وتقديم أفضل ما لديك دون أن تتوقع الحصول دائماً على النتائج المرغوبة؛ لذلك إياك أن تعتقد أنَّ التخلي يتعارض مع امتلاك أهداف وأحلام، والقيام بعمل هادف، وبناء علاقات ناجحة، وإنَّما يعني التخلي عن توقعاتك تجاه ما يجب أن تحصل عليه في الحياة في أثناء سعيك إلى النجاح.
تُعادل العزيمة التي نتمتع بها عندما نمتلك هدفاً مع امتلاكنا لعقلية التخلي أضعاف العزيمة التي يمتلكها شخص مُتعنِّت، ويجلب التخلي السلام الداخلي، ويعزز وعينا، وبخاصة أنَّ ما يحدث معنا في الواقع هو انعكاس لموقفنا الذهني، فعندما نتخلى عن نمط التفكير الجامد الذي يقوم على توقعات صارمة، فإنَّنا نُطلق العنان لعقولنا للتعامل مع التغيرات، والصعوبات غير المتوقعة في الحياة بكفاءة وفاعلية، ومن الفوائد التي نحصل عليها عندما نتبنَّى عقلية التخلي:
- رؤية أكثر موضوعية للواقع.
- قدرتنا على التعلُّم من أخطائنا وأخطاء الآخرين.
- إفساح المجال في الحياة للتقبُّل، والتغيير، وتطوير الذات.
- الشعور بمزيد من المرونة، والقدرة على الاستمتاع بالحياة.
مع ذلك لا يكون التخلي دائماً أمراً سهلاً، فأحياناً نتشبث بالأشياء بشدة على الرغم من معرفتنا بأنَّ الأفضل لنا أن نتخلى عنها، والسبب أنَّنا مجرد بشر، ولدينا ميل طبيعي للتشبث بشدة بكل شيء تقريباً، ولكن الأمر الجيد أنَّنا نشعر بأعراض تشير إلى أنَّنا نتشبث بشدة، مثل القلق، والشعور بالإحباط والغضب والانزعاج، والخلاصة أنَّك تشعر بألم من نوع ما ناتج عن رفضك للواقع، ورغبتك غير العقلانية في تغييره.
نختبر جميعاً هذه المشاعر المرتبطة بالتشبث دون أن ندري، ولكن يمكن تخفيف معظم هذه الآلام النفسية من خلال ممارسة التخلي بطريقة صحية؛ لذلك سنذكر في هذا المقال:
10 أشياء حان وقت التخلي عنها:
10 أشياء نتشبث بها لفترة أطول من اللازم على الرغم من أنَّ مصلحتنا تقتضي التخلي عنها، أو تجاوزها:
1. الانصياع للظروف:
حاول أن تستثمر إحباطك وعدم رضاك لتحفيزك بدلاً من تثبيط معنوياتك، فأنت تتحكم في وجهة نظرك عن الحياة، والتطبيق المفيد لهذه الحقيقة هو أن تحاول تعلُّم الدرس من الموقف بدلاً من الانزعاج منه؛ لذلك استبدل شعور الحسد بالإعجاب، والشك بالإيمان، وتذكَّر أنَّ استجابتك لمختلف الظروف هي أمر يقع في نطاق إرادتك، وهي أكثر قوةً من ظروفك الحالية، وللظروف الخارجة كلياً عن إرادتك تأثير محدود في حياتك بينما يُعزى الأثر الأكبر لطريقة استجابتك لهذه الظروف، وبمعنى أنَّ ما يحدد ما إذا كنت ستحقق هدفك أم لا، هو كيفية تعاملك مع الظروف، وليس الظروف بحد ذاتها.
2. عدم تقبُّل التغييرات:
لم تعد نفس الشخص الذي كنت عليه قبل عام من الآن، ولا حتى قبل شهر، أو أسبوع، والسبب أنَّك تتطور وتتعلم باستمرار، وعلى الرغم من أنَّك لا تستطيع التحكُّم في كل ما يحدث إلا أنَّك تستطيع التحكُّم في موقفك الذهني تجاه ما يحدث، وبهذه الطريقة ستتعلم كيف تتغير نحو الأفضل بدلاً من السماح لتقلبات الحياة بالتأثير فيك سلباً؛ لذلك تحلَّ بالتواضع منذ هذه اللحظة، وامتلك الرغبة للتعلُّم، وتذكَّر أنَّ العالم أكبر بكثير من أن تختصره وجهة نظرك، وهناك مجال دائماً لأفكار، وخطوات جديدة، ولكن يجب أن تتقبل قبل كل شيء حقيقة أنَّ الأشياء قد تتغير أحياناً بلا رجعة، وأنَّ كل نهاية هي عبارة عن بداية جديدة.
3. اجترار أخطاء الماضي وإطلاق الأحكام على نفسك بسببها:
اغفر لنفسك قرارات أو هفوات وأخطاء الماضي التي أضرت بك وبالآخرين، واغفر لنفسك طيش الشباب، وعدَّ ما مررت به دروساً ثمينة، وما يهم الآن هو مدى استعدادك للاستفادة من هذه الدروس لتطوير ذاتك.
4. السعي غير العقلاني لمحاولة التحكُّم في الأشياء الخارجة عن نطاق إرادتك:
لا تهدر طاقتك؛ بل استثمرها بحكمة، وإذا كان بإمكانك حل مشكلة ما، فقم بذلك، وأما إذا لم يكن باستطاعتك، فتقبَّل وجودها، وغيِّر بدلاً من ذلك قناعاتك المتعلقة بالمشكلة، ولا تحاول تحت أي ظرف أن تبذل جهداً فوق طاقتك، وتجنَّب اجترار الأفكار، وإهدار طاقتك على شيء أصبح من الماضي أو غير موجود سوى في خيالك؛ إذ تحدث أعظم التغييرات في حياتك عندما تمتلك الشجاعة للتخلي عما لا يمكنك تغييره؛ لأتَّك عندما تعجز عن تغيير وضع ما، فإنَّك مُطالب بتغيير نفسك (أفكارك، ومعتقداتك) حتى تتجاوز الوضع الذي لا يمكن تغييره، وهذا كفيل بتغيير حياتك جذرياً.
5. انتظار الفرص المثالية:
نحن نضيِّع غالباً كثيراً من وقتنا في انتظار الفرصة المثالية، ولكنَّ الفرصة لا تظهر من تلقاء نفسها أبداً؛ لأنَّنا ننسى أنَّنا من يصنع الفرص من خلال العمل والمحاولة، وليس الانتظار، كما أنَّنا ننسى أنَّه ما من شيء في ظروفنا الحالية يعوقنا عن تحقيق التقدُّم ولو بشكل تدريجي.
شاهد بالفديو: تعلم كيف تغتنم الفرص بـ 10 خطوات
6. البحث عن الراحة ورفض مواجهة الصعوبات بشكل مستمر:
تزداد الأمور صعوبةً وتتحول أكثر إلى مصدر للشعور بالضيق عندما يجب علينا أن نتقبَّل التغيير؛ بل إنَّها أحد الجوانب الطبيعية لعملية التغيير، لذا ثق بأنَّ الأشياء تتجه نحو الأفضل، ولكن بشكل تدريجي، فمن الهام جداً أن تتذكر أنَّ جهدك لن يضيع سدىً، وحتى عندما تكون النتائج مخيبة للآمال؛ لأنَّك ستصبح في هذه الحالة أقوى وأكثر حكمةً وخبرة؛ لذلك تحلَّ بالصبر عندما تسوء الأمور، وواصل العمل الجاد، فالمعاناة من الصعوبة ليست دليلاً على الفشل، فكل نجاح عظيم يتطلب تحقيقه شيئاً من المعاناة.
7. اعتقادنا بأنَّنا نفتقر لمقومات النجاح:
إما أن نسمح للصعوبات بتثبيطنا، أو أن نحوِّلها إلى فرص لتطوير الذات، وذلك وفقاً لطريقة استجابتنا لها، لذا ذكِّر نفسك عند مواجهة أي صعوبة بأنَّك مررت بظروف مشابهة، وتمكنت من تجاوزها بنجاح، وآمن بقدراتك، فأنت تمتلك ما تحتاجه للنجاح.
8. السعي لإرضاء الآخرين على حساب سعادتنا:
كن على طبيعتك، وعبِّر عما تشعر به حتى لو تطلب ذلك منك كثيراً من الشجاعة؛ لأنَّك تضيف لمسة فريدة من الجمال إلى العالم من خلال التصرف على طبيعتك، لذا تحلَّ بالثقة، وكن على طبيعتك، ولا تنتظر من الآخرين أن يفهموك، وخصوصاً إذا لم يمروا بما تمر به، كما أنَّه ليس من الحكمة إطلاقاً أن تخسر نفسك من أجل إرضاء الآخرين، فمن الممكن أن تعوِّض الأشخاص الذين يغادرون حياتك، ولكنَّك لن تستطيع أبداً تعويض شخصيتك الحقيقية إذا خسرتها.
9. محاولة التشبث بعلاقات فاشلة ورفض نسيان الماضي:
ستلتقي بكثير من الأشخاص، وتعتقد أنَّك مخطئ أحياناً إذا عثرت على توأم روحك أو الصديق المثالي، ولكن تتغير الحياة ويتفرق الأصدقاء وتنتهي العلاقات؛ إذ ستمر بمراحل مختلفة في حياتك، وتتعرف إلى أناس من شتى الأصناف، ولن تدوم علاقتك مع بعضهم، ولكن لا بأس بذلك.
تجمعنا مع بعض الناس علاقات لمدى الحياة، في حين لا يبقى بعضهم في حياتنا سوى لفترة وجيزة، ويتطلب الأمر منا كثيراً من الشجاعة حتى نعترف إلى أنفسنا بانتهاء بعض العلاقات، والبدء بصفحة جديدة من حياتنا، لذا تقبَّل فكرة الوداع؛ لأنَّها ما يمهِّد الطريق لبدايات جديدة.
10. اعتقادنا بأنَّ السعادة تعني امتلاك مزيد بدلاً من الامتنان لما نمتلكه بالفعل:
لا نحتاج دائماً إلى مزيد من الأمور، وإنَّما إلى الامتنان لما لدينا بالفعل، لأنَّنا نستخف بما لدينا من نعم على الرغم من أنَّها تستحق كثيراً من تقديرنا وشعورنا بالامتنان، فهل تخصص الوقت لتقدير ما تملكه في حياتك دون التفكير بالحصول على المزيد؟
فكِّر في نِعَمك، وكن شكوراً لامتلاكك الصحة والعائلة والعمل والسكن ووسائل الراحة، فلا شيء يبقى للأبد، ولكن ما لديك أكثر من كافٍ لتكون ممتناً دائماً.
4 نصائح تساعدك على التخلص من التوتر والقلق الخارج عن السيطرة:
يمكن أن يساعدك تذكُّر الأفكار المذكورة آنفاً على التغلُّب على مستويات معقولة من التوتر، ولكن ماذا تفعل عندما يبلغ التوتر لديك مستوىً مرتفعاً يخرج معه عن السيطرة؟
إليك بعض النصائح التي تساعدك على التعامل مع التوتر الذي ينشأ بسبب بعض الأحداث المؤلمة في الحياة:
1. اعترف بالألم النفسي الذي تشعر به:
قد يكون على شكل غضب، أو حنق، أو حزن، وإذا وجدت أنَّك تشعر بالغضب، أو الحيرة، فهذه علامة تدُّل على أنَّك بحاجة لتخصيص بعض الوقت للتأمل، والاسترخاء، وتذكُّر الأفكار المدوَّنة آنفاً.
2. قاوِم رغبتك للتصرف بانفعال:
تحدث أكبر الأضرار في حياتنا من جرَّاء التصرف بغضب وانفعال، مثل الاستسلام عند مواجهة أول صعوبة، أو اللجوء للتدخين، أو شرب الكحوليات، أو ربما صب غضبنا على شخص ما؛ لذلك حاول أن تتجنب القيام بأي رد فعل مؤذٍ عندما تشعر بأنَّك غاضب، وقم بدلاً من ذلك بالتأمل فيما تشعر به، وقيِّم حقيقة مشاعرك.
3. واجه مشاعرك واسمح لنفسك باختبارها:
حاول أن تفهم سبب مشاعر الألم النفسي التي تعتمرك، واكتفِ بالملاحظة، وعدَّها بمنزلة طاقة تسري في جسدك دون أن تخلط بينها وبين حقيقتك.
إنَّها مجرد مشاعر، أو أشبه بسحابة صيف عابرة، فلا تتشبث بهذه المشاعر؛ بل وسِّع أفقك وأفسح لنفسك المجال لاختبار هذه المشاعر حتى تتخلص منها؛ إذ نحتاج أحياناً أن ننظر للأمور من زاوية أوسع حتى نراها بوضوح.
شاهد بالفديو: 7 أمور مؤلمة قد تحدث لك في حياتك
4. تصالَح مع حقيقة أنَّك تجهل أحياناً سبب حدوث بعض الأشياء:
بعد أن تسمح لنفسك باختبار هذه المشاعر، أكِّد لنفسك بأنَّك لا تعرف على وجه اليقين سبب حدوث هذه الأمور في حياتك، وتصالح مع هذه الحقيقة، وتقبَّل برحابة صدر حقيقة أنَّك لا تعرف بدقة سبب هذه الأحداث في الوقت الحالي، وتجنَّب السعي الحثيث لمعرفة كل شيء، فالفكرة الأساسية من هذه النصيحة هي أن تدرك أنَّ أفضل ما يمكن القيام به عندما تواجه أحداثاً مؤلمة في حياتك هو الحفاظ على هدوئك، وملاحظة ما تفكر به دون إطلاق الأحكام، لذا اكتفِ بالمراقبة فقط، ولا تفسِّر أو تحكم على أية فكرة، وذلك حتى تتجنب الشعور مجدداً بالألم النفسي.
يتطلب الأمر بالطبع التدريب حتى تتعلم عدم الانفعال بسبب الأفكار، والاستجابة لها بحكمة، ولكن بمجرد أن تتعلم ذلك، فإنَّك ستدرك بوضوح أنَّ أفكارك لا تمثِّلك، وأنَّك كيان منفصل عنها يراقبها ويحاول السمو فوقها.
في الختام:
توقف عن التمسك بكل شيء، وبخاصة الأفكار العشر التي ذكرناها آنفاً، فقد يتطلب الأمر منك بعض التدريب، ولكنَّ النتائج تستحق العناء؛ لأنَّ مقدار الحرية الذي ستشعر به عندما تتوقف عن التشبث رائع، ومن شأنه أن يحرر طاقاتك، لذلك حاول أن تتجنب التشبث بهذه المعتقدات، وستجد أنَّك أكثر قدرةً على عيش حياة سعيدة.
أضف تعليقاً