة الرئيسة تتمثل في ميلنا إلى إنشاء قوائم بأهداف نعتقد أنَّه من الرائع تحقيقها في حين أنَّها لا تعنينا بالفعل، وعلى سبيل المثال، كتبت المدوِّنة "نعومي دانفورد (Naomi Dunford) مقالاً بعنوان: كيفية وضع أهداف واقعية، وذكرت فيه الآتي:
هذه عينة بالأهداف من قائمة تحتوي على 100 هدف كنت أخطط لتحقيقها:
- الحصول على رخصة القيادة.
- شراء نظارات.
- حياكة بطانية يدوياً بالكامل.
- تنظيم استمارة لدفع الضرائب.
- شراء قلم من نوع واترمان (Waterman).
- الحصول على قرطاسية شخصية.
- تعلُّم الطبخ.
- التحقق من جميع فواتيري لغاية الآن.
- شراء سيارة.
تتابع نعومي شرح مشكلة كل هدف من هذه الأهداف، وهي أشبه بخدعٍ نقعُ فيها عندما نضع أهدافنا الخاصة:
أولاً:
بعضها غير ممتع على الإطلاق، مثل تنظيم استمارة لدفع الضرائب، والاطلاع على جميع الفواتير حتى الوقت الراهن.
ثانياً:
بعضها عبارة عن أهداف شعرتُ بضرورة تحقيقها دون رغبة حقيقية بذلك، مثل الحصول على رخصة قيادة.
ثالثاً:
بعضها لا يمكن وصفه بالأهداف مثل تعلم الطبخ؛ لأنَّه لا يمكن تحقيق هذا الهدف بالكامل (دائماً يوجد ما تتعلمه).
رابعاً:
يفتقر بعضها إلى الأهمية مثل شراء قلم من نوع واترمان.
تبقَّى في النهاية هدفين فقط من تلك القائمة كانت نعومي مهتمة حقاً بتحقيقهما، وهما حياكة بطانية بطريقة يدوية بالكامل، والحصول على قرطاسية مخصصة.
الفكرة الهامة مما سبق أنَّ نعومي اختارت هذين الهدفين؛ لأنَّها ترغب بالفعل بتحقيقهما، وهذا هو جوهر الأهداف.
في الختام:
أفضل ما يمكن أن تقوم به عندما ترغب بتحديد أهدافك هو ألا تفكِّر بأشياء تشعر بضرورة تحقيقها دون رغبة، واختر بدلاً من ذلك بضعة أشياء تثير اهتمامك فعلاً.
لنقل إنَّك ترغب حقاً بكتابة رواية، وتطوير مشروعك التجاري؛ فإنَّك لن تضطر إلى تدوين هذين الهدفين؛ لأنَّه من المستحيل نسيان رغبتك بكتابة رواية، كما يستحيل أن تستيقظ في يوم من الأيام متسائلاً عما ينبغي فعله بشأن مشروعك التجاري.
إذا كانت لديك أهداف من هذا النوع؛ فمن المُحتمل أنَّك لم تصفها أصلاً بالأهداف؛ بل ترى أنَّها أشياء ترغب بشدة في تحقيقها.
قد يكون ذلك العمل على مشروع ممتع، أو تصميم موقع على الإنترنت، أو تأليف كتاب، أو تغيير تصميم منزلك من الداخل، أو الاعتناء بأطفالك، أو أي شيء آخر تشعر أنَّه رائع، الأكثر أهمية لك هو: لا تفكِّر بتحديد الأهداف على أنَّها ممارسة إجبارية؛ وإنَّما أداة تساعدك على حصر تركيزك في المجالات التي تعنيك بشدة.
أضف تعليقاً