10 مبادئ لتعزيز حضورك القيادي

عُد بالذاكرة إلى آخر مؤتمر حضرته، كم تتذكر منه؟ ربما ليس كثيراً. أحد أكبر التحديات التي قد تواجهها بصفتك قائداً طموحاً، هي إلهامُ الآخرين وتحفيزهم لكي يتمكنوا من اتخاذ الإجراءات الصحيحة؛ وهذا ما يدفعك لأن تكون قائداً يمتلك حضوراً قوياً، ليس في إلقاء الخطابات فحسب، ولكن من جميع النواحي.



وإن أصبحتَ هذا القائد، سيرتبط كلّ جانبٍ من جوانب وجودك -بما في ذلك النفسية والجسدية، وعقلك وصوتك وعواطفك- ارتباطاً وثيقاً برسالتك.

يُعاني كثيرٌ من المديرين في مواقع السلطة من ضعف حضورهم القيادي؛ لذا تجدهم يتبنون نوع الشخصية التي يفترضون أنَّ القائد يجب أن يمتلكها:

  • إيقاع المتحدثين في مؤتمرات "TED".
  • لغة جسدٍ حازمة.
  • عدم رسميةٍ مدروسة.
  • ومجموعة شرائح عرضٍ مختارة بعناية (عند التحدث علناً).

وهو ما يجعلهم يبدونَ مثل أيِّ شخص آخر؛ لأنَّ الأنماط السائدة في "الحضور القيادي" سُرعانَ ما تتحول إلى كليشيهات. وفي معظم الحالات؛ يُميِّز الجمهور مثلَ هذه السلوكيات ويفسرها فوراً بصفتها ضرباً من ضروبِ التمثيل. لذا إن حاولت تبنيها، فسيعرف الأشخاص أنَّها ليست جزءاً من شخصيتك، وسيفترضون أنَّ رسالتك ليست بصادقة.

إحدى البدائل التي يلجأ إليها القادة هي استعارة أساليب ومبادئ فن الأداء، ودمجها في أسلوبهم القيادي. بيد أنَّ كثيراً من الناس يسيؤون فهمها، ويُفسرونها كنوعٍ من الخداع. في الواقع، يعتمد الأداء القوي -حتى في الدراما الخيالية- على الأصالة والمصداقية.

تنطوي هذه المهارة على النظر بعمق داخل نفسك، وعكسها ظاهرياً ولحظياً. وكما قال مدرس التمثيل "سانفورد ميسنر" في إحدى اقتباساته: "يمكنك التغطية على مشاعرك، لكن لا يمكنك إخفاؤها (You can mask emotions, but you can't hide it)".

في الوقت نفسه، لا يعني كونك قائداً صادقاً أن تُفصحَ عن كل ما تشعر به؛ إذ يتطلّب الأمر وقتاً وخبرةً وممارسةً لتتمكن من تحويل دوافعك إلى رؤى، والتعبير عنها والعمل عليها بطريقةٍ تُحقِّقُ أهدافك وتمنَحُكَ العلاقات التي تحتاجها. فعندما ترتاح لنفسك، وتقدر على إظهار رسالة صادقة وقيِّمَة؛ يميلُ الناس إلى وضع ثقتهم الكاملة بك وبمنظمتك على حدٍّ سواء.

لذا نُقدم إليك فيما يأتي، 10 مبادئ تساعدكَ في تأسيس ودعم حضورك القيادي الأصيل الفريد.

1. الحضور بجسدك وروحك:

ربما تكون قد نشأتَ -مثل معظم الناس- على فكرة الفصل بين البصيرة والعواطف والجسد، أو ربما تكون قد أهملت بعض جوانب نفسك؛ لكنَّكَ حينما تتكلم، ينظر إليك الآخرون ككيانٍ كامل، ويرَونَ فيك كُلَّ جوانب شخصيتك.

لا يتعامل الأشخاص مع المعنى الحرفي لما تقوله والصور التي تعرضها فحسب؛ وإنَّما يُقَيّمون نزاهتك وصدقك باستمرار، وذلك أثناءَ مراقبتهم لطريقة وقوفك ونبرة صوتك؛ لتختلط كل هذه الأمور معاً في عقل المستمع على هيئة انطباع واحد عنك وعن رسالتك.

كيف تطور إذاً مهارة التواصل جسدياً وشعورياً؟

حسناً، لقد ساعدت مفاهيم الذكاء العاطفي رجال الأعمال على إدراك نزعاتهم، وتجنّب الاستسلام لدوافعهم. لكن لا يكفي هذا لإدارة مشاعرك -حسبما يُعلّمنا الذكاء العاطفي- وإنَّما يجب أيضاً أن تتعرّف على حلقات التغذية الراجعة (Feedback Loops) بين منطقك ومشاعرك وحركتك الجسدية، وتعملَ وفقاً لجميع هذه العناصر، بُغية تحسين تأثيرك الكلي.

ولكي نفهمَ طريقةَ توافق هذه العناصر معاً، لنمعن التَّفكير في عملية تقييم الأداء ضمن الشركات:

عادةً ما يُصنَّفُ المرؤوسين وفقاً لمعايير عالمية دقيقة، والتي صُمِّمَت لتبدو موضوعية. لكن ومع ذلك، سيكون هناك جلسات مراجعة مع كُلِّ مرؤوسٍ على حدة. ستوَلِّد مستويات الثقة ردود فعلٍ عاطفية وجسدية متباينة؛ فقد يتحمَّس الناس أو يصابون بالإجهاد، أو يستشعرون وجودَ شيءٍ صحيح، أو وجود شيءٍ خاطئ. ومع حدوث التقييم وغيره من حلقات التغذية الراجعة على مر السنين؛ تتراكم هذه المشاعر الداخلية على اختلافها، وتؤثر على الطريقة التي يملأ بها الأشخاص استمارات التقييم، لتؤثر بدورها على صياغة هذه المعايير في نهاية المطاف.

ينطبق الشيء نفسه على كُلِّ قرار تتخذه كقائد؛ فمُجرَّدُ إدراكك للعلاقة بين عواطفك ومنطقك وأفعالك، يمكن أن يؤدي إلى مزيد من المصداقية والأصالة لديك.

إذاً يتلخص هدفك في أن تصبح أكثر وعياً بجميع عناصر شخصيتك، وعلاقتك مع المستمعين ومع ما تريد تحقيقه؛ ومن ثمَّ القيامُ بدمجهم معاً.

إقرأ أيضاً: الاستفادة من الذكاء العاطفي في القيادة

2. القيادة وفقاً لما تهتمُّ لأجله:

تخيَّل معنا السيناريو الآتي: تشارك أنت ومجموعة موظفين رفيعي المستوى من مجموعة شركات "Fortune 100" في حلقة نقاش عن "سلسلة الكُتل"  أو ما يعرف بالبلوكتشين (Blockchain)، والتي يدورُ الحديث فيها عن الإنتاجية التي تنتج عن سجلات الحسابات الإلكترونية الجديدة، التي تُلغي دور "الوسطاء" الماليين، وتعني بذلك المديرين الذين يشرفون حالياً على التحقق من المعاملات، ويحضرون حلقة النقاشِ هذه!

في الجولة الرابعة من حلقة النِّقاش تلك؛ تجد بأنَّ الحضور قد أصبحوا في حالة شرودٍ ذِهني، ليقومَ أحد المتحدثين بإعادة روح الإثارة إلى قاعة الاجتماعات. يعتلي المنصة، وينظر إلى الجمهور قائلاً:

"مثليَ مثلُ زُملائي، فأنا أختبر هذه التقنية ضمن شركتي، والتي تنظر إليها على أنَّها طريقة لإلغاء دور الوسطاء الماليين". ويُطرِقُ صامتاً لبُرهَة، ثم يُعاوِدُ كلامه مُتسائلاً: "لكن ما الخطب في دور الوسطاء؟ أنا عن نفسي فخورٌ بأن ألعب دورَ الوصي "البشري" الذي يضمن مصداقية هذه التقنية؛ إذ تقع مسؤولية الحفاظُ على التكنولوجيا المتطورة على عاتقنا نحنُ البشر، ومن غير المنطقي إيكالها بالكامل إلى مجرد خوارزميَّة!".

الآن، أنتَ وجميع الحاضرين في القاعة، تُصغون إليه بانتباهٍ شديد؛ لأنَّه قد وجَّه دفَّة الحديث منذ البداية، إلى أمرٍ يهتمُّ به. إذ ليس كون وظيفته على المحك هي القضية الرئيسة هنا -رُغمَ أنَّه يعترف بأنَّ ذلك جزءٌ من الموضوع-، وإنَّما هي العواقب غير المقصودة للتَّحولات التقنية، والتَّحديات المتمثلة في التَّعامل مع مثل تلك العواقب.

إذاً، ما الدَّرسُ المُستفاد من هذا السيناريو المُفتَرَض؟

إنَّ أكثر الخُطباءُ فاعليّة، هم أولئك الذين يتحدثون عمَّا هو مُهِمٌّ بالنِّسبة إليهم؛ في سياق ما يحاولون إنجازه، وما يهتم به مستمعوهم. لذا ابدأ من هنا، واعلم ما الذي تهتمُّ لأجله، وسببُ اهتمامك به. ثمَّ فكر في صلته بهدفك ومستمعيك. وعندها فقط، يمكنك إيصالُ قناعاتك ووجهات نظرك للآخرين.

إقرأ أيضاً: 7 أساليب خطابية تساعدك في التَّواصل مع جمهورك

3. بَدء محادثة يريد منك الآخرون أن تستمرّ فيها:

القيادة الحقيقية هي "القيادة العلائقية - Relational Leadership" (القيادة الموجهة نحو تكوين العلاقات)، فهي تولّد الثقة والمشاركة الفعالة. لذا قم باستثمار كل فرصة للتواصل مع الأشخاص مباشرةً، بدلاً من التحدّث إليهم عبر إحدى خدمات بثِّ الفيديو. مع هذا التوجّه، لن ترى نفسك كقائدٍ منفصلٍ عن الآخرين، ولن ينظر إليكَ هكذا أيُّ شخصٍ آخر.

إحدى المديرات التنفيذيات اللواتي أدركنَ أهمية القيام بذلك، كانت مديرةً تنفيذيَّةً في مؤسسة دوليةٍ كبرى (وكذلك المرأة الوحيدة غيرِ العضو في مجلس إدارتها). اعتادت هذه المُديرةُ كُلَّ عام، أن تحدّد أهدافها وتشرح الميزانية السنوية في عرض تقديمي يقامُ سنوياً، والذي يتطلب منها أن تعمل على الإعداد له لشهورٍ متواصلة. لتقوم بعرض عملها على مجلس الإدارة وفقاً للتسلسل الذي حَدَّدَهُ لها، مع تقديمِ سردٍ مُفصَّلٍ عن تحضيراتها واستنتاجاتها.

رغم كلّ تلكَ الجهودِ والجودة العالية لعملها، فإنَّها لم تشعر مطلقاً بأنَّ أحداً كانَ يُصغي إليها أثناءَ حديثها في هذه العروض. في البداية، اعتقدت أنَّ جنسها وعدم كونها عضو في مجلس الإدارة؛ هما ما يتسببان في ذلك. ثم أدركت أنَّ اهتمامها بهذه الاختلافات كان يدفعها إلى صرف كامل تركيزها في محاولة الاندماج معهم، وإهمال أولوياتها.

لذا بدأت تفكر في أعضاء مجلس الإدارة كأشخاصٍ عاديين: ما الذي يهمهم أكثر (لم يكن المال طبعاً)؟ ما الذي يتحدثون عنه عادةً؟ وما الذي سيُثِير اهتمامهم؟

بعد أن تَوَصّلت لبعض الإجابات، نظَّمت وقتها قُبيلَ الاجتماع المقبل للمجلس بصورةٍ مختلفة؛ فبدلاً من تقديم المعلومات، فتحتَ بابَ الحديث معهم، حيث ذكرت بضعة قرارات رئيسة لابد من اتخاذها، ودعت المجموعة لمناقشتها. وأوضحت أنَّها مستعدة -في أي وقت- لتقديم المعلومات المرجعيّة التي يحتاجون إليها؛ لكنَّها ستقدمها (فقط) في سياق أسئلة يطرحونها عليها.

لم يهتم مجلس الإدارة فحسب، بل وأثنى على عملها الممتاز أيضاً. وقد أعطاها ردُّ الفعل الإيجابي هذا ثقةً متجددة بقدراتها كقائدة. وفي السنوات التي تلت هذا الاجتماع، أصبحت براعة قيادتها مثارَ إعجابٍ واسع النِّطاقِ في مجال عملها: بدأ كل شيء معها، من هذا الاجتماع.

يوجد العديد من الطُّرُق لتحويلِ أيّ عرضٍ إلى محادثة: أوجز في خطابك؛ فإذا مُنِحتَ سبع دقائق، فلا تستغرق إلا ثلاثاً منها (فلن يقول لك أحد: "لم تتحدث طويلاً بما يكفي").

استخدم النقاط التي أثرتها لدعوة المُستمعين للرد عليك؛ فحتى أولئك الذين لا يتحدثون كثيراً، سوف يشعرون براحةٍ أكبر، ويُصبحونَ أكثر تقبلاً لبناء علاقةٍ مثمرةٍ معك؛ ذلك لأنَّك تكون قد بيَّنتَ لهم بأنَّك شخصٌ منفتحٌ على الحوار.

4. التَّركيز من خلال جسمك:

تؤثر الطريقة التي تتحرك فيها، على الطريقة التي تَشعُر بها (والعكسُ بالعكس)؛ وكلتاهما يؤثرانِ على أسلوبِ تفكيرك وتواصلك. فإذا كنت ترتاحُ إلى شكلِ ووضعية جسمك في العموم، ستحظى بأفضليّةٍ على الأشخاص الذين لا يُتقنون ذلك، وستتمكن من قيادتهم من دون أن تُضطرَّ إلى قولِ كلمة واحدة حتَّى.

لا يتطلب الأمر منك أن تمتلكَ جسداً رياضياً بالضرورة، ولكن من شأنِ مستوىً متوسط من اللياقة البدنية أن يُقَوِّيَ ويدعمَ قناعتكَ وسلطتك؛ بطريقةٍ يُفَسِّرُها المستمعون على أنَّهُ شكلٌ من أشكالِ المصداقية، وغالباً ما يستجيبون بمزيدٍ من المشاركة والثقة.

لا يُمكِنُكَ تحقيقُ علاقةٍ إيجابيَّةٍ مع جسمك بين عشيَّةٍ وضحاها، فالأمر ينطوي على تحسين أسلوب التنفس والإيماءات والحركة؛ بحيث تكون في حالة تزامنٍ مع نفسك: جسدياً وعاطفياً وفكرياً. يمكن القيام بذلك بطرق عدة، مثلَ الخضوع إلى جلساتٍ تدريبية أو حضورِ دروس التدريب على الحركة. كما إنَّه لمن المفيد تَعَلُّمُ طريقة التنفس الصحيحة، من أجل تخفيف التوتر وتنظيم حالتك المزاجية.

صُمِّمَت العديد من تمرينات الأداء لتطوير الوعي بالجسم. حاول التجول في جميع أنحاء الغرفة بوضعيات جسدٍ مختلفة، متخيلاً وجودَ خيطٍ يرتبط بأجزاء مختلفة من جسمك، ويوجهك إلى الأمام. ولاحظ ردَّ فعلك تجاه ذلك؛ فهل تشعرُ بمزيدٍ من الثقة إن سرتَ ورأسكَ مرفوع؟ أم يجعلك إبرازُ صدرك تشعر بذلك؟

يختلف التأثير من شخص لآخر، لذا لا تفترض أنَّ هناك استجابة موحدة، واستخلص استنتاجاتك الخاصة.

عند بناء الوعي الجسدي، يقود الجسم ويتبعه العقل. ولن توصلك القراءة عن هذا الأمر إلَّا إلى المكان الذي وصلت إليه فحسب؛ بينما يأتي التعلم من الفعل. وهذه العملية لا تنتهي أبداً؛ فحتى الأشخاص الذين يتمتعونَ بدرايةٍ أفضل بأجسادهم، يمكنهم أن يتعلموا كيفية إيصالها إلى الآخرين بالصورة الأمثل.

إقرأ أيضاً: حركات يجب تجنبها أثناء الإلقاء أمام الجمهور

5. ترسيخ طابع الفضول المُستدام في نفسك:

نظراً إلى وجود الكثير من المهام التي يتعيَّن علينا القيامَ بها، والقليل من الوقت المتاح، فإنَّ الأشخاص الذين يتبوَّؤُون مراكز السلطة يحاولون تجنّب المُلهياتِ؛ لكي يتمكَّنوا من العملِ بكفاءة؛ مما يتسبب بقيامهم في كثيرٍ من الأحيانِ بعزلِ أنفسهم عن الآخرين.

لكن وعلى المقلب الآخر، نجد أنَّ القادة الذين يتمتّعون بحضورٍ قوي منفتحون على العالم؛ فهم يزرعون في أنفسهم الفضول المستدام، فتجدهم ينجذبون باستمرارٍ إلى ما هو غير متوقعٍ وغير مألوف.

يُعدُّ الفضول المستدام في بعض المؤسسات، موهبةً خاصةً لا ينخرط فيها سوى قلةٌ من المبدعين؛ بيد أنَّ الفضول عنصرٌ فطريٌّ في النَّفس البشرية. تَعلَّمَ من يمتلكون قدرةً تنافسيةً كيفية توظيفه والاستفادة منه.

لذا تجد راكبَ أمواجٍ معتزل يواظب على الذهابِ إلى الشاطئ لمعرفة ما يجري فيها، أو خطيباً يترَيَّث قبلَ نزوله عن خشبةِ المسرح ليستمعَ إلى سؤالٍ آخرَ من أحدِ الحاضرين، أو تقنياً يواظب على قراءةِ مجلَّاتٍ تقنية من خارجِ مجالِ اختصاصه، وجميعهم يكونون مدفوعين بحسِّ الفضولِ لما يجري من حولهم، بُغيةَ العثور على أمرٍ غير مألوف.

كما تجدهم يقضون وقتاً أطول في الاستماع، أكثر منه من الحديث. لكنَّهم ومع ذلك، يكونون قادةً مقنعينَ في كثير من الأحيان؛ ذلك لأنَّ فضولهم هذا فضولٌ مُعْدٍ، وهو ما يُفسِّرُ سبب تبنِّي أُناسٍ آخرون لنهجهم هذا.

إنَّه لَمِنَ الممكن أن تُظهرَ للآخرين امتلاكك -أو عدم امتلاكك- لهذه المزيَّة؛ عبرََ طريقةِ تفاعلك معهم؛ فمقاطعتكَ لحديثِ شخصٍ آخر مثلاً، يرسلُ إليه إشارةً ضمنيَّةً بأنَّك لا تكترثُ بما يقوله؛ حيث يستجيب معظم الناس لمثلِ هذا الأمر من خلالِ فقدان الاهتمام برسالتك. لذا إن اضطُرِرتَ لمقاطعةِ حديث أحدهم، فقم بذلك لمصلحة الجماعة (مع إيضاح سبب قيامكَ بذلك؛ كأن تقولَ مثلاً: "لم يتبقَّ لدينا سوى 15 دقيقة، وأريد أن أستمعَ إلى أراءِ أكبر عددٍ ممكنٍ من الحاضرين").

إليكَ مثالٌ يشرح أهميَّة التمتُّعِ بالفضول:

"وَضَعَ كبيرُ مسؤولي التكنولوجيا في إحدى شركات الطيران، قاعدةً تحكُمُ أسلوبَ عقد الاجتماعات الأسبوعية؛ والتي زرعت الفضولَ وحبَّ الاستطلاع في أنفسِ جميع الحاضرين، فقد أصدرَ قراراً إداريَّاً ينصُّ على ألَّا تتجاوز مُدَّة الاجتماع خمسَ دقائقَ فقط؛ إلا في حالةِ تمكن أحدهم من اقناعه بأنَّ ما سيقولوه يستأهلُ أن يمنحه مزيداً من الوقت!

ولإثبات أحقيتهم في الكلام، توجَّبَ على الموظفين قراءة وجوه جميع من في الغرفة؛ لكي يعرفوا الحالة المزاجية لكل شخص، وطريقة استجابته المحتملة، وفيما لو كان يظنُّ أنَّ الموضوع المطروح مهمٌّ بما يكفي لمنحه مزيداً من الوقت؛ ما جَعلَ جميع الحاضرين مهتمين بشأنِ معرفة بعضهم بعضاً معرفةً أوثق.

وفي غضون أسابيع عدة، وجد المديرون في هذه المجموعة أنفسهم يتجاذبون أطرافَ الحديث بين الاجتماعات؛ ليعلموا وجهاتِ نظرهم المشتركة بخصوصِ الموضوعاتِ التي قد طُرِحَت. نتجَ عن ذلك بأن أصبحتِ الأفكارُ المطروحة أكثرَ قُوَّة وفعالية؛ لأنَّها صارت تَعكُسُ وجهاتِ النَّظر التي يُفكِّر فيها الجميع".

إذا كنت تعتقد أنَّك لست فضولياً بطبعك؛ نظراً لضعف اهتمامك ببعض جوانب عملك، فتذكر التَّجارب أو الأنشطة التي أثارت فضولك فيما مضى، وحدِّد بدقةٍ ما أحببته فيها. فقد تكون متسلق جبالٍ مثلاً، ولطالما أحببتَ ذلك الشُّعورَ بالاكتشاف حينما كنتَ تَصِلُ إلى قمة الجبل وترى المشهدَ من الأعلى. أو ربما تكون قد أحببت تلك الإثارة التي صاحبت عملكَ كمستثمر، وخصوصاً حينما كنت تكتشف أنَّ قراراتك الغريزية كانت تعودُ عليك بنتائج جيدة في حسابك المصرفي.

من خلال إعادة إحياء تلك الذكريات عن عَمَد، يمكنك تنشيط فضولك، واستعادة جميع الموارد الفكرية والعاطفية التي برزت في ذلك الوقت؛ وهو ما من شأنه أن يُساعدك في حالتك الرَّاهنة.

6. بدءُ خطابك بالوقوف ساكناً:

عانى أحد المديرينَ التنفيذيين لواحدةٍ من كُبرى شركات الإعلام في العالم من صعوباتٍ في إلقاء خطاباته. إذ اعتاد جمهوره على النَّظر إليه وهو يتحدث في الدقائق العشر الأولى بوجوهٍ متحجرة؛ لذا عمدَ إلى مشاهدَةِ إحدى تسجيلات الفيديو لإحدى خطاباته، فلاحظ أنَّه قد بدأ حديثه بمجرد صعوده إلى خشبة المسرح، وهوَ يمشي جيئة وذهاباً أمام الحضور.

من الناحية النظرية، لا يوجد أيُّ شيءٍ خاطئٍ في هذا الأمر؛ أَفَلَم يقم ستيف جوبز بذلك؟ لكنَّه في الواقع، كان يفتقرُ آنذاكَ إلى الجاذبيّة والسُّلطة اللتين كانَ يتمتع بهما ستيف جوبز.

ما كان يُعيب هذا المدير هو توتر أعصابه؛ فقد كانَ مُتَخَوِّفاً للغاية من أن ينسى ما يريد قوله في اللحظةَ التي يعتلي بها خشبةَ المسرح، لذلك كانَ يبدأ حديثه بمجرد صعوده إليها. لذا استعان بخدمات "كوتش" (مدرّب إرشادي)، والذي نصحهُ بالوقوف ساكناً في مكانه، وأَخْذِ نَفَسٍ وحبسِه لمُدَّةِ خمس ثوانٍ قبل أن يبدأ كلامه: أي أن يُخاطبَ الحاضرين من موقفِ الثَّبات.

لقد اعتقدَ أنَّ ذلك سهلاً للوهلة الأولى، لكنَّ الأمر تطلَّب منه قدراً هائلاً من الممارسة حتى أتقنه؛ إذ بدت إليه لحظاتُ السكون تلك وكأنَّها دهراً في بداية الأمر، فقد كان يمتلك وقتاً محدوداً، مع الكثير من الكلام الذي يتعيَّنُ عليه قوله. لكن ومع ذلك، لاحظ أنَّه بعد قيامه بهذا؛ بدا صوته منخفضاً وهادئاً، مما أضفى حالةً من التشويق بين الحاضرين.

من خلال الوقوف بثبات، ابتكر لنفسه وضعيةَ جسدٍ جذبت انتباه الجميع، ولم يعد يَشعُرُ بأنَّه يتعيَّنُ عليه السَّير وهو يتكلم؛ مما مكَّنَه من التركيز أكثر على إيصالِ أفكاره.

لذا من خلال وقوفك ساكناً في بداية خطابك، تتنفس أنفاساً عميقةً أكثر؛ مما يساعدك على استجماعِ أفكارك بصورةٍ أفضل، لتتمكَّن بعدئذٍ من عكسِ الصورة التي تُريد أن تكون عليها، وتتحدث بلهجة الخطاب التي تريدها.

إقرأ أيضاً: قائمة نصائح شاملة من "برايان تريسي" في مجال الحديث أمام الجمهور

7. الاستعانة بالقصص حيثما كان ذلك ممكناً:

رغم أنَّ الأطفال يُدرِكُونَ ويُظهِرُونَ مدى حُبِّهم للقصص -سواءً أتعلَّق الأمر بروايتها أم الاستماعِ إليها- نجدُ أنَّ الكثيرَ من البالغين -سيما في مجال الأعمال- يغفلون عن حقيقة أنَّ وجود قِصَّةٍ مُقنِعة، هو بمثابةِ أداةٍ قويةٍ بين أيديهم.

تُسهِمُ القصص في بناء العلاقات بين المستمعين والقادة، فهيَ تُوفِّرُ بُنيةً تجعل النقاط التي تطرحها تبدو وكأنَّها حقائق حتميّة؛ وذلكَ من خلال إضفاءِ روح التعاطف مع الشخصيّات، والتواصل مع التجارب الشخصية. وتُظهرُ للناس مغزى حديثك، عبرَ تبسيط الحقائق المجرّدة وجعلها ملموسةً ومحدّدةً وذات صلة.

لكن ومع هذا، يتجاهل كبار رجال الأعمال ذلك الأمر كثيراً، ويجمعون البيانات ويقومون بتلخيصها على شكل قائمة، وذلك على افتراض أنَّ قيامهم بهذا سيُثبِتُ صِحَّةَ كلامهم. لكن لم يسبق وأن اقتنعَ أيّ شخصٍ من خلال تقديمِ البيانات فقط؛ حيث يتِمُّ إقناع الناس من خلال الطريقة التي يشعرون بها تجاه هذه البيانات؛ والتي تكون أقلّ جدوى إذا افتقرت إلى وجود قصّةٍ واضحةٍ تجعلها منطقية أكثر.

وهو ما يُفسرُّ كونَ العروض التقديمية التي تعتمد على شرائح الصور، غالباً ما تُضعِفُ سلطة المتحدث؛ إذ يواجه المستمعون صعوبةً في تقسيم انتباههم بين البيانات التي تظهر على الشاشة، والقصة التي يرويها الصوت. بإمكانك توظيف هذه الشرائح بصورةٍ أفضل، إذا ما جعلتها تدعم قصتك؛ بدلاً من أن تكون عبارةً عن تكرارٍ لها.

يوجد العديد من الطرق للعثور على قصة مقنعة وروايتها. والتي من إحداها البدء من خلال طرح الأسئلة الآتية:

  1. "متى بدأنا في الاهتمام بهذا الأمر؟".
  2. ثم: "ماذا حدث بعد ذلك؟".
  3. ثم: "ما الذي نتج عن كل ذلك؟".
  4. ثمّ: "لماذا نهتم به؟ الآن؟".

يمكن أن تكون الإجابات عن مثلِ تلك الأسئلة بمثابة ركائزَ لقصتك، وذلك بالتسلسل والترتيب الذي تُريد سرده. ولا تقلق بشأن ما إذا كانت قصتك أدبية، أو من كونها تحتوي على شخصيات وصراعات، أو فيما لو كانت على شكلِ سيناريو سينمائي؛ فما عليك سوى الجمع بين العناصر الأكثرِ أهميّة بالنسبة إليك، ووضعها ضمن تسلسلها الصحيح؛ لتكون ذات مغزى بالنِّسبة للمستمعين.

ادرس القصص التي تحبّها (بما في ذلك مقاطع الفيديو للمتحدثين الذين تعجب بهم) لترى كيف ستتمكن من خلق صلةٍ شعوريَّةٍ بينك وبين جمهورك. وعندما يتعلق الأمر بالصياغة، استخدم لغةً بسيطةً وصريحةً وطبيعيّة؛ كلماتٍ بسيطةٍ وواضحةٍ مثل التي تستخدمها على مائدة العشاء مع عائلتك أو أصدقائك؛ وذلك عوضاً عن استخدامِ لغةٍ اصطلاحيةٍ معقدةٍ لا يفهمها سوى أهلُ الاختصاص؛ فأولاً وأخيراً، يوجد قاعدةٌ عالميّةٌ واحدةٌ لرواية القصص، وهي: يجب على أي شيء قلته، أن يجعل الناس متشوّقين إلى سماعِ الشيء التالي الذي تُريدُ قوله.

8. عدم التباهي بالنفس:

اشتكت إحدى المديرات التنفيذيات للكوتش (المدرّب الإرشادي) التي استعانت به قائلةً: "كان الناس يأتون إليَّ وقتما احتاجوا إلى التفكير خارج الصندوق. لكن ومع ذلك، فقد تلقيت مؤخراً تعليقات من قبيل: "لا أستطيع أن أتقبلَ حضوركَ في الاجتماعات"، أو "أنتِ تُزعجينَ الجميع". فما الذَّنبُ الذي اقترفتُه؟"

لعدة سنوات، حاولت هذه المديرةُ أن تلعب دور قائدٍ حقيقي في وظيفتها؛ فقد تمتعت بحضورٍ طاغٍ ولغة جسدٍ جذابة، ومهاراتٍ رائعةً في بناء العلاقات؛ ولكن كان هنالك خطبٌ يجب تحديده.

لذا طلب منها هذا الكوتش أن تتفوه بأقلِّ قدر ممكن من الكلام خلال الاجتماعات القليلة القادمة، وتنتبه بدلاً من ذلك إلى ما يُصغي إليه الآخرون، وتعلم كيف كانوا يستجيبون لسلوك بعضهم بعضاً.

عندما التقيا بعدئذٍ، كانت تلك المديرة قد حددت المشكلة: لقد كانت تُكثِرُ من الكلام، وتستعرض مهاراتها، وتمنعُ بذلك الآخرين من أن يتعلّموا ويطوّروا مهاراتهم. كانت بحاجةٍ إلى التقليل من ذلك وإفساح المجال لهم؛ لكي يتطوّروا إلى الحدّ الذي تتناسب فيه خبراتهم مع خبرتها.

لا يُلَمِّح القادة الحقيقيون إلى حقيقة أنَّ لهم القولَ الفصل؛ وإنَّما يُدرِكُون أنَّ رسالتهم تتلخص في إبراز أفضل ما في الآخرين، ويعملون عليه. لذا تجدهم يُلقونَ على عاتقهم مسؤولية القيام بذلك؛ وهو ما يتطلب إظهار الاحترام لزملائهم؛ ليس فقط من الناحية المهنية، ولكن كبشرٍ أيضاً.

يمكنك توصيل هذا الاحترام بطرائق صغيرة وغير معلنة؛ لعلَّ أهمها هو عدم الافصاح عن كُلِّ ما تعلمه، أو تُفكر فيه وترغب في قوله؛ وذلك لإفساح المجال لمشاركة الجميع. وهذا سيعود عليك بميزةٍ إضافية تتمثل في منحك مزيداً من الفرص للتَّعَلُّم.

مندوبو المبيعات تحديداً، هم أكثر الناسِ حاجةً إلى استيعاب هذا الأمر؛ فصحيحٌ أنَّ وظيفتهم عبارةٌ عن معاملاتٍ تجاريّة، بيد أنَّ سلوكهم يجب ألا يكون كذلك، إذ لا يجب أن يذهبوا إلى أيّ مقابلة عملٍ بِنِيَّةِ إغلاق الصفقة؛ فقيامهم بهذا سيُشعِرُ الناس بأنَّ الصفقة أهمُّ إليهم من علاقة العمل بِرُمَّتِها. وعليهِ فهم لن يثقوا بهم، وسينتج عن ذلك انخفاضٌ في نسبةِ مبيعاتهم؛ إذ يشتري الزبائن ممَّن يثقون بهم أكثر.

9. معرفة تأثير أسلوبك القيادي:

استعانت إحدى الشركات التكنولوجية السَّريعة النمو، بخدماتِ أحدِ الاستشاريين من أجلِ تقديم المشورة إلى رئيسها التنفيذي، بُغيةَ مساعدة فريقه القيادي في التَّغلب على خلافاتهم الشخصية. كانت هذه الشركة قد بدأت بدايةً مثاليّةً بالنِّسبة إلى شركةٍ ناشئة، وكان موظفوها يثقون في نوايا زملائهم، لكنَّهم يلومون بعضهم بعضاً على الإخفاقات التي حصلت مؤخراً. والرئيس التنفيذي كان أقساهم؛ فقد ألقى باللائمة على الجميع، مستثنياً نفسه. ورغم محبة الجميع له "كشخص"؛ إلا أنَّ أسلوب إدارته لعلاقات العمل كانت واحدةً من أصعب التَّحديات التي واجهتها هذه الشركة.

لذا سألَ هذا الاستشاري عن بعض البيانات؛ طالباً من الرئيس التنفيذي أن ينتقي عشر كلمات تَصِفُ ثقافة الشركة، فكانت اختياراته غايةً في الإيجابية، من قبيل: تعاونية وآمنة وجديرة بالثقة، وما إلى ذلك. ثمَّ طلب من القادة الآخرين إجراء تقييمات -من دون ذكر أسمائهم- لمدى مطابقة هذه السمات لحالة العمل في الشركة؛ فكانت ردودهم أقلّ إيجابية بكثير.

صُدِمَ ذلك الرئيس التنفيذي، فقد ظنَّ أنَّه يعرف موظفيه جيداً، وكان يعتقد أنَّ إجاباتهم ستكون مختلفةً تماماً. لذا تولى مسؤولية إعادة بناء الثقة بين أعضاء الفريق، وبدأ بمبادرةٍ جديدةٍ للموارد البشرية لتَتَبُّعِ -بشكل مجهول- كيف يشعر الموظفون تجاه الفريق والشركة.

إنَّ القيادة أمرٌ غير ملموس، لكن دائماً ما يوجد طرق عدّة لدراسة تأثيراتها -الحالية واللاحقة- عليك وعلى موظفيك. يتطلب ذلك زيادة وعيك من خلال وسائل متعددة:

  • كمحادثاتك الخاصة.
  • والدراسات الاستقصائية المستقلة التي يُجريها الآخرون.
  • ومقاييس الأداء التي تعكس ردود الفعل على ما تقوله وتفعله أنت وبقية القادة.

لقد ساهمت التكنولوجيا في تعزيز هذه الرؤى من خلال تقنيات مثل: تحليلات الشبكات الاجتماعية (Social Network Analysis). حيث يستطيع أيُّ باحث في الشبكات تحديدَ العلاقات المهمة، من خلال تحديدِ مسار وتواتر التفاعلات بين الأفراد. بيد أنَّ المقاييس التحليلية وحدها لن تمنحكَ أبداً نظرة مُعمَّقة؛ حالها حالُ تقييمات الأداء.

فمثلاً: في ظِلِّ عدم وجود مقاييس محددة للقيادة، هل يمكنك النظر إلى ما وراء تحيزاتك ومعلوماتك المحدودة، من أجل اتخاذ قرارات صائبة؟ وهل تقدرُ على أن تكون قائداً حقيقياً بما يكفي لتُميِّزَ مثلَ هذه السّمة لدى الآخرين، وتتخذ قراراتك بناءً عليها؟ وهل تستطيع أن تتحلَّ بالمصداقية عند القيامِ بهذا الأمر؟

تطويرُ هذا النوع من الوعي؛ هو جزءٌ من طريقك لتصبح قائداً حقيقيَّاً.

إقرأ أيضاً: 7 صفات أساسيّة يتميّز بها القادة الناجحين

10. بناء "ذاكرة عضليَّة" شعوريَّة:

يُدرِكُ العارفون بفنون الأداء، مقدارَ العملِ التحضيري الذي يسبقُ عملية الارتجال؛ صحيحٌ أنَّهم يؤدون في الوقت الفعلي، ويستجيبون للأحداث على الفور؛ لكن من المستحيل القيام بذلك بنجاح، إذا لم يتمتعوا بخبرةٍ كافية.

كثيراً ما يُستَخدَمُ مصطلح "الذاكرة العضلية" للإشارة إلى الخِصلَةِ التي تُرسُّخُها في نفسك كقائد مُتَمَرِّس السِّمةُ التي تتيح إليك القيامَ بالارتجال بصورةٍ ناجحة. إنَّها تشبهُ نوعاً معيناً من المرونة يُشتهر بها الرياضيون المحترفون؛ فعندما يتعرضون لإصابةٍ تُبعِدُهُم عن الملاعبِ لبضعة أشهر، فإنَّهم يتعافون بسرعة أكبر مقارنةً برياضين هواة على نفسِ القدرِ من القوّة؛ ذلك لامتلاكهم معرفةً راسخةً بمكان وكيفية تركيز قوتهم وبراعتهم.

إذا سبق وأن مارست الرياضة، فلعلك قد عايشتَ هذه الحالة: يبدو الأمر كما لو أنَّ العضلات نفسها تَتَفَهَّمُ ما يجب عليك القيام به، وتتولى إخبارك إن كنت تقوم به بصورةٍ صحيحةٍ أم لا.

من الممكن تعزيز حضورك القيادي بنمطٍ مماثل من الذاكرة العضلية؛ ذهنياً وشعورياً. ولأنَّ القيادة تتضمن الجسم والعقل والعواطف، فإنَّ الذاكرة العضلية هي وسيلةٌ ملائمة للإشارة إليها. فمن خلال الممارسة، يمكن أن تصبح طبيعةً مُتأصلةً تسُاعدُكَ في مخاطبة جمهورك بموثوقيَّةٍ ومصداقية.

سيُمكنك بناء هذا النوع من الحضور القيادي من التحلّي بالمرونة، والتركيز على ما يحدث من حولك، والاستجابة حسبما تُمليهِ عليكَ اللحظة الراهنة، والتعافي من انتكاساتك بفاعلية أكثر (حتى في أصعبِ الأوقات).

في الختام:

تشتمل كل هذه المبادئ العشر على أخذِ كلّ ما يُميِّز الطبيعة البشرية، وتركيزه وتكثيفه في خدمة هدفٍ أسمى. وجميعنا يمتلك حيويةً وطاقةً وبداهة، والتي تُتَرجَمُ جميعها إلى تعبيراتٍ تُحدِّدُ ماهيتنا. ولا يتوجب عليكَ -بالدرجة الأولى- تقييمُ مدى جودتها أو قيمتها، أو طريقة مقارنتها مع تعبيراتِ الآخرين؛ وإنَّما إيصالُها للناسِ بصورةٍ واضحة ومباشرة، وفتحُ قنواتِ التَّواصُلِ معهم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة