12 صفة للقادة العظيمين

من المثير للسخرية أنَّه عندما تحقق الشركات الأرباح يحصل القادة على الثناء، أما عندما تتراجع الأعمال فيلقون باللوم على وضع السوق السيئ. مع أنَّ هذا المشهد يتكرر كثيراً، إلا أنَّه يجب على القادة تحمُّل المسؤولية ووضع الأمور في نصابها.



من الصعب تحديد القيادة العظيمة وفهمها، فلن تعرف أنَّ هذا القائد جيد إن لم تعمل تحت إمرته؛ ولكن حتى هو يواجه صعوبةً في شرح تفاصيل عمله التي تجعله قائداً فذَّاً. القيادة العظيمة ديناميكية؛ حيث تنضوي تحتها مجموعة متنوعة من المهارات الفريدة التي تتضافر مع بعضها البعض لتحقيق النجاح.

فيما يلي اثنتا عشرة صفة أساسية يعتمد عليها القادة العظيمون كل يوم؛ طبِّقها وستتمكن من أن تصبح قائداً أفضل:

1. الشجاعة:

يقول الفيلسوف اليوناني أرسطو (Aristotle): "الشجاعة هي الفضيلة الأولى التي تمهد الطريق لباقي الفضائل".

لن يتَّبع المرؤوسون قائدهم قبل التَّحقُّق من شجاعته، فالناس يريدون قائداً شجاعاً، وشخصاً يمكنه اتخاذ قرارات صعبة ومراعاة مصلحة المجموعة؛ هم بحاجة إلى قائد لا يستسلم عندما تمسي الأمور صعبة. عندما يكون القائد شجاعاً سوف تنتقل عدوى الشجاعة إلى مرؤوسيه.

يرحب القائد الشجاع بالشدائد؛ لأنَّه يرى فيها اختبارات لقدراته. وكما يُقولِب الحداد قطعة حديدية مشتعلة، تصقل الشدائد القادة وتشحذ خبراتهم. تُحمِّس الشدائد القادة الشجعان وتجعلهم أكثر التزاماً بتوجههم الاستراتيجي، أما القادة الذين يفتقرون إلى الشجاعة، فأولئك يتبعون مجرى سير الشركة؛ لأنَّه الطريق الأكثر أماناً والأقل صعوبة؛ لأنَّهم يفضلون حماية أنفسهم بدل من خوض الصعوبات ببسالة.

2. التواصل الفعال:

يقول الكيميائي والفيلسوف الطبيعي جوزيف بريستلي (Joseph Priestley): " كلما كانت وسائل الاتصال لدينا أكثر تطوراً، قلَّ تواصلنا ".

التواصل هو جوهر القيادة الحقيقي، وهو عنصر أساسي يساعد القادة على تحقيق أهدافهم. لا يمكنك ببساطة أن تصبح قائداً عظيماً قبل تطوير مهارات التواصل لديك؛ فالتواصل الفعال يُلهِم الناس، ويجعل القادة ينشئون تواصلاً حقيقياً وعاطفياً وشخصياً مع مرؤوسيهم بغضِّ النظر عن أيَّة مسافة جسدية بينهم. يحقق أولئك الذين يتمتعون بمهارة التواصل الفعال هذا الترابط؛ من خلال القدرة على فهم الأشخاص واحتياجاتهم.

3. الكرم:

يقول الكاتب الأمريكي جون ماكسويل (John Maxwell): "القائد الجيد هو الشخص الذي يأخذ أكثر بقليل من نصيبه من اللوم وأقل بقليل من نصيبه من الفضل".

القادة العظيمون كريمون؛ فَهُم يتشاركون الفضل ويقدمون الثناء بحماس. هم ملتزمون بنجاح مرؤوسيهم بقدر التزامهم بنجاحهم الشخصي، ويريدون إلهام جميع موظفيهم لتحقيق أفضل ما لديهم، وليس فقط طمعاً بنجاح الفريق الذي يقودونه؛ بل لأنَّهم يهتمون بكل موظف كإنسان.

4. التواضع:

يقول الكاتب البريطاني سي إس لويس (C.S. Lewis): "لا يجعلك التواضع تظن نفسك أقل شأناً؛ بل يجعلك تقلل من التفكير بنفسك". 

القادة العظيمون متواضعون، وهم لا يسمحون لسلطتهم أن تُشعرهم بأنَّهم أفضل من أيِّ شخص آخر. ولهذا السبب لا يخشون خوض المجازفات والقيام بالعمل الشاق عند الضرورة، ولن يطلبوا من مرؤوسيهم فعل أيِّ شيء لا يرغبون في القيام به بأنفسهم.

5. الوعي الذاتي:

يقول المثل اللاتيني: "من غير المنطقي أن يدير من ليس له قدرة على إدارة نفسه".

فعلى عكس ما نظنه عن تهرُّب القادة من المسؤولية، نادراً ما يكون ضعف الوعي الذاتي للقادة ناتجاً عن دوافع خداعة أو اضطراب حاد في الشخصية. في معظم الحالات، يرى القادة - مثل أيِّ شخص آخر - أنفسهم أفضل مما يفعل الآخرون.

الوعي الذاتي هو أساس الذكاء العاطفي، وهي مهارة يمتلكها 90% من أفضل القادة. يعطي الوعي الذاتي العالي للقادة العظيمين صورة واضحة ودقيقة ليس فقط عن أسلوب قيادتهم؛ إنَّما أيضاً عن مَواطن قوتهم وضعفهم. فهم يعرفون أين يتألقون وما الذي يضعفهم، ولديهم استراتيجيات فعالة للاعتماد على مَواطن قوتهم وتعويض النقص لديهم.

6. الالتزام بالقاعدة الذهبية:

يقول الشاعر الألماني غوته (Goethe): "الطريقة التي ترى بها الناس هي الطريقة التي تعاملهم بها، والطريقة التي تعاملهم بها هي ما أصبحوا عليه".

تفترض القاعدة الذهبية - التي تنص على مُعاملة الآخرين كما تحب أن يعاملوك - أنَّ جميع الناس سواسية، وتفترض أنَّك إذا عاملت مرؤوسيك بالطريقة التي تريد أن يعاملك بها القائد، فسيكونون سعداء. وتتجاهل هذه القاعدة أنَّ الناس مدفوعون بمختلف الأمور؛ فكما هنالك أشخاص يحبون أن يكونوا محط تقدير الجميع، يكره آخرون تسليط الضوء عليهم.

لا يعامل القادة العظيمون الناس كما يريدون أن يُعامَلوا هم فحسب؛ بل يرتقون بالقاعدة الذهبية ويعاملون كل شخص كما يريد هو أن يُعامل. يتعلم القادة العظيمون عن دوافع مرؤوسيهم ويتعرفون على احتياجاتهم في الوقت الحالي، ويعدلون أسلوب قيادتهم وفقاً لذلك.

7. الشغف:

يقول الشريك المؤسس لشركة فيسبوك (Facebook) مارك زوكربيرغ (Mark Zuckerberg): "إذا كنت تعمل فقط على أشياء تحبها وتتحمس لها، فلن يكون من الضروري امتلاك خطة رئيسية لكيفية سير الأمور".

الشغف والحماس معديان، وكذلك الملل واللامبالاة. إذ لا يرغب أحد في العمل لدى مدير لا يكترث لعمله، أو حتى شخص يستمع للاقتراحات فقط. القادة العظيمون شغوفون بما يفعلونه، ويسعون إلى مشاركة هذا الشغف مع كل من حولهم.

8. التأثير في الآخرين:

يقول القس ثيودور هيسبرج (Theodore Hesburgh): "جوهر القيادة هو أن يكون لديك رؤية. يجب أن تكون رؤية تعبِّر عنها بوضوح وقوة في كل مناسبة. فلن تُؤثِّر بأحد ما لم تكن لديك رؤية واضحة". 

يعرف القادة العظيمون أنَّ الرؤية الواضحة لا تكفي؛ بل على القائد جَعل هذه الرؤية تنبض بالحياة كي يتمكن مرؤوسوه من رؤيتها بنفس الوضوح الذي يراها هو فيه. يفعل القادة العظيمون ذلك، من خلال سرد القصص وإيضاح الصور كي يتمكن الجميع من فهم خطتهم، وكذلك فهم طبيعة شعورهم عندما يحققون مبتغاهم، مما يلهم الآخرين لفهم الرؤية وتبنِّيها.

9. المصداقية:

يقول السياسي الأمريكي هوبرت همفري (Hubert Humphrey): "كن على طبيعتك فحسب وتحدَّث بكل جرأة وحب، فهذا كل ما لدينا". 

تشير المصداقية إلى الصدق في كل شيء؛ وليس فقط فيما تقوله وتفعله، وإنَّما في شخصيتك أيضاً. عندما تكون صادقاً، سوف تتوافق كلماتك وأفعالك مع الصورة التي تُظهرها للآخرين. لا ينبغي إجبار مرؤوسيك على قضاء الوقت في محاولة اكتشاف ما إذا كانت لديك دوافع خفية؛ لأنَّ ذلك يُضعف ثقتهم بك وقدرتهم على العمل برؤيتك.

لا تظن أنَّ القادة الذين يتسمون بالمصداقية والشفافية والوضوح مثاليون؛ لكنَّهم يكسبون احترام الناس من خلال ترجمة أقوالهم إلى أفعال.

إقرأ أيضاً: 7 نظريات قيادية عليك تعلمها لتصبح قائداً عظيماً

10. سهولة التواصل معهم:

يقول لاعب البيسبول "تومي لازوردا" (Tommy Lasorda): "الإدارة مثل حمل حمامة في يدك؛ اضغط بشدة وسوف تقتلها، أرخِ قبضتك كثيراً فتطير بعيداً".

يؤكد القادة العظيمون على أنَّهم يقبلون التحديات والانتقادات ووجهات النظر المخالفة لوجهات نظرهم، ويعلمون أنَّ البيئة التي يخشى فيها مرؤوسيهم من التعبير عن آرائهم وتقديم الاقتراحات وطرح الأسئلة الجيدة مصيرها الفشل. عندما يحرص القادة العظيمون على التعامل مع مرؤوسيهم بود، يتيحون المجال لتدفُّق الأفكار النيرة في جميع أنحاء المؤسسة.

شاهد بالفديو: 9 طرق لتطوير المهارات الاجتماعية

11. تحمُّل المسؤولية:

يقول الكاتب المختص بالموارد البشرية مايكل آرمستروتغ (Michael Armstrong): "كان لدى الرومان القدماء تقليد: كلما شيَّد أحد مهندسيهم قوساً حيث يُرفع حجر الذروة، يتحمل المهندس المسؤولية عن عمله بأعمق طريقة ممكنة وهو عبر الوقوف تحت القوس".

يساند القادة العظيمون مرؤوسيهم، ولا يلقون باللوم على أحد، ولا يخجلون من الفشل، لا يخشون أبداً الاعتراف أنَّهم قد فرغوا من تحمُّل المسؤولية، ويكسبون ثقة مرؤوسيهم من خلال دعمهم.

12. الإحساس بالهدف:

يقول الروائي الأمريكي كين كيسي (Ken Kesey): "أنت لا تقود من خلال الإشارة وإِخبار الناس بمكان ما للذهاب إليه، بل من خلال الذهاب إلى ذلك المكان وبناء قضية".

في حين أنَّ الرؤية هي فكرة واضحة عن وجهتك، يشير الإحساس بالهدف إلى فهم سبب رغبتك في بلوغه. يحب الناس الشُّعور بأنَّهم جزء من قضية أكبر من أنفسهم، والقادة العظيمون يمنحونهم هذا الشعور.

الخلاصة:

لا تتطلب القيادة الحكيمة تطبيق جميع هذه السمات العامة للقائد في نفس الوقت؛ بل التركيز على واحدة أو اثنتين في وقت واحد، فكل تحسين تدريجي سيجعلك أكثر فاعلية. لا بأس إذا طبقت بعض هذه السمات في البداية، فكلما تدربت أكثر عليها، أصبحت عادة لديك وزاد استيعابك لأسلوبك القيادي الجديد.

المصدر




مقالات مرتبطة