لقد قدم الجزء الأول من المقال 10 حقائق يجب أن يناقشها الآباء مع أبنائهم، ويشرح الجزء الثاني والأخير منه بقية الحقائق، فتابعوا معنا السطور القادمة.
20 حقيقة يجب أن تناقشها مع أبنائك:
11. تتحقق النجاحات والإنجازات البارزة في الحياة عندما تتوفر الإرادة اللازمة لتحمُّل الصعوبات والقيام بالمهام الشاقة:
يجب أن تساعد طفلك على تنمية قدرته على تحمل الصعوبات والتحديات في الحياة، وتشرح له أنَّ تحقيق الأهداف العظيمة يتطلب كثيراً من الجد والعمل، فلا يمكنك أن تحقق إنجازات ونجاحات بارزة في حياتك إذا كنت تخشى الصعوبات وتتجنبها وتضع راحتك الشخصية في المقام الأول، فلا مفرَّ من مواجهة الصعوبات عند العمل على تحقيق الأهداف بمختلف أنواعها سواء كانت إتقان مهارة ما، أم بناء عمل تجاري، أم تأليف كتاب، أم الزواج، أم تربية الأطفال، أم الحفاظ على الوزن المثالي.
تستحق هذه الأهداف العظيمة أن تبذل ما بوسعك لتحقيقها وتتحمل الصعوبات والمتاعب التي تعترضك في أثناء ذلك؛ بل ينجح الإنسان في تحقيق جميع أهدافه وغاياته عندما يكون قادراً على القيام بالمهام الشاقة.
12. يجب على الإنسان أن يتقبَّل حقيقة عجزه عن معرفة مستقبل تجاربه حتى ينجح في حياته:
تُتاح للفرد كثير من الفرص عندما يخوض التجارب التي يجهل مستقبلها ونتائجها، لذا يجب أن تتقبل حقيقة عجزك عن معرفة مستقبل أعمالك التجارية، واختياراتك المهنية، وعلاقاتك لكي تنجح في حياتك، ويمكن أن يفوِّت الإنسان كثيراً من الفرص بسبب خوفه من المستقبل المجهول.
يعجز الفرد عن تنمية مهاراته وخبراته في الحياة وقدرته على تقييم مستقبل تجاربه عندما يستسلم للخوف من النتائج ويرفض استثمار الفرص المتاحة مرة تلو الأخرى، لذا لا بأس بأن تبوء إحدى تجاربك بالفشل، وعندها يجب عليك أن تتعلم منها وتتجنب الأخطاء في محاولاتك المقبلة حتى لا تقضي عمرك وأنت تتحسر على الفرص التي أضعتها، ويجب تعويد الطفل منذ نعومة أظفاره على التعايش مع حقيقة عجزه عن معرفة مستقبل تجاربه حتى ينجح في حياته.
13. يعتمد النجاح في الحياة على الجهود المبذولة أكثر من مستوى الذكاء العقلي:
لا يمكن لأي إنسان على وجه البسيطة أن يحرز التقدم ويحقق الإنجازات التي يطمح إليها مهما بلغت حدة ذكائه وتحصيله العلمي ما لم يعمل بجد واجتهاد، وليس ثمة فائدة تُرجَى من المعارف والذكاء والمهارات ما لم يكن المرء عازماً على بذل قصارى جهده واستثمارها في تطبيقات عملية على أرض الواقع، ولهذا السبب يُنصَح بالثناء على جهود الأطفال وأفعالهم لا على ذكائهم وقدراتهم العقلية.
مديح سلوك الطفل والجهد الذي يبذله يلفت انتباهه إلى العوامل التي يمكنه أن يتحكم بها مثل مقدار الوقت والجهد الذي يخصصه في العمل، وهو ما يشجعه على المواظبة والمثابرة؛ إذ يستنتج الطفل بهذه الطريقة أنَّه قادر على إحراز التقدم الذي يصبو إليه عبر الجد والعمل، ويدرك مسؤوليته ودوره في تحقيق النجاح في حياته.
على النقيض من ذلك، يشعر الطفل أنَّه عاجز عن التحكم في مستقبله عندما تثني على ذكائه؛ لأنَّ الذكاء موهبة فطرية يمنُّ الله بها على الإنسان وتختلف من فرد لآخر، ويؤثر هذا النوع من المديح في استجابة الطفل للفشل ظناً منه أنَّ مستوى ذكائه سيبقى العائق الذي يمنعه من تحقيق أهدافه مهما اجتهد وعمل على تنمية مهاراته ومعلوماته.
شاهد بالفديو: كيف تحقّق النجاح في الحياة؟
14. عليك أن تكون مستعداً للتعامل مع الوضع عندما لا تسير الأمور وفق المخطط:
ينجح عدد قليل جداً من الأفراد في تحقيق أهدافهم وفق خطة العمل والإطار الزمني المحدد دون أن يواجهوا صعوبات أو أزمات غير محسوبة تؤخرهم أو تجبرهم على تعديل مخططاتهم، وبالمقابل يتعرض كثير من الأفراد لعراقيل لم تخطر لهم عند إعداد خطة العمل، وهو ما يؤدي إلى إعاقة تقدمهم ومن ثم اضطرارهم لتعديل الخطة، لذا يجب أن تشرح لأطفالك أنَّ هذه الصعوبات والتحديات غير المحسوبة طبيعية، وتبيِّن لهم الحكمة من حدوثها، فأحياناً تحدث هذه الأزمات لتغيير وجهات نظر الفرد أو أهدافه، أو لزيادة تصميمه.
لذا حاول أن تطمئن ولدك إذا كان عاجزاً عن تحديد مستقبله من خلال إخباره عن التوجهات والأهداف والمشاريع الجديدة التي تظهر مع مرور الوقت وتطور المجتمع والتكنولوجيا، فالعمل على منصات التواصل الاجتماعي لم يكن موجوداً قبل عدة سنوات على سبيل المثال؛ أي يمكن أن يكون مجال العمل الذي يستهوي ابنك غير موجود بعد.
قد يعجز الطفل عن التخطيط لمستقبله وتحديد توجهه في الحياة، وعندها يجب أن تنصحه بالتركيز على الأشياء التي يمكن أن يفعلها بالحاضر ويستفيد منها في قادم الأيام، ويمكنك أن تشجعه على قراءة الكتب الملهمة، واكتساب المهارات المفيدة، وتدوين يومياته، وخوض المغامرات والتجارب على أرض الواقع، ومساعدة الآخرين، وبناء علاقات سوية.
15. تحدث الإنجازات البارزة في الحياة بشكل تدريجي عبر الالتزام بأفعال يومية بسيطة تخدم الهدف النهائي:
يهدر معظم الأفراد وقتهم سدى على نشاطات لا تفيدهم في حياتهم على الأمد الطويل مثل الألعاب، ومشاهدة التلفاز، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي على سبيل المثال، لذا يُنصَح بالاستفادة من أوقات الفراغ في ممارسة هواية، أو رياضة، أو تعلم مهارة ما، أو إطلاق مشروع تجاري صغير، أو تخصيص بعض الوقت لبناء علاقات مهنية مع أشخاص نافذين، فتساعدك هذه الممارسات على تحقيق الإنجازات وخوض مزيد من التجارب الحياتية الممتعة، واكتساب كثير من الخبرات والمهارات الجديدة.
16. ينجم التقدم في الحياة عن العادات والأفعال اليومية:
يقتضي هدفك بصفتك والداً أن تكون مثالاً يحتذي به أطفالك، أما عاداتك فهي تعبِّر عن الوقت والجهد الذي تبذله في نقل السلوكات والأفعال الحميدة إلى أطفالك بصورة يومية، ويقتضي هدف رائد الأعمال بناء مشروع تجاري ناجح، في حين تشمل عاداته تنظيم إجراءات الإدارة والتسويق والمبيعات مع مراعاة أخلاقيات المهنة، ويمكن أن يهدف الكاتب إلى تأليف عمل إبداعي، في حين تقتضي عاداته الكتابة وفق جدول زمني يتبعه كل يوم.
هل تعتقد أنَّك ستكون قادراً على تحقيق النتائج المطلوبة إذا تجاهلت أهدافك النهائية وركزت فقط على الخطوات والأفعال اليومية؟
على فرض أنَّك تحاول إنقاص وزنك، ولكنَّك تجاهلت هدفك النهائي الذي يقتضي خسارة وزن محدد، وركزت بدلاً من ذلك على تناول الطعام الصحي وممارسة التمرينات الرياضية يومياً، فإنَّك ستحقق النتائج التي تصبو إليها وتبلغ هدفك النهائي تدريجياً خطوة تلو أخرى، لذا يجب أن تعوِّد طفلك منذ نعومة أظفاره على إعطاء الأولوية للأفعال والعادات اليومية لكي يحقق أهدافه.
17. تعتمد الفرص التي يحصل عليها الإنسان على الأمد الطويل على سمعته ومدى جدارته بالثقة:
يجب على الإنسان أن يكون جديراً بالثقة في علاقاته الشخصية والمهنية، وهذا يتطلب منه أن يلتزم ويؤدي واجباته على أكمل وجه عندما يحصل على فرصة عمل، ويمسك نفسه عن التقاعس والتكاسل أو الإخلال بنظام الشركة، وهذه السمعة الحسنة ضرورية لإثبات الجدارة والمصداقية في مجال العمل والحصول على مزيد من الفرص، لهذا السبب يُنصَح بتربية الطفل على الصدق، والاعتراف بالأخطاء وتحمل مسؤوليتها وإصلاحها، والوفاء بالالتزامات المهنية والشخصية مهما تطلب الأمر.
تضمن لك هذه السلوكات بناء سمعة حسنة وكسب تقدير الآخرين ودعمهم، وهو ما يساعدك على الحصول على مزيد من فرص العمل، والتعرف إلى الشركاء والمستثمرين والأصدقاء الأوفياء.
18. تتكون الحياة من الخير والشر، ولكن دائماً ما تكون الغلبة من نصيب الخير:
يشرح رجل الأعمال الأمريكي "والت ديزني" (Walt Disney) الفكرة بقوله: "الطفل هو إنسان بحاجة للبحث والاستكشاف وخوض التجارب حتى يتعلم ويفهم سيرورة الحياة والعالم من حوله مثلما يفعل البالغ الذي يطمح لنيل مرتبة علمية معيَّنة، فلا يمكن لأحد أن ينكر وجود السوء والشر في الحياة من حوله؛ إذ يغلب الخير والطيبة على الشر في الحياة، ولكن لا يجب أن تخفي عن طفلك حقيقة وجود الشرور في العالم بغية حمايته؛ لأنَّ تصوير العالم المثالي الخالي من القبائح والسوء يؤذي الطفل ويعطيه نظرة خاطئة عن الحياة، لذا تذكر أن تؤكد لطفلك أنَّ الغلبة دائماً من نصيب الخير".
19. تعتمد جودة حياة الفرد على محيطه الاجتماعي:
يُنصَح بقضاء الوقت مع أشخاص صالحين وأذكياء ومنفتحين ومندفعين في الحياة، وتهدف العلاقات إلى دعم الفرد ومساعدته على تحسين وضعه، ولكن يمكن أن تصادف في حياتك أشخاصاً يتسببون بأذيتك، لذا يجب أن ترافق أشخاصاً ملهمين وصالحين تحصل منهم على الحب والاحترام والتفاؤل الذي تحتاج إليه.
تساعدك العلاقات السليمة على تنمية ذاتك ورفع معنوياتك، وتعتمد جودة حياة الفرد ومدى تقدمه ونجاحه على البيئة التي يعيش ضمنها والأشخاص المقربين منه والمحيط الاجتماعي، وحياة الإنسان قصيرة ولا تحتمل أن يهدرها برفقة أشخاص يستنزفون سعادته وإمكاناته، وهذا ينطبق على حياة الأطفال وعلاقاتهم.
شاهد بالفديو: لا تسبح عكس التيار: أصدقاء النجاح
20. يصادف الإنسان في حياته أشخاصاً يصدرون أحكاماً مؤذية ومجحفة بحقه:
تشمل مقومات الحياة الهانئة التصالح مع الذات والسلام الداخلي والعطاء واستثمار الوقت بفاعلية وتجاهل أحكام الآخرين؛ لذلك يجب أن تشرح لطفلك أنَّه بغنى عن نيل استحسان الآخرين والسعي إلى كسب رضاهم، وتشجعه على الدفاع عن نفسه بطريقة لائقة ومحترمة عندما يصدر عليه أحدهم أحكاماً مجحفة تمس قناعاته أو شخصيته بسوء، ولا بد أن يصادف الإنسان في حياته أشخاصاً يصدرون أحكاماً مؤذية ومجحفة بحقه، ويكمن الحل في التعايش مع وجود هذا الشخص وتجاهُل تعليقاته المزعجة.
في الختام:
يشعر معظم الآباء أنَّهم غير مستعدين لمهمة تربية الأطفال، ولكنَّهم سرعان ما يدركون مسؤوليتهم وواجبهم تجاه الطفل ومقدار محبتهم له، واحتضان الطفل الصغير كفيل بصرف تفكيرك عن كافة التزاماتك ومسؤولياتك ودفعك إلى إعطائه الأولوية في حياتك.
إنَّها مسؤولية شاقة جداً وواجب مطلوب منك ومفروض عليك، ولكنَّك تختار بملء إرادتك أن تحب طفلك أكثر من أي شخص في العالم؛ بل وأكثر مما أحببت والديك قبل أن تنجبه، ويتسنى لك أن تدرك الحب الذي يكنُّه له والداك بلا مقابل ودون أي شروط عندما تشهد بنفسك أنَّ طفلك لا يمكن أن يعي مقدار محبتك له، ولهذا السبب عليك أن تتمالك نفسك عندما تشق عليك مهمة تربية طفلك، وتتذكر أنَّ كل من الأبوة والأمومة هي واجبات يومية، لذا حاول أن تخصص لأطفالك بعض الوقت كل يوم وتبني ذكريات طيبة معهم حتى يشعروا بقيمتهم ومكانتهم عندك، وتزداد ثقتهم بأنفسهم وبك، وتصبح الشخص الذي يلجؤون إليه عند الحاجة.
تذكر أنَّ طفلك سيكبر ويستقل عنك ويبدأ ببناء عائلته الخاصة مهما كنت صالحاً معه، فهذه سنَّة الكون ولا يسعك إلَّا أن تقبلها وتقدِّرها وتؤدي واجباتك تجاه أبنائك على أكمل وجه.
أضف تعليقاً