16 طريقة شائعة جداً لإضاعة يوم جميل

كم مرَّة علقتَ في حلقة مفرغة من القلق والخوف وغيرها من صور التفكير المفرط المدمِّر؟ وكم مرة تشتَّت انتباهك بلا جدوى عمَّا هو أكثر أهمية؟ وكم مرة شعرت أنَّك تراوح في مكانك مع فشل كل جهودك؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُحدِّثنا فيه عن أشهر الطرائق المنتشرة لإضاعة يوم جميل.

لقد اعتدت أن أُعاني من كل ما سبق، لكن بعد العمل بحذر لتجاوز هذه الصعوبات، أصبحت ماهراً في استثمار وقتي المحدود كل يوم.

اليوم على سبيل المثال، زرت طبيبي برباطة جأش لمتابعة مشكلة صحية كنت أعاني منها، وحرَّرت فصلاً في كتاب جديد أتشارك في كتابته مع زوجتي "إنجل" (Angel)، وقدمت الكوتشينع لثلاثة من عملائنا، ورددت على رسائل البريد الإلكتروني من عشرات المتدربين، وعملت على التخطيط للأعمال ووضع الاستراتيجيات للعام المقبل، ومارست التأمل والرياضة، وقضيت وقتاً ممتعاً مع عائلتي فترة العصر وبداية المساء، وأكتب الآن هذا المقال.

قد يبدو الأمر صعباً، إلا أنَّه يحصل تدريجياً مع الحضور الذهني والتركيز، فعقلي متوافق مع ما يهم، وأفعالي تعكس ذلك، ومع ذلك، سأكون أول من يعترف بأنَّني ما أزال أمارس بعض العادات الضارة أحياناً، ممَّا يعوق إيماني الداخلي وفاعليتي، وهي عادات شائعة جداً بين أصدقائي وعائلتي وأقراني وعملائي على حدٍّ سواء؛ فهي الأشياء البسيطة التي نقوم بها جميعاً وتهدر وقتنا الثمين.

قد تبدو كلمة "هدر" مبالغاً فيها بعض الشيء، لكنَّها في الحقيقة ليست كذلك، فبعد أن أمضيت العقد الماضي في تقديم الكوتشينغ لآلاف الأشخاص، وتجاوز المصاعب التي واجهتني، لا يوجد شك في أنَّ هذه هي الطرائق الأكثر شيوعاً لهدر أيام حياتنا الجميلة:

1. التعلق الشديد بالأشياء:

لا شيء يدوم إلى الأبد، عندما تفهم ذلك، يمكنك فعل أي شيء تريده تقريباً؛ لأنَّك لم تعد تحاول التمسُّك بأي شيء بعد الآن باستثناء اللحظة الحالية.

2. رفض ما وصلت إليه:

ثق بالرحلة حتى عندما لا تفهم المغزى منها، ففي بعض الأحيان يتبيَّن أنَّ ما لم تتوقعه هو ما تحتاج إليه؛ لذلك حاول ألَّا تهدر وقتك وطاقتك في رفض ما وصلت إليه؛ بل استثمر وقتك وطاقتك في الوصول إلى حيث تريد، يوماً تلو الآخر، وخطوة تلو الأخرى.

إقرأ أيضاً: كيف نستثمر وقتنا؟ خطوات لملء الوقت

3. اللهو الفارغ:

لا تفقد إحساسك في زحمة الحياة، ولا تدع المشتتات الفارغة تعوقك عن التقدم، وتحكَّم بما يشتِّت انتباهك قبل أن يسيطر عليك، واشعر بالقوة الإيجابية الحقيقية التي تنبع من قرارك بالترفع عن اللهو غير الهام.

4. السعي وراء الأشياء الخاطئة:

قد تظنُّ أنَّ مزيداً من النجاح الظاهري سيجعلك سعيداً لأنَّك تعيش في عالم تعلَّمت فيه أنَّك بمجرد أن تحصل على الوظيفة والمنصب والأصدقاء المناسبين، فإنَّك ستغدو سعيداً، لكنَّ الواقع معاكس تماماً، فبمجرد أن تكون سعيداً، فأنت تجذب الناس والوظيفة والوفرة التي تسعى إليها، فالأمر يبدأ من داخلك.

5. تأجيل سعادتنا:

السعادة عقلية لا وجهة، وهي الاستمتاع بكل الأشياء البسيطة في أثناء السعي خلف الأشياء العظيمة، فلا تبدأ السعادة عندما تُحَل بعض الأمور العالقة، فهي تحدُث الآن عندما تقدِّر ما لديك؛ لذا بصرف النظر عمَّا قد يحصل، تذكَّر دائماً أنَّك تنعم بهذه اللحظة والقدرة على عيشها كما تشاء.

شاهد بالفيديو: كيف تغرس الأفكار السعيدة في عقلك؟

6. الإرهاق:

أفضل وقت لتأخذ استراحة هو عندما لا تشعر بالرغبة بذلك؛ لأنَّه الوقت المناسب لإحداث التغيير الأكبر.

7. الانشغال (دون إنتاجية):

يوجد فرق كبير بين الانشغال والإنتاجية، فلا تخلط بين التحرك والتقدم إلى الأمام، فمثلاً، يستمر الحصان الهزَّاز في التحرك، ولكنَّه لا يحرز أي تقدم إلى الأمام.

8. تجنب النمو والتغيير:

النمو شاقٌّ، وكذلك التغيير، لكن في النهاية لا شيء يؤلم أكثر من الانشغال بالماضي.

9. الخوف من الفشل:

إذا كنت خائفاً جداً من الفشل، فلن تستطيع القيام بما يلزم لتنجح؛ لذا ذكِّر نفسك بأنَّ الفشل ليس النتيجة الأسوأ، فالنجاح في الحياة في الأشياء الخاطئة، أو حتى عدم المحاولة أسوأ بكثير.

شاهد بالفيديو: 12 أمراً يساعدك في التغلب على الخوف

10. التردد الدائم:

قرِّر، والتزم، ونفِّذ، هكذا بكل بساطة.

11. الشكوى المستمرة:

توقف عن التركيز على مدى توترك، وتذكَّر كم أنت محظوظ، فلن تغيِّر الشكوى واقعك، ولكنَّ موقفك الإيجابي سيغيِّر كل شيء.

12. إلقاء اللوم على الآخرين:

ستتغيَّر بسبب ما يحدث لك، لكن لا تدعه يحطُّ من قيمتك؛ إذ يعتمد مدى قدرتك على تجاوز الشدائد أو تحقيق أي من أهدافك، على مدى تحملك لمسؤولية حياتك، وعندما تلوم الآخرين على ما تعانيه، فأنت تتخلَّى عن هذه المسؤولية، ممَّا يعني أنَّك تمكِّن الآخرين من التحكُّم بهذا الجزء من حياتك.

13. الانهماك في النقاشات التي لا داعي لها:

إنَّ التحلي بالإيجابية خيار، فاختر بحكمة، وتصرف بذكاء للابتعاد عن النقاشات والثرثرة والسلبية غير الضرورية من حولك، فهي لا تستحق الانخراط فيها مطلقاً.

14. الاستخفاف بأنفسنا:

ارفض الهراء والحماقات والاستسلام لنفس السلبية القديمة التي فرضتها على نفسك؛ إذ تتمثَّل طريقة التغلب على التفكير السلبي والحديث الذاتي الهدَّام في تطوير أنماط فكرية إيجابية معاكسة أكثر قوة ومتانة؛ لذا أنصت لما تقوله روحك، واستبدل السلبية الزائدة ببدائل إيجابية، واسأل نفسك ماذا تريد أن تكون، وما الذي تريد تغييره إن تخلَّصت من الفكرة التي تقلقك، وما يمكن أن تتحمس له، وما قد تكون ممتناً له الآن إذا كنت تريد ذلك حقاً.

15. التشكيك في القرارات التي نتخذها:

يوجد سبب وجيه لتعتقد أنَّك تستطيع الوثوق بنفسك للمضي قدماً، ليس لأنَّك دائماً ما تتخذ القرارات الصحيحة؛ بل لأنَّك تخطيت عواقب الخاطئ منها، وتقدَّمت تدريجياً إلى الأمام؛ لذا يمكنك البكاء إن اضطررت حتى تتمكَّن من تخطِّي الأمر، فالبكاء لا يعني الضعف؛ فهو منذ الولادة علامة على أنَّك حيٌّ وتفيض بالإمكانات، وأنت الآن تفيض بالإمكانات ثانيةً.

إقرأ أيضاً: 7 أسباب تجعل قوة الإرادة ضرورية لاتخاذ القرارات

16. إهمالنا التام لأنفسنا:

تذكَّر أن تعتني بنفسك، وتستريح، وتتمرَّن، وتتناول الطعام الصحي، اقرأ، وكن مبدعاً، واضحك، ولا تجهد نفسك، فنحن نحتاج إليك على الأمد الطويل.

في الختام:

أُريد أن أنهي هذا المقال بتذكيرك بشيء هام جداً كان يدور في ذهني اليوم، مكان وجودك وما تفعله في أيِّ لحظة أمر ضروري؛ لأنَّ هذه اللحظة هي الوحيدة المضمونة لك، وفيها تكمن حياتك، فأنت لا تسير نحو وجهة مختلفة، وهذه اللحظة ليست مجرد منعطف في مسيرتك؛ بل هي الوجهة النهائية، وقد وصلت بالفعل، فأنت لا تتقدَّم إلى لحظة أكثر أهمية في حياتك، فاللحظة الحالية هي الأهم، على سبيل المثال، تخيَّل أنَّك:

  • تنظِّف أسنانك، أو تغسل الأطباق، أو ترتدي ملابسك اليومية، وما إلى ذلك؛ هذه غالباً لحظات تسبق ما تريد القيام به بعد ذلك، ولكنَّها أيضاً غايات ثمينة في حدِّ ذاتها إن أوليتها اهتمامك، فهي لحظات هادئة للراحة، والتنفس، والملاحظة، والتمرن على الصبر، والامتنان لسلامة أسنانك، والطعام على مائدتك، والملابس التي ترتديها، وغيرها الكثير.
  • اللحظات التي تقضيها باستقلال سيارتك الخاصة إلى العمل في ساعات الذروة، والعجلة لحضور الاجتماع، وما شابه، هي التي ستنقلك إلى مكان آخر، ولكنَّها لا تقل عن غيرها من اللحظات الأخرى في حياتك، فهي مليئة بالمناظر والأصوات والتفاعلات مع الآخرين والحضور الذهني وتقدير الحياة، للتمرن على الصبر والتنفس والتعامل بهدوء مع العواطف التي تختبرها، وتهيئة نفسك للتعامل مع الفوضى التي تنتظرك.

ترغب عقولنا دائماً في الانتقال إلى مكان آخر، وينتهي يوم جميل آخر بمئات اللحظات التي لم نلاحظها لأنَّها لم تكن ذات أهمية بالنسبة إلينا، ومع مرور الوقت، تصبح حياتنا بأكملها مجموعة كبيرة من اللحظات المهملة وغير الهامَّة في طريقنا إلى أشياء أكثر أهمية، ثمَّ نستعجل الأمور الهامَّة أيضاً، وننتقل من مهمة إلى أخرى، وهكذا حتى ينفذ وقتنا ونتساءل كيف مضى بهذه السرعة، فلا ينبغي للأمور أن تكون هكذا بعد الآن، لا بالنسبة إليك، ولا بالنسبة إليَّ، فنحن قادرون على تمييز اللحظات الجميلة واستثمار هذا اليوم الجميل معاً.




مقالات مرتبطة