10 سمات تميِّز الشخصية النرجسية
1. الحديث المستمر عن الذات
نحبُّ جميعاً إجراء المحادثات الممتعة، والتي يتبادل فيها الطرفان الحديث عن أمور مختلفة، لكن عندما تتحدث مع شخص نرجسي، فإنَّك ستلاحظ أنَّه لا يتحدَّث سوى عن نفسه، فالحديث المستمر عن الذات هو من أهم علامات الشخصية النرجسية، فيُجيد الأشخاص الذين يعانون من النرجسية تغيير مسار أية محادثة، وجعل أنفسهم محور أي حديث، ويجدون الفرصة للحديث عن تجاربهم ومشكلاتهم وإنجازاتهم.
يجد الأشخاص النرجسيون متعة كبيرة في التحدث عن أنفسهم، بينما يُنصت الآخرون، وغالباً ما يتجاهل هذا النوع من الأشخاص أهمية إظهار الاهتمام برأي الآخرين، وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن أنفسهم، فلا يعني هذا بطبيعة الحال أنَّ هؤلاء الأشخاص أشرار، إذ من المُحتمل أنَّهم يمارسون هذا السلوك ممارسةً غير مُتعمَّدة، ولكنَّ الرغبة في احتكار الحديث هي إحدى أبرز العلامات على الشخصية النرجسية.
2. الافتقار للتعاطف مع الآخرين
يعرَّف التعاطف على أنَّه القدرة على إدراك مشاعر الآخرين، وتفهُّم ظروفهم، ولكن غالباً ما يفتقر الأشخاص النرجسيون لهذه المهارة، ونعرف جميعاً شخصاً واحداً على الأقل يفتقر للتعاطف مع الآخرين، على الرغم من إمكانية امتلاكه لشخصية جذَّابة، وحضور اجتماعي آسر، فعندما تبوح لشخص نرجسي بما تعانيه من مشاعر مؤلمة، أو ظروف عصيبة، فستجده غالباً يتحدث عن تجربة مماثلة مرَّ بها، دون إظهار أي تعاطف، أو تفهُّم لما تعانيه، وباختصار، يعاني الشخص النرجسي من عدم القدرة على التعاطف مع الآخرين، أو تمثُّل معاناتهم؛ لأنَّه لا يفكِّر سوى في نفسه.
3. عدم القدرة على الإصغاء باهتمام
يتميَّز الأشخاص النرجسيون بأنَّهم لا يصغون للآخرين بانتباه، وهذا أمر طبيعي إذا ما علمنا أنَّ الإصغاء باهتمام ما هو إلَّا مهارة تتطلَّب التركيز والاهتمام بما يقوله الطرف الآخر، ويتعدَّى الأمر مجرد الاستماع لما يُقال، إذ يجب أن يقترن الأمر بتفهُّم للعواطف، والأفكار الكامنة وراء الكلمات التي يقولها المتحدث.
غالباً ما يعاني الأشخاص النرجسيون من هذه المشكلة، فإنَّ تفكيرهم ينصبُّ على أشياء أخرى حتى وإن بدا أنَّهم يستمعون لما يقوله الطرف الآخر، ووفقاً لبحث نشرته مجلة "ذا جورنال أوف إيكسبيريمينتال سياكولوجي" (The Journal of Experimental Psychology)، فإنَّ الأفراد النرجسيين ميَّالون أكثر من غيرهم إلى مقاطعة الآخرين في الحديث، ويشير هذا السلوك إلى عدم القدرة، أو عدم الرغبة في الإنصات لما يقوله الطرف الآخر، إن كان حديثه لا يتمحور حول الشخص النرجسي.
4. التباهي
من الطبيعي أن يفتخر الشخص بإنجازاته، ولكن يتعدى الأمر بالنسبة إلى الأشخاص النرجسيين مجرد الشعور بالفخر بسبب ما حقَّقوه من نجاحات، ويتميَّز الأشخاص النرجسيون بالغرور ولا يتورَّعون عن التعبير عن تصورهم المبالغ به عن أهميتهم، وسواء كان ذلك آخر نجاح حققوه في العمل، أم إنجاز في الحياة الشخصية، أم الوجبة التي تناولوها على الغداء، فإنَّهم يشعرون بالحاجة للتباهي بذلك أمام الجميع.
لا خطب في أن يشعر المرء بالرضى بسبب ما حقَّقه من إنجازات، إلَّا أنَّ المبالغة في التباهي بهذه النجاحات تشير إلى أنَّ الشخص متعجرف، ومفرط في الأنانية، وغالباً ما تكون الحاجة الدائمة لنيل استحسان الآخرين هي دافع الشخص النرجسي وراء تباهيه المستمر بنفسه، ولذلك تُعدُّ إحدى السمات البارزة للأشخاص في الشخصية النرجسية.
5. عدم احترام حدود الآخرين
يُعدُّ احترام حدود الآخرين العاطفية، والمادية أمراً هاماً جداً للحفاظ على علاقات صحية، ولكن غالباً ما يعاني الأشخاص النرجسيون من قصور في هذا الجانب، وغالباً ما يتجاوز الأشخاص النرجسيون حدود الآخرين، ويسبِّبون لهم الإزعاج، إضافة إلى أنَّهم لا يراعون أحياناً مشاعر الآخرين، ولا يُظهرون الاحترام لمعتقداتهم في حال تعارضت مع ما يعدونه صائباً، والسبب، كما ذكرنا هو تركيز الأشخاص النرجسيين على احتياجاتهم ورغباتهم لدرجة أنَّهم لا يهتمون بما قد تسبِّبه سلوكاتهم من ضرر عاطفي، أو إزعاج للآخرين.
شاهد بالفيديو: صفات الشخصية النرجسية وكيفية التعامل معها
6. صعوبة تكوين علاقات متينة
تتطلَّب العلاقات المتينة التفاهم بين الطرفين، والاحترام، والتعاطف المُتبادل، ولكن غالباً ما يفشل الأشخاص النرجسيون في بناء مثل هذه العلاقات، وغالباً ما تؤدي مبالغتهم في التركيز على اهتماماتهم واحتياجاتهم إلى تجاهل رغبات واحتياجات الطرف الآخر في أية علاقة.
قد يمتلك الشخص النرجسي كثيراً من العلاقات، إلَّا أنَّه يجد صعوبة بالغة في الحفاظ على الصداقات، أو غيرها من العلاقات الوثيقة والتي يفترض أن تتَّسم بالاستمرارية، فقد لا يدرك عدد من الأشخاص النرجسيين هذه الحقيقة المُرَّة في حياتهم، ففي حين أنَّهم يتوقون غالباً إلى بناء علاقات متينة، إلَّا أنَّهم يفشلون في ذلك بسبب سلوكاتهم الأنانية التي تنفِّر الآخرين منهم، وهذا يؤدي بهم إلى الشعور بالعزلة، والإحساس بالافتقار لمن يفهمهم.
7. التعامل مع أي نقد بموقف دفاعي
يجد معظمنا صعوبة في تقبُّل النقد حتى عندما يكون بنَّاءً، ولكن يختلف الأمر بالنسبة إلى الأشخاص النرجسيين، فيواجهون أي نقد بموقف دفاعي، وإحدى العلامات التي تشير إلى الشخص النرجسي هي اتخاذه لموقف دفاعي حاد، عندما ينصحه أي شخص بإجراء تحسين، أو تلافي خطأ ما.
من الواضح أنَّ هؤلاء الأشخاص يرون أنَّ النقد موجَّه لهم شخصياً، وليس لموقف أو لسلوك ما، ويربط الأشخاص النرجسيون قيمتهم الذاتية بعملهم أو نجاحهم المهني أو إنجازاتهم في الحياة الشخصية، ويفسِّرون نتيجةً لذلك أي نقد على أنَّه تشكيك في أهميتهم بوصفهم أشخاصاً، وهذا يجعل من المستحيل بالنسبة إليهم تقريباً تقبُّل أية تغذية راجعة، واستثمارها لتحقيق أي تقدُّم.
8. المبالغة في السخاء (أحياناً)
قد يبدو هذا غريباً، ولكن قد يتميَّز الشخص النرجسي بأنَّه مفرط في السخاء أحياناً، ومع ذلك، فإنَّ الدافع وراء هذا السلوك النبيل هو نيل استحسان الآخرين ومديحهم، وليس مساعدة الأشخاص المحتاجين، فقد تجد أنَّ الشخص النرجسي يقدِّم لمعارفه كثيراً من الهدايا والهِبَات بغرض لفت الأنظار، وتلقِّي الثناء أو جعل الآخرين يشعرون بأنَّهم مدينون له، ويضمن الشخص النرجسي بهذه الطريقة أن يكون محطَّ إعجاب الآخرين، وحديثهم الدائم عن كرمه وخصاله النبيلة.
9. عدم القدرة على الاعتراف بالأخطاء والاعتذار عنها
يتطلَّب الاعتذار التَّحلِّي بالتواضع، والجرأة للاعتراف بالخطأ، لذلك ليس من المستغرب أن يجد الأشخاص النرجسيون صعوبة بالغة في الاعتذار، ويصعُب على الشخص النرجسي الاعتراف بأخطائه، أو الآثار السلبية لسلوكاته في الآخرين.
حتى عندما يُدرك الشخص النرجسي أنَّه ارتكب خطأً ما، فإنَّه غالباً ما يقلِّل من شأنه، أو يلقي باللوم على الآخرين كي يتجنَّب تحمُّل المسؤولية، وغالباً ما يؤدي افتقار الشخص إلى القدرة على الاعتذار، وتصحيح خطئه إلى زعزعة العلاقات، ونفور الآخرين منه بسبب ظهور سماته النرجسية بوضوح.
10. عدم الاهتمام الحقيقي بالآخرين
ربَّما تكون العلامة الأكثر دلالة على الشخص النرجسي هي افتقاره إلى الاهتمام بالآخرين، وكما ذكرنا آنفاً، فقد يبدو الشخص النرجسي مهتمَّاً بالإصغاء إليك، ولكن غالباً ما يفقد اهتمامه عندما لا يكون هو محور الحديث، ونادراً ما يبادر الأشخاص النرجسيون بالاطمئنان عن حياة الآخرين، أو مشاعرهم، ويعجزون عن إظهار الاهتمام بالتعرف إلى تجارب الآخرين، وينبع عدم الاهتمام هذا من تركيز الشخص النرجسي تركيزاً دائماً على مشاعره وتجاربه وما يجول في خاطره، وهذا يجعل من الصعب على الآخرين إجراء تواصل فعال، وبناء علاقة متينة معه.
كيف تعامل الشخص النرجسي؟
تذكَّر أولاً أن تتجنَّب إطلاق الأحكام على هذا النوع من الأشخاص، فهذا لن يفيدك في شيء، وحاوِلْ بدلاً من ذلك أن تفهم الأسباب وراء سلوكاته الأنانية، فتؤدي بعض العوامل دوراً في تشكيل الشخصية النرجسية، ومنها التنشئة والبيئة والتجارب الشخصية، وآلية عمل النواقل العصبية في الدماغ، ففي حين أنَّك قد تميل إلى إطلاق أحكام قاسية على الأشخاص النرجسيين، لكن يجب أن تتذكر أنَّ هذا الشخص يعاني في المقابل بسبب طبيعته النرجسية، وقد يكون بعضهم مدركاً لطبيعته النرجسية، ويعمل بجدٍّ على التخلص من هذه السمة المَرَضية، وقد يكون بعضهم الآخر غير مدرك أساساً لوجود خطب ما في شخصيته.
في الختام
من السهل جداً أن تحكم على الشخص بسبب سلوكاته، ولكن أن تفكِّر في الظروف التي أدَّت إلى تبنِّي هذا الشخص لموقفه العقلي وأسلوب تعامله مع الآخرين هو ما يتطلب كثيراً من الشجاعة ورهافة الحس، فلا شكَّ أنَّ التعرف إلى العلامات التي تدلُّ على الشخصية النرجسية أمر هام، ولكن لا يجب أن يدفعك ذلك إلى تصنيفهم بوصفهم أشراراً، وإنَّما كي تتعرف إلى المشكلة وتُجنِّب نفسك أي أذى مُحتمل، وتتعاطف معهم في الوقت نفسه، على أمل أن يكونوا قادرين على تغيير أنفسهم وامتلاك شخصية سليمة مؤهَّلة لبناء علاقات صحية.
أضف تعليقاً