يتخطى القادة المؤثرون والناجحون منصب "المدير" أو "الرئيس"؛ فهم يمتلكون مزيجاً مثالياً من الجاذبية الشخصية (الكاريزما)، والحماسة، والثقة بالنفس؛ وقد يُضاف إلى هذا المزيج شيء من الحظ والتوقيت المناسب.
رغم أنَّ بعض الناس موهوبون فطرياً بالمهارات القيادية، لكن يمكن تعلم معظم السمات القيادية وتبنِّيها وتحسينها مع الوقت من خلال الممارسة؛ وعندما تتعمق في السمات القيادية التالية للقادة العظماء، ستتعلم سلوكات ومنظور القيادة الفعالة على أحسن وجه.
إليك هذه السمات:
1. امتلاك الرؤية:
يعدُّ امتلاك رؤية واضحة لما يجب تحقيقه سمة أساسية للقادة الناجحين، ويُعبَّر عن هذه الرؤية غالباً ببيان المَهمَّة، فعلى سبيل المثال: إليكم بيان ستاربكس (Starbucks) الذي تقول فيه: "مَهمَّتنا إلهام ورعاية الروح البشرية؛ فشخص واحد وكوب واحد وحي واحد في كل مرة".
ولكن كيف تُطوِّر هذه الرؤية؟ اقضِ بعض الوقت في تحديد ما تحتاج إلى تحقيقه، ثم ضع خطة بالخطوات اللازمة لتحقيق هدفك.
2. التحفيز الذاتي:
ليس من قبيل المصادفة أنَّ القادة الناجحين لديهم الكثير من الدوافع الذاتية؛ إذ دون مستوى عالٍ من التحفيز الذاتي، ستكافح لتصبح قائداً قوياً ومحترماً، وربَّما لا تفلح في ذلك؛ لكن لا تيأس، حتى لو لم يكن لديك الكثير من التحفيز الذاتي الآن.
إنَّ أحد أسرار التحفيز الذاتي هو أن يكون لديك أهداف محددة لتحفيزك في جميع الأوقات، حيث يختار بعض الأشخاص أيضاً مكافأة أنفسهم في كل مرة يحققون فيها هدفاً مرحلياً، وهذه بالتأكيد طريقة جيدة لتحافظ على حماستك وتحفيزك.
3. التفاؤل والإيجابية:
لا تُسهِّل العقلية الإيجابية للقادة الناجحين العمل معهم فحسب، بل تمنحهم مصدراً دائماً للإلهام والأفكار الخلَّاقة أيضاً؛ لذا استفد من هذه السمة من خلال مواءمة نفسك مع الأشخاص الإيجابيين والأهداف الإيجابية.
4. الاستقرار العاطفي:
يُعَدُّ الإحباط والتوتر من الأحداث اليومية في المناصب القيادية؛ لهذا السبب يحتاج القادة إلى تحقيق استقرار عاطفي؛ ذلك لأنَّهم لا يسمحون لأنفسهم بالخروج عن المسار الصحيح.
إذا كنت معرضاً إلى فقدان الاستقرار العاطفي عند الشعور بالتوتر أو الإحباط، فجرِّب بعضاً من هذه النصائح: تنفَّس بعمق وبطء لمدة 30 ثانية، أو امشِ، أو اشرب بعض الماء بدلاً من الشاي أو القهوة؛ وحوِّل تركيزك إلى أمر ما يمكنك حله بسهولة.
5. الثقة بالنفس:
شاهد عرضاً تقديمياً لأي مدير تنفيذي، وستجد أنَّهم حتى لو لم يكونوا متحدثين موهوبين بالفطرة، سيعوضون ذلك من خلال امتلاك ثقة قوية بالنفس.
لا يقتصر الأمر على المديرين التنفيذيين فحسب، بل إنَّ أي قائد ناجح يجب أن يتحلى بهذه السمة؛ ذلك لأنَّ الشخص الواثق من نفسه وحده من يستطيع إقناع الآخرين وكسب احترامهم.
هل تقلق من ضعف ثقتك بنفسك؟ تظاهر بأنَّك تمتلك هذه السمة؛ فغالباً ما يوصي علماء النفس بأنَّك إذا تصرفت بثقة، ستبدو وتشعر كأنَّك واثق من نفسك، وتصبح كذلك بالفعل مع مرور الوقت.
شاهد بالفيديو: 25 نصيحة فعالة لتعزيز الثقة بالنفس
6. الحزم:
كثيراً ما يُطلَب من القادة اتخاذ القرارات، وقد يضطر بعضهم إلى اتخاذ عشرات القرارات كل يوم؛ لكن في الواقع، يمكنك القول أنَّ اتخاذ القرارات هو أحد الأمور الأساسية التي يجب على القائد القيام بها.
لذا اقضِ بعض الوقت في مراقبة القادة الناجحين للغاية، وسترى أنَّهم سريعون في اتخاذ القرارات، وأنَّهم يستمتعون أيضاً باتخاذ القرارات بدلاً من الشعور بالتوتر الذي يصيب العديد من غير القادة عندما يُطلَب منهم اتخاذ قرار بشأن أمر ما.
لذا كن قائداً ناجحاً من خلال تطوير مهاراتك في اتخاذ القرارات، وابدأ بقرارات صغيرة، ثمَّ انتقل إلى قرارات أكبر وأكثر صعوبة؛ وبمجرد أن يلاحظ الآخرون براعتك في اتخاذ القرارات، سينظرون إليك كقائد ناجح.
7. الشغف والحماسة:
يتمتع القائد الشغوف بالقدرة على التعبير والنشاط والحماسة؛ إذ ينبض القادة العظماء بالحياة والتصميم، ويملكون الحماسة والتوجُّه، وهذا الشغف هو الذي يساعدهم على تحقيق نتائج عظيمة؛ فإذا كنت ترغب في محاكاة نجاحهم، فأنت بحاجة إلى امتلاك الشغف والحماسة لعملك الحالي وأهدافك النهائية.
تتمثل إحدى طرائق القيام بذلك في العثور على ما يحفزك، والحفاظ على تركيزك؛ فعلى سبيل المثال: إذا كنت تتحمس لمساعدة الآخرين، فتأكد من أنَّ منصبك وشركتك مناسبان لتحقيق ذلك؛ أمَّا إذا كنت مدفوعاً بالمال، فركِّز في هدفك على المكافآت وزيادة الراتب.
8. المساءلة والمسؤولية:
يعرف القادة الاستثنائيون أنَّ عليهم تحمل مسؤولية المهمات ونتائجها دوماً، ويتضمن ذلك أموراً مثل الأداء الفردي والجماعي لفرقهم، فضلاً عن تحمل المسؤولية عند حدوث الأخطاء.
عندما تحدث أمور سلبية من وقت إلى آخر، سيتدخل القائد على الفور، ويتحمل المسؤولية، ويحاول في البداية حل المشكلة بأسرع طريقة ممكنة؛ ولكن إذا لم يكن ذلك ممكناً، سيعترف بالتقصير ويتحمل المسؤولية الكاملة عمَّا حدث.
لتطوير مهاراتك القيادية، يجب ألَّا تتهرب أبداً من المسؤولية، وأن تضع نفسك موضع المساءلة؛ فإذا كنت تفضل إخفاء الأخطاء، فأنت تُظهِر سمات غير قيادية؛ لذا، حاول الاعتراف بالمشكلات وإيجاد الحلول لها؛ وعند القيام بذلك، ستحظى باحترام الناس على الفور.
9. التركيز:
يمكن أن تتواجد مصادر الإلهاء في كل مكان من حولنا، ويتطلب الأمر تركيزاً كبيراً لتبقى ملتزماً بالمهمات والأهداف.
يفهم القادة العظام هذا الأمر بالتأكيد؛ فهم يبحثون دائماً عن طرائق لتعزيز تركيز فرقهم، وإنَّ إحدى الطرائق التي يتبعونها لتحقيق ذلك هي إبقاء تركيز فريقهم على الصورة الأكبر. قد يستلزم ذلك تخصيص وقت محدد للمهمات، والتخلص من أي عمل غير ضروري؛ فإذا خرجت عن المسار بسهولة، فستحتاج إلى قضاء بعض الوقت في زيادة تركيزك؛ لذا حاول التخطيط على مستوى اليوم والشهر والسنة لتتأكد من أنَّك لن تتخلف عن تحقيق أهدافك.
10. التعلُّم المستمر:
يعرف القادة أنَّ عليهم تحديث مهاراتهم ومعارفهم باستمرار لكي يكونوا ناجحين؛ فهم يتعلمون بتأنٍ كل ما في وسعهم عن مهنتهم، وكل ما يخص مجال عملهم؛ وذلك لكي يتمكنوا من اتخاذ قرارات واثقة ومضمونة.
تخيل مديراً تنفيذياً لشركة طاقة شمسية تُصنِّعُ شركته ألواحاً شمسية مذهلة، وقد أظهر الرئيس التنفيذي أو فريق المبيعات فهماً منقوصاً حول آلية عمل الطاقة الشمسية والاتجاهات المستقبلية خلال مناقشتهم الأعمال التجارية مع العملاء المحتملين؛ بالتأكيد ستتضاءل فرصهم في الفوز بأي صفقة عمل مستقبلية.
ينطبق الأمر نفسه عليك؛ فإن كنت قائد فريق في متجر إلكترونيات، فعليك التأكد من فهمك الكامل لجميع المنتجات التي تقدمها، ويُفضَّل أن تذهب أبعد من ذلك وتقرأ عن المنتجات والتوجهات القادمة التي قد تغير ما يرغب العملاء في شرائه مستقبلاً.
11. التعاطف:
يفهم أفضل القادة مشاعر أعضاء فريقهم وعملائهم وشركائهم؛ فهم يعرفون متى يقدمون المديح، ومتى يناقشون المشكلات (عادة على انفراد)؛ ودون التعاطف، سيُنظَر إلى القادة على أنَّهم باردون وقساة ويفتقرون إلى فهم الآخرين، ومن المحتمل اعتبارهم غير جديرين بالثقة أيضاً.
تتمثل إحدى طرائق التعاطف في إجراء مناقشات غير رسمية منتظمة مع زملائك، ووضع نفسك مكانهم؛ فعندما تفعل ذلك، ستتعرف بسرعة على مخاوفهم ورغباتهم؛ وعندما تفهم سبب ذلك، ستصبح في وضع يسمح لك بالتعبير عن تعاطفك.
12. الإقناع والتأثير:
إنَّ التواصل جوهر جميع الصفقات؛ وسواء كان الأمر يتعلق بالترويج لمنتج ما أم التعامل مع شكوى العملاء، ستحدد طريقة تواصلك النتيجة التي ستصل إليها.
يتحلَّى القادة الذين يمتلكون الجاذبية الشخصية -مثل: "ريتشارد برانسون" (Richard Branson) صاحب مجموعة شركات فيرجن (Virgin)، و"مارك زوكربيرج" (Mark Zuckerberg) مؤسس فيسبوك (Facebook)- بالثقة والإقناع في التواصل، فهم يعرفون كيفية كسب الجماهير وترك أثر دائم في أذهانهم.
إذا لم يكن لديك وقت للانضمام إلى دورة في التواصل، فعليك التدرُّب على مهارات التواصل في المنزل؛ حيث يمكنك القيام بذلك أمام المرآة، أو من خلال تصوير فيديو لنفسك، ثم طلب رأي بعض الأصدقاء وأفراد الأسرة لمعرفة ما قد يلحظونه في أسلوب عرضك، ويقيِّموا أداءك بصورة أفضل.
13. بناء الفِرق:
إذا اخترت مجموعة من الأشخاص عشوائياً لتشكيل فريق، فقد يكون لديك تعريف فضفاض للفريق؛ وفي الواقع، الفريق الحقيقي لديه هدف، ودافع، وقائد ينير دربه.
إذا كنت قد عملت في فِرق مختلفة مع مديرين مختلفين، فلا شك أنَّك قد توصلت إلى هذا الاستنتاج: لا يحظى المديرون الذين يعاملون أعضاء فريقهم كالأطفال بشعبية بين أعضاء الفريق؛ وعلى العكس من ذلك، يحظى المديرون الذين يعاملون أعضاء فريقهم كبالغين باحترام وإعجاب فِرقهم.
لقد ولَّت أيام المديرين المتسلطين؛ ففي الوقت الحاضر، يعرف القادة الناجحون كيفية إلهام وتحفيز فريقهم، مع الحفاظ على جو متناغم بين جميع أعضاء الفريق.
14. رعاية الابداع:
نادراً ما تكون حلول المشكلات سهلة وواضحة، إذ يتطلب الأمر قائداً يمكنه "التفكير خارج الصندوق" للتوصل إلى حلول خلاقة؛ وبعبارة أخرى: يجب أن يكون القائد مبدعاً، وأن يساعد أيضاً في رعاية وتعزيز الإبداع والابتكار في فريقه.
لا يرتبط الإبداع بالنشاطات مثل الفنون والأدب والموسيقى فحسب، بل يمكن أن تتطلب إدارة فريق القدر نفسه من الإبداع؛ حيث ستأتي أوقات تحتاج فيها إلى ابتكار أفكار وإعطاء إرشادات لفريقك ليقدموا أفكارهم لحل المشكلات المستعصية.
الخلاصة:
إنَّ القيادة رحلة من التعلم المستمر، وهي تجربة رائعة ستأخذك إلى دروب لم تطأها قدمك من قبل؛ لذا ابدأ الآن في بناء مهاراتك وخبراتك، واختر السمات التي تفتقر إليها حالياً، ثمَّ اعمل على تطويرها.
يتطلب الأمر الكثير من التدريب والوقت قبل أن تصبح قائداً مؤثراً، ولكنَّك ستنضم إلى صفوف القادة العظماء في نهاية المطاف.
أضف تعليقاً