يمكن أن تكون القرارات الصعبة في الحياة على نطاق أوسع، بما في ذلك تلك المتعلِّقة بالصحة أو رعاية أحد أفراد الأسرة، كما قد تتجلى القرارات الصعبة في التخطيط لمستقبل آمن وصحي؛ لكن كلُّ شخص مختلف عن الآخر، فما تراه قراراً صعباً، ربما يكون بسيطاً بالنسبة لغيرك.
بغضِّ النظر عن مستوى صعوبة الخيارات بالنسبة لكل شخص فينا، سوف نستعرض بعض الخطوات القابلة للتنفيذ لتساعد الجميع على الاستعداد لاتخاذ قرارات صعبة في حياتهم:
1. تصوُّر النتائج المنشودة:
ضع في حسبانك ماهية ما تريد تحقيقه قبل أن تنغمس في العمل والبحث عن المعلومات اللازمة له؛ فالتصور ليس شيئاً روحانياً بل فعلاً إرادياً؛ حيث تبنِي المؤسَّسات خططاً استراتيجيةً على أساس تصوراتها، كما يعزو القادة والمؤثِّرون والمشاهير والرياضيون -على سبيل المثال لا الحصر- نجاحهم إلى عملية التصور التي يتَّبعونها مسبقاً.
اسأل أيَّ حائز على ميدالية ذهبية أولمبية أو أي اختصاصي نفسي رياضي عن مدى أهمية تصوُّر أفضل النتائج لتحقيق النجاح.
ليس عليك بالطبع العمل في هذا المستوى لاستخدام هذه الاستراتيجية في اتخاذ قرارات صعبة؛ لذا توقف لبرهة وكرِّس وقتاً للتفكير، أو اقتنِ مفكِّرة لتدوين النتيجة المرجوة وستصل إليها بكل تأكيد.
2. جمع المعلومات:
قبل اتخاذ أيِّ قرار صعب -أو أيِّ قرار على الإطلاق- ابدأ بجمع المعلومات ذات الصلة التي ستساعدك على تحديد أفضل الخيارات المتاحة أمامك؛ إذ ينبغي عليك قراءة ما بين السطور.
لنفترض جدلاً أنَّك تفكر في ارتياد جامعة ما أو التسجيل في أحد أفرعها، عليك عندها أن تستفسر عن معدلات القبول والرسوم الدراسية وتكاليف المسكن والمأكل، وظروف الحياة الجامعية، ناهيك عن سمعة شهاداتها العلمية.
تُعدُّ خطوة جمع المعلومات هذه أمراً بالغ الأهمية لمساعدتك في تقليص خياراتك وتحسينها؛ وإلا ستكون خياراتك مبنيَّةً على أسس محدودة.
3. التفكير ملياً في كلِّ خيار:
قد يبدو هذا جلياً؛ ولكن لا يمكنك إنكار الصعوبات التي قد تواجهك إن ركزت على خيار واحد فقط؛ لذا عليك التقصي عن جميع البدائل والمسارات الخاصة بكلِّ خيار، انظر إلى الأمر على أنَّه مخطط سير: فإذا اخترت أحد المسارات، ينبغي أن تدرك إلى أين قد يؤدي؟
إذا كنت بحاجة إلى اتخاذ قرار بشأن إجراء طبي، فعليك على الأرجح معرفة جميع الخيارات المتاحة أمامك، وقد يساعدك التفكير في الخيارات الطبية الأخرى أو استشارة طبيب آخر أو تجربة نوع مختلف من الإجراءات أو العلاجات الموثوقة في الشعور بثقة أكبر بشأن المسار الذي تختاره في نهاية المطاف.
4. تحديد الإيجابيات والسلبيات:
ربما جربت وضع قائمة بالإيجابيات والسلبيات مسبقاً؛ لذا لا بد أنَّك لاحظت فائدتها وإمكانية تطبيقها في جميع الأوقات؛ حيث يساعدك تدوين خياراتك في موازنة نتائجك فعلياً.
على سبيل المثال: قد تُعرَض عليك وظيفة جديدة فيتملَّكك الشك إزاء ما إذا كان عليك ترك وظيفتك الحالية وانتهاز هذه الفرصة الجديدة؛ لذا اكتب في قمة صفحة فارغة معايير لـ "الاختيار" وَ"الاستبعاد"، ثم اكتب تحت كل بند منها إيجابيات وسلبيات كل خيار متاح لك، وهنا ستشرع في إدخال معلومات البحث خاصتك والآراء والفوائد والمخاطر التي ينطوي عليها كل خيار.
عادةً ما يكون الخيار الذي يحتوي على قائمة أطول من معايير الاختيار (أو الإيجابيات) هو خيارك الأفضل؛ واستكمل جميع الخطوات التالية لتكون واثقاً تماماً من اتخاذك للقرار المناسب.
5. أخذُ آراء الآخرين بالحسبان:
تحدَّث إلى الأشخاص الذين مروا بهذه التجربة من قَبل، وجهِّز نفسك للمحادثة بأسئلة لا تأخذ كثيراً من وقتهم، وتساعدك أيضاً في الحصول على آراء ونصائح ضمن الإطار الزمني الذي وضعته.
كما يجب أن تشمل هذه المحادثات أيضاً العائلة والأصدقاء والزملاء والمنتورز والكوتشز، وحتماً أيَّ شخص يتأثر بهذا القرار الصعب في النهاية. لن تمنحك هذه المحادثات نظرةً ثاقبةً فحسب؛ بل يمكنها أن تكون أيضاً بمثابة منارة للدعم والتأكيد أنَّك لن تخوض هذه العملية بمفردك؛ لذا ضع في حسبانك أنَّه ليس عليك طلب مساعدة الآخرين في كلِّ قرارتك، وسيتعين عليك اتخاذ القرار الصعب بنفسك، ولكن إن تأثر الآخرون بقرارك الصعب، فمن المحتمل أن ترضيهم النتيجة إذا شملتهم في العملية.
6. توقُّع المعارضة:
في الوقت الذي تحاول فيه عدم التركيز على النتائج السلبية، سيكون لأيِّ قرار تتخذه بعض المعارِضين؛ مما يعني أنَّ بعض الأشخاص لن يتفقوا معك في اختيارك، وسيعبِّرون عن رأيهم هذا بصراحة.اتخاذ
تذكَّر دوماً أنَّ إرضاء الناس غاية لا تُدرك؛ لذا لا تحاول نيل رضاهم، وإلا ستسيطر عليك عواطفك بدلاً من التسلح بالحقائق، مما قد يؤثر على حُكمك السليم، وعلى الرغم مِن تعلُّق كلِّ قرار ببعض العواطف، يجب أن تستند إلى العمل الشاق الذي أنجزته حتى الآن والمعلومات والآراء التي جمعتها.
عندما يعبِّر الناس عن اعتراضاتهم، طمئنهم أنَّك تصغي إليهم وتحترم آراءهم وتقدِّرها؛ حيث يتيح لك ذلك تهدئة مخاوفهم وطلب مشورتهم في المستقبل.
7. اتخاذ المسار الصحيح:
إن لم تنجح في البداية، فحاول مجدداً أكثر مِن مرة، فالمثالية هدف لا يمكن بلوغه، ولا أحد معصوم عن الأخطاء؛ ولكن عندما تدرك خطأك، سيدعمك الآخرون على الأرجح في حال كنت بحاجة إلى تصحيح مسارك.
إنَّ لوم الآخرين ونفسك على الأخطاء أمر غير صحي؛ لذا عليك بدلاً من ذلك أن تفتخر بالعمل الذي أنجزته للحصول على مرادك، وتذكَّر أنَّك قد حددت بالفعل الخيارات والمسارات والنتائج لتستطيع تجربتها في المرة القادمة، وطالما أنَّك قد خططت مسبقاً لتصحيح المسار، فمن المفترض أن يمنحك هذا درجةً إضافيةً من الثقة فيما تفعل.
8. الثقة في قرارك:
بعد اتباع الخطوات السابقة حتى الآن -وربما تكون قد أضفت خطوات أخرى- ستغدو مستعِداً لاتخاذ قرارك الصعب، ويجب أن تكون واثقاً مِن صحة اختيارك، وتفتخر بنفسك؛ وذلك لأنَّك قمت بكل ما يلزم للوصول إلى هذه النقطة.
إن لم تكن واثقاً بعد، فاشرع في التخلص من مشاعر الشك أو القلق بشأن الخيار الذي توصلت إليه، وإذا أحسست أنَّه لا زال هناك المزيد من العمل الذي يتعين عليك القيام به ولم تكن واثقاً من قرارك، فارجع إلى الخطوة الأولى وتصوَّر النتائج الجديدة.
9. الثقة بالنفس:
يشترك القادة المشهورون ورجال الأعمال المحنَّكون في شيء واحد هو الثقة في النفس؛ فهم يؤمنون مِن صميم قلوبهم أنَّ عليهم أن يثقوا بأنفسهم بمجرد وصولهم إلى هذه المرحلة حيث يتعيَّن عليهم اتخاذ قرار صعب.
هل سمعت بعبارة "ثق بحدسك"؟ يمكن أن يلعب الحدس في الحقيقة دوراً فعالاً في اتخاذ القرارات الصعبة؛ حيث تُوضِّح الأدلة العلمية كيف أنَّ الدلالات الجسدية، مثل ارتفاع معدل ضربات القلب، التي تتوافق مع المشاعر، غالباً ما توجِّه عملية صنع القرار.
عندما لا تكون النتائج المحتمَلة جليةً، استكشف كيف يجعلك كل خيار تشعر في المحصلة؛ فقد تعتريك بعض ردود الفعل الفطرية عندما تواجه موقفاً عصيباً، كأن تشعر بآلام وشعور بعدم الراحة (غالباً في معدتك) قبل خضوعك لامتحان مصيري.
لا ريب أنَّه من الطبيعي أن تشعر بتوتر مماثل عند اتخاذك لقرار صعب؛ لكن يجب ألا يؤثِّر ذلك سلباً في قدراتك على اتخاذ قرارات صعبة.
لقد اعترف ستيف جوبز دون خجل أنَّه لم يمتلك الإجابات دائماً وأنَّ قراراته لم تكن كلُّها صحيحة؛ ولكن بمجرد أن يكون مستعداً لاتخاذ القرار الصعب، كان يقول: "عليك أن تثق في شيء ما: مثل حدسك والعواقب الأخلاقية لما تفعله، وما إلى ذلك، فأنا لم يخذلني هذا النهج أبداً، وقد أحدث فارقاً كبيراً في حياتي".
شاهد بالفيديو: 9 خطوات عملية لاتخاذ القرارات الصعبة في الحياة
10. اتخاذ قرارك الصعب:
في حين أنَّ عملية اتخاذ القرارات الصعبة في الحياة ليست بالأمر الهين، أو العملية التي يكون تطبيقها ممتعاً، ستشعر بالراحة بمجرد اتخاذها؛ لذا توقف لبرهة للإقرار بعملية التمحيص العميق والعمل الجاد والتفكير التي خضتها للوصول إلى القرار الصعب.
لقد ألمَّت بك الكثير من الأمور لتصل إلى هذه المرحلة؛ لذا يجب أن تشعر بالرضا عن رحلتك، وقد حان الوقت الآن للالتزام واتخاذ الإجراءات.
الخلاصة:
سيتعين عليك اتخاذ قرارات صعبة طوال حياتك؛ ولكن باتِّباع هذه الخطوات، ستغدو هذه العملية أسهل بكثير، وستزداد ثقتك ووضوحك بينما تتصور النتائج الإيجابية وتجمع المعلومات المطلوبة لتُدقِّق في خياراتك. تذكَّر أنَّه من المقبول الاعتراف بالأخطاء وتصحيح المسار على طول الطريق، كما ستحصل على الدعم والمشاركة إذا شملت عملية صنع القرار الآخرين في حياتك.
كثيراً ما نتخذ العديد من القرارات بسهولة دون أيِّ تخطيط مُسبَق؛ لكن علينا أن نكفَّ عن ذلك ونتَّبع الخطوات المذكورة آنفاً لتحقيق الأفضل.
أضف تعليقاً