ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب والكوتش "إيفان جوزيف" (Ivan Joseph)، ويُحدِّثنا فيه عن نصيحتين لتامل مع الأشخاص المحبطين.
طرحت على كل منهما بعض الأسئلة:
- منذ متى وأنت تعمل في هذا المجال؟
- هل سبق لك أن عملت تحت إشراف أحد، سواء في مكان عملك الحالي أم في أي مكان آخر؟
- كيف وصلت إلى المنصب الذي أنت فيه الآن؟
علمت أنَّ كليهما عمل في هذا المجال لسنوات عدة، وقد رُقِّيا خلال العامين الماضيين، ولم يكن لديهما أي شكاوى من قبل، تابعت الحديث بسؤالهما عن وضع العمل بالنسبة إليهما الآن، فاعترف كلاهما بأنَّهما يعانيان حقاً؛ إذ لاحظا تغيُّر مزاجهما في العمل وحتى في المنزل، وأوضحا أنَّهما يرتبكان حقاً عندما تردهما رسالة من رئيسيهما، ويترددان في فتح أي رسائل أو طلبات اجتماعات والرد عليها، كما توقفا عن التطوع للقيام بمهام إضافية أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية على غير العادة.
من خلال التفكير في ذلك، كان من الواضح أنَّ كلاً منهما قد وقع في فخ التخلي عن سلطته، وبعدما كانا واثقين من نفسيهما، أصبحا الآن يشككان في ذلك، فمن الواضح أنَّ شيئاً ما لا يسير على ما يرام، وبدأ كل منهما بالتساؤل: "هل أنا في المجال الصحيح؟ هل أنا أتراجع؟ هل انتهت فترة تميزي؟".
كان ردي لكل منهما: تمهَّل لحظة، أنت من اختار هذا المنصب، لم يشتكِ منك أي شخص آخر طوال مسيرتك المهنية؛ بل على العكس لقد قاموا بترقيتك.
دوماً ما سنصادف أشخاصاً لا يتفقون معنا، يمكن أن تفيد التغذية الراجعة نموَّنا، كما تحفِّز وجهات النظر الأخرى ابتكارنا، لكن يحدث أيضاً أن نواجه فترات في مسيرتنا المهنية نتعرَّض فيها لانتقاد أحد ما بشدة، تصبح حينها الظروف أكثر خطورة من أن نستمر في ذلك، خاصة عندما يكون هذا الشخص هو رئيسنا أو قائد فريقنا.
إنَّ تلقي ملاحظات سلبية باستمرار يمكن أن يدفعنا إلى تصديق هذه الآراء التي تستخف بنا؛ وذلك تبعاً لعالِم الاجتماع "تشارلز كولي" (Charles Cooley) الذي أوضح في نظريته "الذات زجاجية المظهر" (The Looking Glass Self) أنَّ استجابة الآخرين لنا تبدأ بتشكيل معتقداتنا عن أنفسنا، وتبدأ معتقداتنا بدورها في تشكيل أفكارنا وأفعالنا، ونبدأ بعد فترة بالشك بقدراتنا ونتوقف عن المشاركة في الاجتماعات، ننسحب من العمل الجماعي ونبدأ بالتراجع، للأسف نصبح أقرب إلى الصورة المزيفة التي يحاول هذا الفرد نشرها عنا بأنَّنا نؤدي أدواراً غير هامة أو فعَّالة، لقد اهتزَّت ثقتنا بأنفسنا وإن سمحنا لذلك بالاستمرار، ستتشوَّه سمعتنا ونصبح مهمشين في منظماتنا.
شاهد بالفيديو: كيفية التعامل مع الأشخاص المُحبطين
إذا وجدت نفسك تتراجع في العمل لأنَّك صدقت انتقادات رئيسك، وتظن أنَّك لربما قد تخليت عن سلطتك عن غير قصد، ففكر في هذا:
ماذا سيكون ردُّك إن دخل مكتبك مدرب كرة قدم أو مسؤول جامعي، وانتقد الطريقة التي تدير بها عملك أو التعليقات التي تدلي بها في الاجتماعات؟ ينبغي لذلك ألا يهمُّك، فما الذي أعرفه أنا عن مهاراتك المتخصصة وسنوات خبرتك في مجال عملك؟ وبالمثل، إذا حضر طاهٍ تدريباتي وسألني عن الاستراتيجيات التي أتبعها، فلن أكون منزعجاً.
من المحتمل أن تكون لدى مشرفك الجديد شهادات اعتماد وخبرة، لكن هذا لا يلغي أهمية تدريبك وحكمتك التنظيمية وعلاقاتك الهامة وخبرتك في المجال، فعندما تؤمن أنَّهم يتفوقون عليك بالأهمية وتغيِّر سلوكك في العمل تبعاً لذلك، تسمح حينها لانتقاداتهم بالتلاعب بك وهز ثقتك بنفسك.
إذا كنت تعمل لدى مشرف لا يشجعك ولا يدعمك، ويحط من شأنك أو يتجاهلك بدلاً من ذلك، إليك النصيحتان الآتيتان:
1. تكيَّف وابتعد عن المشكلات وابحث عن سعادتك خارج العمل:
ربما تتمتع في عملك بمزايا كبيرة أو راتب لا يقدمه أحد في محيطك أو مجالك مما يدفعك إلى البقاء في تلك الوظيفة، فأياً كان السبب اعترف به، وكن صادقاً مع نفسك بشأن ما تفعله وما هي أهدافك، واسعَ بعد ذلك إلى النجاح في جانب آخر في حياتك.
أبعد آراء هذا الشخص السلبي عن أفكارك الداخلية، وذكِّر نفسك أنَّ سلبية رئيسك في العمل لا تتعلق بك؛ بل تتعلق به وحافظ على ابتسامتك، وكن اجتماعياً، واحضر باكراً، وقدِّم عملاً عالي الجودة كما اعتدت، وراجع منتوراً، واعتنِ بصحتك وعلاقاتك، فمن الممكن أن تصمد في مؤسستك أكثر من هذا المشرف وتبدأ بالازدهار فيها مرة أخرى.
2. ابحث عن مكان أفضل:
اقضِ بعض الوقت في تحديث سيرتك الذاتية، وتابع فرص العمل الداخلية والخارجية، واحجز مواعيد استشارات مهنية على الإنترنت، وسجِّل في معسكر تدريبي أو دورة تدريبية لتعزيز مهاراتك، وادخر بعض المال وقلِّل من إنفاقك تحسباً لانتقالك إلى مكان آخر لاحقاً، واستعد وخذ وقتك في اختيار فرصة جديدة مثيرة للاهتمام، ولا تدع الغضب يحملك على الاستسلام والهروب من الموقف، مما يتركك عاجزاً أمام المشكلة.
في الختام:
إذا كان أحد الأشخاص ينتقدك ويحدُّ من قدراتك بقصد أو بغير قصد، عار عليه، وإذا تخليت عن سلطتك له، فعار عليك، أنت هام ومساهماتك قيِّمة؛ لذا عزِّز ثقتك بنفسك عن طريق اختيار حماية مصالحك أو السعي نحو مكان أكثر ملاءمة.
أضف تعليقاً